المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(من اسمه تغري بردى) - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع - جـ ٣

[السخاوي]

الفصل: ‌(من اسمه تغري بردى)

شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين وَاسْتقر عوضه فِي نِيَابَة الشَّام تاني بك البجاسي الْمَذْكُور قَرِيبا، وَهُوَ مِمَّن أغفله ابْن خطيب الناصرية، وَسَيَأْتِي فِي تنبك جمَاعَة.

129 -

تبل بن مَنْصُور بن رَاجِح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن مَسْعُود الْعمريّ الْمَكِّيّ / الْقَائِد من أعيانهم، مَاتَ فِي شَوَّال أَو رَمَضَان سنة سِتّ وَعشْرين عَن دون الْخمسين أَو بلغَهَا. ذكره)

الفاسي.

(من اسْمه تغري بردى)

130 -

تغرى بردي بن أبي بكر بن قرابغا الناصري الْحَنَفِيّ نزيل الرَّوْضَة وسبط الشنشي. / ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة واشتغل وَأخذ عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَابْن الديري وَابْن الْهمام والاقصرائي وَابْن عبيد الله وَسيف الدّين وَغَيرهم كخير الدّين خضر الْمُقِيم بكعب الاحبار وَالِد الْبُرْهَان الْحَنَفِيّ قَالَ إِنَّه أَخذ عَنهُ الْمنطق وَفهم الْفِقْه والعربية والقراءات وَكَانَ يَقُول انه أَخذهَا عَن نور الدّين الديروطي وَابْن عَيَّاش وَأَنه سمع من شَيخنَا وتميز قَلِيلا وأقرأ صغَار المبتدئين وتنزل فِي بعض الْجِهَات، وَكَانَ مجاورا فِي سنة سِتّ وَخمسين بِمَكَّة فَسمع بِقِرَاءَتِي على أبي الْفَتْح المراغي ثمَّ سمع بِالْقَاهِرَةِ على أم شَيْخه سيف الدّين وَغَيرهَا وَكَذَا جاور بعد سنة احدى وَسبعين. مَاتَ فِي جُمَادَى الاولى سنة خمس وَتِسْعين عَن نَحْو السّبْعين، وَكَانَ خيرا فَاضلا أَقرَأ وَأفَاد.

131 -

تغرى بردي من قصروه / نَائِب حلب. مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة قَالَه ابْن عزم.

132 -

تغرى بردي سيف الدّين الظَّاهِرِيّ برقوق البشبغاوي / نَائِب حلب ثمَّ دمشق وَكَانَت ولَايَته لَهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث عشرَة وَاسْتمرّ بهَا حَتَّى مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمس عشرَة، وَكَانَ كثير الْحيَاء والسكون حَلِيمًا عَاقِلا، ذكره ابْن خطيب الناصرية مطولا والمقريزي فِي عقوده.

133 -

تغرى بردي الرُّومِي البكلمشي وَيعرف لأذاه بالمؤذي، / كَانَ فِي أَيَّام أستاذه بكلمش من جملَة المماليك ثمَّ ترقى حَتَّى صَار من جملَة العشرات فِي الدولة الناصرية فرج ثمَّ أخرج الْمُؤَيد قبل سلطنته أقطاعه وَأَعَادَهُ بعد أَن تسلطن بِمدَّة، وَأقَام خاملا إِلَى بعد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فأنعم عَلَيْهِ الاشرف بامرة طبلخاناه بعد أَن عمله قبل من رُءُوس النوب ثمَّ صَار رَأس نوبَة ثَانِي ثمَّ أحد المقدمين ثمَّ حَاجِب الْحجاب فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بعد انْتِقَال سودون السودوني لامرة مجْلِس، وَلم يلبث أَن صَار دوادارا كَبِيرا بعد نفي اركماس فَعظم أمره جدا وَقصد فِي الْمُهِمَّات ونالته السَّعَادَة، وَعمر مدرسة حَسَنَة فِي طرف سوق الاساكفة

ص: 27

بالشارع قَرِيبا من صليبة جَامع ابْن طولون وَجعل فِيهَا خطْبَة ومدرسا وشيخا وصوفية ووقف عَلَيْهَا أوقافا كَثِيرَة غالبها كَمَا قَالَ شَيخنَا مغتصب وَقرر فِي مشيختها الْعَلَاء القلقشندي وَكَانَ قد اخْتصَّ بِهِ وقتا وَأول مَا أُقِيمَت الْجُمُعَة بهَا فِي شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين، وَكَانَ كَمَا قيل عَارِفًا بِالْأَحْكَامِ قَاصِدا فِيهَا)

خلاص الْحُقُوق لَا تلفته عَن ذَلِك رِسَالَة وَلَا غَيرهَا وَيكْتب الْخط الَّذِي يُقَارب الْمَنْسُوب ويتفقه وَيسْأل الْفُقَهَاء ويذاكر بأَشْيَاء من التواريخ ويعف عَن القاذورات مَعَ سبه وفحش لَفظه وَعدم بشاشته، مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء حادي عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين بعد مرض طَوِيل وَصلى عَلَيْهِ بمصلى المؤمني وشهده السُّلْطَان والقضاة. قَالَ شَيخنَا وسر أَكثر النَّاس بِمَوْتِهِ لنقل وطأته عَلَيْهِم قَالَ وَأَظنهُ قَارب السّبْعين، وَأما الْعَيْنِيّ فَقَالَ انه كَانَ يقْرَأ وَيكْتب خطا جيدا وَعِنْده ذوق من الْكَلَام وتحرير فِي الْأَحْكَام وَلم يكن جبارا وَلَا عسوفا.

134 -

تغرى بردي السيفي خازندار / أَمِير سلَاح الظَّاهِرِيّ. اخْتصَّ بتمرار العزيزي وقتا، وَقَرَأَ على شَيخنَا بُلُوغ المرام تأليفه وَحضر مجالسه ومجالس غَيره من الْعلمَاء. رمات فِي الْعشْر الْأَخير من جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين، وَكَانَ عَاقِلا خيرا مسيكا، وَهُوَ آخر من عَلمته قَرَأَ على شَيخنَا من أَبنَاء جنسه رحمه الله.

135 -

تغرى بردي الظَّاهِرِيّ وَيعرف بسيدي صَغِير. / مَاتَ قَتِيلا فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع شَوَّال سنة سِتّ عشرَة. قَالَه الْعَيْنِيّ وَهُوَ أَخُو قرقماس الْآتِي مَعَ ذكر لهَذَا فِيهِ، وَكَانَ هَذَا أعظم من ذَاك فِي الشجَاعَة وَالْكَرم وهما مَعًا ابْنا أخي دمرداش المحمدي الْمَاضِي. تغرى بردي الصَّغِير ابْن أخي دمرداش. هُوَ الَّذِي قبله.

136 -

تغرى بردي ططر الظَّاهِرِيّ جقمق / وَتقدم ثمَّ اسْتَقر فِي حجوبية الْحجاب وسافر فِي عدَّة تجاريد وَحج أَمِير الْمحمل فِي بعض السنين، وَمَات فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين على فرَاشه بحلب قبل توجههم لِلْقِتَالِ، وَبَلغنِي أَنه لما برز بِدُونِ تطلب وَانْفَرَدَ عَن الْأُمَرَاء بذلك دَعَا عَلَيْهِ السُّلْطَان.

137 -

تغرى بردي الظَّاهِرِيّ القلاوي /. كَانَ من جملَة المماليك الظَّاهِرِيَّة الجقمقية أَيَّام امرته فَكَانَ يُرْسِلهُ إِلَى اقطاعه قلا بِالْوَجْهِ القبلي كثيرا فَلِذَا اشْتهر بِالنِّسْبَةِ اليها وَلما تسلطن أستاذه ولاه كشف الْخَيْرِيَّة ثمَّ نَقله لعدة ولايات آخرهَا الْوزر فِي آخر دولته عوضا عَن أَمِين الدّين بن الهيصم فَأَقَامَ فِيهِ أشهرا ثمَّ عزل بالأمين فِي الدولة المنصورية وأعيد لكشف اقليم البهنساوية بِالْوَجْهِ القبلي، وَوَقعت لَهُ أُمُور مَعَ الاشرف اينال وَأخذ مِنْهُ جملَة مستكثرة ثمَّ ولاه البهنسية ثَانِيًا فَلَمَّا خرج

ص: 28

اليها نَدم السُّلْطَان على ذَلِك وَأرْسل إِلَيْهِ سونجبغا رَأس نوبَة فَتَلقاهُ صَاحب التَّرْجَمَة بِالْقربِ من قمن مَعَ علمه بِسَبَب مَجِيئه وأذعن بِالطَّاعَةِ وَتقدم وَسلم عَلَيْهِ فَلَمَّا حاذاه)

قبض عَلَيْهِ سونجبعا وأسلمه بِسَبَب مَجِيئه وَأَنه مَأْمُور بِوَضْعِهِ فِي الْحَدِيد فَقَالَ الطائع لَا يحْتَاج لهَذَا فَقَالَ لَهُ لشَيْء كَانَ عِنْده مِنْهُ قَدِيما لَا بُد من هَذَا فَنَادَى تغرى بردي رفقته فحطموا عَلَيْهِ وهم كثير بِالنِّسْبَةِ لمن مَعَ الآخر وَوَقع الْقِتَال فأصيب سونجبعا بِسَهْم فِي رقبته فَسقط عَن فرسه إِلَى الارض مغشيا عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق وَتكلم بِكَلِمَة وَاحِدَة ثمَّ قضى فَلَمَّا رأى ذَلِك رفقته برز بَعضهم وَضرب تغرى بردي بِالسَّيْفِ فطارت يَده ثمَّ مَاتَ وَاسْتمرّ الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ إِلَى أَن انهزم أعوان سونجبعا وَأَخذهم وَلَده وَعَاد بهم إِلَى الْقَاهِرَة، كل ذَلِك فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين ووصلت رمة هَذَا إِلَى الْقَاهِرَة فدفنت بالقرافة وَاسْتقر بعده فِي البهنساوية قراجا الْعمريّ.

138 -

تغرى بردي الكمشبغاوي الرُّومِي وَالِد الْجمال يُوسُف المؤرخ. / بَالغ ابْنه فِي تَعْظِيمه وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: كَانَ جميل الصُّورَة رقاه الظَّاهِر برقوق حَتَّى صيره مقدما فِي منتصف رَمَضَان سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ ولي نِيَابَة حلب فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين فَسَار فِيهَا سيرة حَسَنَة وَأَنْشَأَ بهَا جَامعا كَانَ ابْن طولون ابْتَدَأَ فِي تأسيسه ووقف عَلَيْهِ قَرْيَة من عمل سرمين وَنصف السُّوق الَّذِي كَانَ لَهُ بحلب وَقرر فِي الْجَامِع مدرسين شَافِعِيّ وحنفي ثمَّ صرف عَنْهَا بأرغون شاه وَطلب إِلَى مصر فَأعْطى تقدمة، وَكَانَ مِمَّن توجه إِلَى الشَّام مَعَ ايتمش فنفي إِلَى الْقُدس ثمَّ ولي نِيَابَة الشَّام ثمَّ صرف ففر إِلَى دمرداش بحلب ثمَّ فَارقه وَتوجه فِي الْبَحْر إِلَى مصر فقربه النَّاصِر وَأَعْطَاهُ تقدمة ثمَّ اسْتَقر سنة ثَلَاث عشرَة أتابك العساكر ثمَّ فِي أواخرها نَائِب دمشق فَلم يلبث أَن مرض فِي أَوَاخِر الَّتِي تَلِيهَا. وَمَات فِي الاسبوع الَّذِي دخل فِيهِ النَّاصِر مُنْهَزِمًا وَذَلِكَ فِي الْمحرم سنة خمس عشرَة. قَالَ ابْن خطيب الناصرية: كَانَ عِنْده عقل وحياء وَسُكُون، وَقَالَ أَيْضا انه كَانَ كثير الْحيَاء والسكون حَلِيمًا عَاقِلا مشارا إِلَيْهِ بالتعظيم فِي الدولة. وَقَالَ شَيخنَا عقب ذَلِك انه كَانَ جميلا حسن الصُّورَة قَالَ وَكَانَ يلهو لَكِن فِي ستْرَة وحشمة وافضال وَالله يسمح لَهُ.

139 -

تغرى بردي المحمودي الناصري. / تنقل فِي الخدم إِلَى أَن تقدم وَقرر رَأس نوبَة النوب ثمَّ حبس بعد أَن كَانَ رَأس الَّذين غزوا الفرنج بقبرس ثمَّ أفرج عَنهُ وَقرر أَمِيرا بِدِمَشْق بل أتابكها، وَمَات فِي قتال قرايلوك فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ.

