الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - شروط صحة الصوم:
بعد أن تعلقت ذمة المُكلَّف بوجوب أداء الصوم، وذلك بتوافر شروط الوجوب عليه، فما الذي يجعل هذا الصوم عند وقوعه من المُكلَّف صحيحاً؟ هذا هو المقصود بشروط الصحة، وهي ثلاثة:
أ - الإسلام فكما أنه شرط لوجوب الصوم - كما ذُكِر بيانه آنفًا - فهو شرط كذلك في صحة وقوع الصوم، فلا يصح صوم الكافر بحال، ولو مرتداً - والعياذ بالله - وليس عليه القضاء، فالكافر مع كونه مطالباً بالإسلام، فهو مطالب كذلك بفروع الشريعة، ومن ثَمَّ فإنه يجب عليه الصوم، فيكون عذاب الكافر مضاعفاً في الآخرة؛ ابتداءً لعدم إسلامه، ومن ثَمَّ لتركه العبادة. ولو أسلم الكافر فإنه لا يُطالَب بالقضاء لما أفطره حال كفره، ذلك أن «الإسلام يجبُّ ما قبله» (98) .
ب- النية: ومعناها - هنا - أن يقصِد المكلَّفُ بالصيام العالمُ بوجوبه الصومَ، وأن تكون هذه النية بالصوم
(98) تقدم تخريجه بالهامش ذي الرقم (96) .
جازمة لا تردُّدَ فيها، وأن تكون معيِّنةً لمَحَلِّ وقت الصوم، كصيام غدٍ مثلاً، أو معيَّنة لمحلِّ سبب الصوم، كصيام قضاء يوم من رمضان مثلاً، كما يُشترط في النية أن تكون مبيَّتة ليلاً وذلك لصيام الفرض، أما صيام النفل فلا يشترط تبييت النية فيه ليلاً، بل يصح صومه بنيةٍ قبل الزوال. كما أنه لا بد للنية أن تكون مستمرة ليلة الصيام؛ فلو نوى الإفطار ليلاً، كان مفطراً في نهاره ولو أمسك عن المُفطِّرات، كما أنه لو نوى الإفطار نهاراً وهو صائم انقطع صيامه ولو لم يُفطِر بمُفطِّر؛ لأن الصيام عبادة، والعبادات لا تصح إلا بالنية، والله أعلم.
ودليل وجوب تبييت النية في الفرض قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «من لم يُجمِع الصيامَ قبل الفجر فلا صيام له» (99) .
ودليل جواز تأخر النية في النفل إلى قُبيل الزوال
(99) أخرجه أبو داود، كتاب: الصيام، باب: النية في الصوم، برقم (2454) ، عن حفصةَ رضي الله عنها زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. والحديث مُختلَف في رفعه أو وقفه، كما ذكر ذلك أبو داود رحمه الله عقب روايته الحديث.
حديثُ عائشة رضي الله عنها، قالت:«دخل عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: يا عائشة: هل عندكم شي؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم» (100) .
ج-
…
الطهارة من الحيض والنفاس، وذلك في جميع نهار الصوم؛ فمن انقطع دمها من حيض أو نفاس ليلاً، ثم لم تغتسل، ونوت الصيام من الغد، صحَّ صومها، أما من طرأ عليها حيض أو نفاس في نهارٍ بَطَل صومُها، ووجب عليها القضاء حال الطهارة. هذا، ومما يجدر ذكره هنا أنه لا يصح صوم حائض أو نفساء - إجماعاً - من أجل أنهما ليستا أهلاً للصوم.
مسألة:
لو أصبح المسلم جُنُباً، فهل يصح صومه؟
نعم، فالاحتلام لا يؤدي إلى الفطر بالإجماع، فمن احتلم من ليل أو نهار، فصيامه صحيح ولا شيء عليه.
(100) جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب: الصيام، باب: جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، برقم (1154) ، عن عائشة رضي الله عنها.
وكذلك لو جامع ليلاً ولم يغتسل، فأصبح جنباً، فإن صيامه صحيح، وذلك لما روت عائشةُ وأمُّ سلمةَ رضي الله عنهما «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصبح جُنُباً من غير حُلُم ثم يصوم» (101) .
مسألة:
لو أسلم المرتد - عاد إلى الإسلامٍ بعد أن تركه -، فهل يقضي صياماً تَرَكه حال رِدَّته؟
نعم، لو أسلم المرتدُّ وجب عليه قضاء ما فاته، لأن الرِّدَّة لا يَسقط بها وجوبُ العبادات عنه، فقد التزم هذه العبادات حال الإسلام، فيستمر وجوبها عليه حال رِدَّته، والله أعلم.
مسألة:
ما حكم الرِّدَّة بعد نية الصوم؟
حصول الرِّدَّة - والعياذ بالله - بعد نية الصوم يُبطِل الصومَ بلا خلاف.
(101) متفق عليه من حديث عائشة وأم سَلَمة رضي الله عنهما: أخرجه البخاري؛ كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنباً، برقم (1926) . ومسلم - بلفظه -، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، برقم (1109) .