الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: تعريف العصاة وبيان أسباب المعصية وأنواعها ودركاتها
تعريف المعصية والعصاة
…
المحور الأول: تعريف العصاة وبيان أسباب المعصية وأنواعها ودركاتها
تعريف المعصية والعصاة:
المعصية والعصيان كما قال في كتب اللغة: (ضد الطاعة، وقد عَصاه من باب رمى ومَعْصِيَةً أيضا وعِصْياناً فهو عَاصٍ وعَصِيٌّ وعَاصَاهُ مثل عصاه واسْتَعْصَى عليه) فالمعصية ضد الطاعة وضد التقوى والاستقامة لذا كان الورع: الكف عن المعاصي1
والعصاة هم المفّرطون، والمسيئون، وأهل الذنوب، والفساق، والذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، والمرجون لأمر الله، وكل ذلك من الأوصاف التي وردت في القرآن الكريم.
ومعصية الله ورسوله إذا أطلقت دخل فيها الكفر والفسوق كما قال ابن تيمية، كقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولهُ فَإِنَّ لهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن:23] وقال تعالى: {وَتِلكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُل جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [هود:59] قال: “ فأطلق معصيتهم للرسل بأنهم عصوا هودا معصية تكذيب لجنس الرسل فكانت المعصية لجنس الرسل كمعصية من قال: {قَالُوا بَلى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلنَا مَا نَزَّل اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} [الملك [9] ومعصية من كذّب وتولى قال تعالى: {لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَىالذِي كَذَّبَ وَتَوَلى} [الليل:15- 16] أي كذب بالخبر وتولى عن طاعة الأمر”2.
فالمعصية في مفهومها العام تتناول الكفر الأصلي وكذلك الردة إذا تحققت
1 مختار الصحاح 1/184 مادة (ع ص و) .
2 مجموع الفتاوى 7 / 59.
موجباتها، وليس هو موضوع هذا البحث، والمفهوم الخاص هو محور هذا البحث وهو ارتكاب الذنوب الصغائر والكبائر تهاونا من غير استحلال.
ومن أصول العقيدة عند أهل السنة والجماعة ـ كما هو معلوم ـ أن المسلم لا يكفر بارتكاب الكبائر ما لم يستحلها، وعلى هذا الاعتقاد مضى سلف الأمة وهو متضافر في كتب السلف متواتر بين الأجيال، قال الإمام مسلم في كتاب الإيمان: باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا فهو مؤمن، ثم أورد فيه جملة من الأحاديث النبوية الشريفة منها حديث العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا”1.
فالعصاة مهما فرطوا في جنب الله لا يزالون مسلمين ما لم تصل معصيتهم إلى كبيرة الشرك بالله تعالى أو يرتكبوا كفرا بواحا. ومع ذلك فليس العصاة كالأتقياء قال تعالى {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ وَالذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا المُسِيءُ قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ} [غافر:58]
وكل من هذه الأنواع وعد الله الجنة والمغفرة إذا تخلص من الشرك كما قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر:32 -33]
قال الامام الطبري: “ قوله تعالى {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} لأن يكون من أهل الذنوب والمعاصي التي هي دون النفاق والشرك عندي أشبه بمعنى الآية من أن يكون المنافق أو الكافر، وذلك أن الله تعالى ذكره اتبع هذه الآية قوله {جَنَّاتُ
1 م: الإيمان (34)، ت: الإيمان (2623)، أحمد:(1682)
عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [فاطر: 33] فعم بدخول الجنة جميع الأصناف الثلاثة) 1.
ومما تقدم يتبين أن: المسلمين ثلاثة أنواع:
السابقون وهم المقربون وهم أعلى الأصناف الثلاثة.
والمقتصدون وهم من لم يجتهدوا في العبادة فكانت أعمالهم قصدا.
والظالمون وهم المسرفون على أنفسهم بإغراقها في الذنوب والآثام.