140 -

تغرى بردي المؤيدي، / عمل رَأس نوبَة النوب وَله ذكر فِي زَوجته

ص: 29

فَاطِمَة ابْنة قانباي فانه)

خَلفه عَلَيْهَا جرباش.

141 -

تغرى بردي من يلباي الظَّاهِرِيّ القادري الْحَنَفِيّ الخازنداري بل الاستادار. / ولد تَقْرِيبًا قبيل الثَّلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة واشتغل بِالْعلمِ على غير وَاحِد من الْفُضَلَاء كَأبي الْفضل الْمحلى وَالسَّيِّد الوفابي وَعبد الرَّزَّاق، وَكَانَ يتحفظ الْقُرْآن حَتَّى بعد ترقيه باللوح مَعَ نور الدّين البوصيري وَصَحب الاشراف القادرية وخدمهم وأمثالهم وَتزَوج مِنْهُم وَاحِدَة بعد أُخْرَى، بل سمع الْكثير على جمَاعَة من متأخري المسندين مَعَ الْوَلَد وَنَحْوه وكتبت لَهُ ذَلِك فِي كراريس وَكنت مِمَّن لازمني، وَحضر دروس الْأمين الأقصرائي واختص بامام الكاملية وَنَحْوه فَلَمَّا اسْتَقر يشبك من مهْدي فِي الدوادارية وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة أسن مِنْهُ بل هُوَ أغاته قدمه لخازنداريته وَصَارَ الْمُتَوَلِي لعمائره وَكثير من جهاته، وَلَا زَالَ فِي ترق زَائِد من ذَلِك بِحَيْثُ لم يشذ عَنهُ من الْأَمَاكِن المنسوبة لمخدومه إِلَّا النزر الْيَسِير وشكر الْعمَّال وَنَحْوهم صَنِيعه مَعَهم فِي المصروف وَنَحْوه وَبكوا من سَالم فِي عمائر الاتابك وَجَرت على يَدَيْهِ من مبرات مخدومه أَشْيَاء جزيلة وَرُبمَا كَانَ هُوَ الْمحرم لَهُ فِي ابتدائها، وجدد أَشْيَاء أَو كملها من الْمَسَاجِد والجوامع كجامع الخشابين وَالْمَسْجِد المقارب لَهُ والمقابل لدرب الركراكي من المقس وجامع بالكبش وَهُوَ خَاصَّة باسم السُّلْطَان وزاوية الشَّيْخ شرف الدّين بالحسينية والمشهد النفيسي ومشهد غَانِم بسويقة اللَّبن، وَلم ينْهض أحد بِمَا نَهَضَ لَهُ من ذَلِك كُله مَعَ تؤدة وعقل وَعدم طيش بل لم يتَحَوَّل عَن طَرِيقَته الأولى فِي التَّوَاضُع والتأدب غَالِبا، وَتكلم عَنهُ فِي سعيد السُّعَدَاء والبيبرسية والصالح وَحمد فِي هَذَا كُله، وَلما مَاتَ الدوادار أضيف إِلَيْهِ التَّكَلُّم فِي الأستادارية مَعَ مبالغته فِي التنصل والاستعفاء وَعدم إجَابَته فساس الْأُمُور وَسمعت غير وَاحِد يشكرون مُبَاشَرَته وَأَن لَهُ مزِيد نظر فِي عمَارَة الْجِهَات وَرُبمَا نَدبه السُّلْطَان لعمارة بعض الْأَمَاكِن كالمطهرة لجامع الْأَزْهَر وَجَاءَت بهجة وكجامع سُلْطَان شاه وَكَذَا اسْتَقل بالتكلم فِيمَا كَانَ يَنُوب عَن مخدومه فِيهِ كسعيد السُّعَدَاء بِطَلَب كثير من الْمُسْتَحقّين لذَلِك وَعمر جلّ أوقاف سعيد السُّعَدَاء كالحمام وجدد لَهَا أَشْيَاء بل وَعمر الْمدرسَة وَغير كثيرا من معالمها وَكَذَا عمر مطهرتها وَغير بَابهَا وَصَارَ بهجا وَلم يعْدم من مُتَكَلم فِيهِ بِسَبَبِهِ سِيمَا حِين تعطلت النَّفَقَة من أجل ذَلِك غَالِبا عَلَيْهِم وَرُبمَا شوفه بالمكروه، وَيُقَال إِنَّه وجد دَفِينا قَدِيما وانه أَخذ مِنْهُ وأضيف إِلَيْهِ بِأخرَة التَّكَلُّم فِي القرافتين بعد صرف القَاضِي الزيني زَكَرِيَّا عَنْهُمَا، وابتنى لأخي زين)

العابدين القادري بِالْقربِ من زَاوِيَة سكنهم بِبَاب القرافة أمكنة

ص: 30

هائلة بل ابتنى فِي نفس الزاوية رواقا وَغَيره وَتكلم فِي جِهَات أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل عز الدّين صَاحبه من بِلَاد وَغَيرهَا حَتَّى المشهد النفيسي بسؤال مِنْهُ لَهُ وَأذن السُّلْطَان فِيهِ فَفرض لَهُ فِي كل يَوْم من متحصلها أَرْبَعَة دَنَانِير وَالْبَاقِي يرصد لوفاء الدُّيُون وَنَدم الْعِزّ لما نَشأ عَنهُ من التَّضْيِيق عَلَيْهِ وَلَكِن استحكم الامر، وَكَذَا لَهُ فِي جَامع الغمري والكاملية الْيَد الْبَيْضَاء، وتزاحم كثير من مجاوري جَامع الازهر وَنَحْوهم على بَابه، وَنزل كثيرا من مستحقيهم فِيمَا يشغر تَحت نظره من التصوفات وَنَحْوهَا، وَمِمَّنْ قَرَّرَهُ الزين جَعْفَر الْمقري بل بَلغنِي انه قرر كَمَال الدّين الطَّوِيل فِي مشيخة البيبرسية بعد الْجلَال الْبكْرِيّ وَلكنه لم يتم، وَعقد عِنْده مَجْلِسا للْحَدِيث فِي كل لَيْلَة فهرع كَثِيرُونَ إِلَيْهِ وَقُرِئَ فِيهِ من الْكتب الْكِبَار وَشبههَا كدلائل النُّبُوَّة والمعجم الْكَبِير للطبراني مَا يفوق الْوَصْف وَلَكِن لَا أَهْلِيَّة فِي الْقَارِي وَلَا فِي أَكثر الْحَاضِرين وانتفع كثير مِنْهُم بملازمته كالزين خلد الْوَقَّاد حَيْثُ اسْتَقر بِهِ فِي مَسْجِد خَان الخليلي الَّذِي أنشأه للدوادار وَفِي غَيره من الْجِهَات وانتعش هُوَ والقاري وَغَيرهمَا وَكَثِيرًا مَا يتفقد المنقطعين من الْعلمَاء وَنَحْوهم كالبدر حسن الاعرج وَعُثْمَان الديمي، بل قل أَن يَمُوت عَالم أَو فَقِيه أَو صَالح أَو فَاضل إِلَّا ويبادر للوقوف على غسله بل وَرُبمَا يساعد فِي تَجْهِيزه كالأمشاطي وَابْن سولة وَابْن قَاسم وجعفر وَابْن الشَّيْخ يُوسُف الصفي وَلذَا كَانَ كثير مِنْهُم يسند رصيته إِلَيْهِ كَابْن قَاسم وَأمره فِي هَذَا مشَاهد وخيره إِن شَاءَ الله متزايد وَلَا زَالَ فِي كدر وضرر ومرافعات ومدافعات إِلَى أَن تغيب بعد أَن مل وتعب، وَيُقَال إِنَّه توجه لضريح الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَلم يثبت ذَلِك عِنْدِي فرج الله ضائقته.

تغرى برمش بن أَحْمد البهستي / نَائِب حلب، يَأْتِي قَرِيبا فِي تغرى ورمش.

تغرى برمش بن عبد الله التركماني. / فِي الَّذِي بعده.

142 -

تغرى برمش بن يُوسُف بن الْمُحب أَبَا اغلى، / وَرَأَيْت من كتبه عَليّ بن عبد الله الزين أَبُو المحاسن التركماني الاقحالي القاهري الْحَنَفِيّ. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه قدم الْقَاهِرَة شَابًّا وَقَرَأَ على الْجلَال التباني وَغَيره وداخل الامراء الظَّاهِرِيَّة وَصَارَت لَهُ عصبَة، وَكَانَ يتعصب للحنفية مَعَ محبته لأهل الحَدِيث والتنويه بهم وتعصبه لأهل السّنة وإكثاره الْحَط على ابْن الْعَرَبِيّ وَنَحْوه من متصوفي الفلاسفة ومبالغته فِي ذَلِك بِحَيْثُ صَار يحرق مَا يقدر عَلَيْهِ من كتبه بل ربط مرّة)

كتاب الفصوص فِي ذَنْب كلب وَصَارَت لَهُ بذلك سوق نافقة عِنْد كثيرين وَقَامَ عَلَيْهِ جمَاعَة من أضداده

ص: 31

فَمَا بالي بهم مَعَ انه لم يكن بالماهر فِي الْعلم، وَلما تسلطن الْمُؤَيد عرفه فقربه وأكرمه واستأذنه فِي الْحَج والمجاورة بعد أَن قرب مِنْهُ بعض تلامذته فسافر إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا من سنة سبع عشرَة إِلَى أَن مَاتَ. وَصَارَ التلميذ الْمشَار إِلَيْهِ ينْفق سوقه بِهِ وَيحصل لَهُ الْأَمْوَال ويرسلها لَهُ فتزايد جاهه وَكتب لَهُ توقيع بتغيير الْمُنْكَرَات فَأَبْغضُوهُ ورموه بالمعائب حَتَّى قَالَ فِيهِ شعْبَان الآثاري من أَبْيَات: مبارك ابرك فِيهِ مَا ترى وَذكره فِي مُعْجَمه فَسمى وَالِده عبد الله وَقَالَ إِنَّه كَانَ متعبدا تخرج بِهِ جمَاعَة وَكَانَ قَائِما فِي هدم الْبدع الاعتقادية كثير العصبية للسّنة مَعَ محبته للحنفية، وَكَانَ الْمُؤَيد يعظمه، وَحج فِي ولَايَته فجاور بِمَكَّة إِلَى أَن مَاتَ. وَقد اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَسمعت كَلَامه وفوائده، وَكَانَ أعداؤه يقعون فِيهِ كثيرا ويتهمونه بِأَمْر فظيع، وَذكره الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَقَالَ إِنَّه ذكر انه عَنى فِي بِلَاده بِالْعلمِ ثمَّ أَتَى وَهُوَ شَاب الْقَاهِرَة وعنى فِيهَا أَيْضا بفنون من الْعلم وَأخذ بهَا عَن جمَاعَة أكَابِر كالجلال التباني، قَالَ وَكَانَ يستحضر فِيمَا يذكرهُ من الْمسَائِل أَو تجْرِي عِنْده أَلْفَاظ بعض المختصرات فِي ذَلِك وَلكنه كَانَ قَلِيل البصارة والذكاء وَكَانَ يستحضر كثيرا من الْكَلِمَات الْمُنْكَرَات الْوَاقِعَة فِي كَلَام ابْن عَرَبِيّ وَغَيره من الصُّوفِيَّة وَذكر مَا أَشَارَ إِلَيْهِ شَيخنَا وَأَنه كَانَ قد سَأَلَ عَنهُ وَعَن كتبه البُلْقِينِيّ وَغَيره من أَعْيَان عُلَمَاء الْمذَاهب الْأَرْبَعَة بِالْقَاهِرَةِ فأفتوه بذم ابْن عَرَبِيّ وَكتبه وَجَوَاز اعدامها فَصَارَ يعلن بذمه وذم أَتْبَاعه وَكتبه وتكرر ذَلِك عصرا بعد عصر، قَالَ وَكَانَ قد صحب جمَاعَة من التّرْك بِمصْر واستفاد بصحبتهم جاها وتعظيما عِنْد أَعْيَان النَّاس بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا فِي دولة الظَّاهِر ثمَّ وَلَده ثمَّ الْمُؤَيد مَعَ أَن جلّ أَيَّامه كَانَ بِمَكَّة وَلذَا كَانَ يصل لأهل الْحَرَمَيْنِ على يَدَيْهِ مِنْهُ بر كثير وَكتب لَهُ مرسوما بانكار الْمُنْكَرَات الْمجمع عَلَيْهَا وَأمر الْحُكَّام بمعونته فِي ذَلِك ونالته الألسن كثيرا بِسَبَب ذَلِك لعدم دربته فِي صرف المبرات ومبالغته فِي الْمُنْكَرَات بل رُبمَا أوقع بِهِ الْفِعْل بعض الْعَوام وَكَانَ الظفر لَهُ وانتفع بِصُحْبَتِهِ أنَاس من أهل الْحَرَمَيْنِ، وَذكر من وقائعه أَشْيَاء أَكْثَرهَا مِمَّا يستحسن وأرخ وَفَاته لَيْلَة الْأَرْبَعَاء مستهل الْمحرم سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَنه دفن فِي صبيحتها بالمعلاة وَحمل اليها فِيمَا يحمل فِيهِ الطرحي وَلم يشيعه الا الْقَلِيل وَأَنه كَانَ جاور بِمَكَّة قَرِيبا من سنة عشر)

