الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبل الغمامة في تفسير
{وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة}
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن
وصف المخطوط:
1 -
عنوان الرسالة: وبل الغمامة في تفسير: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} .
2 -
موضوع الرسالة: تفسير الآية الكريمة {وجاعل الذين اتبعوك
…
}.
3 -
أول الرسالة: الحمد لله وحده وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله. وبعد: فإنه لا يزال يقع السؤال على معنى قول الله سبحانه: {وجاعل الذين اتبعوك} .
4 -
آخر الرسالة: حرر منقولا من خط المجيب محمد بن علي بن محمد الشوكاني غفر الله له، قال: حرر في الثلث الأوسط من ليلة الربوع (1) إحدى ليالي شهر صفر سنة 1214 هـ.
5 -
نوع الحط: خط نسخط جيد.
6 -
عدد الأوراق: أربع عشرة ورقة.
7 -
المسطرة: الورقة الأولى: عنوان الرسالة واسم المؤلف.
الورقة الثانية والثالثة والرابعة: 18 سطرا.
الورقة الخامسة: 19 سطرا.
الورقة السادسة والسابعة: 17 سطرا.
الورقة الثامنة والتاسعة: 18 سطرا.
الورقة العاشرة والحادية عشرة: 21 سطرا.
الورقة الثانية عشرة: 20 سطرا.
الورقة الثالثة عشرة: 16 سطرا.
(1) تعني يوم الأربعاء وهذه التسمية شائعة في الجزيرة العربية.
الورقة الرابعة عشرة: 15 سطرا.
8 -
عدد الكلمات في السطر: 11 - 12 كلمة.
9 -
الرسالة في المجلد الثالث من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"
الحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد واله وبعد.
فإنه لا يزال يقع السؤال عن معنى قول الله سبحانه: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا} (1). ومحل السؤال من هم هؤلاء المجعولون فوق الذين كفروا؟
فاعلم أن سياق الآية الكريمة هكذا: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} ومقتضى الظاهر أن هذه الضمائر كفها لعيسى- عليه السلام، وأن المجعولين فوق الذين كفروا هم متبعوه.
ولكنه قد وقع الخلاف في المتبعين له من هم؟ هل النصارى أم المسلمون؟ فصرح العلامة في الكشاف (2) أنهم المسلمون. قال: لأنهم متبعوه في أصل الإسلام، وإن اختلفت الشرائع دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى. اهـ.
وتبعه على ذلك صاجا مدارك (3) التنزيل وحقائق التأويل فقال: هم المسلمون ثم ذكر كلام الزمخشري (4) بحروفه. وكذلك القاضي البيضاوي (5) إلا أنه ضم إلى المسلمين
(1)[آل عمران: 55]
(2)
(1/ 192)
(3)
أي النسفي في مدارك التنزيل وحقائق التأويل (1/ 160).
(4)
هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الإمام الحنفي المعتزلي الملقب بجار الله، ولد في رجب سنة 467 هـ بزمخشر، قرية من قرى خوارزم، وقدم بغداد، ولقي الكبار وأخذ عنهم.
من مصنفاته: " الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ". " الفائق " في تفسير الحديث. " أساس البلاغة " في اللغة. " المفصل " في النحو رؤوس المسائل في الفقه.
مات سنة 538 هـ بجرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة. "
معجم المفسرين " لنويهض (2/ 666) " التفسير والمفسرون " للذهبي (1/ 203 - 205)
(5)
هو ناصر الدين أبو الخير، عبد الله بن عمر بن محمد بن على البيضاوي الشافعي وهو من بلاد فارس، ولي القضاء بشيراز ومن أهم مصنفاته: - كتاب الطوالع في أصول الدين.
- وأنوار التنزيل وأسرار التأويل في التفسير [المعروف بـ (تفسر البيضاوي)].
مات سنة 683 هـ.
" التفسير والمفسرون " للذهبى (1/ 282).
النصارى فقال ما لفظه:
ومتبعوه من آمن بنبوته من المسلمين والنصارى، وإلى الآن لم يسمع غلبة اليهود عليهم، ولم يتفق ملك ودولة. اهـ.
