الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
وتحتوي على بعض ما توصلت إليه من نتائج بعد تصنيف الكتاب، وبعض الاقتراحات:
أ- ما يتعلق بكتاب: "مجمع الزوائد" للحافظ الهيثمي رحمه الله:
1 -
يُعَدُّ كتاب "مجمع الزوائد" من أهم وأوائل الكتب التي صُنَّفَت في الزوائد على الكتب الستة المشهورة. فقد جمع فيه زوائد ستة كتب من أمهات الكتب الحديثية، وهي:"مسند الإمام أحمد"، و"مسند أبي يعلى الموصلي"، و"مسند البزار"، بالإضافة إلى "معاجم الطبراني الثلاثة".
2 -
من قراءتي لكتاب "مجمع الزوائد" تبيَّن لي أن هذا الكتاب -على عظم فائدته- لم يُخدم الخدمة المنشودة، حيث يكثر في النسخة المطبوعة منه التصحيفات والتحريفات.
ولذلك أقترح أن يقوم أحد الأذكياء من المتخصَّصين في هذا الفن الشريف بإعادة تحقيقه تحقيقًا علميًا، معتمدًا -بعد توفيق الله جل وعلا- على كل أو جل نسخه الخطية، مع مقابلة ما تم طبعه من مصادر "المجمع"، وبيان الفوارق بينهما، مع الحكم على أحاديثه تصحيحًا وتضعيفًا بدون الاختصار المخل، أو التطويل المُمِل، حتى لا يكبر حجم الكتاب فيضاعف ثمنه على طلاب العلم.
مع التركيز على أقوال الهيثمي في الرواة توثيقًا وتضعيفًا ومقابلتها مع أقوال مَنْ تقدمه مِنَ الأئمة النُقَّاد موافقة ومخالفة.
ب- ما يتعلق بأهل العلم عامة، وأهل الحديث خاصة:
1 -
لا شك في أن أهل العلم قد استفادوا من كتاب "مجمع الزوائد"
من عصر الهيثمي إلى زماننا هذا استفادة كبير، والدليل على ذلك كثرة ذكر هذا الكتاب في تصانيفهم بتناول المتون منه من جهة، ومن جهة أخرى الاستفادة بأقواله في حكمه على الأحاديث والرُّواة.
2 -
ولكن كانت هذه الاستفادة قد شابها بعض الأخطاء في المنهج العلمي، ولا سيما في علم الحديث وأُصوله، ويمكن لنا أن نحدد هذه الأخطاء في النقاط التالية:
- الاعتماد على أقوال الهيثمي في حكمه على درجة الحديث -تصحيحًا وتضعيفًا-، وعلى أقواله في الرواة -توثيقًا وتضعيفًا- اعتمادًا شبه كلي، دون النظر هل خالفه غيره -ولا سيما وإن كان من المتقدمين- أم لا؟!.
- التسليم لأقوال الهيثمي في الرواة حين يصرِّح بعدم معرفته لهم تسليمًا تامًا، وقد عالجت بكتابي هذا هذه النقطة بالذات، حيث كثر من المحققين المعاصرين الاعتماد على الهيثمي فيمَن لم يعرفهم، مع أن أكثرهم لهم من الشهرة ما لهم، حتى أصبح كثير منهم حينما يقوم بتحقيق بعض الأحاديث، ثم لا يجد ترجمة لأحد رواة السند، تراه يسارع ويصرح بتضعيف الإسناد؛ من أجل ذلك الراوي الذي لم يقف هو على ترجمته، وهذا خطأ من جهة المنهج العلمي، فقد تخفى الترجمة على هذا الباحث بسبب حدوث تغير فيها من تصحيف، أو تحريف، أو سقط، أو غير ذلك مِمَّا بيناه في كتابنا هذا.
وإن الناظر في هذا الكتاب ليدرك جيّدًا أهمية التروي في الحكم على الرواة من حيث معرفته لهم من عدمها، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى عدم التَّسَرّع في تعيين اسم الراوي حتى لا يجمع بين راويين مختلفين.
3 -
وأنه من خلال عملي في هذا الكتاب تبيَّن لي قصور كثير من المعاصرين في الإلمام بمناهج الأئمة في تصانيفهم، مِمَّا أدى إلى نتائج سلبيَّة غير مرضية، وإني أهتبل هذه المناسبة؛ كي أقدم النصح لكثير من إخواني العاملين في مجال التحقيق بعدم التسرع في القيام بتحقيق المصنفات الحديثية، إلا بعد الوقوف على قدم راسخة في هذا العلم الشريف، مع مراجعة أهل التخصص في ذلك الفن فيما يشكل عليهم، وعدم الاستنكاف من ذلك.
4 -
وكذلك أتوجّه بالنصح إلى مَن رزقه الله -تعالى- فهمًا طيبًا في هذا الفن الشريف ألا يبخلوا في تقديم النصائح والإرشادات العلمية لمن هم أدنى منهم معرفة بهذا الفن؛ فإن من أسباب تزكية العلم بذله ونشره بين الناس.