وَثَمَانمِائَة وَكَانَ حِينَئِذٍ خامل الذّكر كثير التقشف وَالْعِبَادَة وأشعر كَلَامه بِأَنَّهُ كَانَ اذ ذَاك يقْرَأ على الشَّمْس مُحَمَّد الْخَوَارِزْمِيّ المعيد امام الْحَنَفِيَّة قَالَ شَيخنَا وَقد تَرْجمهُ المقريزي يَعْنِي فِي عقوده وَغَيرهَا فَبَالغ فِي ذمه فَقَالَ رَضِي من

ص: 32

دينه وأمانته بالحط على ابْن عَرَبِيّ مَعَ عدم مَعْرفَته بمقالته، وَكَانَ قد اشْتغل فَمَا بلغ وَلَا كَاد لبعد فهمه وقصوره ويتعاظم مَعَ دناءته ويتمصلح مَعَ رذالته حَتَّى انْكَشَفَ للنَّاس ستره وَانْطَلَقت الألسن بذمه بالداء العضال مَعَ عدم مداراته وَشدَّة انتقامه مِمَّن يُعَارضهُ فِي أغراضه وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَكَذَا ذكره ابْن فَهد فِي مُعْجَمه وان السُّلْطَان الْمُؤَيد رتبه مدرسا بالجامع الَّذِي بناه بالقلعة وَتخرج بِهِ جمَاعَة من الجراكسة وَأَنه سمع من الْجلَال الخجندي شرح مَعَاني الْآثَار للطحاوي أنابه عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلف المطري أنابه التقي عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَلِيّ اليلداني عَن الْحَافِظ الضياء وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن عَليّ الْقُرْطُبِيّ وَعبد الله بن بَرَكَات بن ابراهيم الخشوعي وَمُحَمّد بن عبد الْهَادِي ابْن يُوسُف الْمَقْدِسِي قَالُوا أنابه الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ بِسَنَدِهِ. قلت وَمِمَّنْ سمع عَلَيْهِ هَذَا الْكتاب أَو جله الْأمين الاقصرائي وَابْن أُخْته الْمُحب ووقف مِنْهُ نسختين مَعَ كثير من كتب الحَدِيث وَغَيرهَا، وَسمي جده فِيهَا بالمحب أَبَا أغْلى كَمَا صدرت بِهِ تَرْجَمته فَمن سَمَّاهُ عليا فقد وهم.

143 -

تغرى برمش سيف الدّين الجلالي الناصري ثمَّ المؤيدي الْحَنَفِيّ / نَائِب القلعة بِالْقَاهِرَةِ وَيعرف بالفقيه، كَانَ يزْعم أَن أَبَاهُ كَانَ مُسلما وَأَن بعض التُّجَّار اشْتَرَاهُ مِمَّن سَرقه فابتاعه مِنْهُ الخواجا جلال الدّين وَقدم بِهِ حلب فَاشْتَرَاهُ السُّلْطَان وَقدم بِهِ الْقَاهِرَة فقدمه لِأَخِيهِ جاركس المصارع فَلَمَّا أحيط بِهِ صَار للناصر فَأَقَامَ بالطبقة إِلَى أَن ملك الْمُؤَيد فَأعْتقهُ وَحِينَئِذٍ ادعاد وَاشْتَرَاهُ الْمُؤَيد مِنْهُ ثمَّ صَار بعد موت الْمُؤَيد خاصكيا فَلَمَّا اسْتَقر الاشرف أخرجه عَنْهَا مُدَّة ثمَّ أَعَادَهُ وَاسْتمرّ إِلَى أَن اسْتَقر الظَّاهِر فرام أَن يتأمر وكلم السُّلْطَان فِي ذَلِك بِمَا فِيهِ خشونة فَأمر بنفيه إِلَى قوص فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ شفع فِيهِ عِنْده فَأحْضرهُ وأنعم عَلَيْهِ بامرة عشرَة وَقَررهُ نَائِب القلعة فِي رَجَب سنة أَربع وَأَرْبَعين بعد موت ممجق النوروزي وقربه وَأَدْنَاهُ واختص بِهِ إِلَى الْغَايَة، وَصَارَت لَهُ كلمة وَحُرْمَة لكنه لم يحسن عشرَة من هُوَ أقرب إِلَيْهِ مِنْهُ وَأطلق لِسَانه فِيمَا لَا دخل لَهُ فِيهِ من أُمُور المملكة بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك سَببا لارساله للروم فِي بعض الْمُهِمَّات ثمَّ عَاد فَمشى على حَالَته تِلْكَ فعين أَيْضا لغزو رودس فسافر ثمَّ عَاد فَلم يُغير طَرِيقَته فَأمر بنفيه إِلَى)

الْقُدس فَتوجه إِلَيْهِ وَأقَام بِهِ بطالا إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَقد زَاد على الْخمسين وَكَانَ قد اعتنى بِالْحَدِيثِ وَطَلَبه وقتاء، وَأخذ عَن شَيخنَا بقرَاءَته الْكِفَايَة للخطيب وَغَيرهَا ولازمه، وَعَن الكلوتاتي وناصر الدّين الفاقوسي وَالشَّمْس بن

ص: 33

الْمصْرِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ سنَن ابْن مَاجَه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ والزين الزَّرْكَشِيّ وَطَائِفَة وَلَقي بِالشَّام ابْن نَاصِر الدّين وبحلب الْبُرْهَان الْحلَبِي، وَوَصفه شَيخنَا بصاحبنا الْمُحدث الْفَاضِل، وَسَأَلَ هُوَ شَيخنَا هَل رَأَيْت مثل نَفسك فَقَالَ قَالَ الله فَلَا تزكوا أَنفسكُم وقرأت بِخَطِّهِ على تَعْلِيق التَّعْلِيق لَهُ مناما رَآهُ لشَيْخِنَا أثبت مِنْهُ الْأَلْفَاظ الَّتِي وصف بهَا فِي حكايته شَيخنَا فِي كتابي الْجَوَاهِر، وبسفارته أحضر ابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس من الشَّام إِلَى مصر فأسمعوا بالقلعة وَغَيرهَا وبصحبته انْتفع التقي القلقشندي وَلَا زَالَ بشيخنا حَتَّى لقبه بِالْحَافِظِ وخاشن أَخَاهُ الْعَلَاء بِسَبَبِهِ وَلذَا كَانَ التقي يطريه بِحَيْثُ سمعته يَقُول انه لَا يشذ عَنهُ من التَّهْذِيب لَفْظَة وَكَذَا لما رَجَعَ من الشَّام أخبر شَيخنَا بِأَنَّهُ لم ير فِي طلبة ابْن نَاصِر الدّين أنبه من قطب الدّين الخيضري لقُرْبه من الطّلب دونهم وانتفع القطب حِين حُضُوره الْقَاهِرَة بذلك، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فَاضلا ذَاكِرًا لجملة من الرِّجَال والتاريخ وَأَيَّام النَّاس مشاركا فِي الْأَدَب وَغَيره، حسن المحاضرة حُلْو المذاكرة جيد الْخط فصيحا عَارِفًا بفنون الفروسية محبا فِي الحَدِيث وَأَهله مستكثرا من كتبه فَردا فِي أَبنَاء جنسه مَعَ زهو وَإِعْجَاب وتعاظم، وَرُبمَا كَانَ يَقُول إِن الْأَمر، وَرُبمَا كَانَ يَقُول إِن الْأَمر يصير إِلَيْهِ ويترجى تَأَخره عَن وَفَاة شَيخنَا وَيَقُول إِنَّمَا تكْثر ديوني بعد مَوته إِشَارَة إِلَى انه هُوَ الَّذِي يَأْخُذ كتبه ويأبى الله الا مَا أَرَادَ وَقد رَأَيْته بِمَجْلِس شَيخنَا وَسمعت من كَلَامه وفوائده وكتبت من نظمه:

(خُذ الْقُرْآن والْآثَار حَقًا

وتوقيفا واجماعا بَيَانا)

(دع التَّقْلِيد بِالنَّصِّ الصَّرِيح

وَلَا تسمع قِيَاسا أَو فلَانا)

وَغير ذَلِك، وَبَلغنِي أَن لَهُ قصيدة باللغة التركية عَارض بهَا بعض شعر الرّوم يعجز عَنْهَا فِيمَا قيل الفحول مَا وقفت عَلَيْهَا عَفا الله عَنهُ.

144 -

تغرى برمش السيفي قراقجا الحسني، / أَصله من سبي قبرس سنة سبع وَعشْرين وَملكه قراقجا الْمَذْكُور فَأعْتقهُ ورقاه حَتَّى جعله دواداره ثمَّ صَار بعده خاصكيا إِلَى أَن أنعم عَلَيْهِ الظَّاهِر خشقدم بامرة عشرَة وَجعله من رُؤْس النوب لأياد كَانَت لَهُ عِنْده ودام إِلَى أَن مَاتَ بالفالج فِي)

ذِي الْحجَّة سنة سبعين وَقد قَارب السِّتين وَدفن من الْغَد وَحضر السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ بمصلى الْمُؤمنِينَ.

145 -

تغرى برمش اليشبكي يشبك من ازدمر الزردكاش، / ترقى بعد أستاذه حَتَّى صَار زردكاشا صَغِيرا فِي الْأَيَّام الأشرفية ثمَّ ولي الزردكاشية الْكُبْرَى، وأنعم عَلَيْهِ بامرة عشرَة ثمَّ جعله الظَّاهِر مَعَ الزردكاشية من جملَة الطبلخاناه، وسافر

ص: 34

فِي الْغَزَوَات فِي عدَّة دوَل وَكَذَا تَأمر على الْحَاج غير مرّة، وَله مآثر كالجامع بساحل بولاق وعدة أَمْلَاك. وَكَانَ ضخما مثريا مَعَ الْبُخْل.

مَاتَ بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة أَربع وَخمسين وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ.

146 -

تغرى برمش أستادار شيخ، / خامر عَلَيْهِ إِلَى النَّاصِر فولاه الاستادارية بِالشَّام فَبَالغ فِي العسف فَسَلَّطَهُ الله عَلَيْهِ فصادره وعاقبه حَتَّى مَاتَ فِي سنة ثَلَاث عشرَة ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.

تغرى برمش / نَائِب حلب. هُوَ الَّذِي بعده.

147 -

تغرى ورمش بن أَحْمد واسْمه حُسَيْن وَكَانَ أَبوهُ يدعى بِابْن الْمصْرِيّ، من بهستا / أحد أجنادها قبل الْفِتْنَة التمرية، وَكَانَ لَهُ ملك بهَا فخربت أملاكه فِي الْفِتْنَة وافتقر وتحول بأولاده كَهَذا فخدم بعض الامراء واتصل بالامير طوخ وَحضر مَعَه إِلَى حلب وَهُوَ دواداره. وَذَلِكَ فِي سنة خمس عشرَة فَلَمَّا قتل طوخ خدم جقمق دوادار الْمُؤَيد وَعمل دواداره وَاسْتقر بِهِ فِيهَا حِين صَار نَائِب دمشق فَلَمَّا أمسك جقمق برسباي الَّذِي صَار بعد سُلْطَانا واعتقله خدمه صَاحب التَّرْجَمَة وَأحسن إِلَيْهِ فراعى لَهُ ذَلِك حِين استقراره فِي المملكة وَأمره بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ رقاه حَتَّى صَار أحد المقدمين ثمَّ أَمِير آخور وَلَا زَالَ حَتَّى ولاه نِيَابَة حلب فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ ثمَّ شقّ الْعَصَا فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق، وَآل أمره إِلَى أَن قتل فِي يَوْم الاحد سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة إثنتين وَأَرْبَعين، طول ابْن خطيب الناصرية بوقائعه ويليه المقريزي، وأحال شَيخنَا فِي الوفيات على الْحَوَادِث.

