المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطبة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: - الخطابة الإسلامية

[عبد العاطي محمد شلبي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌الكوادر الدعوية:

- ‌علم الخطابة:

- ‌الخطابة:

- ‌الآداب الخطابية:

- ‌زاد الخطيب:

- ‌التنسيق:

- ‌فنون الخطابة الإسلامية:

- ‌الخطابة في صدر الإسلام:

- ‌من خطب الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ خطبته في عشيرته:

- ‌ أول خطبة خطبها بمكة حين دعا قومه:

- ‌ خطبته في أول جمعة جمعها بالمدينة:

- ‌ خطبة له عليه الصلاة والسلام:

- ‌ خطبة له عليه الصلاة والسلام:

- ‌ خطبته في حجة الوداع:

- ‌ خطبته يوم فتح مكة:

- ‌ خطبة له يوم أحد:

- ‌ خطبته بالخيف:

- ‌ خطبة له عليه الصلاة والسلام:

- ‌ خطبة له عليه الصلاة والسلام:

- ‌ خطبة له عليه الصلاة والسلام:

- ‌ خطبته في الاستسقاء:

- ‌ خطبته في مرض موته:

- ‌تعليق على خطب النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌من خطب أبي بكر رضى الله عنه

- ‌مدخل

- ‌ خطبته بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ خطبته في سقيفة بني ساعدة:

- ‌ خطبته بعد بيعة السقيفة:

- ‌خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌خطبته بعد توليه الخلافة

- ‌ خطبته في منهجه:

- ‌ خطبته في الدعاء:

- ‌خطبة لعمر بن الخطاب:

- ‌خطبة لعمر يبين فيها وجوب شكر الله:

- ‌خطب عثمان رضي الله عنه

- ‌خطبته بعد بيعته

- ‌خطبة لعثمان بن عفان "رضي الله عنه" يحذر الناس من خداع الدنيا:

- ‌خطبة لعلي كرم الله وجهه:

- ‌خطبة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:

- ‌خطب لعمر عبد العزيز:

- ‌خطبة للمأمون:

- ‌خطب من العصر الحديث

- ‌خطبة الجمعة: أسلوب الدعوة إلى الله

- ‌خطبة الجمعة: ففروا إلى الله

- ‌خطبة الجمعة: بين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌خطبة الجمعة: تمييع الشباب

- ‌مكانة السنة:

- ‌عوامل مساعدة للخطيب

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌خطبة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:

‌خطبة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:

"أيها الناس إنكم لم تُخلَقوا عبثًا ولم تتركوا سدى، وإن لكم معادًا يحكم الله فيه بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وحرم الجنة التي عرضها السموات والأرض واعملوا أن الأمان غدًا لمن خاف ربه وباع قليلًا بكثير، وفانيًا بباقٍ، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيخلفكم من بعدكم الباقون حتى تردوا إلى خير الوارثين؟ ثم أنتم في كل تشيعون غاديًا ورائحًا إلى الله قد قضى نحبه وبلغ أجله ثم تغيبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير موسر ولا ممهد، قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وواجه الحساب. غنيًّا عما ترك، فقيرا إلى ما قدم، وايم الله إني لا أقول لكم هذه المقالة ما أعلم أحدًا منكم من الذنوب مما عندي- فأستغفر الله لي ولكم".

نلاحظ في هذه الخطبة -على قصرها- اشتمالها على مقدمة تشد الانتباه إلى موضوعها بما فيها من تذكير قوي بحقيقة خلق الإنسان، فالناس لم تخلق عبثًا، ولهم موعد سوف يُحاسَبون فيه على كل ما جنته أيديهم ثم يأتي عرض الفكرة وتوضيحها، فالمعاد وهو يوم الحساب يكون بعده جنة ونار، فأما من يعصي ربه فقد حرم الجنة، وأما من خاف ربه ففي رحمة الله، ويستعين الخليفة في تذكير الناس ووعظهم بتجارب الحياة المحسوسة فيقول لهم إن الموت يتخطف أحبابنا من حولنا، فماذا يكون مصيرهم؟ حفرة من الأرض يلقون فيها وقد انقطع ما بينهم وبين كل من في الدنيا وما فيها من أسباب.. ولم يبقَ لهم إلا العمل الصالح ينجيهم من العذاب.

ص: 71

ثم تأتي الخاتمة التي هي بمثابة الغاية التي توخاها الخليفة من خطبته، وتتركز في أن ينظر كل إنسان إلى ذنوبه فيستغفر ربه ويتعظ بما حوله فلا يقع في معصية بعدها1.

وإذا دققت النظر في خصائص أسلوب هذه الخطبة وجدت فيه مصداق تعريف الخطبة بأنها مخاطبة الجمهور، فالخطيب يتوجيه إلى الجمهور وبالحديث من أولها إلى نهايتها، ثم هو يختار ألفاظا مألوفة واضحة قوية الدلالة على معناها ذات إيقاع نابع من الإحساس العاطفي، وتحس جمال هذا الإيقاع وقوته في التأثير من نظمه هذه الألفاظ في عبارات قصيرة متوازنة ويعتمد الأسلوب في جمال إيقاعه وفي دقته البلاغية على التقديم والتأخير أحيانا كما في قوله:"إن لكم معادا"، و"سيخلفكم من بعدكم الباقون". أو على الترادف المعنوي حينا آخر كما في قوله:"لم تخلقوا عبثا ولم تتركوا سدى"، و"فخاب وخسر"، و"باع قليلا بكثير وفانيا بباقٍ"، و"قد قضى نحبه وبلغ أجله"، أو على السجع المعنوي غير المتكلف في مثل قوله:"غير موسد ولا ممهد". مجردا من كل شيء في دنياه.

وتظهر شخصية الخطيب واضحة قوية في خطبته وقد تآلفت كل هذه العناصر الأسلوبية في وجدانه بعمق إيمانه بموضوعه وإحساسه به، فاستطاع أن ينفذ إلى أسماع جمهوره وقلوبهم -وخاصة أنه لم يجرد نفسه من الذنوب التي يصم بها- وأن يتغلغل إلى عقولهم بكفره المرتب المعتمد على التجارب والمشاهد الحسية المشتركة فبلغ بذلك غاية من التأثير والإقناع.

1 تاريخ الطبري جـ6 ص571.

ص: 72