المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بحث في وجود الجن تأليف محمد بن علي الشوكاني حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه محمد صبحي - الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - جـ ١

[الشوكاني]

الفصل: ‌ ‌بحث في وجود الجن تأليف محمد بن علي الشوكاني حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه محمد صبحي

‌بحث

في

وجود الجن

تأليف

محمد بن علي الشوكاني

حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه

محمد صبحي بن حسن حلاق

أبو مصعب

ص: 453

وصف المخطوط

1 -

عنوان الرسالة: "بحث في وجود الجن".

2 -

موضوع الرسالة: في العقيدة.

3 -

أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم أحمدك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآله ورضي الله عن صحبه. وبعد: فإنه كثيرا ما يفتح البحث بين أهل العلم في وجود الجن والباعث. . . .

4 -

آخر الرسالة: بل راقم هذه الأحرف غفر الله له قد سمع كلامهم غير مرة، وطال بينه وبينهم الخطاب، وبعضهم أخذ يدي وقبلها، وكانت كفه كأكبر ما يكون من أيدي الإنس مع قصر في أصابعها. والحمد لله أولا وآخرا. كتبه محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما.

5 -

نوع الخط: خط نسخي معتاد.

6 -

الناسخ: المؤلف: محمد بن علي الشوكاني.

7 -

عدد الصفحات: (5) صفحات.

8 -

عدد الأسطر في الصفحة: 11 - 12 كلمة.

9 -

الرسالة من المجلد الرابع من "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني".

ص: 455

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآله، ورضي الله عن صحبه، وبعد:

فإنه كثيرا ما يقع البحث بين أهل العلم في وجود الجن، والباعث على ذلك هفوة وقعت من بعض علماء هذه الديار الموجودين بعد مضي ألف سنة من الهجرة. ولم يكن ذلك منه عن اعتقاد مطابق لما تكلم به، لأنه من علماء الكتاب والسنة، ومن أهل الدين المتن، ولكنه باحثه بعض المقصرين في هذه المسألة فجزم في مقام المباحثة بعدم وجودهم كما يقع كثيرا بين المتناظرين من النقض والمعارضة.

واعلم أنه لم يتقدم إلى إنكار ذلك من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وعلماء الإسلام أحد قط، وإنما هي مقالة مروية عن جماعة من الفلاسفة، وجمهور الزنادقة، وهؤلاء لا نتكلم معهم في هذا المقام، فإنهم لا يتمسكون بشيء من الحجج القرآنية، والأحاديث النبوية، ولا يلتفتون إلى شيء من ذلك. وقد فرغ منهم الشيطان وأخرجهم من زمرة الإسلام، ولكنا نتكلم هاهنا مع بعض القائلين بذلك من المعتزلة (1)، فقد نقل جماعة عن جمهورهم، ونقله آخرون عن البعض منهم، وهذه الطائفة من أهل الإسلام، ومن المتمسكين بشرائعه، وإن خالفوا في بعض المسائل الأصولية خلافا تدفعه النصوص القرآنية، ومتواتر السنة، فلم يكن ذلك منهم كيادا للدين، ولا دفعا في وجه شريعة المسلمين، بل تمسكوا بشبهة أشبهت عليهم قالوا بها وقصروا عن العلم بغيرها مما يدفعها ويرفع لبسها.

ولكن الشأن في إنكار من أنكر (2) منهم وجود الجن (3)، فإنه لا يكون إلا أحد رجلن:

(1) سيأتي التعريف بها (ص 656).

(2)

انظر الإرشاد (ص 271 - 272) للجويني.

(3)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاوى (17/ 465): " الجن سموا جنا لاجتنانهم، يجتنون عن الأبصار، أي: يستترون، كما قال تعالى:{فلما جن عليه الليل} [الأنعام: 76]. أي استولى عليه فغطاه وستره.

وقال: "والإنس سموا إنسا لأنهم يأنسون" كما قال تعالى} إني آنست نارا {[طه: 10] أي رأيتها.

وقال الحافظ في الفتح (6/ 394)"والمراد بالشيطان: المتمردة من الجن".

* وقال: والرسول مبعوث إلى الجنسين، لكن لفظ الناس لم يتناول الجن ولكن يقول} يا معشر الجن والإنس {[الرحمن: 33].