تَقِيّ بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد الكازروني. / يَأْتِي فِي مُحَمَّد.

148 -

تَقِيّ بن مُحَمَّد بن تَقِيّ الفخري السنجاري الْمدنِي. / سمع على النُّور الْمحلى سبط الزبير بعض الِاكْتِفَاء للكلاعي.

149 -

تمراز البكتمري / وَوَجَدته فِي مَوضِع الابو بكري المؤيدي المصارع، تنقل فِي الخدم وَصَارَ فِي الْأَيَّام العزيزية من جملَة الدوادارية ثمَّ أمره الظَّاهِر عشرَة وأرسله إِلَى الْقُدس نَائِبا مرّة بعد)

أُخْرَى ونفاه فِي الْمرة الاولى إِلَى الشَّام وَأخرج أقطاعه فِي الثَّانِيَة وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ بطالا وقتا وَعَمله شادا لبندر جدة غير مرّة وَآخِرهَا أَخذ مَا اجْتمع فِيهَا من المَال وفر فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَخمسين وَكَانَ مَا حكيته فِي حوادث التبر المسبوك وَأَنه قتل فِي المعركة بَين الحديدة وَبَيت الْفَقِيه ابْن حشيبر من الْيمن فِي خَامِس عشري رَمَضَان من الَّتِي تَلِيهَا وَأرْسل السُّلْطَان مِثْقَالا الحبشي لصَاحب الْيمن بهدية وَأرْسل إِلَيْهِ بِجَمِيعِ موجوده، وَكَانَ أشقر ضخما إِلَى

ص: 35

الطول أقرب رَأْسا فِي الصراع مَعَ شجاعة وإقدام وحدة وبطش وخفة وَسُوء خلق.

150 -

تمراز الاينالي الاشرفي برسباي وَيعرف بالزردكاش، / وتأمر عشْرين ثمَّ اسْتَقر دوادارا ثَانِيًا فِي أَيَّام الاشرف إينال.

151 -

تمراز الجركسي الاينالي الأشرفي. / جلبه إينال المحمودي فَاشْتَرَاهُ الْمُؤَيد شيخ ثمَّ انْتقل للأشرف برسباي فَأعْتقهُ وَعَمله زردكاشا، ثمَّ صَار من حزب الظَّاهِر جقمق إِلَى أَن أبعده إِلَى الْبِلَاد الشامية وقاسى محنا نشأت عَن سوء طباعه وَسُرْعَة تغيره ثمَّ رَجَعَ إِلَى مصر وأنعم عَلَيْهِ بامرة عشرَة بعد موت عليباي الأشرفي بالبذل، ثمَّ أعطَاهُ إينال إمرة طبلخاناه بل وَعَمله دوادارا ثَانِيًا، وَعظم فِي الدولة وَسَاءَتْ سيرته مَعَ الْملك فَمن دونه إِلَى أَن نفي للبلاد الشامية فَلَمَّا مَاتَ وتسلطن ابْنه الْمُؤَيد جَاءَ بِغَيْر إِذْنه فَعظم عَلَيْهِ ورسم بعوده وَلم يلْتَفت لمساعدته وَلَكِن أنعم عَلَيْهِ بتقدمه هُنَاكَ وَمَا كَانَ بأسرع من اغرائه نائبها جانما على الْوُثُوب على السُّلْطَان وَحضر مَعَه إِلَى خانقاه سرياقوس فَلم ينْتج لَهما أَمر بل رجعا وَأعْطى صَاحب التَّرْجَمَة نِيَابَة صفد فَلم يلبث أَن سحب مِنْهَا تلوه إِلَى حسن بك بن قرايلك صَاحب آمد فَلَمَّا قتل جانم أرسل حسن بك يشفع فِي تمراز وأنعم عَلَيْهِ بعد بامرة عشْرين بطرابلس ثمَّ حبس بالمرقب لشكوى مظلوم تعدى بضربه وَلم يلبث أَن مَاتَ الْمَضْرُوب فعين السُّلْطَان الشارعي أحد نواب الْمَالِكِيَّة للْحكم فِيهِ فَتوجه إِلَيْهِ وَحكم باراقة دَمه فَقتل بالمرقب فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسبعين ثمَّ نقل إِلَى طرابلس فَدفن بهَا وَقد زَاد على السِّتين، وَكَانَ قَبِيح السِّيرَة.

152 -

تمراز الشمسي الأشرفي برسباي العزيزي نِسْبَة للعزيز بن الْأَشْرَف / فَهُوَ مُعْتقه أَمِير سلَاح وَابْن أُخْت الْأَشْرَف قايتباي، كَانَ قدومه مَعَ جالبه فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ قريب المراهقة فدام إِلَى أَن صَار فِي الْأَيَّام الاينالية ساقيا ثمَّ أضَاف إِلَيْهِ إمرة عشرَة وعظمه وقربه وسَاق الْمحمل فِي أَيَّامه أحد الباشات فَلَمَّا أكره الأتابك جرياش كرد المحمدي على الرّكُوب فِي الْأَيَّام)

الظَّاهِرِيَّة خشقدم وَأَخذه المماليك من تربته وَذَلِكَ فِي أثْنَاء سنة تسع وَسِتِّينَ واجتازوا بِهِ من دَاخل الْبَلَد كَانَ مِمَّن ركب مَعَه فَلَمَّا فر الْمشَار إِلَيْهِ إِلَى القلعة أمسك هَذَا وَتحقّق الظَّاهِر ركُوبه عَلَيْهِ بجراح حصل فِي يَده وجهز لدمياط وَأكْرم فِي تَجْهِيزه لَهَا دون اسكندرية لصهره أبي زَوجته قرقماس الجلب الأشرفي أَمِير سلَاح ودام بهَا متحفظا بالانقطاع ببيته حَتَّى عَن الْجُمُعَة حذرا من غائلة الظَّاهِر خُصُوصا وجرباش كَانَ أَيْضا منفيا بهَا فَلَمَّا انْتهى الْأَمر إِلَى الظَّاهِر تمربغا جئ بِهِ فِي حادي عشري جُمَادَى الأولى سنة

ص: 36

اثْنَتَيْنِ وَسبعين هُوَ ودولات باي النجمي بعناية خَاله الاتابك قايتباي فَنزل فِي بَيته تجاه الْمدرسَة السودونية من زَاده بعد أَن كَانَ الْأَمِير أزبك من ططخ الظَّاهِرِيّ تملكه، وسافر الْبَدْر بن الْقطَّان وَمَعَهُ ابْن حسن لدمياط للاشهاد على صَاحب لترجمة وَكَانَ نُزُوله بِهِ فِيمَا قيل باذن من خَاله مَعَ ارسال المكاتيب لَهُ ليعود الامر كَمَا كَانَ وامتناعه من ذَلِك وَاسْتمرّ على ملك الاتابك وَأَعْطَاهُ الظَّاهِر حِينَئِذٍ طبلخاناه ثمَّ لم يلبث أَن تملك خَاله فصيره أحد المقدمين على اقطاع الظَّاهِر الْمُنْفَصِل وجهزه كاشف التُّرَاب بالغربية فدام سِنِين، وسافر فِي تجريدة سوار وَكَانَ هُوَ أجل من رغب سوار للنزول بأمانه وَلذَا اشْتَدَّ غَضَبه هُوَ وَخير بك حَدِيد حِين نقض ذَلِك واستمرت الوحشة بَين الدوادار وَبَينهمَا، ثمَّ اسْتَقر رَأس نوبَة النوب بعد انْتِقَال اينال الاشقر لامرة سلَاح، وَمَاتَتْ زَوجته ملكباي ابْنة قرقماش فِي سنة تسع وَسبعين وجهز الشهَاب البيجوري لِلْحَجِّ عَنْهَا واتصل بعْدهَا بابنة الْمَنْصُور بن الظَّاهِر جقمق وَهِي بكر وَله مِنْهَا ابْنة مَاتَت فِي الطَّاعُون وَولي أَمر الْبحيرَة فنظمها وحمدت سيرته ودان لَهُ أهل تِلْكَ النواحي وَفِي أثْنَاء تكَلمه فِيهَا كَانَ قتل الدوادار يشبك من مهْدي فاستقر بِهِ عوضه بعد سنة فأزيد فِي امرة سلَاح فتزايدت ضخامته وَارْتَفَعت مكانته، وَفِي أثْنَاء ذَلِك مَاتَت زَوجته الْمشَار اليها فَتزَوج فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ ابْنة جانم الاشرف نَائِب الشَّام كَانَ وَهِي بكر أَيْضا واستولدها وَكَذَا تحول لبيت الظَّاهِر تمربغا الْمَعْرُوف بمنجك بعد سفر قجماش لنيابة الشَّام بالاجرة لجريانه فِي أوقافه، فَلَمَّا كَانَ فِي تَاسِع جُمَادَى الاولى سنة تسع وَثَمَانِينَ برزباش التجريدة المجهزة لدفع على دولات أخي سوار وناب عَنهُ فِي الْبحيرَة مَمْلُوكه قراكز فَلَمَّا قبض بَقِيَّة خراج سنة أستاذه وَأَرْدَفَ ذَلِك بِسنة أُخْرَى انْفَصل عَنْهَا بكرتباي الاشرفي قايتباي، وَاسْتمرّ صَاحب التَّرْجَمَة غَائِبا فِي المهم إِلَى أَن أرسل الاتابك اليهم فِي عَسْكَر ثقيل وَصَارَ هُوَ الباش، وَكَانَ مَا حُكيَ فِي الْحَوَادِث ثمَّ كَانَ قدوم العساكر فِي أَوَاخِر ذِي)

الْقعدَة سنة احدى وَتِسْعين وَهُوَ متوعك فدام حَتَّى سَافر أَيْضا لدفع عَسْكَر ابْن عُثْمَان صُحْبَة الاتابك فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَكَاد أَن يقتل فِيهَا فانه لما اخْتَطَف السنجق وَحمله بِنَفسِهِ وَدخل بِهِ إِلَى ذَاك الْفَرِيق ونال مِنْهُم تكاثروا عَلَيْهِ فعاين قَبضه بل ضرب سبع ضربات جرح مِنْهَا فِي جَبينه وَيَده وَلَوْلَا لطف الله لتلف، وعولج لينزل عَن جَوَاده فَلم يقدروا وَأظْهر من يقظته وفروسيته مَا الله بِهِ عليم وبادر خشداشه بيغوت لطعن القاصد لاتلافه فأتلفه ودام متعللا إِلَى أَن عَاد مَعَهم فِي ربيع الاول من الَّتِي تَلِيهَا وَاسْتمرّ حَتَّى سَافر صُحْبَة الاتابك

ص: 37

أَيْضا فِي ربيع الثَّانِي سنة خمس، وَنعم الامير توددا للْعُلَمَاء والفقراء واقبالا عَلَيْهِم والارشاد لما يقدر عَلَيْهِ مِمَّا تكون فِيهِ الْمصَالح للعامة، وَلم أزل أشهد مِنْهُ الود وَالثنَاء حَتَّى فِي الْغَيْبَة مَعَ قلَّة ترددي إِلَيْهِ وتكرر إِلْزَامه لي بذلك بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُمُوم الْأُمَرَاء وَنَحْوهم مِمَّا أَرْجُو جميل قَصده فِيهِ.

153 -

تمراز القرمشي الظَّاهِرِيّ برقوق، / نَاب بقلعة الرّوم وبغزة فِي الْأَيَّام الأشرفية سِنِين، ثمَّ صَار أحد المقدمين بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ رَأس نوبَة النوب ثمَّ أميراخور ثمَّ أَمِير سلَاح بعد يشبك السودوني حَتَّى مَاتَ فِي الطَّاعُون فِي صفر سنة ثَلَاث وَخمسين وَلم يحضر السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ لاشتغاله بِجنَازَة ابْنَته، وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه كَرِيمًا جوادا نادرة فِي أَبنَاء جنسه مَعَ الاسراف على نَفسه.

154 -

تمراز المؤيدي / نَائِب صفد ثمَّ غَزَّة. مَاتَ مخنوقا بسجن اسكندرية فِي ثَالِث عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَلم يكن فِيمَا قَالَه المقريزي مشكورا.

