الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب-
…
وما ليس له وقت معين: كقضاء صومٍ من رمضان، أو صوم كفارات، ككفارة الظِّهار واليمين المنعقدة، وكصوم جزاء الصيد للمُحْرِم وغيرها.
و
الصوم المفروض - من حيث كيفية الأداء
- على قسمين أيضاً:
أ-
…
ما يجب فيه التتابع كضرورة تتابع الصوم لأيام رمضان، ولزوم تتابع صيام شهرَيْ كفارة الظِّهار، ونحو ذلك.
ب- ما لا يجب فيه التتابع، ومنه: صوم كفارة الحَلْق قبل بلوغ الهَدْي مَحِلَّه - ومَحِلُّ ما يُهدى إلى فقراء الحرم من بَدَنة، أو بقرة، أو شاة هو: مكانُه الذي يجب أن يُراق فيه دمُه، وهو الحَرَم، أو حيث أُحصِر الحاجُّ أو المعتمر - ومما لا يجب فيه التتابع كذلك النذر بصومٍ مطلقٍ غير محدد، وصوم قضاءٍ من رمضان. لكن المندوب في جميع ما ذكر آنفًا التتابعُ فيه، مسارعةً إلى إسقاط الفرض.
وسيأتي بيان ذلك بتفصيل إن شاء الله.
وأما الثاني من أنواع الصيام: فهو المستحبُّ أو المندوب، وهو صوم التطوُّع (أي ما وردت النصوص باستحباب التطوُّع به) ، وهذا النوع مختصٌّ بغير أيام رمضان، وهو جمٌّ غفير - ولله الحمد - لكل راغبٍ في الاستزادة من الثواب الجزيل؛ ومن ذلك:
1-
…
صوم يوم وإفطار يوم، وهو صيام نبيِّ الله داودَ عليه السلام، وهو أفضل الصيام بعد الفرض. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم، لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:«صُم يوماً، وأفطر يوماً، وذلك صيام داود عليه السلام ، وهو أعدل الصيام» (44) .
2-
…
صوم ثلاثة أيام البِيض من كل شهر قمري. (ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) .
قال أبو هريرة رضي الله عنه: أوصاني خليلي بثلاثٍ: «صيامِ ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أُوتر قبل أن أنام» (45) .
(44) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أخرجه البخاري؛ كتاب: الصوم، باب: صوم الدهر، برقم (1976) . ومسلم، واللفظ له، كتاب الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159) . و (أَعْدَل)، أي:(أَفْضَل) كما في مرويِّ البخاريِّ رحمه الله.
(45)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب صيام أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، برقم (1981) . ومسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: استحباب صلاة الضحى، برقم (721) .
وقد أوصى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا الدرداء رضي الله عنه بمثله، حيث أخبر رضي الله عنه بالوصية قائلاً:(أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أَدَعَهن ما عشتُ؛ بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاةِ الضحى، وبأن لا أنام حتى أُوتر)(46) .
3-
…
صوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع. والاثنين صيامُه آكد من الخميس.
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين، فقال:«ذاك يومٌ وُلِدت فيه، ويومٌ بُعِثت -أو أُنزِل عليّ- فيه» (47) .
وسئل حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنُ حِبِّه أسامةُ بن زيدٍ رضي الله عنهما: لِمَ تصوم يوم الاثنين والخميس، وأنت شيخ كبير؟! فقال: إن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس، وسئل عن ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم:«إن أعمال العباد تُعرَض يوم الاثنين ويوم الخميس» (48) ، «فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم» (49) .
(46) أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (722) ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
(47)
أخرجه مسلم؛ كتاب: الصيام، باب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1162)، عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه. قال مسلم رحمه الله عقب روايته الحديث: وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس؟ فسكتْنا عن ذكر الخميس لما نُراه وهماً.
(48)
أخرجه أبو داود؛ كتاب الصيام، باب في صوم الاثنين والخميس، برقم (2436) ، عن أسامةَ ابنِ زيدٍ رضي الله عنهما.
(49)
جزء من حديث أخرجه الترمذي؛ كتاب: أبواب الصوم، باب: في صوم الاثنين والخميس، برقم (747)، وقال الترمذي: حديث أبي هريرة في هذا الباب حديث حسن غريب.