لذلك تعلم أن لفظ الجن ليس قسما من لفظ الإنس ولكنه قسيم له.

* قال إمام الحرمين في "الإرشاد"(ص 272): الجن والشياطين أجسام لطيفة نارية غائبة عن إدراك العيون قال: وعن بعض التابعين أن من الجن صنفا روحانيا، لا يأكل ولا يشرب ومنهم من يأكل ويشرب.

والله أعلم بكيفية ذلك ومن مستفيض الأخبار أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاد فأباح لهم كل عظم لم يذكر اسم الله تعالى عليه يجدونه أوفر ما كان لحما. وقيل: إنهم يعيشون بالشم لا بالأكل، وورد أن أرواث دوابنا علف دوابهم.

* قال الونشريسي في "المعيار المعرب"(12/ 309): قيل: والصواب أن حكم من أنكر وجود الجن من المعتزلة أنه كافر، لأنه جحد نص القرآن والسنن المأثورة والإجماع الضروري، وآية الأحقاف وسورة:} قل أوحى {أي سورة الجن. وخطاب الجن والإنس معلوم بالضرورة، وكذا ذكر توعدهم بالنار، فهو بنص القرآن" اهـ.

ص: 459

إما معاند لا يتقيد بالكتاب والسنة، وهذا لا ينبغي الكلام معه، وإما جاهل جهلا منكرا لا يعرف معه كتاب الله -سبحانه- بل لا يعرف معه سورة الرحمن، وسورة الجن، بل لا يعرف ورود القرآن بالاستعاذة (1) من الشيطان [1 أ]، ومثل هذا وإن كان معذورا بما هو فيه من الجهل لكنه غير معذور في التكلم بما ليس من شأنه، وأجهل منه من حكى عنه هذه المقالة المردودة ودونها في كتب العلم، ونصب له خلافا في هذه المسألة التي هي معلومة للنساء والصبيان، فضلا عن الرجال، فضلا عن أهل العلم. وليس بأيدي هؤلاء إلا مجرد الاستبعاد والرجوع إلى تخيلات مختلة، وعلل معتلة، مع

ص: 460

قطع النظر عن هذه الشريعة المحمدية، بل مع قطع النظر عن الشرائع المتقدمة على هذه الشريعة، فإنها متفقة على وجودهم، وكذلك أهلها متفقون على ذلك مقرون به كإقرار المسلمين، وهؤلاء اليهود والنصارى موجودون في كثير من البلاد الإسلامية قد لا يخلو عنهم قطر من الأقطار من أراد أن يعرف صدق ما ذكرناه فليسأل من له [نباهة](1) منهم، بل جميع مشركي (2) العرب مقرون بذلك لا خلاف فيه بينهم، وينقلون ما يسمعونه من الجن من الأشعار التي يصرخون بها بين أظهرهم، ومن الكلمات التي يسمعونها من الأوثان التي ينصبونها في ديرتهم، ويروي ذلك الآخر عن الأول، حتى وصلت إلى أهل الإسلام، ونقلوها في الكتب الإخبارية، والآيات القرآنية في إثبات وجودهم معلومة لا نطيل بذكرها، ولكنا هاهنا نذكر بعض ما ورد في السنة المطهرة (3) حتى يعلم من وقف على هذا البحث أن المنكر لذلك منكر لقطعي بل ضروري ديني يحصل العلم بفرد من أفراد الأدلة الواردة فيه، فالمفكر إن كان يعلم بما في المصحف الشريف، وصمم على هذا الجهل المتبالغ فهو مستحق لما يستحقه من أنكر الشريعة المطهرة، ودفع ما فيها ورد ما جاءت به، وشهد على أنه بالإلحاد والمروق من دين الإسلام. وقد تضمن القرآن الكريم بيان ما خلقوا منه فضلا عن بيان وجودهم، قال الله

(1) في المخطوطة بنهاهة ولعل الصواب ما أثبتناه.

