الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي الحسن بن الباذش.
1296 - محمد بن أحمد بن عبد الملك بن صخر اللخمي
(1) : شريشي أبو بكر؛ روى عن أبي إسحاق بن ملكون وأبي بكر بن عبيد الأركشي وغيرهما. روى عنه أبو بكر بن موسى بن فحلون، وان شيخاً صالحاً من أهل العلم، وله رحلة حج فيها [21 و] .
1297 - محمد بن أبي عمر أحمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة بن رفاعة بن صخر ابن سماعة الداخل إلى الأندلس، اللخمي
(2) : إشبيلي أبو عبد الله الباجي، وهو شقيق سميه أبي مروان المذكور بعده يليه وأسنهما؛ وأمهما أم القاسم ابنة الوزير أبي بكر محمد بن الحاج أبي القاسم جابر ابن الراوية أبي بكر محمد بن مغيرة بن محمد بن المغيرة بن عبد الملك بن مغيرة بن معاوية بن المؤمن الداخل إلى الأندلس ابن الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان ابن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد مشمش.
روى عن أبيه وأبي بكر بن الجد، وتفقه به، وأبي عبد الله بن المجاهد، وتأدب في النحو والآداب بابي إسحاق بن ملكون. روى عنه أبو العباس بن محمد الموروي.
وكان دري اللون أكحل محجباً حالك الشعر حسن القد والضرب،
(1) ترجمته في التكملة: 568.
(2)
ترجمته في التكملة: 579.
وقوراً ديناً، منقبضاً حسن السمت والصوت، ولي الخطبة ببلده واستقضي به، ثم صرف عن القضاء بابي محمد عبد الحق بن عبد الله بن عبد الحق سنة خمس وستمائة؛ وقال عثمان بن العوام: انه دام قاضياً إلى أن توفي، والأول أصح؛ وكانت وفاته رحمه الله بإشبيلية بعد صلاة العشاء من ليلة الأحد التاسع والعشرين من شوال ست وستمائة، ودفن ضحى يوم الاثنين تاليه. وهو أبي مروان أحمد المدعو بالمعتضد بالله مدبر إشبيلية أيام خلاف أهلها على المدعو بأمير المسلمين المتلقب بالمتوكل أبي عبد الله محمد بن يوسف بن هود، فقتل أبو مروان هذا خارج إشبيلية في خبر يطول ذكره، لثلاث خلون من جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وستمائة، عصمنا الله من الفتن.
1298 -
محمد بن أحمد بن عبد الملك (1) - وقد تقدم رفع نسبه آنفاً في رسم أخيه -: إشبيلي أبو مروان الباجي؛ تلا بالسبع وغيرها على أبي عمرو وعياش بن عظيمة، وسمع الحديث على الحافظين أبوي بكرك ابن الجد، واكثر عنه، وابن علي، وبقراءة أبيه على أبي عبد الله بن أحمد بن المجاهد؛ [211 ظ] وأخذ العربية واللغة والآداب على أبي إسحاق بن ملكون وأبي بكر بن طلحة، وأجازوا له إلا أبا إسحاق بن ملكون. وأجاز له أبوه وأبو حفص بن عمر وأبو زيد السهيلي وأبو عبد الله بن الفخار وأبو العباس بن مقدام وأبو القاسم بن بشكوال وأبو محمد بن
(1) ترجمته في التكملة: 637.
عبيد الله. ورحل إلى المشرق حاجاً، وسمع بدمشق على نزيلها المحدث الشهير أبي عمرو عثمان [؟](1) إن الصلاح " تأليفه في علوم الحديث ".
وهذا الأصل الذي سمع فيه قد صار إلي والحمد لله وفيه خط ابن الصلاح بتصحيح التسميع وقد تضمن إذنه في روايته عنه لكل من حصل منه نسخة، فانتسخ منه جماعة من جلة أهل العلم ونبلاءهم منهم: أبو الحسن الشاري وأبو عمرو عثمان بن الحاج وأبو القاسم أحمد بن نبيل وغيرهم ونسخت منه نسخة لبعض الأصحاب لأمر اقتضى ذلك لم يسع خلافه.
