الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَدِهِ لِامْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا نَقَلَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ قِنْطَار زَيْتٍ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ]
79 -
64 مَسْأَلَةٌ:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ، وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ: عَنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ سِتُّونَ قِنْطَارَ زَيْتٍ بِالدِّمَشْقِيِّ، وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فِي بِئْرٍ وَاحِدَةٍ، فَهَلْ يَنْجَسُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَوْ اسْتِعْمَالُهُ، أَمْ لَا؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَا يَنْجَسُ بِذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَحُكْمُ الْمَائِعَاتِ عِنْدَهُ حُكْمُ الْمَاءِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَلَا يَنْجَسُ إذَا بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ، لَكِنْ تُلْقَى النَّجَاسَةُ وَمَا حَوْلَهَا، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْمَائِعَاتِ حُكْمُ الْمَاءِ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: كَالزُّهْرِيِّ، وَالْبُخَارِيِّ صَاحِبِ الصَّحِيحِ.
وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعَاتِ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَفِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْإِزَالَةِ، لَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ رَأَى مُجَرَّدَ الْوُصُولِ مُنَجِّسًا، وَجُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ خَالَفُوا فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَرَوْا الْوُصُولَ مُنَجِّسًا مَعَ الْكَثْرَةِ، وَتَنَازَعُوا فِي الْقَلِيلِ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ رَأَى أَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنَّ الْخَبِيثَ إذَا وَقَعَ فِي الطَّيِّبِ أَفْسَدَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّمَا يُفْسِدُهُ إذَا كَانَ قَدْ ظَهَرَ أَثَرُهُ، فَأَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَ فِيهِ وَاسْتَحَالَ، فَلَا وَجْهَ لِإِفْسَادِهِ، كَمَا لَوْ انْقَلَبَتْ الْخَمْرَةُ خَلًّا بِغَيْرِ قَصْدِ آدَمِيٍّ، فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ حَلَالٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، لَكِنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْمَاءِ مَعْرُوفٌ، وَعَلَى هَذَا أَدِلَّةٌ قَدْ بَسَطْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى نَجَاسَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ.
وَعُمْدَةُ الَّذِينَ نَجَّسُوهُ احْتِجَاجُهُمْ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ:
وَهَذَا الْحَدِيثُ إنَّمَا يَدُلُّ لَوْ دَلَّ عَلَى نَجَاسَةِ السَّمْنِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْفَأْرَةُ، فَكَيْفَ وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، بَلْ بَاطِلٌ غَلِطَ فِيهِ مَعْمَرٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ غَلَطًا مَعْرُوفًا عِنْدَ النُّقَّادِ الْجَهَابِذَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ.
وَمَنْ اعْتَقَدَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ فَلَمْ يَعْلَمْ لِلْعِلَّةِ الْبَاطِنَةِ فِيهِ، الَّتِي تُوجِبُ الْعِلْمَ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنَّ عِلْمَ الْعِلَلِ مِنْ خَوَاصِّ عِلْمِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَلِهَذَا بَيَّنَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مَا يُوجِبُ فَسَادَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ هُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ أَدَلُّ مِنْهُ عَلَى النَّجَاسَةِ فَقَالَ:(بَابٌ: إذَا وَقَعَتْ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ أَوْ الذَّائِبِ) فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الدَّابَّةِ الَّتِي تَمُوتُ فِي الزَّيْتِ، أَوْ السَّمْنِ وَهُوَ جَامِدٌ، أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ، الْفَأْرَةُ أَوْ غَيْرُهَا قَالَ: بَلَغَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ ثُمَّ أُكِلَ» .
وَفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَ:«سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَكُلُوهُ» . فَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ أَعْلَمِ الْأُمَّةِ بِالسُّنَّةِ فِي زَمَانِهِ، أَنَّهُ أَفْتَى فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ الْجَامِدِ، وَغَيْرِ الْجَامِدِ، إذَا مَاتَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ أَنَّهَا تُطْرَحُ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا، وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ:«أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَكُلُوهُ» . وَلَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ، بَلْ هَذَا بَاطِلٌ، فَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رضي الله عنه هَذَا لِيُبَيِّنَّ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا التَّفْصِيلَ فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ أَجَابَ الْعُمُومَ فِي الْجَامِدِ وَالذَّائِبِ مُسْتَدِلًّا بِهَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ، لَا سِيَّمَا وَالسَّمْنُ بِالْحِجَازِ يَكُونُ ذَائِبًا أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ جَامِدًا.