(2)

قال صاحب "آكام المرجان في أحكام الجان" ص 5: قال الشيخ أبو العباس ابن تيمية لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين وإن وجد فيهم من ينكر ذلك فكما يوجد في بعض طوائف المسلمين كالجهمية والمعتزلة من ينكر ذلك وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرون بذلك، وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء عليهم السلام تواترا معلوما بالاضطرار ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة مأمورون منهيون ليسوا صفات وأعراضا قائما بالإنسان أو غيره.

وانظر: "لقط المرجان" للسيوطي (ص 17).

(3)

في المخطوط المطهر، ولعل الصواب ما أثبتناه.

ص: 461

-عز وجل:} وخلق الجان من مارج من نار {(1) وقال سبحانه:} والجان خلقناه من قبل من نار السموم {(2) وقال تعالى حاكيا عن إبليس} خلقتني من نار وخلقته من طين {(3).

وأما الثابت في السنة في وجودهم وتفصيل أحوالهم فالبعض منه يحكم عليه بالتواتر، فكيف بالكل!.

فمن ذلك أمره -صلى الله عليه واله وسلم- لمن دخل بيته أن يذكر الله عند دخوله، وعند طعامه، فإذا فعل ذلك قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. . . الحديث، وهو في صحيح (4) مسلم وغيره (5) من حديث جابر.

وفي الصحيحين (6) وغيرهما (7)[1 ب] من حديث أنس أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".

وفي الترمذي (8) من حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله- صلى الله عليه وآله

(1) الرحمن: 15].

(2)

[الحجر: 27].

(3)

[الأعراف: 12].

(4)

رقم (2018).

(5)

كأبي داود رقم (3765) والنسائي رقم (10689) في الكبرى وفي عمل اليوم والليلة رقم (178) وابن ماجه رقم (3887) من حديث جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال الشيطان: أدركتم المبيت والعشاء".

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (142). ومسلم رقم (375).

(7)

كأبي داود رقم (5) والترمذي رقم (5) وابن ماجه رقم (298) والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (74). وهو حديث صحيح.

(8)

في السنن رقم (606) وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده ليس بذاك القوي وقد روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم. . . . أشياء في هذا.

قلت: وأخرجه ابن ماجه في السنن رقم (297).

وهو حديث صحيح.

ص: 462

وسلم- قال: "ستر ما بين أعين الجن وعورات أمتي إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله".

ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري عند الترمذي (1) والنسائي (2)"إن بالمدينة جنا قد أسلموا، وإذا رأيتم من هذه الهوام شيئا فآذنوه ثلاثا، فإن بدع لكم فاقتلوه".

وفي صحيح مسلم (3) وغيره من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة: "أخذك شيطانك". قالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ قال: "نعم، ومع كل إنسان" قالت: ومعك يا رسول الله؟ قال: "نعم، ولكن رب عز وجل أعانني عليه حتى أسلم".

وفي لفظ (4): "أعانني عليه فأسلم".

وفي صحيح البخاري (5) وغيره من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال في الروث والعظم: "أنهما من طعام الجن"، وأخرجه أيضًا مسلم (6) وغيره (7).

وأخرج مسلم (8). . . . . . . . . .

(1) لم أجده في السنن.

(2)

لم أجده في السنن. بل أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2236).

(3)

رقم (70/ 2815).

(4)

عند مسلم في صحيحه رقم (69/ 2814).

(5)

رقم (3860).

(6)

في صحيحه رقم (150/ 450).

(7)

كأبي داود رقم (39) والترمذي في السنن رقم (18) كلهم من حديث عبد الله بن مسعود. وهو حديث صحيح.

(8)

في صحيحه رقم (106/ 2020).

ص: 463

وغيره (1)

من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بها، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها".

وفي صحيح مسلم (2)

وغيره (3) من حديث حذيفة في الجارية التي ذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي فذهب ليضع يده فأخذ بيده، وقال:"إن الشيطان ليستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه، فإنه جاء هذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، فجاء هذا الأعرابي ليستحل به، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدهما".

في الصحيحين (4) وغيرهما من حديث ابن عباس حديث الجن الذين استمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سوق عكاظ.

وفي الصحيحين (5) من حديث ابن مسعود أنها آذنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم شجرة.

وفي صحيح مسلم (6) وغيره أنه صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع بالجن بمكة والمدينة. . . . الحديث بطوله، واختلاف ألفاظه.

