الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهو إذن هجران ونفي وتغريب بقدر ما تتحقق به المصلحة وتندرئ به المفسدة، وهذا من مقاصد الشريعة.
10 -
أسلوب إيجاد البدائل:
إيجاد البديل أسلوب تربوي يتوخى سد الحاجات وتهذيب الرغبات، وهو أسلوب أصيل جاء به الكتاب والسنة، وهذا الأسلوب هو الأوفق في عصر كعصرنا حيث تكاثرت المغريات والملهيات عن ذكر الله تعالى، وأصبح الشباب من الجنسين مغرمين بها بحيث قل من يستمع للمواعظ أو يستجيب للتذكير ثم هم بما نمت به معارفهم من الثقافات المتنوعة التي يتلقفونها عبر المسموع والمقروء والمرئي من الوسائل يُطالِبون بالبديل الصالح! هذا دأب العاقلين منهم، فلا بد أن يكون لدى الدعاة والمصلحين سواء الآباء والمربين والمعلمين والمحتسبين ما يقدمونه بديلا عن المنكر الذي يقع فيه العصاة. ولنتأمل الآن قبسات من هدي الكتاب والسنة لنر كيف عالج الأنبياء والمرسلون والمصلحون العصاة بهذا الأسلوب التربوي الناجع:
- قال الله تعالى في دعوة لوط عليه السلام: {قَال يَاقَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَليْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيد} [هود:78] قال ابن كثير رحمه الله: “ يرشدهم إلى نسائهم فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة كما قال لهم في الآية الأخرى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ العَالمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلقَ لكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَل أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:165-166] .
قال مجاهد لم يكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته وكذا روي عن قتادة وغير واحد وقال ابن جريج أمرهم أن يتزوجوا النساء ولم يعرض عليهم سفاحا وقال سعيد بن جبير يعني نساءهم هن بناته وهو أب لهم، ومن
القراءات: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [وهو أب لهم] } [الأحزاب: 6]1.
وإيجاد البدائل الصالحة أسلوب تشريعي يربي في المسلم الرغبة في الخير والقناعة به والرضا والتسليم له، كما يربّي فيه الرغبة عن الشر والإثم والعدوان ونبذه.
- ومن صوره: لما حرم الله الربا أباح البيع وجعله البديل الصالح عنه فقال تعالى: {وَأَحَل اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] .
- وفي تحريم الزنا وكافة الوسائل المؤدية إليه نهى عن ذلك كله في قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الاسراء:32] وفي المقابل أمر بإنكاح الأيامى وهم من لا زوج له من الجنسين قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم} [النور:32] بل وأيضا أباح تعدد الزوجات بشرط العدل بينهن قال عز وجل: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3] ومن لم يكن عنده استطاعة على التعدد لعجز نفسي أو عجز مالي ولم تعفه زوجته أباح له استبدال زوجته بأخرى أجمل منها وأزكى وأقرب إلى تحقيق مراده فقال: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَال زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء:20]
وهكذا فالإسلام لايضيق شيئا لمصلحة العباد إلا ويوسع مقابله ما هو أنفع لهم وأزكى وأرجى، وهل يستوي الطهر والعهر؟! أم هل يستوي العفاف والخنا!
1 تفسير القرآن العظيم 2 / 454.