وقال الرازي (1) في مفاتيح الغيب (2) ما لفظه: وفيه وجهان:
الأول: أن المعنى أن الذين اتبعوا عيسى على دينه يكونون فوق الذين كفروا من اليهود بالقهر والسلطان والاستعلاء إلى يوم القيامة، فيكون ذلك إخبارا عن ذل اليهود، وأنهم يكونون مقهورين إلى يوم القيامة. فأما متبعوا المسيح- عليه السلام فهم الذين كانوا يؤمنون بأنه عبد الله ورسوله، وأما بعد الإسلام فهم المسلمون، وأما النصارى فهم وإن أظهروا من أنفسهم موافقته فهم يخالفونه أشد المخالفة من حيث إن صريح العقل يشهد بأنه- عليه السلام ما كان يرضى بشيء مما يقوله هؤلاء الجهال. ومع ذلك فإنا نرى أن دولة النصارى في الدنيا أعظم وأقوى من أمر اليهود، بل يكونون أين كانوا فهم في الذلة (3) والمسكنة، وأما النصارى فأمرهم بخلاف ذلك. انتهى.
وكلامه هذا قد تضمن أطرافا:
الطرف الأول: أن المجعولين فوق الذين كفروا هم متبعوا المسيح من النصارى إلى - كتاب المنهاج وشرحه في أصول الفقه.
(1) تقدمت ترجمته في القسم الأول (ص 268). من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
(2)
(8/ 69)
(3)
يشير إلى قوله تعالى: {وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءو بغضب من الله} [البقرة: 61].
ظهور الملة الإسلامية، ومن بعد ذلك هم المسلمون، إذ النصارى لو كانوا متبعين لعيسى لكانوا من المتبعين لرسول الله- صلى الله عليه وسلم، لأن شرع عيسى ودينه هو اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لم يسلم من النصارى فهو وإن كان متبعا لعيسى قبل ظهور الملة المحمدية لكنه غير [2] متبع له بعد ظهورها، لأن إتباعه لا يتم إلا باتباع (1) الملة المحمدية، إذ هو مبشر (2) برسول الله- صلى الله عليه وسلم كما نطق بذلك القرآن الكريم، بل جاءت الأدلة (3)
(1) يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم رقم (1531240) وأحمد (31712) عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال: " والذي نفس محمد بيده! لا يسمع ب أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار ". وهو حديث صحيح.
(2)
قال تعالى: {وإذ قال عيسى ابن مريم يبني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين} [الصف: 16].
(3)
قال تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمه منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين [آل عمران: 45 - 46]. .
قال تعالى:} إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا {[المائدة: 110]. .
قال تعالى:} وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيز حكيما وان من أقل الكتب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا {، النساء: 157 - 159].
وقال تعالى:} وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم &، [الزخرف: 61].
وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (3448، 3441، 2476، 2222) ومسلم رقم (242، 243، 244، 245، 246/ 155) من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده-
الصحيحة الصريحة بأنه ينزل في آخر الزمان، ويدين بالشريعة المحمدية (1).
وقال أبو السعود (2) ما لفظه: قال قتادة، والربيع، والشجي، ومقاتل: هم أهل الإسلام الذين صدقوه، واتبعوا دينه من أمة محمد- صلى الله عليه وسلم دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من النصارى.
{فوق الذين كفروا} وهم الذين مكروا به، ومن يسير بسيرتهم من اليهود، فإن أهل الإسلام فوقهم ظاهرين بالعزة والمنعة والحجة.
وقيل: هم الحواريون. وقيل: هم الروم. وقيل: هم النصارى، فالمراد بالإتباع مجرد الادعاء والمحبة، وإلا فأولئك الكفرة. بمعزل من اتباعه- عليه السلام. انتهى. وقال محمد بن جزيء الكلبي في تفسيره المسمى:" التسهيل لعلوم (3) التنزيل " ما لفظه: {وجعل الذين اتبعوك} هم المسلمون وعلوهم عليهم بالحجة وبالسيف في غالب الأمر. وقيل: {الذين اتبعوك النصارى.
وقوله:} فوق الذين كفروا {أي اليهود، فالآية مخبرة عن عزة النصارى على اليهود، وإذلالهم لهم. انتهى.
وقال البقاعي (4) في كتاب: نظم الدرر في تناسب ..................
= ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها " ثم بقول أبو هريرة. واقرءوا إن شئتم} وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا & [النساء: 159].
(1)
انظر: " التصريح مما تواتر في نزول المسيح " للعلامة محمد أنور شاه الكشميري.