(1) كأبي داود رقم (3776) والترمذي رقم (1800) ومالك في الموطأ (2/ 923).

وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه رقم (2017).

(3)

كأبي داود في السنن رقم (3766) وابن السني رقم (460) والحاكم (4/ 108) وصححه ووافقه الذهبي، والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (273).

وهو حديث صحيح.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (4921) ومسلم في صحيحه رقم (149/ 449).

(5)

أخرجه البخاري قي صحيحه رقم (3859) ومسلم في صحيحه رقم (450) عن معن بن عبد الرحمن قال: سمعت أبي قال: سألت مسروقا: من آذن النبي بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ فقال: حدثني أبوك -يعني عبد الله: أنه آذنت هم شجرة"،

(6)

انظر الحدث وطرقه في الخلافيات للبيهقي (1/ 158 - 182).

ص: 464

ومن ذلك ما ثبت في الصحيح (1) من حديث أبي هريرة أنه أخذ الذي جاء يسرق زكاة رمضان، وأنه علمه آية الكرسي. وله ألفاظ، وفيه طول.

وفي الصحيحين (2) من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "لا تجعلوا بيوتكم قبورا، وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان".

وفي الصحيحين (3) حديث الرجلين الذين استبا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى احمر وجه أحدهما فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

وفي الصحيحين (4) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"، ثم قال في آخره:"وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي".

وفي السنن (5) عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الغضب من الشيطان".

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2311).

(2)

لم يخرجه البخاري. وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (780).

قلت: وأخرجه الترمذي في السنن رقم (2877) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم (965).

وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6048) ومسلم في صحيحه رقم (2610) من حديث سليمان بن رضي الله عنه.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3293) ومسلم في صحيحه رقم (2691).

(5)

أخرجه أحمد في المسند (4/ 226) وأبو داود رقم (4784) من حديث أبي وائل القاص قال: دخلنا على عروة بن محمد السعدي، فكلمه رجل فأغضبه، فقام فتوضأ فقال: حدثني أبي عن جدي عطية رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الغضب من الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". وهو حديث ضعيف.

ص: 465

وفي الصحيح (1) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا جاء رمضان [2 أ] سلسلت الشياطين"، وفي لفظ (2):"صفدت الشياطين".

وفي صحيح (3) البخاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة".

وفي صحيح مسلم (4) عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لمن قال له: إن الشيطان قد حال بيني وبن قراءتي فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ذلك شيطان يقال له خنزب".

وفي صحيح مسلم (5) عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الأسواق معركة الشيطان، وبها ركز رايته".

وفي صحيح مسلم (6) أيضًا عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الشيطان يحضر الإنسان عند طعامه".

وفي الصحيحين (7) من حديث أنس عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإذا قدر بينهما ولد لم يضره الشيطان".

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1899) ومسلم في صحيحه رقم (2/ 1079) من حديث أبي هريرة.

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1/ 1079) من "حديث أبي هريرة.

(3)

رقم (609) من حديث أبي سعيد الخدري.

(4)

رقم (68/ 2203).

(5)

رقم (100/ 2451) من حديث سلمان بلفظ: "لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته".

(6)

في صحيحه رقم (000/ 2018) من حديث جابر.

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5165) ومسلم في صحيحه رقم (116/ 1434).

ص: 466

وفي الصحيحين (1) وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من بني آدم مولود ألا نخسه الشيطان حين يولد" الحديث.

وفي الصحيحين (2) وغيرهما من حديث صفية بنت حيي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".

وفي الصحيحين (3) وغيرهما من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ". وفي الصحيحين (4) وغيرهما من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم" الحديث.

وفي الصحيحين (5) وغيرها من حديث أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان".

وفي الصحيحين (6) وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من رآني في النوم فسيراني في اليقظة، لا يتمثل بي الشيطان" وفي لفظ (7): "فإن الشيطان لا يتمثل بي".

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3431) ومسلم ي صحيحه رقم (146/ 2366).

(2)

أخرجه البخاري ي صحيحه رقم (2035) ومسلم في صحيحه رقم (24/ 2175).

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3304) ومسلم في صحيحه رقم (97/ 2097).