155 -

تمراز المؤيدي أحد المقدمين بِدِمَشْق /. وَكَانَ قبل ذَلِك أَمِير طبلخاناه بهَا، ثمَّ اسْتَقر حاجبا بهَا فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين ثمَّ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث اسْتَقر مقدما عوضا عَن أَخِيه طوخ إِلَى أَن مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَدفن بتربة قانباي البهلوان قبلي تربة العجمي خَارج بَاب الْجَابِيَة.

156 -

تمراز الناصري، / كَانَ فِي أَيَّام الظَّاهِر طبلخاناه مَعَ خصوصيته بِهِ ثمَّ تقدم فِي الايام الناصرية ثمَّ اسْتَقر أَمِير مجْلِس ثمَّ نَائِب السلطنة. وَكَذَا نَائِب الْغَيْبَة غير مرّة ثمَّ خامر على النَّاصِر وَآل أمره إِلَى أَن مَاتَ خنقا فِي سنة أَربع عشرَة، وَكَانَ جميل الصُّورَة حسن الْهَيْئَة من خَاص التّرْك جيدا يحب الْعلمَاء ويكرمهم ويعتقد الْفُقَرَاء رحمه الله.)

157 -

تمراز النوروزي نِسْبَة لنوروز الحافظي / نَائِب الشَّام وَيعرف بتعرمص، أحد امرة عشرات وَرَأس نوبَة، أمره السُّلْطَان فَلَمَّا سَافر الْعَسْكَر لرودس كَانَ مِمَّن جرح فِي حصارها وَحمل وَهُوَ كَذَلِك فقدرت وَفَاته بِالْقربِ من ثغر دمياط فَدفن بِهِ فِي أَوَاخِر جُمَادَى الثَّانِيَة أَو أَوَائِل رَجَب سنة سبع وَأَرْبَعين. وَكَانَ حسن الشكالة متجملا فِي ملبسه ومركبه ذَا لحية كَبِيرَة وَعِنْده كرم وحشمة، وَقد قَالَ الْعَيْنِيّ انه مَاتَ فِي رشيد فَالله أعلم.

158 -

تمراز من حَمْزَة الناصري فرج وَيعرف بتمرباي ططر. / خدم بعد أستاذه بِأَبْوَاب الْأُمَرَاء ثمَّ صَار بعد الْمُؤَيد فِي المماليك السُّلْطَانِيَّة ثمَّ خاصكيا ثمَّ ساقيا

ص: 38

فِي الظَّاهِرِيَّة جقمق ثمَّ أَمِير عشرَة ثمَّ فِي اواخر دولة الاشرف أَمِير طبلخاناه وسافر أَمِير حَاج الْمحمل ثمَّ قدمه الظَّاهِر خشقدم، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَقد قَارب الثَّمَانِينَ وَشهد السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ بمصلى الْمُؤمنِينَ وَكَانَ مَذْكُورا بالشح وَسُوء الْخلق وَعدم الشجَاعَة وَترك التجمل فِي أَحْوَاله كلهَا.

159 -

تمرباي الاشرفي برسباي الساقي / أحد أُمَرَاء العشرات ورؤس النوب. قتل فِي الموقعة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَكَانَ قَبِيح السِّيرَة.

160 -

تمرباي الأشرفي قايتباي كاشف الشرقية. / طعن وَهُوَ فِي مَحل ولَايَته فبادر إِلَى المجئ وَكَانَت منيته فِي سَابِع ذِي الْحجَّة سنة احدى وَثَمَانِينَ، وَصلى عَلَيْهِ السُّلْطَان بمصلى الْمُؤمنِينَ، وَكَانَ فِيمَا قيل مشكورا فِي ولَايَته قَائِما بشأنها لَهُ حُرْمَة عِنْد المفسدين بِحَيْثُ انه يَوْم وَفَاته قطعُوا الطَّرِيق على جمَاعَة بِرَأْس الدّور.

161 -

تمرباي التمرازي تمراز القرمشي الظَّاهِرِيّ / أَمِير سلَاح. كَانَ أحد أُمَرَاء العشرات ومهمندار السُّلْطَان. توجه إِلَى حلب بتقليد نائبها، فَمَاتَ هُنَاكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَسبعين وَهُوَ فِي الكهولة وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ وَعِنْده معرفَة ونهضة وَزعم انه أَخُو الظَّاهِر تمربغا.

162 -

تمرباي التَّمْر بغاوي تمربغا المشطوب / نَائِب حلب، اتَّصل بعده بِالظَّاهِرِ ططر وَهُوَ أَمِير فَلَمَّا تسلطن جعله دوادارا ثَالِثا ثمَّ نَقله الاشرف إِلَى الدوادارية الثَّانِيَة على إمرة عشرَة ثمَّ بعد مُدَّة صَار من أُمَرَاء الطبلخاناة ثمَّ قدمه الْعَزِيز ثمَّ نَقله الظَّاهِر إِلَى رَأس نوبَة النوب فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ بعد أَن سَافر أَمِير الْحَاج غير مرّة وَكَذَا بَاشر نِيَابَة اسكندرية بعد الزين بن الكويز فِي سنة اثْنَتَيْنِ واربعين، وَكَانَت وَفَاته بالطاعون فِي صفر سنة ثَلَاث وَخمسين وَهُوَ فِي عشر)

السِّتين، وَكَانَ عفيفا متصدقا لَهُ مآثر مِنْهَا سَبِيل وقبة ظَاهر خانقاه سرياقوس وسبيل بِالْقربِ من الفساقي الَّتِي بالمعلاة من مَكَّة، وتربته الَّتِي دفن فِيهَا تجاه تربة الظَّاهِر برقوق مَعَ شراسة خلق وبذاءة لِسَان.

163 -

تمرباي السيفي الماس / نَائِب قلعة حلب وَليهَا بعد موت أستاذه بالبذل إِلَى أَن مَاتَ بهَا فِي الْمحرم سنة أَربع وَسبعين وَلم يذكر أستاذه فضلا عَنهُ مِمَّن يذكر.

164 -

تمرباي الظَّاهِرِيّ جقمق وَيعرف بقزل. / تَأمر فِي دولة الظَّاهِر تمربغا، قتل فِي الْوَقْعَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين.

165 -

تمرباي / أحد مقدمي حلب ودوادار السُّلْطَان هُنَاكَ. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَرْبَعِينَ.

166 -

تمربغا الحافظي. / مَاتَ فِي الْمحرم سنة ثَلَاث عشرَة ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.

ص: 39

167 -

تمربغا الظَّاهِر أَبُو سعيد الرُّومِي الظَّاهِرِيّ جقمق. / قدم بِهِ بعض تجار الرّوم الْبِلَاد الشامية فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين فملكه شاهين الزردكاش نَائِب طرابلس ثمَّ تنقل إِلَى أَن ملكه الظَّاهِر وَهُوَ أميراخور فَأحْسن تَرْبِيَته وأدبه وهذبه ثمَّ اخْتصَّ بِهِ وقربه وَجعله خاصكيا وسلحدارا فِي أول سلطنته ثمَّ نَقله إِلَى الخازندارية ثمَّ أمره عشرَة، وَحج أَمِير الأول غير مرّة ثمَّ أَمِير الْمحمل ورقاه إِلَى الدوادارية الثَّانِيَة عوضا عَن دولات باي فباشرها بِحرْمَة وافرة ومهابة ودام على ذَلِك مُدَّة فاشتهر اسْمه وَبعد صيته وارتقى فِي الوجاهة لأزيد من منصبه فَلَمَّا تسلطن ابْن أستاذه نَقله إِلَى الدوادارية الْكُبْرَى وَصَارَ هُوَ الْمُدبر للمملكة وَأظْهر فِي أَيَّام المحاصرة من الشجَاعَة والاقدام والفروسية مَا علم وَلم يلبث أَن انْقَضتْ تِلْكَ الايام فَكَانَ فِيمَن سجن باسكندرية ثمَّ نقل مِنْهَا إِلَى الصبيبة فاستمر بهَا سِنِين ثمَّ أطلق وَأذن لَهُ فِي التَّوَجُّه إِلَى الْحَج مَعَ الركب الشَّامي فَأَقَامَ بِمَكَّة أَيْضا سِنِين فَلَمَّا اسْتَقر الظَّاهِر خشقدم استقدمه للجنسية ولأياد لَهُ سَابِقَة عَلَيْهِ فقدمه وَعَمله رَأس نوبَة النوب ثمَّ أخرجه إِلَى اسكندرية فِي جملَة جمَاعَة قبض عَلَيْهِم ثمَّ أُعِيد بعد أَيَّام قَلَائِل على مَا كَانَ عَلَيْهِ بل ولي إمرة مجْلِس أَيْضا فَلَمَّا تسلطن يلباي صَار أتابك العساكر ثمَّ صَار بعده سُلْطَانا فِي آخر يَوْم السبت سَابِع جُمَادَى الاولى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين بعد خلعه وسر جُمْهُور النَّاس بِهِ لمزيد عقله وتؤدته ورياسته وفصاحته وفهمه، وَلم يلبث أَن خلع فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس رَجَب مِنْهَا بالأشرف قايتباي ثمَّ أرسل إِلَى دمياط ليقيم بِهِ بِدُونِ ترسيم فَأَقَامَ بِهِ إِلَى أول الْعشْر الثَّالِث من ذِي الْقعدَة فَحَضَرَ إِلَيْهِ مُحَمَّد بن عجلَان)

وَعِيسَى بن سيف وَمن انْضَمَّ اليهما من الْأَعْرَاب حمية لَهُ فَأَخَذُوهُ وحضروا بِهِ إِلَى جِهَة الصالحية ليدبر أَمر عوده إِلَى المملكة أَو لغير ذَلِك فَسَار وهم فِي خدمته مَعَ أبي الْفَتْح نَاظر دمياط ودولات باي وتنم الظاهريين خشقدم وَثَلَاثَة مماليك تَقْرِيبًا إِلَى قطيا ثمَّ مِنْهَا إِلَى جِهَة غَزَّة فَأمْسك وَأرْسل نائبها أرغون شاه يعلم السُّلْطَان بذلك ويسئل فِي إرْسَال من يتسلمه مِنْهُ ثمَّ ركب بعساكره وَهُوَ مَعَه إِلَى أَن وصل بِهِ إِلَى بلبيس فتسلمه مِنْهُ الدوادار الْكَبِير يشبك من مهْدي، وَتوجه بِهِ إِلَى اسكندرية ليَكُون بهَا فِي بَيت الْعَزِيز يُوسُف بِدُونِ ترسيم وَلَا تحفظ وَأَنه يحضر الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ مَعَ الْجَمَاعَة وَأرْسل هُوَ يُبَالغ فِي الترقق والتعطف وَيعْتَذر عَن صَنِيعه وَأَنه إِنَّمَا حمله عَلَيْهِ مَا كَانَ يطْرق سَمعه من الْأَمر بسجنه باسكندرية والتضييق عَلَيْهِ فرام التَّوَجُّه إِلَى الطّور ليتوصل مِنْهُ فِي الْبَحْر إِلَى مَكَّة وَاسْتمرّ مُقيما بالثغر على أعز حَال وَأكْرم هَيْئَة مِمَّا لم يسْبق إِلَيْهِ غَيره، إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن ذِي الْحجَّة

ص: 40

سنة تسع وَسبعين بعد توعكه عدَّة أشهر، وَدفن هُنَاكَ بحوش لنائبها إِذْ ذَاك الْأَمِير قجماس بِجَانِب مدرسته ثمَّ عمل على قَبره قبَّة لَطِيفَة نَافِذَة لَهَا، ورتب هُنَاكَ قراء. وَوجد عِنْده من النَّقْد نَحْو تِسْعَة عشر ألف دِينَار فِيمَا قيل سوى مَاله هُنَاكَ من أثاث ومتاجر وَغير ذَلِك هَذَا مَعَ كَونه من قريب أرسل يشتكي الْفقر والفاقة بِحَيْثُ جهز لَهُ السُّلْطَان فِيمَا قيل ألف دِينَار وَغير ذَلِك، وَكَانَ ملكا لائقا فَقِيها فَاضلا يحفظ الْمَنْظُومَة للنسفي ويستحضر كثيرا من الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة مَعَ مُشَاركَة حَسَنَة فِي فنون كالتاريخ وَالشعر وحذق وذكاء وعقل تَامّ وجودة رَأْي وتدبير وفصاحة اللغتين الْعَرَبيَّة والتركية وطهارة لِسَان وحشمة وأدب وتجمل زَائِد فِي ملبسه ومركبه ومأكله ومشربه ومسكنه، وَله فِي ذَلِك اختراعات تنْسب إِلَيْهِ وعَلى ذهنه الْكثير من الصَّنَائِع كعمل الْقوس والسهام عَارِفًا برمي النشاب معرفَة تَامَّة إِلَيْهِ انْتَهَت الرياسة فِيهِ بل وَفِي غَيره من أَنْوَاع الفروسية والملاعيب. لكنه كَانَ غير عفيف فِيمَا يُقَال قَائِما فِي أغراض نَفسه جدا مَعَ اثارة فتن ومكر وخداع ومزيد تكبر وَدخُول فِيمَا يقصر أَمْثَاله عَن دونه، وَتعرض للْخلاف بَين الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة وَرُبمَا نسب إِلَيْهِ التَّكَلُّم بِمَا لَا يَلِيق مِمَّا أَظُنهُ السَّبَب فِي سرعَة انْقِضَاء مدَّته بِحَيْثُ زبره الْمَنَاوِيّ فِي أَيَّام عزهما أعظم زبر، وَلذَا رام الانتقام مِنْهُ فِي الْأَيَّام المنصورية فعوجل مَعَ انه لما تسلطن تواضع جدا وَأعْرض عَن كثير مِمَّا كَانَ ينْسب إِلَيْهِ مَعَ توهم طول مدَّته وَأَن الْأَمر عَاد إِلَى الرّوم آخِذا ذَلِك من قَوْله تَعَالَى سيغلبون فِي بضع سِنِين حَيْثُ كَانَت الْبَاء)