سمات العصاة:
يُعرف العصاة بسمات يتميزون بها منها ما تلازمهم على الدوام ومنها ما يتلبسون بها تارة ويتخلصون منها تارة بحسب قربهم أو بعدهم من مقام الإيمان والتقوى، ومن أهم تلك السمات:
1-
الغفلة عن الله وعن يوم الحساب:
قال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنْ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنْ الغَافِلِينَ} [الأعراف:205] والغفلة هي الداء الذي يردي الكثيرين عن العمل ليوم الحساب، والغفلة مذمومة في كل الأحوال لأنها تعمي القلب عن العمل وتلهيه بسفاسف الأمور والشهوات، وتخدع النفس بالأماني إذ تلهيه بها حتى يدنو الأجل وتتبدى الحقيقة وتنكشف الغمة، فيبدأ الغافل في الندم على ما فرط في جنب الله ولا ينفع ساعتئذ الندم. والغفلة عن الله وعن الموت والحساب سببها ضعف الإيمان كما سيأتي.
قال ابن تيمية رحمه الله: “ فصل: فالغفلة والشهوة أصل الشر قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلنَا قَلبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28] والهوى وحده لا يستقل بفعل السيئات إلا مع الجهل وإلا فصاحب الهوى إذا علم قطعا أن ذلك يضره ضررا راجحا انصرفت نفسه عنه بالطبع فإنّ الله تعالى
1 تفسير الطبري 22 / 90.
جعل فى النفس حبا لما ينفعها وبغضا لما يضرها فلا تفعل ما تجزم بأنه يضرها ضررا راجحا بل متى فعلته كان لضعف العقل. ولهذا يوصف هذا بأنه عاقل وذو نهى وذو حجى، ولهذا كان البلاء العظيم من الشيطان لامن مجرد النفس فإن الشيطان يزين لها السيئات ويأمرها بها ويذكر لها ما فيها من المحاسن التى هي منافع لامضار كما فعل ابليس بآدم وحواء فقال:{يَا آدَمُ هَل أَدُلكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلدِ وَمُلك لا يَبْلى} [طه:120] وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين1.
2-
ضعف الإيمان:
والإيمان يتقوى بالعمل الصالح وتزكية النفس ومجاهدتها على التزام الحق كما سبق، والإيمان بالمعاصي يضعف كما أنه بالطاعات يتقوى، وإذا كثرت المعاصي ران على القلب حجاب كثيف حتى لا يكاد يرى الحق، وفي بيان ذلك وتوضيحه حديث أبي هريرة صلى الله عليه وسلم مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: “ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن” 2
وإذا كان ضعف الإيمان سمة من سمات العصاة فإن هذا لا يعني أن أصل الإيمان ينتفي، وهذا هو المذهب الصحيح الذي عليه السلف، ولعل من أبين من فصل الكلام في هذه المسألة ابن تيمية رحمه الله قال: “ ومما ينبغى أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة [أي دخول العمل في مسمى الإيمان] هو نزاع لفظي وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء كحماد بن أبى سليمان وهو أول من قال ذلك ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم متفقون مع
1 مجموع الفتاوى 14 / 289.
2 متفق عليه: خ: المظالم (2475) واللفظ له، م: الإيمان (57) .
جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد وان قالوا أن إيمانهم كامل كإيمان جبريل فهم يقولون أن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقا للذم والعقاب كما تقوله الجماعة ويقولون أيضا بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار فليس بين فقهاء الملة نزاع فى أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا بما جاء به الرسول وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها ولا يخلد منهم فيها أحد ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء.