وأخذ بدمشق أيضاً قراءة منه عن أبي نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي. روى عنه حفيد أخيه أبي محمد وآباء عبد الله: أبو بكر بن أحمد بن سيد الناس ابن أحمد الرندي وابن أبي بكر ابن المواق وابن الحصار نزيل سبتة، وصحبه في وجهته المشرقية وحج معه ولزمه إلى أن فرق الموت بينهما، وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن العوام وأبو القاسم عبد الكريم بن عمران وأبو محمد بن قاسم الحرار، وروى عنه بدمشق جماعة منهم: أبو عبد الله البرزالي وأبو [؟](2) القسطار وابن يريم الإشبيليون وأبو محمد بن محمد بن أحمد بن الحجام.
وكان من سادات بيته الأفاضل ببلدهم، ذا خلق وسيم وخلق عظيم،
(1) هامش ح: هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر النصري الشهرزوري ثم الموصلي نزيل دمشق الشافعي المعروف بابن الصلاح.
(2)
هامش ح: هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم الاشبيلي القسطار.
دري اللون أسيل الوجه حسن الضرب والقد إلى الطول، قد علا بأخرة إحدى كريمتيه بياض لم يشنها؛ وكان كريم النفس حسن اللقاء براً بأصحابه ومنتابيه، متواضعاً جميل السعي في حوائج الناس عموماً وخصوصاً، مبختاً في تيسير قضائها، متواضعاً صواماً قواماً سري الهمة كامل أدوات الفضل، خطيب زمانه، مثابراً على تلاوة القرآن، حافظاً للحديث، من احسن الناس صوتاً بهما وأطيبهم نغمة في إيرادهما، جيد الخط والضبط ذاكراً للفقه، استقضي [212 و] ببلدة أيام إمارة أبي العلاء إدريس بن المنصور من آل عبد المؤمن وبعدها، فعرف بالعدل والنزاهة ووطأة الأكناف ولين الجانب حتى يقال إنه ما سجن مدة قضائه أحداً. وخطب بجامع بلده دهراً طويلاً وتردد على حضرة مراكش مراراً، موفداً مبروراً خطيباً (1) عند الأمراء بها مقضي المآرب.
وبعد الطارئ على أبي مروان أحمد ابن شقيقه أبي عمر محمد - حسبما تقدمت الإشارة آنفاً إليه - عزم على الحج فباع جل أملاكه بداخل إشبيلية وخارجها، وفعل في سائرها مات اقتضاه نظره في تصيير وتحبيس وصدقة وغير ذلك من الوجوه، محصناً ذلك كله بالإشهاد عليه، وفصل من إشبيلية يوم [؟](2) لثمان خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، قاصداً سبتة من بر العدوة، وأقلع منها في مركب رومي يوم الأربعاء، لسبع خلون من محرم أربع وثلاثين وستمائة سائراً مع العوالي من
(1) كذا ولعلها " حظياً ".
(2)
بياض في الأصول.
بر الأندلس إلى مالقة إلى المنكب إلى المرية إلى قرطاجنة إلى لقنت، وفارق بر الأندلس إلى جزيرة يابسة إلى جزيرة ميورقة، فدخل مرساها ليلة الخميس الثالثة والعشرين من محرم المذكور، وأقلع منه ليلة الخميس التالي لها إلى جزيرة قبريرة فبات بها ليلة الجمعة، وأقلع منها صبح يوم الجمعة إلى مرسى سردانية، فدخله يوم الثلاثاء لأربع خلون من صفر، وأقلع منه يوم الخميس لست خلون من صفر إلى صقلية، فجاوزها ثم ردته الريح إلى مرسى سرقوسة إحدى مدن الجزيرة، فدخله ليلة الأربعاء الثانية عشرة من صفر، وأقام به إلى عشية يوم السبت لسبع خلون من ربيع الأول ونزل إلى سرقوسة وأقام بها من ليلة الأحد الثامنة من ربيع الأول إلى يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الىخرة، وانتقل إلى المركب وأقام به ريثما تساعده الريح على سيره، فاقلع منها يوم الأربعاء إلى جزيرة اقريطش في ثمانية أيام، ثم إلى جزيرة قبرص في خمسة أيام، ثم إلى عكا في ثلاثة أيام، وكان [212 ظ] المركب يسير كل يوم من سرقوسة إلى عكا مائة ميل، فدخل عكا يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب، وقدم دمشق غدوة يوم [؟](1) لسبع خلون من رمضان، وأقام بها إلى منتصف شوال، فخرج منها مع الركب الشامي وكان له سبعة أعوام لم يتوجه إلى مكة - شرفها الله -، فصار إلى بصري في أربعة أيام إلى الأزرق إلى تيماء إلى خبير إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم كرمها الله - وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام بها يومين، وانفصل
(1) بياض في الأصول.