(2)
في تفسيره " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم "(2/ 69).
(3)
(1/ 109).
(4)
هو إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن على الخرباوي المقاعي، أبو الحسن برهان الدين. مؤرخ،=
الآيات (1) والسور ما لفظه: ولما كان لذوي الهمم العوالي أشد التفات إلى ما يكون عليه خلائفهم بعدهم من الأحوال [3] بشر الله عيسى في ذلك. مما يسره فقال: {وجاعل الذين اتبعوك} (2)، ولو بالاسم {فوق الذين كفروا} (2) أي يسترون ما يعرفون من نبوءتك. مما رأوا من الآيات التي أتيت بها مطابقة لما عندهم من البشائر (3) بك {إلى يوم القيامة} . وكذا كان لم يزل من اتسم بالنصرانية حقا أو باطلا فوق اليهود، ولا يزالون كذلك إلى أن يعدموا فلا يبقى منهم أحد. انتهى.
فهذا قد جزم بأن المجعولين فوق الذين كفروا هم النصارى، ولم يعتبر الإتباع مفسر، محدث، أديب. ولد بقرية خربة روما من عمل البقاع بلبنان (سنة 809 هـ) وبها نشأ وتعلم وسكن دمشق ودخل بيت المقدس والقاهرة مات بدمشق سنة 885 هـ.
من كتبه: " نظم الدرر قي تناسب الآيات والسور " في التفسير. " مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور ".
البدر الطالع (1/ 19 - 22) ومعجم المؤلفين (1/ 71).
(1)(4/ 421 - 422).
(2)
[آل عمران: 155].
(3)
في التوراة " سفر التكوين الأصحاح الثالث عشر ". "
أن إبراهيم لما فارقه لوط قال الله لإبراهيم: ارفع عينيك وانظر المكان الذي أنت فيه إلى الشمال والجنوب والمشرق والمعرب فإن جميع الأرض التي ترى كلها لك أعطها ولنسلك إلى أبد الأبد ". فنظرنا فرأينا ملك بني إسرائيل ارتفع عن أرض كنعان وما حولها وصار إلى العرب وهو يدل على صحة النبوة فيهم ولا نبي فيهم إلا محمد صلى الله عليه وسلم.
في الإنجيل بشارة يوحنا- الإصحاح السادس عشر-.
" والفارقليط روح القدس، الذي يرسله أبي باسمي، وهو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كلما ما قلت لكم ". وحيث يقول " إنه خير لكم أني انطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم، وإذا جاء ذلك فهو يوبخ العالم على الخطة وعلى الحكم
…
".
الفارقليط- يشير إلى الرسل بعد عيسى عليه السلام وهو النبي صلى الله عليه وسلم. .
وقد تقدم ذكر بشارات من التوراة والإنحيل قي القسم الأول الرسالة رقم [9، 10، 11].
الصحيح الكامل، بل مجرد ما يصدق عليه مسمى الإتباع. ولهذا قال:" ولو بالاسم " وجعل المراد بقوله: {فوق الذين كفروا} الجاحدين لنبوة عيسى.
وقال في المجيد (1): إن " الكاف " في اتبعوك ضمير عيسى، وقيل خطاب (2) للنبي- صلى الله عليه وسلم وهو من تلوين الخطاب. انتهى.
إذا تقرر لك ما ذكره هؤلاء الأئمة الذين هم المرجع في تفسير كتاب الله- عز وجل عرفت أن كلامهم قد تضمن الخلاف في ثلاثة مواطن من الآية الكريمة، أعني قوله تعالى:} وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا {(3).
الموطن الأول: في تفسير الضمير الذي هو " الكاف " في " اتبعوك "، فالجمهور على أنه راجع إلى عيسى- عليه السلام وهو ظاهر السياق، فإنه لا خلاف أن الضمير في قوله:} متوفيك ورافعك إلى ومطهرك {لعيسى، فينبغي أن يكون الضمير في المعطوف، وهو} وجاعل الذين اتبعوك & مثل الضمير في المعطوف عليه. وقيل هو لمحمد- صلى الله عليه وسلم[4] كما ذكره صاحب المجيد.
ويؤيد هذا ما أخرجه ابن عساكر (4) عن بعض الصحابة قال: جمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على
(1)" المجيد وإعراب القرآن المجيد " للسفاقسي مخطوط (357/ ب).