وأقترح حين يقوم أحد المبرزين في هذا الفن الشريف بتدريسه ألا يقتصر على الجانب النظري فقط، متجاهلًا الجانب العملي التطبيقي، بل يجب أن يعتني بكلا الاتجاهين معًا، ومن طرق بذلك:
- تمرين الطلاب على قراءة المخطوطات الحديثية قراءة صحيحة.
- إيقاف الطلاب على أكبر قدر من المصنفات الحديثيّة المتنوعة، وكيفية الاستفادة منها.
- معرفة مناهج الأئمة في تصانيفهم، مع التركيز على عدم استخدام هذه المصنفات الحديثية وقت الحاجة فقط -كما هو الحال اليوم- بل يجب أن يدرس كل مُصنَّف على حدة، والوقوف على منهج مُصَنَّفه، والإلمام بذلك الجانب إلمامًا جيدًا.
ج - ما يتعلق بأصحاب دور النشر:
لا يخفى على أحد منا كم هي المسئولية الكأداء التي يتحمّلها الناشرون فوق أعناقهم في نشر تراثنا الإسلامي، وما يواجهونه من متاعب ومصاعب؛ الله أعلم بها.
إلا أن هناك بعض السلبيات التي تقع فيها بعضُ دور النشر ومدراؤها، ويمكن لنا أن نلخص هذه السلبيات فيما نقدمه من آراء، لعلها -بإذن الله تعالى- تكون بمثابة حلول لها، وهي:
1 -
عدم السماح لنشر أي كتاب من الكتب التي تخالف عقيدة السلف الصالح.
2 -
عدم التعاون إلا مع أهل العلم ذوي المنهج السليم، والاعتقاد السلفي الصحيح.
3 -
توحيد جهود دور النشر فيما بينها فيما يخص نشر الكتب وما يتعلق بذلك من جميع إشكالاته.
4 -
عدم المبالغة في رفع أسعار الكتب، حتى لا يكون ذلك حائلًا بين طلاب العلم، واقتناء ما يحتاجون إليه من مراجع.
5 -
الوفاء، ثم الوفاء، ثم الوفاء من أصحاب دور النشر فيما يتعاقدون بينهم وبين طلاب العلم القائمين على تحقيق التراث الإسلامي، في عدم بخس حقهم، وعدم مخالفة ما تمَّ عليه من عقود، وعدم معاملة أهل العلم من هؤلاء وكأنهم تُجَّار مثل أغلبهم، فيعاملونهم الند للند، بل يجب أن يتقي الله أصحاب دور النشر في هؤلاء الطلاب، وأن يعطوا لهم كامل حقوقهم فيما تم الاتفاق عليه، والوفاء بالمواعيد والأزمنة المحددة؛ فإن هؤلاء الطلاب في أمسّ الحاجة إلى الجانب المادّي -ولا سيما في هذا الزمان- كي يكون إعانة لهم -بعد توفيق الله تعالى- في إكمال مسيرتهم العلمية.
وليعلم هؤلاء الناشرون أن طلاب العلم هم أمل الأمة الإسلامية -بعد الله جل جلاله فيما يقومون به في الدعوة إلى سبيل الله تعالى، وإن التقصير في حقهم، هو تقصير في حق الأمة الإسلامية جميعًا. والله ولي التوفيق.
د- مايتعلق بكاتب هذه الكلمات:
يعلم الله -جل وعلا- أن عملي لهذا الكتاب ما هو إلا لخدمة الحديث وأهله بقدر ما أستطيع به من جهد، فلم تكن نيتي في هذا الكتاب هو الاستدراك لمجرد الاستدراك، بل هو إكمال للمسيرة العلمية، والتي سار عليها سلفنا الصالح رضي الله عنهم فما وجد في هذا الكتاب من استدراك على إمام من أئمتنا المتقدمين من التنبيه على خطأ، أو وهم حدث من أحدهم، فما كان من ذلك فهو نصحًا لله، ولرسوله، ولعامة المسلمين. والله جل وعلا أعلم بما في نفوس العالمين، وليعلم أن هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم هم أئمتنا وقدوتنا، ونحن مأمورون بالاستضاءة بنورهم، وباتباع الكتاب والسنة بفهمهم.
هـ - ما يتعلّق بالقرّاء الكرام:
أرجو من إخواني -من أهل العلم عامّة، وأهل الحديث خاصّة-، ممَّن اطَّلع على هذا الكتاب إذا رأى فيه عيبًا أن ينبهنا عليه في حال حياتنا، وأن يصلحه لنا في حال مماتنا، برفق ولين، وأن يلتمس لكاتبه عذرًا ولا يفضحه، فإن مَن ألّف فقد استهدف، والإنسان محل الخطأ والنسيان، خصوصًا في هذا الزمان، الذي كثرت فيه الشواغل والهموم، وعظمت فيه الشدائد والغموم، فنسأل الله -جل وعلا- أن ينجينا من آفاته.
والعذر عند خيار الناس مقبول
…
والعفو من شيم السادات مأمول
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن أَتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين.
[تم الكتاب، بفضل الواحد الوهاب]
وكتب: خليل بن محمد العربي