ولكن الأقوال المنحرفة قول من يقول بتخليدهم في النار كالخوارج والمعتزلة وقول غلاة المرجئة الذين يقولون ما نعلم أن أحدا منهم يدخل النار بل نقف في هذا كله وحكى عن بعض غلاة المرجئة الجزم بالنفي العام، ويقال للخوارج الذي نفى عن السارق والزاني والشارب وغيرهم الإيمان هو لم يجعلهم مرتدين عن الإسلام بل عاقب هذا بالجلد وهذا بالقطع ولم يقتل أحدا إلا الزاني المحصن ولم يقتله قتل المرتد فإن المرتد يقتل بالسيف بعد الاستتابة وهذا يرجم بالحجارة بلا استتابة فدل ذلك على أنه وإن نفى عنهم الإيمان فليسوا عنده مرتدين عن الإسلام مع ظهور ذنوبهم وليسوا كالمنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر فأولئك لم يعاقبهم إلا على ذنب ظاهر. [واستطرد رحمه الله في بيان هذه المسألة العقدية الهامة فقال] :
وبسبب الكلام فى مسألة الإيمان تنازع الناس هل فى اللغة أسماء شرعية نقلها الشارع عن مسماها فى اللغة أو أنها باقية فى الشرع على ما كانت عليه فى اللغة لكن الشارع زاد في أحكامها لا في معنى الأسماء وهكذا قالوا في اسم الصلاة والزكاة والصيام والحج إنها باقية في كلام الشارع على معناها اللغوي
لكن زاد في أحكامها ومقصودهم أن الإيمان هو مجرد التصديق وذلك يحصل بالقلب واللسان وذهبت طائفة ثالثة إلى أن الشارع تصرف فيها تصرف أهل العرف فهي بالنسبة إلى اللغة مجاز وبالنسبة إلى عرف الشارع حقيقة.
والتحقيق أن الشارع لم ينقلها ولم يغيرها ولكن استعملها مقيدة لا مطلقة كما يستعمل نظائرها كقوله تعالى: {وَلِلهِ عَلى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِليْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 57] فذكر حجا خاصا وهو حج البيت وكذلك قوله: {فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ} [البقرة: 158]
…
الخ1.
ولمباحث الإيمان تفصيل ذكره أهل العلم يطلب في مظانه، والخلاصة المعنية هنا أنه اعتقاد بالقلب، وتصديق باللسان، وعمل بالجوارح، ولا بد من تضافر هذه العمد الثلاثة.
3-
غلبة الشبهات والشهوات:
وهي ثالثة الأثافي، ولولا غلبة الشهوات لكان الناس في خير، والله تعالى ركب في الإنسان تلك الشهوات كشهوة الزواج وشهوة حب المال والتملك وشهوة التسلط على ما سيأتي تفصيله بعد إن شاء الله تعالى، فمن تغلب على شهواته وسيطر عليها وحاكمها وضبطها سلك سبيل الرشد، ومن غلبته شهوته سلكت به سبيل الغي والعياذ بالله.
وهذه السمات الثلاث بينها تداخل وتشابك وبعضها يتولد من البعض الآخر ثم هي من مرض القلب مما ينعت به المنافقون، قال ابن تيمية رحمه الله: “ذكر الله مرض القلب في مواضع فقال تعالى: {إِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} [الأنفال: 49]
والمرض في القلب كالمرض في الجسد فكما أن هذا هو إحالة عن الصحة
1 مجموع الفتاوى 7 / 297.
والاعتدال من غير موت فكذلك قد يكون في القلب مرض يحيله عن الصحة والاعتدال من غير أن يموت القلب سواء أفسد إحساس القلب وإدراكه أو أفسد عمله وحركته.
وذلك كما فسروه هو من ضعف الإيمان إما بضعف علم القلب واعتقاده وإما بضعف عمله وحركته فيدخل فيه من ضعف تصديقه ومن غلب عليه الجبن والفزع فإن أدواء القلب من الشهوة المحرمة والحسد والجبن والبخل وغير ذلك كلها أمراض وكذلك الجهل والشكوك والشبهات التي فيه”1.
4-
الجهل:
قال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلى اللهِ لِلذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَليْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء:17]
قال القرطبي: “ في هذه الآية والأنعام أنه من عمل منكم سوءا بجهالة يعم الكفر والمعاصي فكل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته قال قتادة أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية فهي بجهالة عمدا كانت أو جهلا وقاله ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد والسدي وروى عن الضحاك ومجاهد أنهما قالا الجهالة هنا العمد وقال عكرمة أمور الدنيا كلها جهالة يريد الخاصة بها الخارجة عن طاعة الله وهذا القول جار مع قوله تعالى إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وقال الزجاج يعني قوله بجهالة إختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية وقيل بجهالة أي لا يعلمون كنه العقوبة ذكره إبن فورك قال إبن عطية وضعف قوله هذا ورد عليه”2.
وقال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِل مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالةٍ ثُمَّ
1 العقود الدرية ص 167.
2 تفسير القرطبي 5/ 92.
تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام:54] .
وقال تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل:119] .
ونجلي هذا أكثر من خلال الحديث عن أسباب المعصية ودوافعها فنقول وبالله التوفيق:
أسباب المعصية وأنواعها:
ما هي أسباب المعصية؟ ولماذا يعصي المسلم ربه؟! تلكم هي القضية التي يعالجها الدعاة بالحكمة والموعظة الحسنة، وهي قضية العصر وكل عصر، المعاصي داء له بإذن الله دواء، ودواؤه في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
في علاج مشكلة المعصية يعمل الدعاة جاهدين بشتى الأساليب والوسائل المشروعة، ومعرفة أسباب المعصية جزء من العلاج، وتلكم الأسباب تنحصر في أمرين فهي إما (شبهات أوشهوات) ولنلق بعض الضوء على هذين السببين الرئيسين الَّذين يتفرع عنهما الأسباب الأخرى:
ففي الشهوات قول الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآبِ} [آل عمران:14] .
في هذه الآية الشريفة المنيفة تعداد للشهوات والغرائز المركبة في الانسان وفي أعماقه كغريزة النكاح وغريزة حب الولد والنسل، وحب المال، والجاه وزخارف الدنيا والسلطان، وابتدأ تعالى ذكر هذه الشهوات بشهوة النكاح وهي أخطرها وأنكاها إن لم تعالج مبكرا وفي الإطار المشروع، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: “ ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء” 1.
1 متفق عليه: خ: النكاح (5096)، م: الذكر والدعاء (2740) .
وفي الحديث كما قال الحافظ ابن حجر: أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن1 ثم ذكر تعالى الشهوات الأخرى مجملة، وقد ورد تفصيلها في مواضع أخر كشهوة حب المال في قوله تعالى:{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَليْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعَامِ المِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لمًّا وَتُحِبُّونَ المَال حُبًّا جَمًّا} [الفجر:16-19] .
وجاء في السنة توضيح أبعاد هذه الشهوة الجامحة المتأصلة في الإنسان ففي حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما على المنبر بمكة في خطبته يقول: يا أيها الناس إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “ لو أن ابن آدم أعطي واديا ملئا من ذهب أحب إليه ثانيا ولو أعطي ثانيا أحب إليه ثالثا ولا يسد جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب” 2.
ومثله حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: “لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب” 3.
وما من ريب أن الشهوات اذا استحوذت على المرء أوردته المهالك وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره” ولفظ مسلم: ”حفت النار بالمكاره وحفت النار بالشهوات” 4
قال الحافظ ابن حجر: “وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفوس، والحض على الطاعات وإن كرهتها النفوس
1 الفتح 9/138.
2 خ: الرقاق (6438) انفرد به البخاري.
3 متفق عليه: خ: الرقاق (6436)، م: الزكاة (1049) .
4 متفق عليه: خ: الرقاق (6487)، م: الجنة وصفة نعيمها (2823) .
وشق عليها، قال: المراد بالمكاره هنا ما أمر المكلف بمجاهدة نفسه فيه فعلا وتركا
…
وأطلق عليها المكاره لمشقتها على العامل وصعوبتها عليه”1.
