الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12-
خطبة له عليه الصلاة والسلام:
"أيها الناس كأن الموت فيها على غيرنا قد كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا قد وجب، وكأن الذي نشيع من الأموات سفر، عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثم، ونأكل من تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم، ونسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة1، طوبى2 لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، طوبى لمن أنفق مالا اكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذل والمسكنة، طوبى لمن زكت وحسنت خليقته، وطابت سريرته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم تستهوه البدعة".
"صبح الأعشى 1: 213".
1 الجوح: الإهلاك والاستئصال كالاجتياح.
2 مؤنث أطيب؛ والحسنى والخير، وشجرة في الجنة أو الجنة.
13-
خطبته في الاستسقاء:
روي أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله- في عام جدب، فقال: أتيناك يا رسول الله، ولم يبق لنا صبيٌّ يرتضع، ولا شارف1 تجتر، ثم أنشده:
أتيناك والعذراء يدمي لبانها2
…
وقد شغلت أم الرضيع عن الطفل
وألقى بكفيه الفتى لاستكانة
…
من الجوع حتى ما يمرُّ ولا يحلي3
ولا شيء مما يأكل الناس عندنا
…
سوى الحنظل العاميّ والعلهز الفسلِ4
وليس لنا إلا إليك فرارنا
…
وأين فرار الناس إلا إلى الرُّسْلِ؟
1 الشارف من النوق: المسنة الهرمة كالشارفة.
2 أي يدمي صدرها؛ لامتهانها نفسها في الخدمة حيث لا تجد ما تعطيه من يخدمها من الجدب وشدة الزمان.
3 أي ما يضر وما ينفع، أو ما يأتي بكلمة ولا فعلة مرة ولا حلوة.
4 العامي: الذي أتى عليه عام، قال الشاعر:"من أن شجاك طلل عامي" والعلهز: طعام من الدم والوبر كان يتخذ في المجاعة، والفسل: الرديء الرذل من كل شيء.
فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:
"اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئا مريعا 1، سحا سجالا 2، غدقا 3، طبقا 4، ديما دررا 5، تحيي به الأرض، وتنبت به الزرع، وتدر به الضرع، واجعله سقيا نافعة، عاجلا غير رائب"6.
فو الله ما رد الرسول الله صلى الله عليه وسلم وآله يديه إلى نحره، حتى ألقت السماء أرواقها7، وجاء الناس يضجون: الغرق الغرق يا رسول الله، فقال:"اللهم حوالينا ولا علينا"، فانجاب8 السحاب عن المدينة، حتى استصدار حولها كالإكليل، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه9.
"شرح ابن أبي الحديد م3 ص 316".
1 المريع: الخصيب، أي تخصب به الأرض التي ينزل عليها.
2 أي متداولا بين البلاد، ينال كل منها نصيبه منه، والسجل بالفتح: النصيب والدلو المملوءة العظيمة، ويقال: الحرب سجال؛ أي نصرتها بين القوم متداولة سجل منها على هؤلاء وآخر على هؤلاء.
3 الغدق: الماء الكثير.
4 أي مالئًا للأرض مغطيا لها، يقال غيث طبق: أي عام واسع يطبق الأرض.
5 هو جمع درة بالكسر، يقال للسحاب درة: أي صب واندفاق، وقيل الدرر: الدار، كقوله تعالى:{دِينًا قِيَمًا} أي قائما.
6 أي غير بطئ.
7 ألقت السحابة أرواقها: أي مطرها ووبلها.
8 انكشف.
9 نواجذه: أقصى الأضراس.