4-
…
الإكثار من الصيام في شهر شعبان.
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها تصف صيام النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ منه صياماً في شعبان» (50) .
5-
…
صيام ستة أيام من شوال، متتابعة - وهو الأفضل- أو مُفرَّقة.
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان، ثم أَتْبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر» (51) .
6-
…
صيام تسعة أيام الأولى من شهر ذي الحجة، وآكدها استحباباً التاسع منه (يوم عرفة) . فصيامه: كفارة لسنتين - سابقة وقابلة - من الصغائر، أو تخفيف من الكبائر، أو فيه رفع لدرجات المؤمن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صيام يوم عرفةَ، أحتسب على الله تعالى أن يُكفِّر السنةَ التي قبله، والسنةَ التي بعده» (52) .
7-
…
الصيام في شهر الله المُحرَّم، وهو أفضل الصيام بعد رمضان، وأفضل أيام صومه: العاشر منه
(50) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب الصوم، باب: صوم شعبان، برقم (1969) . ومسلم - بلفظه - كتاب الصيام، باب: صيام النبيِّ صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، برقم (1154) .
(51)
أخرجه مسلم؛ كتاب الصيام، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال إِتْباعاً لرمضان، برقم (1164) ، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
(52)
جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة، برقم (1162) ، عن أبي قتادة رضي الله عنه.
(عاشوراء) ، ثم يليه في الفضل التاسع (تاسوعاء) ، ويُسنُّ الجمعُ بينهما.
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الصيام أفضل بعد شهر رمضان، فقال صلى الله عليه وسلم:«أفضل الصيام بعد شهر رمضان، صيامُ شهر الله المُحرَّم» (53) .
وقَدِم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراءَ، فقال:«ما هذا؟» ، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجّى الله بني إسرائيل من عدوِّهم، فصامه موسى. قال صلى الله عليه وسلم: فأنا أحق بموسى منكم» فصامه وأمر بصيامه (54) .
وقال عليه الصلاة والسلام مخالفةً لليهود -: «فإذا كان العام المقبل، إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فلم يأتِ العام المقبل، حتى توفيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم» (55) .
وهنا أشير - تذكرةً - إلى ما مرَّ من أن صوم عاشوراء كان واجباً أول الإسلام ثم نُسِخ وجوبُه
(53) جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب الصيام، باب: فضل صوم المحرّم، برقم (1163) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(54)
متفق عليه من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أخرجه البخاري؛ كتاب الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء، برقم (2004) . ومسلم بمعناه، كتاب: الصيام، باب: صوم عاشوراء، برقم (1130) .
(55)
تقدَّم تخريجه بالهامش ذي الرقم (23) .
عند فرض رمضان، وبقي صيامه على الاستحباب مستقراً.
8-
…
صوم سُرَر (خواتيم) كل شهر قمري، واستحباب ألاّ يُخلي شهراً عن صوم آخره، ولو كان شهر شعبان إلا يوم الشك، وهو الثلاثين منه، إذا تحدث الناس برؤية هلال رمضان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا فلان، أما صمت سرر هذا الشهر؟» (56) .
9-
…
صيام يومٍ أو أكثرَ في الجهاد في سبيل الله تعالى: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ما مِن عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهَه عن النار سبعينَ خريفاً» (57) .
أخي - القارئ الحبيب - هذا ما أحببت استقصاءه مما سُنَّ صيامُه، راجياً لك التوفيق للإكثار منه.
(56) متفق عليه من حديث عِمْران بن حُصين رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب الصوم، باب: الصوم آخر الشهر، برقم (1983) . قال أبو عبد الله - أي البخاري رحمه الله عقب ذكره الراوية: وقال ثابت، عن مُطرِّف، عن عمران، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«مِنْ سُرَرِ شَعْبَانَ» . اهـ.
وأخرجه مسلم بمعناه؛ كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر
…
، برقم (1161) .
(57)
متفق عليه من حديث أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب الجهاد والسير، باب: فضل الصوم في سبيل الله، برقم (2840) . ومسلم - بلفظه - كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام في سبيل الله، برقم (1153) .