(2)
قال ابن الأنباري في " البيان غريب إعراب القرآن (1/ 206): (وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا {فيه وجهان:
الأول: " أن يكون معطوفا على ما قبله لأنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وما قبله حطاب لعيسى.
الثاني: أنه معطوف على الأول وكلاهما لعيسى " اهـ.
وانظر: " مشكل إعراب القرآن " للقيسي (1/ 143).
(3)
[آل عمران: 55]
(4)
عزاه إليه السيوطى في الدر المنثور (2/ 226) من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
الناس، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ثم نزع هذه الآية- أي قرأ بها:{إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} (1).
ووجه جعل هذا الحديث مؤيدا كون ذلك الضمير لمحمد- صلى الله عليه وسلم أنه- صلى الله عليه وسلم وصف أمته بتلك الأوصاف، ثم قرأ الآية مستدلا ها على تلك الأوصاف، فلو كان الضمير لعيسى لم يصح الاستدلال بالآية.
فالحاصل أن السياق يرشد إلى ما قاله الجمهور، وهذا الحديث يرشد إلى ما قاله غيرهم. وسيأتي التصريح. مما هو الراجح، والجمع بين جميع الأقوال.
الموطن الثاني: الخلاف في تفسير المتبعين بصيغة اسم الفاعل. وقد اختلف في ذلك على أقوال:
الأول: إنهم المسلمون.
والثاني: النصارى.
الثالث: المسلمون والنصارى.
الرابع: الحواريون.
الخامس: الروم.
وقد وردت آثار عن السلف قاضية بأنهم المسلمون [5]، فمنها ما أخرجه عبد بن حميد (2)، وابن جرير (3) عن قتادة في تفسير قوله تعالى:{وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} (4) قال: هم أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
(1)[آل عمران: 55]
(2)
ذكره السيوطى في " الدر المنثور "(2/ 226).
(3)
في "جامع البيان "(3/ ج 3).
(4)
[آل عمران: 55]
وأخرج ابن جرير (1) عن ابن جريج قال: معنى الآية ناصر من اتبعك على الإسلام على الذين كفروا إلى يوم القيامة .. وأخرج ابن أبي حاتم (2) عن الحسن قال: هم المسلمون ونخن منهم، ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. ومن الأدلة على هذا الحديث المذكور في الموطن الأول.
ومن الآثار الدالة على أفم النصارى ما أخرجه ابن جرير (3) عن ابن زيد في تفسير الآية قال: النصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة.
ومن الآثار الدالة على أهم المسلمون والنصارى ما أخرجه ابن المنذر (4) عن الحسن في الآية قال: عيسى مرفوع عند الله، ثم ينزل يوم القيامة، فمن صدق عيسى ومحمدا - صلى الله عليهما- وكان على دينهما لم يزالوا ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة.
المواطن الثالث: الخلاف في تفسير: {الذين كفروا} المذكورين في الآية [6] ....
. فذهب الجمهور إلى أنهم اليهود، وذهب الأقلون إلى أهم الذين ستروا ما يعرفونه من نبوة عيسى، وذهب آخرون إلى أنهم الذين مكروا بعيسى.
وإذا قد عرفت الاختلاف بين أئمة التفسير في هذه الثلاثة المواطن فاعلم أن معرفة الراجح والمرجوح لا تتم إلا بعد إمعان النظر في هذه الآية الكريمة، فأقول: لا ريب أن صيغة {الذين اتبعوك} من صيغ (5) العموم، وكذلك صيغة {الذين كفروا} من
(1) في "جامع البيان "(3/ ج 3).
(2)
في تفسيره (2/ 663 رقم 3593).
(3)
في "جامع البيان "(ج 3).
(4)
ذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 227).
(5)
قال صاحب الكوكب المنير (3/ 123): ومن صيغ العموم أيضًا الاسم (الموصول) سواء كان مفردا كالذي، التي، أو مثنى {والذان يأتيانها منكم} [النساء: 16]، أو مجموعا تحو قوله تعالى:{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} [الأنبياء: 101]. وانظر: تيسير التحرير (1/ 224) 0 المعتمد (1/ 206).