بِاثْنَيْنِ وَالْعين بسبعين وَالضَّاد بثمانمائة، بل زعم أَن طَالبا شاميا أخبرهُ انه سمع بسلطنته بِمَدِينَة غَزَّة وَأَنه أخبر بِدِمَشْق بمشاهدة دِرْهَم عَتيق سكته باسم الظَّاهِر تمربغا، وَذَلِكَ قبل سلطنته بأيام حَسْبَمَا شوهد من جمَاعَة معتبرين فَالله أعلم. وَقد خطبني فِي أَيَّام امرته على لِسَان المحبي بن الشّحْنَة للاجتماع بِهِ، وَبَالغ الْمشَار إِلَيْهِ فِي ترغيبي فِيهِ فَمَا انْشَرَحَ الخاطر لذَلِك وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور.

168 -

تمربغا القجاوي كاشف الطير. / مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة احدى.

169 -

تمربغا المشطوب. / كَانَ شجاعا فَارِسًا متواضعا خيرا. تَأمر عشرَة فِي أَيَّام أستاذه الظَّاهِر برقوق ثمَّ طبلخاناه فِي أَيَّام النَّاصِر ثمَّ قدمه ثمَّ التف على جكم وَذهب مَعَه إِلَى قرايلك وقاسى هُنَاكَ شدَّة ثمَّ تخلص وَجَاء إِلَى حلب والتف عَلَيْهِ بعض الظَّاهِرِيَّة وَغَيرهم وَاسْتولى على حلب مُدَّة، مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة بِأَرْض البلقاء من الشَّام، وَهُوَ مَعَ شيخ ونوروز حِين توجههما إِلَى مصر، وَذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار فَقَالَ: تمربغا المشطوب. مَاتَ بحسبان.

ص: 41

170 -

تمربغا النحراري / نَائِب الشَّام. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين.

تمرلنك. / فِي تيمور قَرِيبا.

171 -

تمر من مَحْمُود شاه الظَّاهِرِيّ جقمق، / تنقل فِي الامرة وباشر الْولَايَة دهرا ثمَّ الحجوبية الْكُبْرَى. وَكَانَ جائرا فِي الاحكام متساهلا فِي الْأَمْوَال والدماء قاسى النَّاس مِنْهُ شدَّة، وَشهر ولدى القاياتي وَوصل أَذَاهُ لمجاوري الْجَامِع الْأَزْهَر. وَكَانَ ذَلِك ابْتِدَاء خذلانه. مَاتَ فِي صفر سنة ثَمَانِينَ بعد تعلله مُدَّة بالزحير وَغَيره، وَصلى عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه بمصلى الْمُؤمنِينَ وَلم تكن عَلَيْهِ وضاءة أهل الاسلام بل كَانَ هُوَ وإينال الشقر كفرسي رهان مَعَ شهامة وعصبية وتجمل فِي أُمُوره كلهَا.

172 -

تنبك الاشرفي برسباي وَيعرف بالصغير، / كَانَ فِي دولة أستاذه خاصكيا ثمَّ فِي أَيَّام وَلَده دوادارا ثمَّ نكب بعده وَأخرج إِلَى الْبِلَاد الشامية ثمَّ تَأمر عشرَة فِي أَيَّام الْأَشْرَف اينال وَصَارَ من رُؤُوس النوب إِلَى أَن نَدبه الظَّاهِر خشقدم مَعَ المجردين إِلَى الْبحيرَة فَقتل هُنَاكَ بيد عرب الطَّاعَة فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَقد زَاد على الْخمسين، وَكَانَ عَاقِلا هينا لينًا فصيح الْعبارَة جيد التِّلَاوَة مليح الصَّوْت متواضعا حشما رحمه الله.

173 -

تنبك البردبكي الظَّاهِرِيّ برقوق. / صَار خاصكيا فِي الْأَيَّام المؤيدية وَرَأس نوبَة الجمدارية ثمَّ)

بعد مَوته أَمِير عشرَة وَمن رُءُوس النوب ثمَّ نَائِب القلعة فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباي وأنعم عَلَيْهِ أَيْضا بطبلخاناه ثمَّ قدمه فِي آخر أَيَّامه ثمَّ أضيف اليها فِي الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة نِيَابَة القلعة ثمَّ نَقله إِلَى حجوبية الْحجاب، وَأمره على الْحَاج غير مرّة ثمَّ نَقله إِلَى دمياط بِسَبَب عبد قَاسم الكاشف الَّذِي زعم الصلاحية كَمَا ذكرته فِي التبر المسبوك ثمَّ رضى عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ للتقدمة، ثمَّ عمله ابْنه الْمَنْصُور أَمِير مجْلِس ثمَّ الاشرف أَمِير سلَاح ثمَّ أتابكا حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَقد قَارب التسعين تَقْرِيبًا، وَكَانَ شَيخا وقورا هينا لينًا متدينا رحمه الله.

174 -

تنبك الجانبكي جَانِبك الناصري الثور. / اتَّصل بعده بِخِدْمَة السُّلْطَان إِلَى أَن تَأمر عشرَة فِي أَوَائِل دولة خشقدم وَقتل فِي الْوَقْعَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين.

175 -

تنبك الجمالي الظَّاهِرِيّ جقمق / أحد المقدمين مِمَّن غضب لكَونه لم يُعْط امرة مجْلِس ثمَّ اسْترْضى وَصَارَ فِي مرتبَة متوليها مَعَ شغولها وسافر فِي التجريدة سنة خمس وَتِسْعين ثمَّ اسْتَقر فِيهَا ثمَّ فِي امرة الْمحمل سنة سبع وَتِسْعين، وَكَذَا تَأمر على الْمحمل أَيْضا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بعد حجه قبل ذَلِك فِي جملَة الركب حَيَاة أستاذه. وَيذكر بعقل ووقار وميل للْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ سِيمَا وكل من أَبَوَيْهِ

ص: 42

مِمَّن تشرف بالاسلام، وَقدم الْقَاهِرَة وَمَات بهَا وَأمه آخرهما موتا، وَرُبمَا قرب بعض الأسقاط، وَقد اجْتمعت بِهِ مرّة وَبَالغ فِي التأدب والاكرام وَكَانَ حِين امرته على الْمحمل قَارنا وَلم يتَعَرَّض لأحد بمكروه. وَمَات لَهُ فِي طاعون سنة سبع وَتِسْعين عدَّة عوضه الله خيرا وزاده فضلا.

176 -

تنبك الطولوني / أحد أُمَرَاء العشرات وَكَاشف المنوفية. قتل فِي ربيع الآخر سنة تسع وَسبعين وَاسْتقر بعده فِي الْكَشْف ابْنه يُونُس وَفِي الامرة غَيره وَختم على موجوده

177 -

تنبك قرا الاشرفي اينال / حَاجِب الْحجاب. تنقل إِلَى أَن عمل الدوادارية الثَّانِيَة فِي أَيَّام الاشرف قايتباي وقتا ثمَّ صَار أحد المقدمين ثمَّ حَاجِب الْحجاب. وسافر فِي عدَّة تجاريد مِنْهَا الَّتِي فِي سنة خمس وَتِسْعين وحمدت مباشراته سِيمَا مَعَ ميله للْعُلَمَاء فِي الْجُمْلَة، حَتَّى انه يقْرَأ على الزين جَعْفَر فِي الْقُرْآن وعَلى الامشاطي قبل الْقَضَاء فِي الْفِقْه ثمَّ على غَيره وَتردد إِلَيْهِ عَبَّاس المغربي والخطيب الوزيري وتكرر سخطه عَلَيْهِمَا، وَآل أمره إِلَى أَن صَار يقْرَأ على التقي بن الاوجاقي بِحَيْثُ تعصب مَعَه على الزيني زَكَرِيَّا، وسئلت فِي أَيَّام دواداريته فِي الِاجْتِمَاع بِهِ لقرَاءَته عَليّ فَمَا سمحت مَعَ سَمَاعه مني لبَعض الْأَحَادِيث واستجازته لي بِفضل الْخَيل)

للدمياطي، وَحلف لي مرّة انه لَا يقدم على أحدا وَلَكِن مَا وجدت لذَلِك مِنْهُ وَلَا من كثيرين مِمَّن بِزَعْمِهِ مِنْهُم ثَمَرَة، وَمِمَّنْ يتَرَدَّد إِلَيْهِ وينوه هُوَ بفضيلته أَبُو النجا بن الشَّيْخ خلف وَقَامَ مَعَه فِي ردع الْجلَال بن الاسيوطي كثر الله من أَمْثَال الْأَمِير فَهُوَ من حَسَنَات أَبنَاء جنسه وَقد توفى لَهُ عدَّة أَبنَاء فِي طاعون سنة سبع وَتِسْعين من ابْنة الدوادار بردبك.

178 -

تنبك المحمودي / نَائِب دمشق. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين.

179 -

تنبك الناصري أحد أُمَرَاء العشرات وَرَأس نوبَة وَيعرف بالبهلوان وبالمصارع. مَاتَ بآمد فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ.

180 -

تنبك / أَمِير الركب الْمصْرِيّ فِي سنة ثَمَانِي عشرَة. مَاتَ فِي السّنة بعْدهَا، وكل من هَؤُلَاءِ يُقَال لَهُ أَيْضا تاني بك وَلذَا كتبت هُنَاكَ جمَاعَة.

181 -

تنم من بخشاش الجركسي الظَّاهِرِيّ جقمق وَيُقَال لَهُ تنم رصاص / أحد خاصكية أستاذه، ترقى بعده حَتَّى ولي الْحِسْبَة فِي آخر أَيَّام الْأَشْرَف اينال بالبذل ثمَّ صَار أَمِير عشرَة فِي أَوَائِل الظَّاهِر خشقدم ثمَّ نقل لامرة طبلخاناه وَاسْتمرّ حَتَّى قتل بيد بعض الاجلاب فِي مستهل ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ بِبَاب الْقلَّة وَلم يستكمل الاربعين غير مأسوف عَلَيْهِ، وَكَانَ مليح الشكل شجاعا عَارِفًا متحركا

ص: 43

متجملا مَعَ مزِيد ظلمه وجبروته وَشدَّة قسوته وانتشار أَذَاهُ وَلذَا زَاد جَانِبك الجداوي فِي تقريبه حَتَّى كَانَ من أعوانه، وابتنى جَامعا بِالْقربِ من سكنه بالسبع سقايات وَإِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ.

