الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أمثلة لأحاديث ظاهرها الصحة وهي معلة]
وإليك أمثلة من هذا:
1 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 9 ص 383): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، أخبرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، أخبرَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي سُجُودِ القُرْآنِ بِاللَّيْلِ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وأخرجه النسائي (ج 2 ص 222).
فأنت إذا نظرت في رجاله وجدتهم رجال الصحيح، ولكنه منقطع. ففي "تهذيب التهذيب" قال أحمد: لم يسمع خالد بن مهران الحذاء من أبي العالية.
2 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 9 ص 385): حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، أخبرَنَا وَكِيعٌ، أخبرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ: «بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نَزِلَّ، أَوْ نَضِلَّ، أَوْ نَظْلِمَ، أَوْ نُظْلَمَ، أَوْ نَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فأنت إذا نظرت في سنده وجدته مسلسلًا بالأثبات، ولكنه منقطع. ففي "تهذيب التهذيب" في ترجمة الشعبي، عن علي بن المديني: لم يسمع من زيد بن ثابت، ولم يلقَ أبا سعيد الخدري، ولا أم سلمة. اهـ
وللحديث علة أخرى، ففي "عمل اليوم والليلة" للنسائي (ج 176): ورواه زبيد، عن الشعبي مرسلًا: أخبرنا محمد بن بشار، عن حديث عبد الرحمن، عن سفيان، عن زبيد، عن الشعبي، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثله، ولم يذكر: بسم الله.
3 -
قال أبو داود رحمه الله (ج 13 ص 173): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أخبرَنَا أَبَانُ، أخبرَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ.
الحديث أخرجه الترمذي (ج 8 ص 28) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
فأنت إذا نظرت إلى رجال السند وجدتهم رجال الصحيح، ولكن في "تهذيب التهذيب" في ترجمة أبي مجلز لاحق بن حميد: وأرسل عن عمر وحذيفة. وفي "تهذيب التهذيب" أيضًا قال الدوري عن ابن معين: لم يسمع من حذيفة.
4 -
قال أبو داود رحمه الله (ج 4 ص 364): حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أخبرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سُرِقَتْ مِلْحَفَةٌ لَهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى مَنْ سَرَقَهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ» .
عطاء هو ابن أبي رباح.
هذا الحديث إذا نظرت إذا سنده وجدتهم رجال الصحيح، لكن سفيان الثوري قد رواه عن حبيب، عن عطاء مرسلًا، كما في "تحفة الأشراف".
والإمام العقيلي رحمه الله قد ذكره في ترجمة حبيب بن أبي ثابت، وقال: وله عن عطاء غير حديث لا يتابع عليه. وقال: إن يحيى بن سعيد يقول: حبيب عن عطاء ليست بمحفوظة. وذكر هذا الحافظ في "تهذيب التهذيب" مُقِرًّا له، وكذا الحافظ ابن رجب ذكر هذا في "شرح علل الترمذي"(ج 2 ص 654).
5 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 6 ص 206): حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أخبرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْكَةِ.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
فأنت إذا نظرت إلى سنده وجدتهم رجال الصحيح، ولكن الحافظ في "الإصابة" يقول: إن هذه الطريق شاذة، وإن المحفوظ رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل، وهو مرسل.
ويقول ابن رجب في "شرح علل الترمذي": والصواب المرسل، وقد جعلته مثالًا لما اختلف فيه على معمر باليمن وبالبصرة؛ فرواه باليمن مرسلًا، وبالبصرة متصلًا، ثم قال: والصواب المرسل.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(ج 2 ص 261): سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة؟ فقال أبي: هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، إنما هو الزهري، عن أبي أمامة بن سهل: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كوى أسعد؛ مرسل.
6 -
قال أبو داود رحمه الله (ج 8 ص 464): حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ.
هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده قلت: هو في غاية من الصحة، وإليك ما قاله الإمام الترمذي رحمه الله حول هذا الحديث (ج 4 ص 88) بعد أن ساقه بسنده من طريق سفيان بن عيينة متصلًا، ثم قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الخَلَّالُ، أخبرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، أخبرنا هَمَّامٍ، عَنْ مَنْصُورٍ وَبَكْرٍ الكُوفِيِّ وَزِيَادٍ وَسُفْيَانَ، كُلُّهُمْ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الجَنَازَةِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أخبرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ يَمْشُونَ أَمَامَ الجَنَازَةِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَالِمٌ: أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الجَنَازَةِ.
