الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعره:
خلف الِإمام ابن عبد الهادى آثارًا تدل على علمه وفضله وعلو همته ومشاركته فى العلوم الِإسلامية السائدة آنذاك، كما أن له مشاركات فى نظم الشعر فى المناسبات المختلفة، وقديما ضرب المثل برداءة شعر العلماء وبرودة نظم الفقهاء لأن الشعر يقوم على الصورة والخيال والمبالغة، والعلماء أبعد الناس عن ذلك، كما يقوم الشعر عن تصوير الخيال بصورة الحقيقة وطمس معالم الواقع حتى أن الشاعر إذا صور جمادا - وكان بارع التصوير - حوله إلى ناطق متكلم له روح وخواطر وعواطف.
وقد نظم ابن عبد الهادى شعرًا كثيرًا فى مناسبات مختلفة إلا أن شعره لا يرقى إلى شعر الشعراء، لذا فإنه لا يسمى شاعرًا، وإنما هو عالمٌ له مشاركةٌ فى نظمِ الشِّعر ولا تدخل منظوماته التى وضعها فى نظم العلوم فى شعره لخلوها من العواطف والخيال الذى هو لب الشعر وروحه.
ومن شعر ابن عبد الهادى يمدح السلطان محمد وابنه بايزيد العثمانيين (1):
زمانٌ قد تشرَّف بالسَّعِيْدِ. . . فمهما شئتَ قُلْ لأبى يَزِيْد
إمامٌ ليس يُشبهه إمامٌ. . . ومنه الجُود يظهرُ بالمزيدِ
شَريفٌ بالمكارِمِ لا يُضاهَى. . . عَفِيْفٌ فى الحُدورِ وفى الصُّعودِ
وقال لهما (2):
جاهِدْ بعزْمِكَ فى البِلادِ ونَادِ. . . وابرُزْ إليهم صارخًا فى النَّادِى
واشدُد بحزبِ الله والجيش الذى. . . قَدْ زَانَهُ الجبَّارُ بالِإسْعَادِ
جيشُ السعادَةِ والأمانَةِ والتُّقَى. . . لا يَرهَبُون من العَدوِّ العادى
(1) عن كتابه التَّغريد بمدح المَلِك السَّعيد، ينظر: ثمار المقاصد: 33.
(2)
عن كتابه التَّغريد بمدح الملك السعيد، ينظر: ثمار المقاصد: 33.
وقالَ عندَ موت والده وبعض أولاده قصيدةً طويلةً منها (1):
لا عدتُ من بعدِ الأحبة أَفرح
…
بل صرتُ منهم كلَّ حينِ أُجرحُ
قد كنتُ فيهم برهةً مُتَنَعِّمًا
…
والقلب منى فى رباهم يصدح
من كانَ يَسْلُو عن حَبِيْبٍ فى الهَوى
…
فأنَا الذى بِفُؤادِهِ لا يَنْدَحُ
إن حلَّ قَتْلى فى هواكُم فاقتُلوا
…
فالعَبدُ عنكم - سَادَتِى - لا يَبْرَحُ
وقال عند توجه الحجاج إلى الدّيار المقدسة قصيدة طويلة هذه مختارات منها (1):
يا سائِرين وناظِرى يتطلَّعُ
…
رفقًا علىَّ فإِنّنى أَتَصَدَّعُ
اضْرَمتُمُوا نارَ الغَرامِ بمُهْجَتِى
…
وتركتُمُوا العبدَ الغريب مُضيّعُ
قَلبى تَفَتَّتَ قد رَحَلْتُم سادَتى
…
فتُرى تُرى يا سادتى هَلْ نَرْجِعُ
فمتَى أَرانى بالعَقِيق مُخَيِّمًا
…
ومتَى أرانى بالنَّقَا أتَلَمَّعُ
ومتَى أَرى فى طيبه لىَ طَيْبَةً
…
ومتَى أرى سَلْعًا وعَيْنِى تَدْمَعُ
وأرى ثَنِيَّاتِ الوَدَاعِ وأنسَها
…
وأرى المآذِنَ والشَّعاع يُشَعْشِعُ
وأَزور روضًا بالكَمَال محمّلا
…
وأُنادِ قومًا بالمَقَامِ وأضرعُ
وجاء فى مقدمة كتاب: "معارفِ الأنعام. . . ."(2):
سلامٌ على الرحمن كلّ أوانِ
…
على خَيْرِ شهرٍ [قد] مَضَى وَزَمَانِ
سلامٌ على شَهْرِ الصِّيامِ فإِنَّه
…
أمانٌ من الرَّحمن أَىُّ أَمَانِ
لئن فَنِيَت أَيَّامُهُ الغُرُّ بغتَةً
…
فما الحُزن من قَلبى عليه بِفَانى
(1) مجلة معهد المخطوطات (مقالة الأستاذ صلاح الخيمى): 807، عن كتاب لابن طولون جمع فيه نوادر وأخبار وأشعار.
(2)
عن ثمار المقاصد: 20.