الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبى إسحاق المزكى
(1)
.
156 -
يحيى بن أحمد بن علي أبو سعد الصائغ بالرى
(2)
.
157 -
يحيى بن محمد بن يحيى بن زكريا أبو سعيد الخطيب الإسفرايينى المهرجانى
(3)
.
مذهبه الفقهى:
لقد اجتمع للمصنف رحمه الله هذا العدد الكبير من الشيوخ مع البيئة العلمية المتميزة -بغض النظر عما وقع من اضطرابات سياسية واجتماعية- وتكون له من الثقافة مع مواهبه العقلية وميزاته الشخصية ما يؤهله إلى اختيار الأسس التي وضع عليها بنيانه العلمى، فقد درس على مشايخ الفقه، على اختلاف مذاهبهم، ودرس أقوالهم لاختيار مذهبه الفقهى فيقول: "وقد قابلت بتوفيق اللَّهِ تعالى أقوال كل واحد منهم -بمبلغ علمى- من كتاب اللَّهِ تعالى ثم بما جمعت من السنن والآثار في الفرائض والنوافل في الحلال والحرام والحدود والأحكام، فوجدت الشافعي رحمه الله أكثرهم اتباعا، وأقواهم احتجاجا، وأصحهم قياسا، وأوضحهم إرشادا، وذلك فيما صنف من الكتب القديمة والجديدة في الأصول والفروع، وبأبين بيان وأفصح لسان، وكيف لا يكون كذلك وقد تبحّر أولًا في لسان من ختم اللَّهِ به النبوة
(1)
ترجمته في (31).
(2)
ترجمته في (380).
(3)
ترجمته في (37).
وأنزل به القرآن مع كونه عربى اللسان، قرشى الدار والنسب، ومن خير قبائل العرب من نسل هاشم والمطلب، ثم اجتهد في حفظ كتاب اللَّهِ عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه وأقوالهم وأقوال من بعدهم في أحكام اللَّهِ عز وجل، حتى عرف الخاص من العامِّ والمفسَّر من المجمل، والفرض من الأدب، والحتم من الندب، واللازم من الإباحة، والناسخ من المنسوخ، والقوي من الأخبار من الضعيف، والشاذ منها من المعروف، والإجماع من الاختلاف، ثم شبه الفرع المختلف فيه بالأصل المتفق عليه من غير مناقضة منه للبناء الذي أسسه، ولا مخالفة منه للأصل الذي أصله، فخرجتْ بحمد اللَّهِ ونعمته أقواله مستقيمة وفتاويه صحيحة"
(1)
.
هكذا اختار المصنف رحمه الله المذهب الشافعي عن اقتناع وعن في راية بغيره من المذاهب وبعد تمحيص ودراسة ومقارنة وتحقيق، ولذلك فقد أعطاه غاية اهتمامه وجل جهده، فجمع نصوص الإِمام الشافعي أولًا وصنف لها مصنفا مستقلا، ثم جرد نفسه لشرح أقواله وتبيين آرائه وتأييدها، بكل ما ملك من علوم ومعرفة دون أن يدفعه ذلك إلى التعصب الأعمى الذي لا يرى إلا نصرة مذهبه والغض من غيره، بل سلك مسلكا وسطا معتدلا، فهو شافعى عن اقتناع، وبذل الجهد في نصرة مذهبه، وهو أيضًا يَعرف لغير الشافعية قدرهم وعلمهم واجتهادهم، ويعرف أن كلا منهم اجتهد بمبلغ علمه قاصدا الحق
(1)
معرفة السنن 1/ 125، 126.
والصواب من ذلك، وما كان عندهم من مخالفة فإنه يرجو "ألا يؤخذ على واحد منهم أنه خالف كتابا نصا ولا سنة قائمة ولا جماعة ولا قياسا صحيحا عنده، ولكن قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل"
(1)
.
ويلخص البيهقيُّ منهجه في ذلك بقوله: "إني منذ نشأت وابتدأت في طلب العلم أكتب أخبار سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين، وأجمع آثار الصحابة الذين كانوا أعلام الدين، وأسمعها ممن حملها وأتعرف أحوال رواتها من حفاظها، وأجتهد في تمييز صحيحها من سقيمها، ومرفوعها من موقوفها، وموصولها من مرسلها، ثم انظر في كتب هؤلاء الأئمة الذين قاموا بعلم الشريعة وبنى كلُّ واحد منهم مذهبه على مبلغ علمه من الكتاب والسنة، فأرى كل واحد منهم رضي الله عنهما جميعهم قصَد قَصْد الحق فيما تكلف، واجتهد في أداء ما كلف، وقد وعد رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح عنه لمن اجتهد فأصاب أجرين ولمن اجتهد فأخطأ أجرا واحدا، ولا يكون الأجر على الخطأ، وإنما يكون على ما تكلف من الاجتهاد، ويرفع عنه إثم الخطأ بأنه إنما كلف الاجتهاد في الحكم على الظاهر دون الباطن"
(1)
.
وقد أثنى إمامُ الحرمين الجوينيُّ على مدى خدمةِ البيهقيِّ لمذهبِ الشافعي بقوله: "ما من شافعيٍّ إلا وللشافعيِّ في عنقِه مِنَّةٌ، إلا البيهقيَّ؛ فإنَّه
(1)
معرفة السنن والآثار 1/ 125.