قال أبو عيسى: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَكَذَا، رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وَرَوَى مَعْمَرٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَالِكٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَغَيْرُهُمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الجَنَازَةِ.
وَأَهْلُ الحَدِيثِ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الحَدِيثَ المُرْسَلَ فِي ذَلِكَ أَصَحُّ.
قال أبو عيسى: وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا مُرْسَلٌ، أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عُيَيْنَةَ». قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: وَأَرَى ابْنَ جُرَيْجٍ أَخَذَهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قال أبو عيسى: وَرَوَى هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ زِيَادٍ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ وَمَنْصُورٍ وَبَكْرٍ وَسُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَإِنَّمَا هُوَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، رَوَى عَنْهُ هَمَّامٌ. اهـ
يقصد الترمذي من هذا أن همام بن يحيى وَهِمَ فيه، وقال النسائي (ج 4 ص 56): هذا خطأ، والصواب مرسل. وراجع "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر رحمه الله.
وهذا الحديث كما ترى سكت عنه أبو داود، فعلى هذا فقوله رحمه الله تعالى: وما سَكَتُّ عنه فهو صالح، يحتاج إلى بحث. فقد سكت عن أحاديث وتعقبه الحافظ المنذري، وسكت المنذري عن أشياء فتعقبه الحافظ ابن القيم، كما يُعلم من كتابيهما.
7 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 6 ص 444): حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، لَا تَخْتَصَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ دُونَ اللَّيَالِي، وَلَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ دُونَ الْأَيَّامِ» .
عاصم هو ابن سليمان الأحول، والحديث ظاهر سنده أنه صحيح على شرط الشيخين، ولكن في "جامع التحصيل" في ترجمة محمد بن سيرين عن أبي حاتم: ولا أظنه سمع من أبي الدرداء، ذاك بالشام وذاك بالبصرة. وفيه أيضًا: وقال في "التهذيب": إن روايته عن حذيفة وأبي الدرداء مرسلة. اهـ
8 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 2 ص 88): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا أَبْيَضَ، فَقَالَ:«أَجَدِيدٌ ثَوْبُكَ أَمْ غَسِيلٌ؟ » فَقَالَ: فَلَا أَدْرِي مَا رَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:«الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا» أَظُنُّهُ قَالَ: «وَيَرْزُقُكَ اللهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» .
هذا الحديث إذا نظرت إليه تقول: هو صحيح على شرط الشيخين، ولكن ابن أبي حاتم يذكره في "العلل" (ج 1 ص 490) ثم قال بعد أن سأل أباه عنه: ورواه عبد الرزاق أيضًا، عن الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مثله. فأنكر الناس ذلك، وهو حديث باطل، فالتمس الحديث: هل رواه أحد؟ فوجدوه قد رواه ابن إدريس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي الأشهب النخعي، عن رجل من مزينة، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فذكر مثله.
وقال الحافظ المزي في "تحفة الأشراف"(ج 5 ص 397): قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ: لا أعلم أحدًا رواه عن الزهري غير معمر، وما أحسبه بالصحيح، والله.
وقال الحافظ في "النكت الظراف": قلت: قال النسائي: هذا حديث منكر، أنكره يحيى القطان على عبد الرزاق، ولم يروه عن معمر غيره. وقد روي عن معقل واختلف عليه فيه، فقيل: عنه، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري مرسلًا، وليس هذا الحديث من حديث الزهري. هكذا وقع في رواية ابن الأحمر. اهـ
قلت: وهو كذلك في "عمل اليوم والليلة"(ص 276).
