الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12- مكروهات الصوم:
لعل الضابط في معرفة ما يكره فعله للصائم، هو الامتناع عن كل ما قد يضعف الصائمَ، أو يُعرِّضه للفطر، أو يُنقِص من أجر صومه. وعليه، فإنه يكره للصائم أمور منها:
1-
…
الاحتجام، وهي: استخراج الدم المحتقن من الجسم، مصًّا أو شَرْطاً، وكون الحجامة يُستخرج بها دم من بدن الصائم، فيكون ذلك - غالباً - سبباً في إضعافه، لذا، فإن تجنُّبَها للصائم أولى (151) .
2-
ذوق الطعام لغير حاجة أو مصلحة، أي بلا عذر يَسُوغ معه ذلك، لما فيه من احتمال تعريض الصوم للفساد، لكن إن ذاق طعاماً لغير عذر، فوجد طعم المَذُوق في حلقه، فإنه يفطر بذلك، وقال الإمام أحمد رحمه الله: أَحَبُّ إليَّ أن يجتنبَ ذوق الطعام، فإن فعل فلا بأس (152) . ومن أمثلة ما يكون عذراً لذوق الطعام، قصد الزوجة إلى معرفة
(151) تقدم ذكر الحجامة، في مبحث: ما لا يفسد الصوم أصلاً ص (129) ، فراجعه - إن شئت -.
(152)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي (2/329) .
مقدار الملح في الطعام ليُنظر بعدها اعتداله، وكذلك مضغ الطعام للولد إن لم تجد الأم بُدًّا من ذلك، لكن ليس من الحاجة مثلاً ذوق اللبن أو العسل لمعرفة الجيد منه والرديء عند الشراء، فإن ذلك مما يكره في الصوم (153) .
3-
…
التقبيل، وذلك إن لم يأمن على نفسه وقوع مُفْسِدٍ للصوم من إنزال أو جماع، فإنْ أَمِنَ وقوعَ ذلك لم تُكره في حقه، وكذلك سائر دواعي الوطء، كاللمس، والمعانقة ونحوه. لحديث عائشةَ رضي الله عنها:«كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقبِّل ويباشر وهو صائم، وكان أملكَكم لإِرْبه» (154)، ولقولها رضي الله عنها:«إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبِّل بعض أزواجه، وهو صائم، ثم ضحكَتْ» (155) ، كذلك فقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم شابًا عن القُبلة، ورخَّص فيها للشيخ» (156) .
4 -
المبالغة في المضمضة والاستنشاق، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم للَقِيطِ بن صَبْرَةَ رضي الله عنه: «أسبغ الوضوء، وخلِّل
(153) انظر: الموسوعة الفقهية (28/68) .
(154)
متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: الصوم، باب: المباشرة للصائم، برقم (1927) . ومسلم؛ كتاب: الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، برقم (1106) . [ومعنى المباشرة في الحديث: الملامسة، وأصله من لَمْس بشرة الرجل بشرة المرأة. ومعنى أملككم لإربه أي: أملك لهواه وحاجته ونفسه] . انظر: اللؤلؤ والمرجان لمحمد فؤاد عبد الباقي (2/10) .
(155)
متفق عليه من حديث عائشة أيضاً رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: الصوم، باب: القبلة للصائم، برقم (1928) . ومسلم؛ كتاب: الصيام، باب: أن القبلة ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، برقم (1106) . والمقصود ببعض أزواجه صلى الله عليه وسلم: عائشة نفسها، كما صرحت به روايات في الصحيحين.
(156)
أخرجه أبو داود - بإسناد حسن -؛ كتاب: الصيام، باب: كراهيته للشاب، برقم (2387) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً» (157) [وتكون المبالغة في المضمضة: بإيصال الماء إلى رأس الحلق، وفي الاستنشاق بإيصاله إلى فوق المَارِن] (158) . والعلة في كراهة هذه المبالغة: الخشية من سَبْق الماء إلى الجوف فيفسد بذلك الصوم.
5 -
مضغ اللِّبَان (العِلْك) ، الذي لا يتحلل منه أجزاء؛ لأن الصائم بذلك يجمع ريقه ويبتلعه فيورثه العطش، فإن تحلل منه أجزاء كسُكّر ونحوه، فوجد طعمه في حلقه أفطر به.
ومما يكره للصائم أيضاً مخالفته بعض المندوبات:
-
…
كتعمُّده تأخير الإفطار، أو مواصلته الصوم من غير أكلة السَّحَر، أو التلفُّظ بالهُجْر من الكلام إذا استرسل في الغضب، أو قضاء ساعات طوال أمام شاشة التلفاز، مما يكون ضرُّه أقربَ من نفعه.
(157) أخرجه الترمذي؛ كتاب: الصوم، باب: ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، برقم (788) ، عن لَقِيطِ بنِ صَبْرَةَ رضي الله عنه.
(158)
انظر: الموسوعة الفقهية، (28/71) . والمارن: ما لان من الأنف، وفَضَل عن القصبة. انظر: مختار الصحاح، مادة (م ر ن) .