الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلوب حفز العاطفة وإثارة الشعور والحميو والغيرة
…
5 -
أسلوب حفز العاطفة وإثارة الشعور والحمية والغيرة:
للإنسان عواطف وأحاسيس يكنها ويعبر عنها وقد لا يملك مع أحاسيسه ومشاعره غير الانقياد لها والاستجابة لسلطانها، ومن ثم فإن من الحكمة في الدعوة إستحثاث مشاعر الإنسان وعواطفه وتوجيهها نحو الخير والفضيلة، وفي المقابل كفها عن الشر والإثم والعدوان، ومن هذا الأسلوب ما نراه كثيرا في باب الحسبة المأثورة عن السلف قولهم للعاصي: ألا تتقي الله؟ ألا تستحي؟ ألست بمسلم؟ ألا تغار على دينك؟ ألست أهلا للمروءة؟ أين شهامتك أين دينك وغيرتك على محارم الله؟ ألا تخشى الموت والحساب؟ ونحو ذلك..
والغيرة في الإنسان أمر جبلي، ولعلها أجلى مظاهر العاطفة التي يتميز بها الإنسان، والغيرة في المسلم فوق ذلك أمر شرعي، فمن لا غيرة له على محارمه لا دين له، والمسلم يغار على عرضه وحريمه ويعمل جاهدا على صون كل ما يمس ذلك، بل ويبذل نفسه في سبيل الدفاع عن الحريم والعرض بسبب غيرته التي يأمره بها دينه القويم.
والأمثلة كثيرة على أن الغيرة أمر مركوز في الفطر السليمة وهي من الغرائز التي ينميها الدين الحنيف ويوجهها نحو الخير والفضيلة، فمن ذلك قول الباري جل ذكره:{أَلمْ يَأْنِ لِلذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَل مِنْ الحَقِّ} [الحديد: 16] وقوله {مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 147]
وحديث المغيرة قال قال سعد بن عبادة لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “ أتعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين،
ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة “ 1.
وأمثل من يصلح لهم هذا الأسلوب الشباب الذين تتأجج لديهم الشهوة وتتحفز لديهم كذلك الغيرة على العرض والمحارم، ومثال هذا الأسلوب ما رواه أبو أمامة رضي الله عنه “أن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إئذن لي في الزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه قالوا: مه مه؟! قال: أدن، فدنا منه قريبا، قال فجلس. قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم! قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم [وذكر العمة والخالة] قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ” 2.
ولعل من أوفق ما يدعى إليه الشباب من خلال هذا الأسلوب تبصيرهم بحقائق دينهم القويم، وأنه دين الطهر والعفة ونقاء القلب، ودين العقل والمنطق فما لا يرضاه المسلم لنفسه كيف يرضاه لغيره، ومع هذا التبصير والتنوير لا بد من التحذير من التقليد الأعمى للكفار وعواقبه وآثاره، وإعلامهم بأن الكافرين لا يريدون للمسلمين خيرا قط قال تعالى:{مَا يَوَدُّ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَلا المُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّل عَليْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة] فتقليدهم في المضار يجلب الشقاء للإنسان والتعاسة والبوار.
ثم مع التبصير والتحذير لا بد من إيقاف الشباب على المصائب والنوازل
1 متفق عليه: خ: الحدود (7416)، م: اللعان (1499) وانظر الفتح 13 / 400.
2 أحمد: الأنصار (21185)، والهيثمي في مجمع الزوائد1/129 وقال:((رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح)) .
التي نزلت بالمسلمين في أعراضهم ودمائهم من قبل الكفار في مختلف البلاد مثل الكوسوفا والشيشان وكشمير وبورما وفلسطين وغيرها. ويكون الهدف من ذلك كفهم عن المعاصي والذنوب من جهة، وحثهم نحو معالي الأمور والاشتغال بقضايا المسلمين من جهة أخرى وأنها أولى من الاشتغال بالسفاسف والملهيات التي لا تزيد المسلم إلا سعارا بعد سعار وانتكاسا بعد انتكاس ووهنا بعد وهن. لأن العصاة لم يتورطوا في المعاصي إلا لفراغ قلوبهم عن الأمور المهمة كإقامة الصلوات وتدبير أمور المعاش والمعاد والسعي في حوائج المسلمين، والعمل الدائب في خدمة الدين الحنيف والدعوة إليه والدفاع عن العقيدة
…
هذا، وينبغي ألا يخرج هذا الأسلوب عما جاءت به الشريعة، لأن كل ما لم يأمر به الله ورسوله فهو بدعة ولا خير فيه، ومن البدع ما أحدثه أهل الطرق من المواجيد ونحوها يستحثون بها العامة ويحركون بها شجونهم وهذا كله منكر لا يصح الأخذ به، وقد بين أهل العلم هذا الموضوع منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد ذكر ما أحدث بعد القرون الثلاثة المفضلة من أمور تحدث في المستمع الاضطراب والاختلاج والإغماء أو الموت وذكر ما فيها من تفصيل ثم قال “ فأما سماع القاصدين لصلاح القلوب فى الاجتماع على ذلك إما نشيد مجرد نظير الغبار وإما بالتصفيق ونحو ذلك فهو السماع المحدث فى الإسلام فانه أحدث بعد ذهاب القرون الثلاثة الذين اثنى عليهم النبى صلى الله عليه وسلم حيث قال:"خير القرون القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"1.
وقد كرهه أعيان الأمة ولم يحضره أكابر المشايخ وقال الشافعى رحمه الله خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن وسئل عنه الامام أحمد بن حنبل فقال هو محدث أكرهه قيل له أنه يرق عليه القلب
1 متفق عليه: خ: الشهادات (2651)، م: فضائل الصحابة (2535) .