وتمام الحديث ". . . فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا، وأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمروا آنيتكم، واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا، وأطفئوا مصابيحكم".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1142) ومسلم في صحيحه رقم (207/ 776).

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5747) ومسلم في صحيحه رقم (1/ 2261).

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6993) ومسلم رقم (11/ 2266).

(7)

عند مسلم في صحيحه رقم (10/ 2266).

ص: 467

وفي الصحيحين (1) وغيرهما من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ألا إن الفتنة هاهنا يشير إلى المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان".

وأخرج أبو داود (2)، والنسائي (3) من حديث عمرو بن عبسة في حديث "إن الشمس تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان".

وفي الصحيحين (4)

من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان له ضراط".

وفي الصحيحين (5) وغيرهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا سمعتم صراخ الديكة فسلوا الله من فضله، فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانا".

وفي صحيح مسلم (6) من حديث أبي الدرداء قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فسمعناه يقول: "أعوذ بالله منك".

وفي الحديث: إنه يعرض له الشيطان، وقال:"لولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة" وهو في الصحيحين (7)

من حديث أبي هريرة. [2 ب]

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (7092) ومسلم في صحيحه رقم (45/ 2905).

(2)

في السنن رقم (1277).

(3)

في السنن (1/ 283 - 284) وهو حديث صحيح.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (608) ومسلم في صحيحه رقم (19/ 389).

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3303) ومسلم في صحيحه رقم (82/ 2703). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(6)

رقم (40/ 542).

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (461) ومسلم رقم (39/ 541).

ص: 468

وفي الصحيحين (1) من حديث سعد بن أبي وقاص أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر بن الخطاب: "والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك".

وفي كتب السير وغيرها أن الشيطان حضر مجمع قريش بدار الندوة (2)، وفيها أيضًا أنه حضر وقعة بدر (3)، وفيها أيضًا حضوره وقعة بيعة العقبة (4)، وصراخه وحضوره ووقعة أحد (5)، وصراخه بأن رسول الله قتل.

وبالجملة فالاستكثار من الأحاديث الواردة في هذا المعنى لا يأتي بمزيد فائدة بعد القرآن الكريم في غير موضع، بحيث لو جمع ما ورد في ذلك من الآيات البينات لكان في رسالة مستقلة ومعرفة ذلك متيسر لمن يتمكن من قراءة المصحف الشريف وإن كان مقصرا،

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3294) ومسلم رقم (22/ 2396).

(2)

ذكره ابن إسحاق كما في السيرة النبوية (2/ 136 - 137) عن ابن عباس رضي الله عنه.

(3)

ذكره ابن إسحاق كما في السيرة النبوية (2/ 301) عن عروة بن الزبير.

(4)

ذكره ابن إسحاق كما في السيرة النبوية (2/ 101) عن عبد الله بن كعب عن أبيه كعب بن مالك وانظر في صحيح السيرة (2/ 288).

(5)

قال شيخ الإسلام في معرض كلامه عن غزوة أحد: "وكان الشيطان قد نعق في الناس أن محمدا قد قتل، فمنهم من تزلزل لذلك فهرب ومنهم من ثبت فقاتل، فقال الله تعالى:} وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ {[آل عمران: 144].

انظر " سيرة ابن هشام "(3/ 105 - 106).

وانظر: ثلاث " رسائل في الجهاد " ص 66.

* والحاصل من الكتاب والسنة العلم القطعي بأن الجن والشياطين موجودون متعبدون بالأحكام الشرعية على النحو الذي يليق بخلقهم وحالهم، وأن نبينا مبعوث إلى الإنس والجن، فمن دخل في دينه فهو من المؤمنين، ومعهم في الدنيا والآخرة والجنة، ومن كذبه فهو الشيطان المبعد من المؤمنين في الدنيا والآخرة، والنار مستقرة.

انظر " الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي (19/ 1).

ص: 469

وناهيك باجتماع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم في غير موطن حتى صرح بعض الحفاظ أنه اجتمع بهم في أربعة مواضع، وصرح آخر أنه اجتمع هم في خمسة مواضع، وروى ذلك عن الحاضرين معه الجمع الجم من أهل العلم، وبعد هذا كله فكثير من عباد الله قد اجتمع بالجن وجمع كلامهم، وسألوه وسألهم، وهذا موجود في كل عصر من العصور قد تتبعنا من وقع له ذلك من الثقات فثبت لنا بذلك التواتر المعنوي.