على طريق الركب إلى وادي العقيق وبير علي وذي الحليفة ومنها أحرم إلى شعب علي إلى بدر إلى رابغ إلى الجحفة إلى بطن مر إلى مكة - شرفها الله - فقدمها لأربع خلون من ذي الحجة فنزل بالأبطح.
ولما قضى فريضة الحج نزل بدار إمام المالكية عند باب العمرة، وكان من أمله التوجه إلى العراق فإذا الركب العراقي لم يصل إلى مكة تلك السنة خوفاً من عادية الكافر التركي، ثم خرج من مكة - زادها الله شرفاً - في محرم خمس وثلاثين متوجهاً إلى مصر، فسرى مدلجاً لشدة الحر بالنهار إلى حدة ومن حدة إلى جدة، ومنها ركب البحر فمالت به الريح إلى سلق في يوم وليلة، فسار منها مصعداً إلى دبادب وخرج في البر وسار منها ثمانية أيام إلى عيذاب في سحراء (1) البجاة، وهم نصارى سود، وأقام بها نحو ثمانية وعشرين يوماً، وقطع سحراءها (2) في عشرين يوماً إلى قنا، وكان بهذه الرفقة في نحو سبعين رجلاً، فلقيهم في تلك الصحراء قوم من النوبة دخلوها للغارة، فسلبوا الرفقة، وسار من قنا إلى قوص في يوم.
وكان الملك الكامل قد توجه إلى دمشق وجهاتها ذلك العام يحاول رد البلاد التي كانت لأخيه الأشرف إلى طاعته، فوافاه وهو بالورادة من طريق دمشق الخبر بأنه وصل إلى الحج وإلى دمشق رجل مغربي فاضل يعرف بالباجي، وأثنوا عليه خيراً عنده، وقد كان صاحب المدارس بمصر أبو الخطاب عمر بن حسن بن دحية، المذكور قبل بموضعه من هذا المجموع (3) ،
(1) كذا بالسين.
(2)
كذا بالسين.
(3)
لم ترد ترجمته في باب " عمر " فهل من النسخ نقص؟
توفي سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، حسبما ذكر هنالك، فتولى [213 و] النظر فيها من لا يصلح لها. ولما اثني على أبي مروان الباجي عند الملك الكامل أراد صرف النظر في المدارس المصرية إليه، فسال عنه فأخبر انه قد نهض إلى الحج، فأمر بالبحث عنه في جميع بلاده وتلقي الركبان في شانه والإحسان إليه وأفاده (1) عليه، فطيرت الحمام من بلد إلى بلد في الوصاة به.
فبينا أبو مروان قد قدم على قوص، كما ذكر آنفاً، خرج إلى الركب قوم من قبل والي المدينة يسألون عنه حسبما أمروا به، فأخبروا بأنه في تلك القافلة، فاجتمعوا به وساروا معه إلى والي قوص، وكان يدعى بابن زغبوش، فألقى إليه أمر الملك الكامل في حقه وبالغ في إكرامه والحفاية به، ودفع له خمسين دينراً مصرية وأثواباً من لباس أهل تلك البلاد فيها حرير فأبى أبو مروان قبول شيء من ذلك، وبعد لأي ومراجعة طويلة قبل الدنانير على كراهة، ورد الأثواب وقبض تلك الدنانير بعض خدمته وكان يدعى بابن مذكور؛ وسمعه حينئذ بعض خواصه وهو أبو الحجاج الأبدي، وكان ممن حج معه، يدعو بدعاء قال فيه: اللهم اقبضني إليك قبل الاجتماع به.
ثم سار من قوص في النيل إلى اخميم إلى منية ابن خصيب، ولها مسجد جامع حسن على شاطيء النيل، فقال أبو مروان: قد كنت سمعت بهذا الجامع وأريد الصلاة به، فصار إليه فإذا فيه جماعة اجتمعوا لقراءة العلم، فصلى به الظهر والعصر والمغرب، ولما هم بالانصراف تعرضه
(1) كذا بدل " وإيفاده ".
