الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
خطبته في سقيفة بني ساعدة:
انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى.. وهنا تميد الأرض تحت أقدام القوم في المدينة من هول الصدمة.. ويقف المهاجرون والأنصار أمام امتحان الأخوة في مدرسة الأخلاق، ويلتف الأنصار حول سعد بن عبادة في السقيفة، فيتحدث سعد إليهم مبينا سابقتهم في الدين، وتحليهم بالفضيلة والكرامة والإعزاز للرسول صلى الله عليه وسلم والمنع لأصحابه، ثم لقد رضي عنهم الرسول الكريم ونصر الله بهم دينه، فليستبدوا إذن بهذا الأمر دون الناس؛ لأنه لهم1، وقد أوصى الرسول المهاجرين بهم خيرًا قبل وفاته2.
ولكن أبا بكر يتدارك الأمر، فيقف خطيبا من القوم، يردهم إلى معنى الأخوة الذي ضربوه من قبل للناس مثلا، ويؤكد لهم عزيز مكانتهم في الإسلام، ولكنه يذكرهم بمكانة المهاجرين، فهم أسبق إلى الإسلام منهم، يقول بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
1 تاريخ الطبري جـ3 ص218.
2 سيرة ابن هشام جـ4 ص399.
"
…
نحن المهاجرون، أول الناس إسلاما، وأوسطهم دارا، وأكرم الناس أحسابا، وأحسنهم وجوها، وأكثر الناس ولادة في العرب وأمهم رحما برسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمنا قبلكم، وقدمنا في القرآن عليكم، فأنتم إخواننا في الدين وشركاؤنا في الفئ، وأنصارنا على العدو، أويتم ونصرتم وآسيتم، فجزلكم الله خيرا. نحن الأمراء وأنتم الوزراء. لا تدين العرب إلا لهذا الحي من قريش، وأنتم محقوقون ألا تنفسوا على إخوانكم من المهاجرين ما ساق الله إليهم"1.
فأبو بكر هنا يشير إلى هذه المعاني التي تعددت في حياة القوم؛ لتبرز معنى الأخوة، فالمناصرة والإيواء والمواساة. كل ذلك يجزيهم الله عنه خيرا؛ لأن الله أمر به، وهم أطاعوا واستجابوا لأخلاق الدين
…
ولكن الأخوة ينبغي أن تبقى وأن تستمر، بقاء الإيمان بالدين واستمراره، والتآلف بين القلوب نعمة من نعم الله ينبغي المحافظة عليها. والإخوان بعد هذا ينبغي أن يذكروا فضل المهاجرون وسبقهم في الدين، ومكانة قريش في العرب.
وبذلك اتفقت الكلمة ونزلت الرحمة، وتمت له البيعة.
1 البيان والتبين جـ3 ص 297، عيون الأخبار جـ2 ص233-234.