الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يشترط ذلك عند جمهور الفقهاء، وذهب السادة الشافعية إلى اشتراط نية الترخص للفطر ليلاً، إن كان المرض متقطعاً، أما لو كان مستمراً مُطبِقاً، فلا يشترط الترخص - بنية الإفطار ليلاً - عندهم، والله أعلم.
(2) السفر:
وهو عموماً عبارة عن خروج من بلد الإقامة، خروجاً يتكلف فيه الخارج مؤنة - أي: نفقة - ويفصله فيه بُعْدٌ في المسافة عن بلده.
والسفر من العوارض المبيحة للفطر، لقوله تعالى:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البَقَرَة: 185] .
مسألة:
ما هي الشروط التي ينبغي توافرها ليكون السفر مرخِّصا للفطر؟
هذه الشروط أربعة، هي:
أولاً: أن يكون السفر طويلاً، بحدٍّ يُقاس على الحد
في تقصير الصلاة، حيث إنه لم يرد من الشارع نص في المسافة المعتبرة لقصر الصلاة، ولا للسفر المرخِّص للفطر، لكنْ ورد تنبيه عليه في قوله عليه الصلاة والسلام:«لا يَحِلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرةَ يوم وليلة ليس معها حُرْمة» (117)، - أي:«إلا ومعها رجل ذو حُرْمة منها» ، كما عند مسلم رحمه الله وهذه المسيرة قدّرها الفقهاء بمرحلتين، وهي أربعة بُرُدٍ، أو ستة عشر فرسخًا، والفرسخ مُقدَّر بما يقارب (5544) م، فتكون المسافة التي تعتبر سفراً مبيحاً للفطر (88.704) كلم، على وجه التقريب.
ثانياً: ألَاّ ينوي المسافرُ الإقامةَ أربعة أيام بلياليها (118) .
ثالثاً: أن يكون سفره مباحاً (في غير معصية) ، وذلك لأن الفطر رخصة للمسافر وتخفيف عنه، فلو سافر لمعصية كقطع طريق مثلاً، أو لتجارة بخمر، فإنه
(117) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري - بلفظه -؛ كتاب: تقصير الصلاة، باب: في كم يقصر الصلاة، برقم (1088) . ومسلم؛ كتاب: الحجّ، باب: سفر المرأة مع محرم إلى حجٍّ وغيره، برقم (1339) . ومعنى:«حُرْمَة» ، أي مَحْرم، أي إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها ونحوه من المحارم.
(118)
هذا عند المالكية والشافعية، واشترط الحنابلة ألا يعزم المسافر الإقامة أكثر من أربعة أيام، وعند الحنفية خمسة عشر يوماً. انظر: الموسوعة الفقهية (28/47) .
قد بنى سفره على معصية، فلا يستحق هذه الرخصة بسفره (119) .
رابعاً: أن يشرع المسلم بالسفر وأن يجاوز عمران بلد الإقامة قبل طلوع الفجر، وكذلك لو طلع الفجر وهو مسافر، فإنه يجوز له الفِطْر، حيث إنه متصف بالسفر، عند وجود سبب وجوب الصوم، وهو طلوع الفجر.
مسألة:
متى تنقطع الرخصة في السفر؟
تسقط الرخصة في السفر اتفاقاً بأمرين:
الأول: إذا نوى المسافر الإقامة مطلقاً (الإقامة الدائمة) ، أو بلغت إقامته حد الأيام الأربعة بلياليها، أو تجاوزت ذلك، فيُتِمّ عندها الصلاة، ويصوم ولا يُفطِر.
الثاني: إذا عاد المسافر إلى بلد الإقامة ليلاً أو نهاراً [بتفصيل ليس هذا مقام بسطه، لكن ينظر في مظانّه من كتب الفروع] .
(119) هذا عند الجمهور، وأجاز الحنفية الفطر للمسافر ولو كان عاصياً بسفره، عملاً بإطلاق النصوص المرخِّصة، ولأن الرخصة تتعلق بالسفر لا بالغرض منه. انظر: المرجع السابق بالعزو نفسه.
…
هذا، وقد عنون الإمام مسلم - بعظيم فقهه رحمه الله باباً في كتاب الصيام بقوله:(باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضانَ للمسافر في غير معصية، إذا كان سفره مرحلتين فأكثر) . اهـ. والمرحلة: برُدان، والبريد العربي أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل يقارب (1848م) ، فيتحصل بذلك أن الفرسخ = (5544م) ، والبريد = (22176م) ، فتكون المرحلة تقارب (44352م) ، والمرحلتان، وهي مسافة قصر الصلاة، وإباحة الفطر = (88704م) أي 88.704 كلم. انظر: الفقه الإسلامي وأدلته. د/وهبة الزحيلي (1/142) .