المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مناهج المخالفين للسلف في الصفات ‌ ‌أولا: الممثلة … مناهج المخالفين للسلف في الصفات خالف - أصول مسائل العقيدة عند السلف وعند المبتدعة - جـ ٢

[سعود بن عبد العزيز الخلف]

الفصل: ‌ ‌مناهج المخالفين للسلف في الصفات ‌ ‌أولا: الممثلة … مناهج المخالفين للسلف في الصفات خالف

‌مناهج المخالفين للسلف في الصفات

‌أولا: الممثلة

مناهج المخالفين للسلف في الصفات

خالف السلف في الصفات فرقتان: الممثلة والمعطلة.

وسنفرد الحديث عن كل واحدة منهما:

أولا: الممثلة

الممثلة هم كل من قاس صفات الله عز وجل بصفات خلقه عز وجل بأن جعل ذات الله عز وجل أو صفاته مثل صفات المخلوقين أو نص على التشبيه بأن يقول بصر كبصري وسمع كسمعي ونحو ذلك.

هذا هو مراد السلف في إطلاق هذا الوصف وهو التمثيل. قال الإمام أحمد رحمه الله: "المشبهة تقول بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، ومن قال ذلك فقد شبه الله بخلقه"1.

وقال نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله: "من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه"2.

وقال إسحاق بن راهويه: "من وصف الله، فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم".وقال: "علامة جهم وأصحابه: دعواهم على أهل السنة والجماعة ما ألهموا به من الكذب أنهم مشبهة بل هم المعطلة" 3، فعلى هذا يكون مراد السلف بالممثلة والمشبهة هم من نص على التشبيه والتمثيل.

وهذا لا يعرف مذهب لمشهورين بعلم وديانة، وليس عليه فرقة معلومة، وإنما يعزى لأناس من غلاة الشيعة أو من المغمورين المجهولين، وممن يعزى إليهم ذلك:

1 إبطال التأويلات /45.

2 العلو للذهبي ص116، شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ص936.

3 شرح أصول اعتقاد أهل السنة ص937، وانظر شرح الطحاوية ص85.

ص: 15

هشام بن الحكم وهو من الرافضة الإمامية: فيعزى إليه أنه قال: إن الله جسم ذو أبعاض، وله مقدار هو سبعة أشبار بأشبار نفسه.

وهشام بن سالم الجواليقي وهو من الرافضة ويعزى إليه القول: بأن الله تبارك وتعالى جسم على صورة الإنسان أعلاه مجوف وأسفله مصمت1.

كما يعزى التشبيه والتمثيل إلى الكرامية أتباع محمد بن كرام السجستاني. ولا يتضح في قوله التشبيه، وإنما يظهر فيما نقل عنه من الأقوال خطأ لا يصل إلى حد التشبيه والتمثيل. ومن ذلك أنه نسب إليه القول: بأن الله جسم كالأجسام وليس ذلك ممتنعا دائما، وإنما الممتنع أن يشابه المخلوقات فيما يجب ويجوز ويمتنع.

كما يعزى إليه وصف الله عز وجل بالصفات الفعلية التي تتعلق بها المشيئة والإرادة إلا أنه يزعم أن الله يوصف بها بعد أن لم يكن موصوفا بها وفي هذا يقولون: إن الله تكلم بعد أن لم يكن متكلما2.

هؤلاء هم الممثلة على العموم في عرف السلف وهم من أطلقوا وصف التشبيه ونصوا عليه.

وهذا خلاف مراد المعطلة من هذا الوصف: فإن المعطلة من الجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية يطلقون هذا الوصف على كل من خالفهم في إثبات ما ينكرونه من الصفات.

فالمعتزلة يصفون كل من أثبت شيئا من الصفات أو أثبت الرؤية أو لم يقل بخلق القرآن أنه مشبه 3، فيدخل في ذلك السلف الذين يثبتون سائر الصفات، كما يدخل فيه أيضا الأشعرية الذين يثبتون بعض الصفات.

1 الفرق بين الفرق، ص227، الملل والنحل 1/105.

2 مجموع الفتاوى 6/36، 524.

3 انظر شرح الأصول الخمسة ص183 حيث وصف أبا الحسن الأشعري بأنه وقح وغير مبال بالإسلام والمسلمين لأنه أثبت بعض الصفات وهو العلم والقدرة والإرادة، وانظر كتاب العدل والتوحيد ونفي التشبيه ص133 ضمن رسائل العدل والتوحيد.

ص: 16

أما الأشعرية والماتريدية فيطلقون هذا الوصف على كل من أثبت شيئا من الصفات الذاتية التي ينكرونها مثل الوجه واليد والقدم. وكذلك الصفات الفعلية التي ينكرونها أيضا جملة وتفصيلا وذلك مثل العلو والاستواء والإتيان والغضب والرضى ونحو ذلك، ويزعمون أن من وصف الله بشيء من ذلك فقد جسم الله ومثله وشبهه ووصفه بصفات الحدوث والنقص1.

ولا شك أن كل ذلك من الضلال والانحراف: لأن الله عز وجل قد أثبت لنفسه الصفات وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفى الله عن نفسه التمثيل في مثل قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى11] فعلم أن المثبت إنما وافق القرآن ثم إنه إذا صرح بنفي التمثيل والتشبيه بين صفات الخالق وصفات المخلوق. فبأي وجه يطلق عليه أنه مشبه أو ممثل وهو ينفيه ويرده ويبطله، كما نفاه الله وأبطله. لا شك أن ذلك من الكذب على مثبتة الصفات من السلف ومن وافقهم ومن الاعتداء والظلم لهم بوصفهم بهذه الصفات الشنيعة، وهذا إنما هو من التشنيع عليهم بالباطل والمعطلة أحق بهذا التشنيع والوصف كما قال

أبو حاتم الرازي رحمه الله: "وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الأثر وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة" ثم قال: "ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء"2.

منهج الممثلة:

يتضح من منهج الممثلة على العموم أنهم يرون أن ما ورد عن الله عز وجل أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم من النصوص الدالة على الصفات إنما هو على ظاهرها الذي يعرف عن المخلوقات. فاعتبروا الصفات من جنس صفات المخلوقين فقالوا

1 انظر الإرشاد للجويني ص58.

2 شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/179.

ص: 17

بالتمثيل. وبطلان هذا ظاهر واضح فإن الله عز وجل قد نص على إثبات الصفات ونفي التمثيل، فلا يسع المسلم غير ذلك. كما أن المخلوق صفاته ناقصة فتشبيه الخالق تبارك وتعالى بالمخلوق هو تنقص للخالق وطعن فيه سبحانه وتعالى عما يصفون.

ص: 18