صيغ العموم، والواجب العمل. مما دل عليه النظم القرآني. وإذا ورد ما يقتضي تخصيصه أو تقييده أو صرفه عن ظاهره وجب العمل به، وإن لم يرد ما يقتضى ذلك وجما البقاء على معنى العموم، وظاهره شمول كل متبع، وأنه مجعول فوق كل كافر، وسواء كان لإتباع بالحجة أو بالسيف أو بهما، وفي كل الدين أو بعضه، وفي جميع الأزمنة والأمكنة - الأحوال، أو في بعضها.
والمراد بالكافر- الذي جعل المتبع فوقه- كل كافر سواء كان كفره بالستر لما يعرفه ش نبوة عيسى، أو بالمكر به، أو. بمخالفة دينه، إما بعدم التمسك بدين من الأديان قط، كعبدة الأوثان والنار والشمس والقمر، والجاحدين لله، والمنكرين للشرائع، وإما مع لتمسك بدين [7] يخالف دين عيسى قبل بعثة نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم كاليهود وسائر الملل الكفرية، فالمتبعون لعيسى بأي وجه من تلك الوجوه هم المجعولون فوق من كان كافرا أي تلك الأنواع، ثم بعد البعثة المحمدية لا شك أن المسلمين هم المتبعون لعيسى لإقراره بنبوة محمد- صلى الله عليه وسلم وتبشيره ها كما في القران الكريم، والإنجيل، بل في الإنجيل الأمر لاتباع عيسى بإتباع محمد- صلى الله عليه وسلم.
فالمتبعون لعيسى بعد البعثة المحمدية هم المسلمون في أمر الدين، ومن بقى على النصرانية بعد البعثة المحمدية فهو وإن لم يكن متبعا لعيسى في أمر الدين ومعظمه، لكنه متبع له في الصورة، وفي الاسم، وفي جزيئات من أجزاء الشريعة العيسوية فقد صدق عليهم أنهم متبعون له في الصورة، وفي الاسم، وفي شيء مما جاء به، وإن كانوا على ضلال ووبال وكفر، فذلك لا يوجب خروجهم عن العموم المذكور في القرآن، ولا يستلزم اندراجهم تحت هذا العموم أنهم على شيء، بل هم هالكون في الآخرة، وإن كانوا مجعولين فوق الذين كفروا، فذلك إنما هو في هذه الدار، ولهذا يقول الله- عز وجل بعد قوله:{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (1)
(1)[آل عمران: 5 - 57]
فالحاصل أن المجعولين فوق الذين كفروا هم أتباع عيسى قبل النبوة المحمدية، وهم النصارى والحواريون، وبعد النبوة المحمدية هم المسلمون والنصارى والحواريون، الأولون هم الأتباع حقيقة، وغيرهم هم الأتباع في الصورة. وقد جعل الله الجميع فوق الذين كفروا من اليهود وسائر الطوائف الكفرية. وقد كان الواقع هكذا، فإن الملة النصرانية قبل البعثة المحمدية كانت قاهرة لجميع الملل الكفرية، ظاهرة عليها غالبة لها، وبعد البعثة المحمدية صارت جميع الطوائف الكفرية هبا بين الملة الإسلامية والملة النصرانية ما بين قتيل وأسير ومسلم للجزية، وهذا يعرفه كل من له إلمام بأخبار العالم، ولكن الله- سبحانه- قد جعل الملة الإسلامية قاهرة للملة النصرانية مستظهرة عليها، وفاء بوعده في كتابه العزيز كما في الآيات المشتملة على الأخبار بأن جنده هم الغالبون، وحزبه هم المنصورون. ومن ذلك قوله تعالى:{فأيدنا الذين ءامنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين} (1). {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} (2)، {ولن يجعل الله للكفرين على المؤمنين سبيلا} (3). وقد أخبر الصادق المصدوق بظهور أمته (4)
(1)[الصف: 14]
(2)
[المنافقون: 8]
(3)
[النساء: 141]
(4)
لقوله تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [الصف: 9]. وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (7311) ومسلم رقم (171/ 1921) عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى تأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ".
وللحديث الذي أخرجه مسلم رقم (504 رقم 2229) وأبو داود رقم (4252) والترمذي رقم (2229) وقال: حديث حسن صحيح.
وابن ماجه رقم (3952) عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ". وهو حديث صحيح.
على جميع الأمم وقهر ملته لجميع الملل.