واتباع الشهوات لذاتها لا للاستعانة بها على الطاعات مذموم، وكذلك اتباع الأهواء، قال ابن تيمية رحمه الله: “ قوله سبحانه {كَالذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالا وَأَوْلادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا أُوْلئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلئِكَ هُمْ الخَاسِرُونَ} [التوبة:69] ففي قوله {فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ} إشارة إلى اتباع الشهوات وهو داء العصاة. وقوله {وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا} إشارة إلى اتباع الشبهات وهو داء المبتدعة وأهل الأهواء والخصومات وكثيرا ما يجتمعان فقل من تجد في اعتقاده فسادا إلا وهو ظاهر في عمله وقد دلت الآية على أن الذين كانوا من قبل استمتعوا وخاضوا وهؤلاء فعلوا مثل أولئك.
ثم قوله: {فَاسْتَمْتَعْتُمْ} و {وَخُضْتُمْ} خبر عن وقوع ذلك في الماضي وهو ذم لمن يفعله إلى يوم القيامة كسائر ما أخبر الله به عن أعمال وصفات الكفار والمنافقين عند مبعث عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فإنه ذم لمن يكون حاله حالهم إلى يوم القيامة”2.
وأما الشبهات فقد ذكرها الله في قوله: {هُوَ الذِي أَنْزَل عَليْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلم تَأْوِيلهُ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُل مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلبَابِ} [آل عمران:7] .
1 الفتح 11/320.
2 اقتضاء الصراط المستقيم ص 26.
ولا يخفى أن الشيطان ـ عليه لعائن الله ـ للإنسان بالمرصاد يزخرف له الشهوات ويزين له الشبهات ليوقعه في حبائله، أليس هو الذي قطع على نفسه العهد باغواء بني آدم قال تعالى:{قَال فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:16-17] .
وقد حذر الله تبارك وتعالى من كيد الشيطان ومكره فقال: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:27] .
وأخبر أن الشيطان لعنه الله سيحقق أمنيته باغواء الأكثرين من بني آدم فقال تعالى: {وَلقَدْ صَدَّقَ عَليْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنْ المُؤْمِنِينَ} [سبأ:20] .
وقال في موضع: {قَال فَبِعِزَتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ المُخْلصِينَ} [ص:82-83] .
قال ابن القيم: “ وأما جهاد الشيطان فمرتبتان: إحداهما جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.
الثانية: جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات فالجهاد الأول يكون بعده اليقين والثاني يكون بعده الصبر قال تعالى: {وَجَعَلنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24] فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة واليقين يدفع الشكوك والشبهات”1.
ومع كيد الشيطان ومكره هناك عدد من العوامل النفسية التي تسهل
1 زاد المعاد 3 / 10.
المعصية وتزينها كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، منها:
أ - إتباع الهوى وهو مذموم قال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد:14] ففرق تعالى بين أهل الإتباع للحق وأهل الأهواء الذين لا ينضبطون باتباع ما ينافي أهواءهم وينغص عليهم رغباتهم، واتباعهم للأهواء نوع من العبودية لغير الله، وفيهم شبه بالبهائم التي لا يهمها غير شهوة البطن والفرج، وقد قال جل ذكره:{أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَليْهِ وَكِيلا [43] أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَل هُمْ أَضَل سَبِيلا} [الفرقان:44]
وقال في موضع: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى} [النازعات:40-41]
ولا يتبع هواه إلا ضعيف الإيمان ناقص المروءة مهزوز الإرادة من خارت عزيمته ومرض قلبه وقعدت نفسه عن معالي الأمور لذا لا يوصف باتباع الأهواء
في القرآن العظيم إلا أهل الضلالة والشقاوة.