بعض أولئك الحاضرين وقد سألوا عنه فاخبروا به فاقبلوا إليه مسلمين عليه وراغبين منه في مبيته عندهم، فبات معهم وانصرف من الغد إلى السفينة وبه شكاة، وسئل عن غذائه عند أولئك الذين أضافوا فقال: ما كان إلا يسير تمر وعسل.
وأقلع من منية ابن خصيب إلى مصر، وقطع تلك المسافة في سبعة أيام، والشكاة متزيدة؛ ولما ورد مصر أراد دخولها في خفية حتى لا يشعر به أحد، فدخلها وقت العشاء ونزل منها بخان الملاحين، ويعرف بخان ابن الرصاص، ولم يعلم أحد [213 ظ] بوصوله، فأقام به ليلته تلك ويومها، وتوفي في ثلث الليلة القابلة، وهون الله عليه الموت ويسره تيسيراً عجيباً؛ ولما اصبح ميتاً أقبل جماعة من الصلحاء والزهاد في طائفة كبيرة من لفيف الناس، مغلسين يقرعون باب الخان، ويقولون لقيمه: افتح لنا نصل على الفقيه أبي مروان الباجي المتوفي الليلة هنا؛ وكان ممن حضر ذلك الجمع رجل صالح فاضل من أهل العلم والدين يدعى بعز القضاة ويعرف بابن الجباب، من بيت جلالة وعلم بمصر، فتوجه مع حفيد أخي مروان وبعض خواصه إلى العادل ابن الملك الكامل الذي استنابه أبوه على مصر، فوافوه بقصره من القلعة بالجبل المقطم المطل على القاهرة ومصر، فاعلمه بوصول الفقيه أبي مروان فسر به وسأل عنه فقيل: وصل بارحة أمس وتوفي الليلة، فتأسف لذلك، وأمر بتجهيزه فقال له حفيد أخيه وأصحابه: عنده جهازه، فشرع في غسله وتكفينه، وألقي في النعش ورمي عليه كساء أخضر، ولف بشريطتي غم طويلتين
لفاً محكماً متقارباً، حتى كان بين الشريطتين غلظ إصبع، وصلى عليه جمهور الناس بالخان. ولما فرغ الغاسل منه وخرج بالرداء الذي غسله فيه تعلق الناس بذلك الرداء وغلبوه عليه حتى لم يبق بيده منه إلا قدر ما أمسك بأنامله، والسعيد منهم من صار إليه منه قدر فتيل لكثرة ترامي الناس عليه، وكان منهم من رغب من الغاسل في بيع ما بقي عنده من الرداء، فباعه منه ولم يكن بقي عنده منه إلا يسير.
وحمل الفقيه على تلك الحالة وقت صلاة العصر إلى المصلى بالشريعة وسير به سيراً حثيثاً، فاستبق الناس إليه، فمنهم من يرمي إليه عمامته فإذا وصلت إلى النعش وجذبها اشترك ناس معه فيها فلا يبقى له منها إلا قدر ما يمسك بيده، ومنهم من يرسل رداءه فيجري الحال فيه على ذلك، وصلي عليه هنالك مرة ثانية في جمع عظيم ثم سير به كذلك إلى مدفنة بالقرافة حيث قبور الصالحين والفضلاء، وإذا جماعة كبيرة من كبراء الناس وإعلامهم ينتظرونه هنالك، لم يكونوا صلوا عليه فقالوا: لابد أن نصلي عليه قبل دفنه، فصلوا [214 و] عليه وهو بشفير القبر مرة ثالثة، وروي في قبره بمقبرة الشهداء لمنسوبة إلى سارية، واختطف الناس تراب قبره مرة ثم ثانية ثم ثالثة، وأقبل عليهم الليل وانفصلوا عنه فلما كان من الغد أصبح قبره مبنياً كأحسن ما يبنى من القبور، فتساءل الناس عمن بناه، فلم يجدو عنه مخبراً، وجعل حفيد أخيه وأصحابه عند رأسه تاريخاً. وكانت وفاته ليلة الجمعة الثامنة والعشرين من جمادى الأولى من