وبالجملة آنا إذا جردنا النظر إلى الملة الإسلامية، والملة النصرانية فقد ثبت بالكتاب والسنة ما يدل على استظهار [9] الملة الإسلامية على الملة النصرانية، وإن نظرنا إلى جميع الملل فالملة الإسلامية والملة النصرانية هما فوق سائر الملل الكفرية لهذه الآية التي ورد السؤال عنها. ولا ينافي هذا شيء مما تقدم ذكره، لأن ما ورد مما يدلا على أن المسلمين هم المجعولون فوق الذين كفروا هو صحيح، لأنهم قد جعلوا فوق جميع الملل بعد البعثة المحمدية. ولا مخالف ذلك جعل بعض الملل الكفرية وهم النصارى فوق سائر الملل الكفرية، ولا ملجئ إلى جعل الضمير المذكور في الآية، وهو " الكاف " لنبينا محمد- صلى الله عليه وسلم كما تكلفه جماعة من المفسرين، لأن برحله لعيسى كما يدل عليه السياق، بل هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه لا يستلزم إخراج الملة المحمدية بعد البعثة، إذ هم متبعون لعيسى كما عرفت سابقا. ولا خلاف بين أهل الإسلام أن الملة النصرانية كانت قبل البعثة المحمدية هي القاهرة لجميع الملل الكفرية، فلم يبق في تحويل الضمير عن مرجعه الذي لا يحتمل السياق فيه فائدة إلا تشكيك النظم القرآني، والإخراج له عن الأساليب البالغة في البلاغة إلى حد الإعجاز. ومن تدبر هذا الوجه الذي حررناه علم أنه قد أعطى التركيب القرآني ما يليق ببلاغته من بقاء عموم الموصول الأول والموصول الثاني، وعدم التعرض لتخصيصه. مما ليس بمخصص، وتقييده. مما ليس. بمقيد، وعدم الخروج عن مقتضى الظاهر في مرجع الضمائر، وعدم ظن التعارض بين ما هو متحد الدلالة [10]
فإن قلت: أي فرق يبن هذا التحرير الذي عولت عليه، وبين كلام الرازي في مفاتيح الغيب (1) الذي قدمت نقله؟.
قلت: الفرق بينهما من وجوه ثلاثة.
الأول: أن الرازي فسر الأتباع المجعولين فوق الذين كفروا بأهم قبل البعثة المحمدية أتباع المسيح، وبعدها المسلمون فقط.
والتحرير الذي قدمناه يتضمن أفم بعد البعثة المسلمون والنصارى باعتبار استعلائهم على سائر الملل الكفرية.
الوجه الثاني: أن الرازي خص أتباع عيسى بأنهم الذين كانوا يؤمنون بأنه عبد الله ورسوله. والتحرير الذي قدمناه فيه التعميم للأتباع في الحقيقة والأتباع في الصورة، وفي بعض الدين كما يقتضيه العموم.
الوجه الثالث: أنه خصص الذين كفروا باليهود فقط، والتحرير الذي قدمناه يتضمن التعميم.
فالحاصل أن كلام الرازي قد تضمن تخصص العمومين. مما لا يقتضي التخصيص.
فإن قلت: أي فرق بين ما قدمت نقله عن البقاعي (2) وبن ما حررته؟.
قلت: البقاعي جعل الفرقة المستعلية هي النصرانية من غير تعرض منه لذكر الملة المحمدية بعد البعثة، ثم جعل الفرقة التي وقع الاستعلاء عليها هي الفرقة اليهودية، والذي حررناه يخالفه في الوجهين.
فإن قلت: أي فرق بين ما قدمت نقله عن البيضاوي (3)، وبن ما حررته؟.
قلت: الفرق من وجهين:
الأول: أنه وإن قال بأن المراد من امن بنبوة عيسى من المسلمين والنصارى، لكنه
(1)(8/ 69)
(2)
في " نظم الدرر في تناسب الآيات والسور "(4/ 421 - 422).
(3)
في تفسير " أنوار التنزيل وأسرار التأويل "(ص 75).
خصص [11] الإيمان بالنبوة، وأهمل العموم.
