الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
وبه نستعين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
الوهم الحادي والثلاثون:
قال: إنهم يقولون بإثابة الفراعنة
بطاعات الأنبياء وتوهم (2) أن هذا يمضي، فالله المستعان.
وقد مر الجواب في مسألة المتأولين، فخذه من هناك.
الوهم الثاني والثلاثون:
قال: ومن العجب العُجاب قول فخر الدين الرازي في " محصوله "(3): إن شكر المنعم لا يجب عقلاً، وإن قُبْحَ القبيح لا يُعرف عقلاً
…
إلى آخر كلامه.
أقول: بل من العجب العجاب أن الرازي يقول في " محصوله " هذا الذي نقلت عنه:
إن أهم ما في هذه المسألة معرفة موضع الخلاف بينهم وبين المعتزلة،
(1) من بداية هذا المجلد وحتى نهاية الكتاب اعتمدنا النسخة التي رمزنا إليها في المقدمة ص 130 بـ (د)، وكنا ذكرنا أنها تبدأ بالوهم الثاني والثلاثين، والصواب أنها تبدأ بالوهم الحادي والثلاثين، كما هو مثبت هنا، ثم انتهى إلينا أصل جديد من المجلد الرابع الذي يستوعب الجزء الثامن والتاسع من طبعتنا هذه زودنا بها القاضي إسماعيل الأكوع شكر الله له، وقد رمزنا لها بحرف (ف) وهي نسخة جيدة مقروءة نادرة الخطأ.
(2)
في (ش): " ثم وهم ".
(3)
1/ 193.
ثم يصرح الرجل ببيانه بأوضح عبارةٍ، وأجلى نصٍّ، وأصرح بيان، ثم تغلط عليه في النقل من ذلك الكتاب (1) بعينه، وقد تقدم أن الرجل قد اعترف في " المحصول " هذا الذي نقلت عنه، فما حصَّلت نقلك، ولا حضرت عقلك: أنهم لا يخالفون في التحسين والتقبيح باعتبارات ثلاثة:
الأول: بالنظر إلى صفة الكمال، كالعلم والصِّدق، يعني الذي ليس بضارٍّ، وإلى صفة النقص، كالجهل والكذب، يعني الذي لم يقع إليه ضرورة، ولهذا لم يجيزوا الكذب من الله تعالى ولا شيئاً من صفات النقص عقلاً وسمعاً.
الثاني: بالنظر إلى النفع، كالصدقة، وإنقاذ الغرقى، ونصر المظلوم، ونحو ذلك، وبالنظر إلى المضرِّة كالظلم ونحوه.
الثالث: بالنظر إلى العادة، كستر العورة وكشفها قبل الشرع، وعند البراهمة ونحوهم ممن لا يتحكَّمُ للشرع (2).
فهذه الوجوه الثلاثة يُقِرُّون بالتحسين والتقبيح بها عقلاً، وسائر التقبيح والتحسين عندهم شرعي.
(1) في (د): " النقل " وعبارة " من ذلك الكتاب " ساقطة من (ش).
(2)
يعني أن التحسين والتقبيح في هذه الأشياء غير مستفادة من الشرع، فإن البراهمة مع إنكارهم للشرائع عالمون بها.
قلت: والبراهمة نسبة إلى هندي يُدعى: برهم. وهم طوائف، فطائفة تقول بقدم العالم، وتعترف بمدبر له قديم، وترى أن الإنسان غير مكلف بغير المعرفة، وطائفة تقول بحدوث العالم، وتعترف بوجود صانع حكيم، ولكنها تُنكر النبوات والكتب السماوية، وترى أن الواسطة بين الخالق وخلقه هو العقل فقط.
وطائفة تقول بحدوث العالم، وتعترف بوجود الخالق، ولكن تؤمن بأن الذي يدبر شؤون العالم هو الأفلاك السبعة البروج الاثنا عشر.
انظر: " الملل والنحل " 2/ 250 وما بعدها و" الحور العين " لنشوان الحميري ص 143 - 144.