الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا المعطلة:
المعطلة هم كل من ينفي عن الله عز وجل صفاته كلها أو بعضها فهم معطلة بحسب ما ينفون من صفات الله عز وجل.
وهذا يصدق على الجهمية والفلاسفة والمعتزلة والأشعرية والماتريدية ومن أخذ بقولهم مثل الرافضة والزيدية والإباضية، لأن كل فرقة من هؤلاء عطلوا صفات الله عز وجل وأبطلوا دلالة النصوص على الصفات إما مطلقاً أو أثبتوا بعضاً وأنكروا بعضاً كما سيأتي:
وقبل أن ندخل في تفصيل أقوال المعطلة نشير إلى أن منهجهم العام الذي التزموه في صفات الله عز وجل.
وهو: اعتقادهم أن الله تبارك وتعالى ليس له صفة في حقيقة الأمر، أو اعتقاد بعضهم عدم اتصافه ببعض الصفات، وهي التي لايثبتونها، ثم هم بناء على ذلك نفوا المعاني الصحيحة لنصوص الصفات كلها، عند من ينفي كل الصفات، أو بعضها عند من ينفي بعض الصفات.1
بمعنى أن المعطلة اعتمدوا نفي صفات الله عز وجل كلها أو بعضها ثم جاءوا على نصوص الصفات الواردة في الشرع فأبطلوا دلالتها على الصفات.
المعطلة أصناف:
الصنف الأول:غلاة المعطلة.
وهم: نفاة الصفات، وهم الفلاسفة والجهمية والمعتزلة.
أما الفلاسفة فهم على قولين:
1 -
الفارابي وابن سينا ونحوهم:
1 انظر الصواعق المرسلة 1/164.
هؤلاء ينفون صفات الله عز وجل ولا يثبتون إلا وجوداً مطلقاً خال عن كل وصف1
يقول الفارابي: "وإذا وصف بوصف من الصفات فإنها لا تدل على المعاني التي جرت العادة أنها تدل عليها وإنما هي صفات مجازية لا يدرك كنهها إلا بالتمثيل وليس هو شيئاً من الأشياء بعده"2.
ومثله ابن سينا يقول عن الله عز وجل: "إنه لا جنس له ولا ماهية 3 ولا كيفية ولا كمية ولا أين، وهو يوصف بسلب المشابهات عنه وبإيجاب المضافات كلها إليه وليس هو شيئاً من الأشياء بعده"4.
2 -
ومن الفلاسفة أيضاً: الباطنية كالإسماعيلية والقرامطة، الذين ينفون سائر الصفات إلا أنهم يزيدون عن الفلاسفة الآخرين فساداً بزعمهم نفي النقيضين عن الله عز وجل فيقولون: لا نقول موجود ولا ليس موجود، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز، ولا موصوف ولا ليس بموصوف5.
أما الجهمية فالمنقول عنهم نفي صفات الله عز وجل، فجهم يرى أن الله تعالى: لا يجوز أن يوصف بصفة عليها خلقه6.كما يقول: إن الله لا يقال إنه شيء لأن الشيء هو المخلوق الذي له مثل. وهو ينفي سائر أسماء الله عز وجل ولا يثبت إلا الخالق
1 من المعلوم أن الوجود المطلق الخالي عن كل وصف هو وجود ذهني بمعنى أنه موجود فقط في الخيال ولا وجود له في الحقيقة والخارج بمعنى أنه لا ذات له يمكن أن يطلق عليها أنها موجودة.
2 انظر تاريخ الفلسفة الإسلامية ص 209.
3 الماهية هو ما يقال في جواب ما هو؟ وبمعنى آخر يقصد بها الذات.
4 الشفا لابن سينا 1/368.
5 الكافية ضمن ثلاث رسائل إسماعيلية لعارف ثامر ص 45، راحة العقل للكرماني الإسماعيلي ص 131،147،نهاية الإقدام للشهرستاني ص 128.
6 الملل والنحل للشهرستاني ص 73.
والقادر لأن المخلوق عنده لا يوصف بالقدرة إلا مجازاً لأنه كان جبرياً يعتقد أن الإنسان لا قدرة له على الحقيقة 1.
أما المعتزلة فيثبتون الأسماء لله عز وجل كما أنهم يثبتون لله عز وجل الذات وينفون عنه سائر الصفات فيقولون إن الله يسمى عالماً لا بعلم وقادراً لا بقدرة وسميعاً لا بسمع.
وعلى هذا إجماعهم ويصفونه عز وجل بصفات السلوب فيقولون ليس بجسم ولا صورة ولا شخص ولا جوهر ولا يتحرك وليس بذي جهات ولا يحيط به مكان وهو شيء لا كالأشياء2.
فهذه الفرق الثلاث هي أهم فرق غلاة المعطلة الذين ينكرون وصف الباري تبارك وتعالى بالصفات،ومنهم من ينفي الذات بما يدعونه من وصفه عز وجل بالوجود المطلق،الذي هو الوجود الذهني فقط، وهؤلاء هم الفلاسفة والجهمية، ومنهم من يثبت الذات وينفي الصفات وهم المعتزلة.
وغالبهم على قولين فيما ينسبونه إلى الله عز وجل وهما:
1 -
السلب: وهو نفي ضد الصفة عنه مثل قولهم: ليس بجاهل ولا عاجز ولا طويل ولا جسم وليس له مكان ونحوها، وهذا هو الذي عليه جل الفلاسفة وجل المعتزلة.
2 -
الإضافة: بمعنى أن ما يضاف إلى الله ليس على اعتبار أنه صفة وإنما على اعتبار أن الله علة وجوده وسبب وجوده مثل أن يقال إن الله علة العالم أي سبب جوده 3، وهو مثل قولك هذا ولدك فلا يعني أنه صفة لك وإنما يعني أنك سبب
1 مقالات الإسلاميين 1/259، منهاج السنة النبوية 2/526-527.
2 انظر مقالات الإسلاميين 1/235، شرح الأصول الخمسة ص 182،196،200-201.وانظر المعتزلة وأصولهم الخمسة ص 84.
3 نهاية الإقدام للشهرستاني ص 127.