الثاني: أنه جعل الذين كفروا هم اليهود والذي حررناه يخالفه في الوجهين. فإن قلت: أمحب: فرق بين ما نقلته سابقا عن أبي السعود (1)، وبين ما حررته؟ قلت: الذي ذكره أبو السعود حسبما سلف إنما هو حكاية الأقوال، فالقول الأول خصص الأتباع بالمسلمين، وهو مثل ما اختاره الزمخشري (2) وأتباعه ثم قال: إن الذين كفروا هم الذين مكروا بعيسى، والذي حررناه يخالفه في الوجهين، وكذلك يخالف ما حكاه من بقية الأقوال في الفرقة المستعلية، وهكذا بقية النقول السابقة، وليس المراد هذا التنبيه إلا الإيضاح بأن ما حررناه أوفق. بمعنى الآية، وأدفع للإشكال، وأجمع لما قيل من الأقوال، ومخالفته لما خالفه ليست إلا من حيتا اقتصار كل قائل على قول، ونفي ما سواه، لا من حيث صدقه على جميع ما قيل، فلا شك أنه صادق على ذلك إذ من قال مثلا بأن الفرقة المستعلية هي فرقة المسلمين فقط قد دخل قوله تحت ذلك التعميم وكذلك من قال أنها الفرقة النصرانية [12] وكذلك من قال أهما الفرقتان جميعا وكذلك من قال أن الفرقة التي وقع الاستعلاء عليهما هي فرقة اليهود فقط أو الفرقة التي سترت ما تعرفه من نبوة المسيح، أو الفرقة التي مكرت به فأنه قد دخل ما قاله هؤلاء تحت ذلك العموم ومن قال أن الضمير لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو يرجع حاصل ما يستفاد من ذلك إلى قول من قال أن الفرقة المستعلية هم المسلمون (3) ومثل هذا الإيضاح لا يحتاج إليه صادق
(1) في تفسير " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم "(2/ 69).
(2)
في تفسير " الكشاف "
(1/ 192).
(3)
{يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق للذين كفروا إلي يوم القيامة [آل عمران: 55]. قال ابن تيمية في رد دعواهم الفضل لهم- النصارى- على المسلمين: فهذا حق كما أضر الله به، ممن أتبع المسيح- عليه السلام جعله الله فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة وكان الذين اتبعوه على دينه الذي لم يبدل قد جعلهم الله فوق اليهود. وأيضا النصارى فوق اليهود الذين كفروا به إلى يوم القيامة. وأما المسلمون فهم مؤمنون له ليسوا كافرين به بل لما لدل النصارى دينه وبعث الله محمدا- صلى الله عليه وسلم بدين الله الذي بعث به المسيح وغيره من الأنبياء جعل الله محمدا وأمته فوق النصارى إلى يوم القيامة.
كما في الصحيحين [البخاري رقم (3442) ومسلم رقم (2365)] من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي ".
وقال تعالى:} شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ {[الشورى: 13].
وقال تعالى:} يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ {[المؤمنون: 51 - 53] فكل من كان أتم إيمانا بالله ورسله، كان أحق بنصر الله تعالى فإن الله سبحانه لقول:} إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ {[غافر: 51].
وقال سبحانه وتعالى:} وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ {[الصافات: 171 - 173]. . واليهود كذبوا المسيح ومحمدا عور كما قال الله فيهم:} بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ {[البقر ة: 90].
فالغضب الأول: بتكذيبهم المسيح. والثاني: تكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم. والنصارى لم يكذبوا المسيح فكانوا منصورين على اليهود، والمسلمون منصورون على اليهود والنصارى، فإنهم آمنوا بجميع كتب الله ورسله، ولم يكذبوا بشيء من كتبه ولا كذبوا أحدا من رسله، بل اتبعوا ما قال الله لهم حيث قال سبحانه وتعالى:} قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {[البقرة: 136]. وقال تعالى:} آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ& [البقرة: 285].
ولما كان المسلمون هم المتبعون لرسل الله كلهم، المسيح وغيره، وكان الله قد وعد أد ينصر الرسل وأتباعهم قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة " - تقدم تخريجه- (ص 1139).
وقال صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوا من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيها "- أخرجه الترمذي رقم (2175) من حديث خباب بن الأرث عن أبيه وهو حديث صحيح.
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (2895) من حديث عامر بن سعد عن أبيه.
وانظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (2/ 178 - 180) لأبن تيمية.
حرر منقولا من خط المجيب محمد بن علي بن محمد الشوكاني غفر الله له ......
قال [أي في الأصل] حرر في الثلث الأوسط من ليلة الأربعاء إحدى ليالي شهر صفر سنة 1214 هـ.