9 -
قال أبو داود رحمه الله (ج 7 ص 236): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أخبرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «تَكُونُ إِبِلٌ لِلشَّيَاطِينِ، وَبُيُوتٌ لِلشَّيَاطِينِ؛ فَأَمَّا إِبِلُ الشَّيَاطِينِ فَقَدْ رَأَيْتُهَا، يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ بِجُنَيْبَاتٍ مَعَهُ قَدْ أَسْمَنَهَا فَلَا يَعْلُو بَعِيرًا مِنْهَا، وَيَمُرُّ بِأَخِيهِ قَدِ انْقَطَعَ بِهِ فَلَا يَحْمِلُهُ، وَأَمَّا بُيُوتُ الشَّيَاطِينِ فَلَمْ أَرَهَا» . كَانَ سَعِيدٌ يَقُولُ: لَا أُرَاهَا إِلَّا هَذِهِ الْأَقْفَاصُ الَّتِي يَسْتُرُ النَّاسُ بِالدِّيبَاجِ.
هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده وجدته رجال الصحيح، إلا عبد الله بن أبي يحيى، وقد وثَّقه أحمد وابن معين وأبو داود، كما في "تهذيب التهذيب"، ولكن سعيد بن أبي هند لم يلقَ أبا هريرة، كما في "عون المعبود" عن أبي حاتم. اهـ
10 -
قال الإمام أبو داود رحمه الله (ج 1 ص 249): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ». اهـ
ثور هو ابن يزيد. وهذا الحديث إذا نظرت في سنده وجدتهم ثقات، ولكن راشد بن سعد لم يسمع من ثوبان، قاله أبو حاتم وإبراهيم الحربي، وقال الخلال عن أحمد: لا ينبغي أن يكون سمع. اهـ من "تهذيب التهذيب". ثم وجدت أن البخاري يقول: في "التاريخ الكبير": سمع ثوبان. فعلى هذا فليس معلًّا.
11 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 364): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ، فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللهُ عز وجل» فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:«مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ » قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ. قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ » قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ، قَالَ: فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ. فَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ أَوِ الْعَصْرُ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَكَانَ النَّاسُ طَائِفَتَيْنِ: طَائِفَةً بِإِزَاءِ عَدُوِّهِمْ، وَطَائِفَةً صَلَّوْا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَكَانُوا مَكَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا بِإِزَاءِ عَدُوِّهِمْ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ لِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَلِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ.
وقال رحمه الله (ص 390): ثنا سريج، ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس.
أنت إذا نظرت في سند هذا الحديث وجدتهم ثقات رجال الصحيح، إلا سليمان بن قيس، وقد وثقه أبو زرعة والنسائي، كما في "تهذيب التهذيب".
ولكن أبا بشر وهو جعفر بن أبي وحشية لم يسمع من سليمان بن قيس، كما في "تهذيب التهذيب" عن البخاري وابن حبان.
والحديث صحيح عن جابر من طرق أخرى، رواه مسلم (ج 1 ص 576) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بنحوه.
* * *
• هذا، ومما لا أعرِّج عليه: ما إذا كان التابعي يرسل، ولم يذكروا أنه سمع من ذلك الصحابي ولا أنه لم يسمع منه، ولم أجد الشيخين رحمهما الله قد أخرجا له عن ذلك الصحابي، فهذا مما أتوقف في الإخراج عنه.
• ومنها: أن يكون التابعي مكثرًا والصحابي مكثرًا أيضًا، ولم يُصرح بالتحديث عن ذلك الصحابي، ولم يخرج له الشيخان عنه، فهذا مما أتوقف فيه، وإن لم يكن التابعي ممن قيل فيه: يرسل. ولا يقال: إن عنعنة غير المدلس مقبولة، فإنه مقيد بما إذا قد سمع منه، فعنعنة غير المدلس عمن سمع منه محمولة على السماع.
• ومنها: أن يكون الراوي لم يوثقه معتبر، وليس مشهورًا بالطلب، فإني أتوقف فيه. فإن كان قد روى له الشيخان، فإني أتوقف فيما إذا كان خارج "الصحيحين". ولست بحمد الله أجهل انتقاد الحافظ الذهبي في "الميزان" لابن القطان، حيث جهَّل بعض من روى عنه جماعة، كمالك بن الخير المصري، ولكني غير مقتنع بكلام الحافظ الذهبي، فالذي يظهر لي أنه لا بد من توثيق من معتبر، أو شهرة في الطلب، كما في "فتح المغيث". والله أعلم.
ثم إن هذه ليست قاعدة مطردة، فرُبَّ راوٍ يروي عنه جماعة ويقول الحافظ الذهبي في "الميزان": لم يوثَّق، ويقول الحافظ فيه: مقبول. فهي