182 -

تنم من عبد الرَّزَّاق الجركسي المؤيدي. / أَصله للمشير بدر الدّين بن محب الدّين الطرابلسي وَقدمه للمؤيد فَأعْتقهُ وَعَمله خاصكيا ثمَّ خازندارا صَغِيرا وَمَات قبل أَن يلتحي ثمَّ رَأس فِي الْأَيَّام الأشرفية رَأس نوبَة الجمدارية ثمَّ أَمِير عشرَة ثمَّ ولاه الظَّاهِر جقمق الْحِسْبَة ثمَّ نِيَابَة اسكندرية ثمَّ حماة ثمَّ حلب فَلم يحمد فِيهَا ورجم من أَهلهَا فصرف وَصَارَ بالبذل أحد المقدمين ثمَّ أَمِير مجْلِس ثمَّ فِي أَيَّام الْمَنْصُور أَمِير سلَاح ثمَّ قبض عَلَيْهِ اينال لما تسلطن وسجنه باسكندرية إِلَى أَن أطلقهُ الظَّاهِر خشقدم، وَاسْتقر بِهِ فِي نِيَابَة الشَّام فَلم تحمد سيرته أَيْضا لطمعه وشحه وشرهه واسرافه على نَفسه إِلَى أَن مَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الاولى سنة ثَمَانِي وَسِتِّينَ بدار السَّعَادَة مِنْهَا وسر أهل دمشق بِمَوْتِهِ كثيرا وَمنع الْعَامَّة من دَفنه فَلم يدْفن إِلَّا بعد يَوْمَيْنِ ثمَّ دفن بالتربة الَّتِي أَنْشَأَهَا قانبك المؤيدي شمَالي تربة جانم نَائِب الشَّام بمقبرة الصُّوفِيَّة)

وَلم يبلغ مَا كَانَ يخبر بِهِ بعض المنجمين من سلطنة مصر فَللَّه الْحَمد.

183 -

تنم سيف الدّين الحسني الظَّاهِرِيّ برقوق. / تنقل فِي خدمَة أستاذه إِلَى أَن ولاه نِيَابَة دمشق بعد وَفَاة كمشبغا الخاصكي، ثمَّ فِي سنة سبع وَتِسْعين قاد الجيوش الاسلامية إِلَى سيواس نجدة لصَاحِبهَا برهَان الدّين بِأَمْر أستاذه الظَّاهِر فَلَمَّا مَاتَ أستاذه خرج عَن طَاعَة المصريين وعزم على التَّوَجُّه بِمن وَافقه من النواب والامراء إِلَى مصر، واجتمعوا كلهم بِدِمَشْق، ثمَّ سَار بهم فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة، فَلَمَّا سمع المصريون خَرجُوا وَمَعَهُمْ النَّاصِر فرج وَهُوَ صَغِير، فَلَمَّا وصلوا إِلَى غَزَّة وبلغهم أَن تنم وَمن مَعَه وصلوا إِلَى الرملة استعظموا أمره فراسلوه مَعَ الصَّدْر الْمَنَاوِيّ قَاضِي الشَّافِعِيَّة وَغَيره فِي الصُّلْح فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ أكْرمهم وخلع عَلَيْهِم وأنعم عَلَيْهِم وَمَال إِلَى الصُّلْح فأفسد عَلَيْهِ ذَلِك بعض الامراء فَرجع الصَّدْر وَلم يَنْتَظِم الامر وتهيأ الْفَرِيقَانِ للملتقى فانكسر تنم وَمن مَعَه من الامراء وَأمْسك هُوَ وغالب من مَعَه فِي الْوَقْعَة وَاسْتمرّ ركاب السُّلْطَان إِلَى دمشق وَصعد قلعتها وَبث النواب وَقرر أُمُور دمشق وقواعدها وَحبس تنم بهَا ثمَّ توفّي مقتولا بهَا فِي رَجَب أَو شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَكَانَ أَمِيرا كَرِيمًا كَبِيرا شجاعا مهيبا عادلا مُحْتَرما ذَا همة عالية وَرَأى وتدبير وخبرة وعرفان، بنى خَانا للسبيل بِالْقربِ من

ص: 44

القطيفة على بريد من دمشق وتربة بِدِمَشْق. ذكره ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ غَيره قتل خنقا فِي أول رَمَضَان وَدفن بتربته بالقبيبات.

184 -

تنم الابو بكري المؤيدي وَيُقَال لَهُ الْفَقِيه ويلقب صَلَاح الدّين. / كَانَ أحد رُءُوس النوب وأمير عشرَة، مَاتَ شَهِيدا بالاسهال وَهُوَ رَاجع من الْحَج ببير الْقَرَوِي وَدفن باكري فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَقد قَارب الثَّمَانِينَ وَكَانَ خيرا صاهر الْمُحب الاقصرائي على ابْنَته وَمَاتَتْ تَحْتَهُ، وسافر فِي الْغَزَوَات والتجاريد غير مرّة وَهُوَ صَاحب الْبَيْت المجاور لمَسْجِد الأميني الاقصرائي بِالْقربِ من الايتمشية الَّذِي صَار لشقيقه تاني بك الاياسي الْمَاضِي.

185 -

تنم الاشرفي قايتباي. / أرْسلهُ أستاذه لنيابة جدة مرّة بعد أُخْرَى ثمَّ أَخّرهُ السّنة الثَّالِثَة بعد أَن ألبسهُ الخلعة لَهَا وانتزعها وألبسها لبرد بك الْمَاضِي.

تنم الحسني الظَّاهِرِيّ، / مضى فِي تنم سيف الدّين قَرِيبا.

186 -

تنم الحسني الأشرفي برسباي. كَانَ من خَواص أستاذه وسقاته وامتحن بعده بِالْحَبْسِ ثمَّ أطلق وَآل أمره إِلَى أَن تَأمر عشرَة فِي أَيَّام اينال وَصَارَ من رُؤُوس النوب ثمَّ فِي أول أَيَّام خشقدم)

عمل رَأس نوبَة ثَانِي ثمَّ نَائِب حماة ثمَّ بَطل ثمَّ قدم بحلب. وَمَات بهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَهُوَ فِي عشر السّبْعين.

187 -

تنم الْفَقِيه الْحَنَفِيّ. / أَخذ عَن ابْن قديد النَّحْو وَالصرْف وَغَيرهمَا وَكَذَا عَن ملا شيخ وتصدر للاقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة من التّرْك وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيرهم. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ خضر بن شماف وَمِنْه استفدته.

188 -

تنم المحمدي وَالِد زَوْجَة أبي بكر بن صلغاي / وَأحد تجار الباسطية. تردد الي غير مرّة وَسمع مني المسلسل وَبَعض البُخَارِيّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين.

189 -

تنم المؤيدي دوادار / السُّلْطَان بِدِمَشْق. مَاتَ فِي شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ، أرخه ابْن اللبودي.

190 -

تنم وسمى تنبك / نَائِب دمشق. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة، وَأَظنهُ الْمَاضِي قَرِيبا.

191 -

توران شاه بن تهمتن شاه بن توران شاه صَاحب هرموز /، كَانَ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ مَذْكُور فِي الْحَوَادِث وَبَلغنِي أَنه حج فِي صغره مَعَ ابيه وَعمر حَتَّى مَاتَ قبيل سنة سبعين، وَكَانَ خيرا يُرْسل بالقاتل وَالسَّارِق إِلَى قُضَاة الشَّرْع وَيكرم المراكب الْوَاصِلَة من مَكَّة بالاعفاء من المكس وَيَأْكُل من صيد يَده، وسم غير مرّة وَاسْتقر بعده ابْنه مَقْصُود فدام قَلِيلا ثمَّ كحل ثمَّ ابْنه الملا شهَاب الدّين وشنق بعد سِنِين فِي الحمانة ثمَّ ابْنه الثَّالِث مرغل وَهُوَ بهَا إِلَى تَارِيخه سنة سبع وَتِسْعين.

ص: 45

192 -

تيمور وَهُوَ تمرلنك بن طرغاي الحفظاي الْأَعْرَج / وَهُوَ اللنك بلغتهم فَعرف بِتَمْر اللنك ثمَّ خفف فَقيل تمرلنك. تغلب على سلطانهم الْمُتَّصِل نسبه بعظيم القان إِلَى حفظاي واسْمه مَحْمُود وَكَانَ ابْتِدَاء ملكه انه لما انقرضت دولة بني جنكزخان وتلاشت فِي جَمِيع النواحي ظهر فِي أعقاب بني حفظاي بَين كش وسمرقند تيمور هَذَا وتغلب على ملكهم مَحْمُود بعد أَن كَانَ أتابكه وَتزَوج أمه بعد مهلك أَبِيه واستبد عَلَيْهِ وَكَانَ فِي عصره أَمِير لبخاري يعرف بِحسن من أكَابِر الْمغل وَآخر بخوارزم من قبل مُلُوك سراي أهل التخت يعرف بالحاج حسن الصُّوفِي وَهُوَ من كبار التتر فنبذ اليهم تيمور الْعَهْد وزحف إِلَى بُخَارى فملكها من يَد حسن ثمَّ زحف إِلَى خوارزم وتحرش بهَا وَهلك حسن فِي خلال ذَلِك وَولي أَخُوهُ يُوسُف فملكها تيمور من يَده وخربها فِي حِصَار طَوِيل ثمَّ كلف بعمارتها وتشييد مَا خرب مِنْهَا وانتظم لَهُ ملك مَا وَرَاء النَّهر وَنزل بُخَارى ثمَّ انْتقل إِلَى سَمَرْقَنْد ثمَّ زحف إِلَى خُرَاسَان وَطَالَ تحرشه بهَا وحروبه مَعَ صَاحبهَا)

شاه ولي إِلَى أَن ملكهَا عَلَيْهِ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنَجَا شاه ولي فِي قلَّة إِلَى تبريز وَبهَا أَحْمد بن أويس بن حسن صَاحب الْعرَاق وأذربيجان إِلَى أَن زحف عَلَيْهِم تيمور سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ فَهَلَك شاه ولي فِي حروبه عَلَيْهَا وملكها تيمور ثمَّ زحف إِلَى اصبهان فَأتوهُ طَاعَة ممرضة وحالفه فِي قومه كَبِير من أهل نسبه يعرف بقمر الدّين وأمده طقتمش صَاحب التخت لصراي فكر رَاجعا إِلَيْهِ وشغل بحروبه إِلَى أَن محى أَثَره واشتغل بسُلْطَان الْمغل وزاحم طقتمش مرَارًا حَتَّى أوهن أمره ثمَّ رَجَعَ إِلَى أصفهان سنة أَربع وَتِسْعين فملكها ثمَّ سَار إِلَى فَارس وَبهَا أعقاب بني المظفر اليزدي المتغلبين عَلَيْهَا بعد هَلَاك بني هولاكو فملكها من أَيْديهم آخر سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ زحف إِلَى بَغْدَاد سنة خمس فاجفل عَلَيْهَا أَحْمد بن أويس المتغلب عَلَيْهَا بعد بني هولاكو وألحقه بِالشَّام وَاسْتولى تيمور على بَغْدَاد والجزيرة وديار بكر إِلَى الْفُرَات واتصلت أخباره بِالظَّاهِرِ برقوق ملك مصر فاستعد للقائه وَجمع وَنزل عَسْكَر حلب بِالْقربِ من الْفُرَات وَنزل تيمور بالرها وَأَخذهَا ونهبها وبالغه زحف طقتمش فِي جموع الْمغل ووصوله إِلَى الابواب فأحجم وَتَأَخر إِلَى قلاع الاكراد وأطراف بِلَاد الرّوم وأناخ على قرا بَاغ باش أذربيجان والابواب وَرجع طقتمش صَاحب اليخت إِلَى صراي ثمَّ سَار إِلَيْهِ تيمور أول سنة سبع وَتِسْعين وغلبه على ملكه وَأخرجه من سَائِر أَعماله فلحق ببلغادر وَرجع سَائِر الْمغل الَّذين كَانُوا مَعَه إِلَى تيمور فَأَصْبَحت أُمَم الْمغل والتتر كلهَا فِي حَملته وصاروا تَحت لوائه وَالْملك لله فَلَمَّا بلغه موت الظَّاهِر برقوق فرج وَأعْطى من بشره بذلك

ص: 46

خَمْسَة عشر ألف دِينَار تهَيَّأ للمسير إِلَى بِلَاد الشَّام فجَاء إِلَى بَغْدَاد فَأَخذهَا ثَانِيًا لِأَنَّهَا كَانَت استرجعت من نَائِبه بهَا وهرب مِنْهَا أَحْمد بن أويس فلحق بِالشَّام ثمَّ قصد تيمور سيواس فِي آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة فحاصرها مُدَّة وَلم يَأْخُذهَا ثمَّ إِلَى عينتاب فأجفل أهل الْقرى بَين يَدَيْهِ وجفل أهل الْبِلَاد الحلبية وَاجْتمعَ عَسَاكِر الممالك الشامية بحلب وَوصل تيمور إِلَى مرج دابق وجهز رَسُولا إِلَى حلب فَأمر سودون النَّائِب بقتْله ثمَّ نزل فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع ربيع الاول سنة ثَلَاث على حلب ونازلها وحاصرها فَخرج النواب بالعساكر إِلَى ظَاهرهَا من جِهَة الشمَال مَا بَين نابلي وبالقوسا وتقاتلوا يَوْم الْخَمِيس وَالْجُمُعَة فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت حادي عشر الشَّهْر الْمَذْكُور ركب تيمور وَجمع وحشد والفيلة تقاد بَين يَدَيْهِ وَهِي فِيمَا قيل ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ وَكَانَ قد دخل بِلَاد الشَّام فِي جموع وأمم لَا يعلمهَا الا الله من ترك وتركمان وعجم وأكراد وتتار وزحف على حلب فَانْهَزَمَ)