بل راقم هذه الأحرف -غفر الله له- قد سمع كلامهم غير مرة، وطال بينه وبينهم الخطاب، وبعضهم آخذ يدي وقبلها، وكانت كفه كأكبر ما يكون من أيدي الإنس مع قصر في أصابعها (1)

والحمد لله أولا وأخيرا.

كتبه محمد بن علي الشوكاني -غفر الله لهما-[3 أ].

(1) قال الحافظ في الفتح (8/ 669): واختلف في أصلهم -أي الجن- فقيل: إن أصلهم من ولد إبليس فمن كان منهم كافرا سمي شيطانا. وقيل: إن الشياطين خاصة أولاد إبليس. ومن عداهم ليسوا من ولده، وحديث ابن عباس -رقم (4921) - يقوي أنهم واحد من أصل واحد، واختلف صنفه فمن كان كافرا سمي شيطانا، وإلا قيل له: جني. ولذلك قالوا: الجن والشياطين لمسمى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان فلا يقال لمن آمن منهم: أنه شيطان.

- أوصاف الجن من الأدلة الواردة في شأنهم إما نصا وإما استنباط فمن أوصافهم:

1 -

\ أنهم قادرون على التصور بصور مختلفة.

2 -

\ أنهم يأكلون ويشربون، وهناك من نفى ذلك ولكن الراجح الإثبات لثبوت ذلك نصا -من الأحاديث المتقدمة.

3 -

\ أنهم يتناكحون، ويتوالدون، وفيهم الذكور والإناث.

4 -

\ أنهم يتكلمون بكلام الإنس، ويسرقون ويخدعون.

5 -

\ أن لهم قوة على التوصل إلى باطن الإنسان، وأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم وذلك إما على ظاهره -تقدم من حديث صفية. وإما على سبيل الاستعارة من كثرة الأعوان، وكأنه لا يفارق كالدم، فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة.

6 -

\هل تمكن رؤيتهم أو لا؟ فيه خلاف على ثلاثة أقوال:

أحدها: النفي مطلقا، لقوله تعالى:} إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم {[الأعراف: 27]. وهدا قول أكثر العلماء، حتى قال الشافعي من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته واستدل بهذه الآية.

وثانيها: أن نفي رؤية الإنس للجن على هيئتهم ليس بقاطع من الآية. بل ظاهرها أنه ممكن، فإن نفي رؤيتنا إياهم مقيد بحال رؤيتهم لنا، ولا بنفي إمكان رؤيتنا لهم في غبر تلك الحالة.

وثالثهما: أنه تمكن رؤية الجني في حال تصوره بغير صورته، أما رؤيته على صورته التي خلق عليها فلا وأن ذلك هو مقصود الآية.

والقول الراجح الثالث وكذلك رجحه الحافظ ابن حجر.

* وذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة؛ لأن الجماعة اتفقوا على أن الجن مكلفون. وهو قول الأئمة وغيرهم فقال الحافظ: "لم يختلف من أثبت تكليفهم أنهم يعاقبون على المعاصي واختلف هل يثابون؟.

وذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة، ثم اختلفوا: هل يدخلون مدخل الإنس؟ على أربعة أقوال:

1 -

\ نعم- يدخلون مدخل الإنس، وهو قول الأكثر.

2 -

\ يكونون في ربض الجنة، وهو منقول عن مالك وطائفة.

3 -

\ أنهم أصحاب الأعراف.

4 -

\ التوقف عن الجواب في هذا.

ولا شك أن الجن من الغيب الذي يجب الإيمان بما ثبت بالدليل الصحيح من أمورهم، والكف عما لم يدل عليه الدليل، لأنه من الرجم بالغيب، وقد قال تعالى:} وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {[الإسراء: 36].

وانظر: فتح الباري "باب صفة إبليس وجنوده" من كتاب بدء الخلق- شرح سورة} قل أوحي إلي {كتاب التفسير.

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 471