الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمَلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: " لَمْ يُعَمِّرْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الْخُلَفَاءِ وَلَمْ يُزَدْ فِيهِ شَيْئًا، حَتَّى كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَزَادَ فِي شِقِّهِ الشَّامِيِّ الَّذِي يَلِي دَارَ الْعَجَلَةِ وَدَارَ النَّدْوَةِ فِي أَسْفَلِهِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي أَعْلَاهُ وَلَا فِي شِقِّهِ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ، قَالَ: فَاشْتَرَى مِنَ النَّاسِ دُورَهُمُ اللَّاصِقَةَ بِالْمَسْجِدِ مِنْ أَسْفَلِهِ حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى مُنْتَهَاهُ الْيَوْمَ، قَالَ: فَكَانَتْ زَاوِيَةُ الْمَسْجِدِ الَّتِي تَلِي أَجْيَادَ الْكَبِيرِ عِنْدَ بَابِ بَنِي جُمَحٍ عِنْدَ الْأَحْجَارِ النَّادِرَةِ مِنْ جَدْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ بَيْتِ زَيْتِ قَنَادِيلِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ آخِرِ مُنْتَهَى أَسَاطِينِ الرُّخَامِ مِنْ أَوَّلِ الْأَسَاطِينِ الْمُبَيَّضَةِ، فَذَهَبَ بِهِ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْمِطْمَارِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَنَارَةِ الَّتِي فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ عِنْدَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ، ثُمَّ اصَّعَدْ بِهِ عَلَى الْمِطْمَارِ فِي وَجْهِ دَارِ الْعَجَلَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ مُتَزَاوِرٍ عِنْدَ الْبَابِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى دَارِ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ، بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَدَارِ النَّدْوَةِ، وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ عِمَارَةَ الْمَسْجِدِ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيَّ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى مَكَّةَ، وَكَانَ عَلَى شُرْطَتِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعٍ الشَّيْبِيُّ جَدُّ مُسَافِعِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا
انْتَهَى بِهِ إلى الْمَوَاضِعُ الْمُتَزَاوِرُ، ذَهَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ إِنْ مَضَى بِهِ عَلَى الْمِطْمَارِ أَجْحَفَ بِدَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، وَأَدْخَلَ أَكْثَرَهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَكَلَّمَ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي أَنْ يُمِيلَ عَنْهُ الْمِطْمَارَ شَيْئًا، فَفَعَلَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُتَزَاوِرِ أَمَالَهُ فِي الْمَسْجِدِ، أَمَّرَهُ عَلَى دَارِ النَّدْوَةِ فَأَدْخَلَ أَكْثَرَهَا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ صَارَ إِلَى دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ فَأَدْخَلَ مِنْهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي عِنْدَ آخِرِ عَمَلِ الْفُسَيْفِسَاءِ الْيَوْمَ فِي الطَّاقِ الدَّاخِلِ مِنَ الْأَسَاطِينِ الَّتِي تَلِي دَارَ شَيْبَةَ، وَدَارَ النَّدْوَةِ، فَكَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ زَاوِيَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ فِيهِ مَنَارَةٌ مِنْ عَمَلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي الْعِرَاضِ حَتَّى وَصَلَهُ بِعَمَلِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّذِي فِي أَعْلا الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ طَاقًا وَاحِدًا، وَهُوَ الطَّاقُ الْأَوَّلُ الدَّاخِلُ اللَّاصِقُ بِدَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، وَدَارِ النَّدْوَةِ وَدَارِ الْعَجَلَةِ وَدَارِ زُبَيْدَةَ، فَذَلِكَ الطَّاقُ هُوَ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ لَمْ يُغَيَّرْ، وَلَمْ يُحَرَّكْ عَنْ حَالِهِ إِلَى الْيَوْمِ، وَإِنَّمَا عُمِلَ الْفُسَيْفِسَاءُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَجْهَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ مِنْ شِقِّ الْوَادِي مِنَ الْأَحْجَارِ الَّتِي وُضِعَتْ عِنْدَ بَيْتِ الزَّيْتِ عِنْدَ أَوَّلِ الْأَسَاطِينِ الْمُبَيَّضَةِ عِنْدَ مُنْتَهَى أَسَاطِينِ الرُّخَامِ، فَكَانَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ مُسْتَقِيمًا عَلَى الْمِطْمَارِ حَتَّى يُلْصَقَ بِبَيْتِ الشَّرَابِ عَلَى مَا وَصَفْتُ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ، وَكَانَ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ إِيَّاهُ بِأَسَاطِينِ الرُّخَامِ طَاقًا وَاحِدًا، وَأَزَّرَ الْمَسْجِدَ كَمَا يَدُورُ مِنْ بَطْنِهِ بِالرُّخَامِ، وَجَعَلَ فِي وَجْهِ الْأَسَاطِينِ الْفُسَيْفِسَاءَ، فَكَانَ هَذَا عَمَلَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ عَلَى مَا وَصَفْتُ، وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى يَدِي زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيِّ، وَكَتَبَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَمُرُّ مِنْهُ سَيْلُ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ سَيْلُ بَابِ بَنِي جُمَحٍ، وَهُوَ آخِرُ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِالْفُسَيْفِسَاءِ الْأَسْوَدِ فِي فُسَيْفِسَاءَ مُذَهَّبٍ وَهُوَ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96] إِلَى قَوْلِهِ {غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] أَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعِمَارَتِهِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ نَظَرًا مِنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَاهْتِمَامًا بِأُمُورِهِمْ، وَكَانَ الَّذِي زَادَ فِيهِ الضِّعْفَ مِمَّا كَانَ