قال ابن تيميّة رحمه الله: ”أصل الهوى محبة النفس ويتبع ذلك بغضها ونفس الهوى وهو الحب والبغض الذى فىالنفس لا يلام عليه فان ذلك قد لا يملك وإنما يلام على اتباعه كما قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الهَوَى فَيُضِلكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} [ص: 26] وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَل مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللهِ} [القصص: 50] وقال النبى صلى الله عليه وسلم: ”ثلاث منجيات خشية الله فى السر والعلانية والقصد فى الفقر والغنى وكلمة الحق فى الغضب والرضا وثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه “ 1.
والحب والبغض يتبعه ذوق عند وجود المحبوب والمبغض ووجد وارادة
1 لم أجده في الكتب التسعة وهو في نوادر الأصول 2/7 الأصل الحادي والتسعون.
وغير ذلك فمن اتبع ذلك بغير أمر الله ورسوله فهو ممن اتبع هواه بغير هدى من الله بل قد يصعد به الأمر الى أن يتخذ الهه هواه واتباع الأهواء فى الديانات أعظم من اتباع الاهواء فى الشهوات فان الأول حال الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين كما قال تعالى {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} 1.
ب- والنفس الأمارة بالسوء وفيها قوله: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف:53]
قال ابن تيميّة في قوله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف] وهذا يدل على أنه ليس كل نفس أمارة بالسوء بل ما رحم ربى ليس فيه النفس الأمارة بالسوء. وقد ذكر طائفة من الناس أن النفس لها ثلاثة أحوال تكون أمارة بالسوء ثم تكون لوامة أي تفعل الذنب ثم تلوم عليه أو تتلوم فتتردد بين الذنب والتوبة ثم تصير مطمئنة والمقصود هنا أن ما رحم ربي من النفوس ليست بأمارة وإذا كانت النفوس منقسمة إلى مرحومة وأمارة فقد علمنا قطعا أن نفس امرأة العزيز من النفوس الأمارة بالسوء لأنها أمرت بذلك مرة بعد مرة وراودت وافترت وإستعانت بالنسوة وسجنت
…
) 2.
جـ- والتقليد الأعمى ومسايرة السادة والزعماء في الباطل وفيه قوله تعالى: {قَال الذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَل كُنتُمْ مُجْرِمِينَ وَقَال الذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَل مَكْرُ الليْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَل لهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لمَّا رَأَوْا العَذَابَ وَجَعَلنَا الأَغْلال فِي أَعْنَاقِ الذِينَ كَفَرُوا هَل يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ:32-33] .
1 مجموع الفتاوي 28/132.
2 مجموع الفتاوي 15/143.
د- والمال والغنى والجاه وكل ذلك يطغي ويلهي إن لم تصاحبه تقوى الله تعالى، قال تعالى:{كَلا إِنَّ الإِنسَانَ ليَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6-7] .
وقال في موضع: {وَلوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى:27] .
?- والركون إلى الحياة الدنيا بزخارفها وزيناتها وخداعها واغترار الناس بها الا من رحم الله وفي هذا يقول تعالى: {اعْلمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لعِبٌ وَلهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الغُرُورِ} [الحديد:20] وقال في موضع: {بَل تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:16-17] .
و_ وأيضا ما يرين على القلوب من المعاصي بالتمادي فيها والغفلة عن الله ونسيان لقائه وكل ذلك يزيد الشقي شقاءا قال تعالى: {كَلا بَل رَانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] .
قال ابن تيمية: ” والمؤمن لا يزال يخرج من الظلمات إلى النور ويزداد هدى فيتجدد له من العلم والإيمان ما لم يكن قبل ذلك فيتوب مما تركه وفعله والتوبة تصقل القلب وتجليه مما عرض له من رين الذنوب” كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن العبد إذا أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي قال الله {كَلا بَل رَانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] “1.
1 ت: تفسير القرآن (3334) وقال حسن صحيح، ماجة: الزهد (4244)، أحمد: المكثرين (7611) .