الْمُسلمُونَ من بَين أَيْديهم وَجعلُوا يلقون أنفسهم من الاسوار والخنادق والتتار فِي أَثَرهم يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ إِلَى أَن دخلُوا حلب عنْوَة بِالسَّيْفِ فلجأ النِّسَاء والاطفال إِلَى الْجَوَامِع والمساجد فَلم يفد ذَلِك شَيْئا واستحر الْقَتْل والاسر فِي أهل حلب من التتار فَقتلُوا الرِّجَال وَسبوا النِّسَاء والأطفال وَقتل خلق كثير من الاطفال تَحت حوافر الْخَيل وعَلى الطرقات وأحرقوا الْمَدِينَة وَكَانَت وقْعَة فظيعة ثمَّ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشره تسلم قلعتها بالامان وَصعد اليها فِي الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ وَجلسَ فِي إيوانها وَطلب الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء للسلام عَلَيْهِ فامتثلوا أمره. وَجَاءُوا إِلَيْهِ فِي لَيْلَة الْخَمِيس فَلم يكرمهم وَجعل يتعنتهم بالسؤال وَكَانَ آخر مَا سَأَلَهُمْ عَنهُ أَن قَالَ مَا تَقولُونَ فِي مُعَاوِيَة وَيزِيد هَل يجوز لعنهما أم لَا وَعَن قتال عَليّ وَمُعَاوِيَة فَأَجَابَهُ القَاضِي علم الدّين القفصي الْمَالِكِي بِأَن عليا اجْتهد وَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَمُعَاوِيَة اجْتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجر وَاحِد فتغيظ من ذَلِك ثمَّ أجَاب الشّرف أَبُو البركات مُوسَى الْأنْصَارِيّ الشَّافِعِي بِأَن مُعَاوِيَة لَا يجوز لَعنه لِأَنَّهُ صَحَابِيّ فَقَالَ تمرلنك مَا حد الصَّحَابِيّ فَأَجَابَهُ القَاضِي شرف الدّين أَنه كل من رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ تمرلنك فاليهود وَالنَّصَارَى رَأَوْا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأجَاب بَان ذَلِك بِشَرْط كَون الرَّائِي مُسلما وَأجَاب القَاضِي شرف الدّين بِأَنَّهُ رأى حَاشِيَة على بعض الْكتب أَنه يجوز لعن يزِيد فتغيظ لذَلِك وَذَلِكَ بعد أَن وعد بِالْعَفو ثمَّ أَمر بالانصراف وَذَلِكَ فِي الثُّلُث الأول من لَيْلَة الْخَمِيس المسفرة عَن سادس عشر فانصرفوا ثمَّ ان تمرلنك حضر إِلَى مقَام ابراهيم الْخَلِيل عليه السلام فَجرى لَهُ مَعَ الْقُضَاة بعض مَا اتّفق أَولا وَاسْتمرّ بِهِ إِلَى

ص: 47

قريب طُلُوع الْفجْر ثمَّ توجه إِلَى قاعة السُّلْطَان الكائنة بالقلعة وَأمر بِطَلَب دَرَاهِم مِمَّن هُوَ بالقلعة من الحلبيين فَكتبت أَسمَاء النَّاس وَقبض عَلَيْهِم وعوقبوا بأنواع من الْعَذَاب بِحَيْثُ لم يسلم من الْعقُوبَة الا الْقَلِيل ونهبوا القلعة وَأخذُوا من الْأَمْوَال والأقمشة مَا أذهل التتار وَلم يظفروا فِي مملكة بِمثلِهِ وَأقَام التتار بحلب يعاقبون وَيَأْخُذُونَ الْأَمْوَال إِلَى يَوْم السبت مستهل أَو ثَانِي ربيع الآخر، ثمَّ رَحل إِلَى جِهَة دمشق وَترك بحلب طَائِفَة من التتار بالقلعة وبالمدينة وَأمر على القلعة الْأَمِير مُوسَى، وَكَانَ فِيهِ لطف على مَا قيل واحسان مَعْرُوف وَحبس من كَانَ فِي القلعة من الْأَعْيَان بهَا تَحت أَيدي التتار وَلم يسلم من ذَلِك الا من هرب فوصل تمر إِلَى دمشق وَكَانَ قد وصل اليها النَّاصِر فرج بعساكر الديار المصرية لدفع التتار وَحصل بَينهم قتال أَيَّامًا ثمَّ إِن الْعَسْكَر الْمصْرِيّ وَقع الْخلف بَينهم فِي الْبَاطِن وداخلهم الفشل فانكسروا وولوا رَاجِعين)

إِلَى جِهَة مصر، واقتفى التتار آثَارهم يسلبون من قدرُوا عَلَيْهِ أَو لحقوه وَرجع السُّلْطَان إِلَى مصر وَأخذ تمرلنك دمشق وَفعل بهَا أعظم من فعله بحلب فقصد من بالقلعة أَن يمْتَنع مِنْهُ فَأخذ بالأخشاب وَالتُّرَاب وَالْحِجَارَة وَبنى برجين قبالة القلعة من نَاحيَة جسر الزلابية فأذعنوا حِينَئِذٍ ونزلوا فتسلمها وَنهب الْمَدِينَة وخربها خرابا فَاحِشا لم نسْمع بِمثلِهِ وَلم يصل التتار أَيَّام هولاكو إِلَى قريب مِمَّا فعل بهَا التتار أَيَّام تيمور وَاسْتمرّ بِدِمَشْق إِلَى الْعشْر الثَّانِي من شعْبَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى نَاحيَة حلب قَاصِدا بِلَاده فَلَمَّا قرب مِنْهَا أَمر من كَانَ من التتار بهَا بالرحيل وان يصحبوا من بالقلعة من المعتقلين خلا الْقُضَاة فَأطلق الشّرف مُوسَى الانصاري والكمال عمر بن العديم وَجَمَاعَة مَعَهم وَأخذ بَقِيَّتهمْ إِلَى جِهَة بِلَاده فَمنهمْ من هرب من أثْنَاء الطَّرِيق وَمِنْهُم من اسْتمرّ مَعَهم عَجزا ورحل التتار كَمَا أَمرهم تمرلنك من حلب فِي الْعشْر الثَّانِي من شعْبَان وأسروا جَمِيع من صادفوا فِي طريقهم من النِّسَاء وَالصبيان بعد أَن أحرقوا حلب مرّة ثَانِيَة وهدموا أبراج القلعة وسور الْمَدِينَة وخربوا الْمَسَاجِد والجوامع والمدارس وَقتلُوا وَسبوا وأسروا وَاسْتَحَلُّوا الدِّمَاء والفروج وَقَالَ الشُّعَرَاء فِي ذَلِك قصائد شبه الرثاء والتوجع وَنَحْو ذَلِك، وَلما رَجَعَ إِلَى جِهَة بِلَاده أَنَاخَ على قرا بَاغ إِلَى السّنة الثَّانِيَة وَهِي سنة أَربع فَجمع وحشد وَقصد بِلَاد الرّوم فَجمع سلطانها أَبُو يزِيد عسكره وَتقدم كل من الْفَرِيقَيْنِ إِلَى الآخر فحصلت مقتلة عَظِيمَة انْكَسَرَ فِيهَا صَاحب الرّوم وَأسر وتفرق شَمل عَسْكَر الرّوم فَأخذ تمرلنك مَا يَلِي أَطْرَاف الشَّام من بِلَاد الرّوم وَأخذ برصا وَهِي كرْسِي مملكة الرّوم ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده وَمَعَهُ أَبُو يزِيد صَاحب الرّوم معتقلا فتوفى فِي اعتقاله من السّنة وَاسْتمرّ تمرلنك فِي بِلَاد

ص: 48

الْعَجم وَدخل الْهِنْد فنازل مملكة الْمُسلمين حَتَّى غلب عَلَيْهَا ثمَّ جرى بَينه وَبَين النَّاصِر فرج مراسلات وَصلح وَأهْدى كل مِنْهُمَا للْآخر، وَكَانَ شَيخا طوَالًا مهولا طَوِيل اللِّحْيَة حسن الْوَجْه أعرج شَدِيد العرج سلب رجله فِي أَوَائِل أمره وَمَعَ ذَلِك يُصَلِّي عَن قيام، مهابا بطلا شجاعا جبارا ظلوما غشوما فتاكا سفاكا للدماء مقداما على ذَلِك أفنى فِي مُدَّة ولَايَته من الْأُمَم مَا لَا يحصيهم الا الله وَوصل إِلَى أَطْرَاف الْهِنْد وَخرب بلدانا كَثِيرَة يفوتها الْحصْر جهير الصَّوْت يسْلك الْجد مَعَ الْقَرِيب والبعيد وَلَا يحب المزاح وَيُحب الشطرنج وَله فِيهَا يَد طولى ومهارة زَائِدَة وَزَاد فِيهَا جملا وبغلا وَجعل رقعته عشرَة فِي أحد عشر بِحَيْثُ لم يكن يلاعبه فِيهِ إِلَّا أَفْرَاد يقرب الْعلمَاء والشجعان والاشراف وينزلهم مَنَازِلهمْ وَلَكِن من خَالف أمره أدنى مُخَالفَة استباح دَمه)

فَكَانَت هيبته لَا تدابي بِهَذَا السَّبَب وَمَا أخرب الْبِلَاد الا بذلك فانه كَانَ من أطاعه من أول وهلة أَمن وَمن خَالفه أدنى مُخَالفَة وَهِي، ذَا فكر صائب ومكائد فِي الْحَرْب عَجِيبَة وفراسة قل أَن تخطئ عَارِفًا بالتواريخ لادمانه على سَمَاعه لَا يَخْلُو مَجْلِسه عَن قِرَاءَة شَيْء مِنْهَا سفرا أَو حضرا مُغْرِي بِمن لَهُ معرفَة بصناعة مَا إِذا كَانَ حاذقا فِيهَا، أُمِّيا لَا يحسن الْكِتَابَة حاذقا باللغة الفارسية والتركية والمغلية خَاصَّة ويعتمد قَوَاعِد جنكزخان ويجعلها أصلا وَلذَلِك أفتى جمع جم بِكُفْرِهِ مَعَ أَن شَعَائِر الاسلام فِي بِلَاده ظَاهِرَة وَله جواسيس فِي جَمِيع الْبِلَاد الَّتِي ملكهَا وَالَّتِي لم يملكهَا وَكَانُوا ينهون إِلَيْهِ الْحَوَادِث الكائنة على جليتها ويكاتبونه بِجَمِيعِ مَا يروم فَلَا يتَوَجَّه إِلَى جِهَة الا وَهُوَ على بَصِيرَة من أمرهَا، وَبلغ من دهائه أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ قصد جِهَة جمع أكَابِر الدولة وَتَشَاوَرُوا إِلَى أَن يَقع الرَّأْي على التَّوَجُّه فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ إِلَى الْجِهَة الْفُلَانِيَّة فيكاتب جواسيس تِلْكَ الْجِهَات فتأخذ الْجِهَة الْمعينَة حذرها ويأمن غَيرهَا، فَإِذا ضرب النفير وَأَصْبحُوا سائرين ذَات الشمَال عرج بهم ذَات الْيَمين فَإلَى أَن يصل الْخَبَر الثَّانِي دهم هُوَ الْجِهَة الَّتِي يُرِيد وَأَهْلهَا غافلون. مَاتَ وَهُوَ مُتَوَجّه لأخذ بِلَاد الخطا على مَدِينَة اترار فِي لَيْلَة الاربعاء سَابِع عشر شعْبَان سنة سبع وأرخه المقريزي فِي الَّتِي تَلِيهَا وَأَظنهُ غَلطا. وَلم يكن مَعَه من بنيه وأحفاده سوى حفيده خَلِيل بن ميران شاه وحسين ابْن أُخْته فاتفق رَأْيهمْ على اسْتِقْرَار الْحَفِيد الْمَذْكُور عوضه بسمرقند مَعَ وجود أَبِيه وَعَمه شاد رخ بهراة وَوُجُود بير عمر فِي فَارس وَكَانَ تيمور قد جعل أَولا ولي عَهده حفيده

ص: 49