الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدّمة
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ الصَّائِمِينَ فَأَعْظَمَ عَلَيْهِمُ الْمِنَّةَ، وَجَعَلَ الصَّوْمَ لَهُمْ وِجَاءً وجُنَّةً، وَاخْتَصَّهُمْ بجَنَّةٍ عُظْمَى لَيْستْ كَسَائِرِ الْجَنَّةِ، بَابُهَا الرَّيَّانُ حَيْثُ أَسْرَارُ النَّعِيمِ مُسْتَكِنَّةٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ رَبُّ النَّاسِ وَالْجِنَّةِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، خَيْرُ مَنْ صَامَ مُفْتَرِضًا أَوْ تَنَفَّلَ سُنَّةً، اتَّبَعَتْهُ نُفُوسٌ مُؤْمِنَةٌ فَصَارَتْ بِاتِّبَاعِهِ زَكِيَّةً مُطْمَئِنَّةً، صلى الله عليه وسلم مَا صَامَ صَائِمٌ وَاسْتَنَّ مُؤْمِنٌ بِسُنَّةٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ إِلَى الْجَنَّةِ.
وَبَعْدُ، فَهَذَا مَا يَسَّرَ اللهُ تَعَالَى جَمْعَهُ وَتَرْتِيبَهُ مِمَّا يَتَعلَّقُ بِرُكْنِ الصِّيَامِ، قَصَدْتُ فِيهِ تَتَبُّعَ فَضَائِلِهِ وَأَسْرَارِهِ، وَأُمَّاتِ مَسَائِلِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَقَدِ اسْتَخَرْتُ فِي ذَلِكَ الْمَلِكَ الْعَلَاّمَ، حَتَّى إِذَا صَارَ الصَّدْرُ بِانْشِرَاحٍ لِمَا يُرَامُ، عَزَمْتُ
- مُتَوَكِّلاً عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ - وُلُوجَ هَذا البَابِ، مَحَبَّةً لِإِخْوَانِي أَهْلِ الصِّيَامِ، وَقَدْ جَمَعْتُ ذَلِكَ وَرَتَّبْتُهُ، ثُمَّ سَمَّيْتُهُ بِعَوْنِ اللهِ تَعَالى:(الصَّوْمُ جُنَّةٌ) تَيَمُّناً بِحَدِيثِ مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ:«يَقُولُ اللهُ عز وجل: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» (1) .
هَذَا، وَقَدْ جَعَلْتُ كِتَابِي هَذَا مُرَتَّباً عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ، بَعْدَ الْمُقَدِّمَةِ:
الأَوَّلُ
…
: النُّصُوصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصِّيَاِم (مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيْمِ) .
الثَّانِي
…
: تَعْرِيفُ الصِّيَامِ، وَتَأرِيخُ تَشْرِيعِهِ.
الثَّالِثُ
…
: فَضَائِلُ الصِّيَامِ وَأَسْرَارُهُ، وَخَصَائِصُ رَمْضَانَ.
(1) متفق عليه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري، بلفظه، في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفَتْح: 15]، برقم (7492) . وبلفظ:«الصِّيَامُ جُنَّةٌ» ، في مواضع منها في كتاب الصوم، باب: فضل الصوم، برقم (1894)، ومسلم بلفظ:«الصِّيَامُ جُنَّةٌ» ،؛ كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام، برقم (1151) .
الرَّابِعُ
…
: أَنْوَاعُ الصِّيَامِ.
الخَامِسُ: أَحْكَامٌ وَمَسَائِلُ مُهِمَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالصِّيَامِ.
هَذَا وَإِنِّي سَائِلٌ اللهَ تَعَالى - فَضْلاً مِنْهُ وَمِنَّةً - الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الثَّقَلَيْنِ مِنْ إِنْسٍ وَجِنَّةٍ، وَالنَّفْعَ بِعَمَلِي هَذَا عُمُومَ الأُْمَّةِ.
د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي