الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخير الصائد في جزاء الإتلاف بين أن يذبح مثله من النعم، كما ذكرنا ويتصدق به على فقراء الحرم خاصة، وبين أن يقوم ذلك المثل بالدراهم ويتصدق بما يسويها طعاماً عليهم وبين أن يصوم عن كل مد يوماً. دليل ذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} المائدة 95.
أما غير المثلي، فيتصدق بالقيمة التي يقررها العدلان الخبيران، أو يصوم عن كل مد من ذلك يوماً. يتبين لك مما ذكرنا: أن فدية ترك الواجب فدية مرتبة: الذبح أولاً، فإن عجز فالتصدق، فإن عجز فالصيام، وأن فدية ارتكاب محرم فدية محيرة. إن شاء ذبح، أو أطعم، أو صام. وذلك طبقاً للتفصيل الذي ذكرناه والله أعلم.
هذا ولابد من بيان أن الأضحية سنة للحاج كغيره. وأن وقتها من بعد الرمي إلى آخر أيام التشريق.
الدماء الواجبة في الحج وما يقوم مقامها:
الدماء الواجبة في الحج على هذا خمسة أقسام:
القسم الأول: الدم المرتب المقدر: وهذا يجب عند ترك واجب من واجبات الحج التي مر ذكرها. فإذا ترك واجباً مما ذكر وجب عليه أولاً ذبح شاة مجزئة في الأضحية، أو سُبُع بقرة أو سُبُع بدنة. فإن لم يجد شيئاً من ذلك وجب عليه أن يصوم بدلها عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. ويدخل في هذا القسم دم التمتع ودم الفوات للوقوف، بعد التحلل لعمرة.
القسم الثاني: مخير مقدر: وهذا يجب عند فعل محظور كحلق
شعر وقلم ظفر وما شابه ذلك، فيجب على من فعل ذلك ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو ثلاثة آصع من طعام بر أو شعير يدفعها إلى ستة من مساكين الحرم، لكل مسكين نصف صاع. ويكفي في وجوب هذه الفدية إزالة ثلاث شعرات، أو قلم ثلاثة أظافر.
القسم الثالث: مخير معدل: وهذا ما يجب عند قطع نبت أو بقتل صيد، فمن فعل ذلك وجب في حقه إن كان للصيد مثل أو شبه صوري أن يذبح المثل في الحرم، أو يشتري لأهل الحرم حباً بقدر قيمته يوزعه عليهم، أو يصوم عن كل مد يوماً.
وإن لم يكن لذلك مثل فهو مخير بين الإطعام والصيام. إلا الحمام فيجب في الحمامة شاة.
القسم الرابع: مرتب معدل: وهو الدم الواجب بالإحصار، فمن منع من الحج بعد إحرامه وجب عليه أولاً أن يذبح شاة حيث أحصر، فإن لم يستطع فليطعم بقدر ثمن الدم يوزعه على الفقراء، فإن عجز عن الإطعام صام عن كل مد يوماً.
القسم الخامس: مرتب معدل أيضاً: وهذا يجب على المجامع خاصة، فمن جامع قبل الإحلال وجب أن يذبح بعيراً، فإن عجز وجب عليه أن يذبح بقرة، فإن عجز وجب عيه أن يذبح سبع شياه، فإن عجز عن ذلك أطعم بقيمة البعير أهل الحرم، فإن عجز عن الإطعام، صام عن كل مد يوماً.
هذا ولا يجزئ الذبح والإطعام إلا في الحرم، وأما الصيام فيصوم حيث شاء، هذا والمراد بالترتيب في هذه الدماء أنه لا يجوز أن ينتقل إلى الثاني إلا عند عجزه عن الأول، وهو ضد التخيير فهو مفوض إليه أن يفعل ما يختاره. ومعني التقدير أن الشرع قد قدر البدل المعدول إليه سواء أكان ترتيباً أم تخبيراً، ويقابله التعديل ومعناه
أنه أمر فيه بالتقويم والعدول إلى الغير بحسب القيمة، ولقد جمع الشيخ العمريطي شرف الدين يحي في منظومته "نظم الغاية والتقريب" الكلام عن تلك الدماء فقال:
وسائر الدماء في الإحرام
…
محصورة في خمسة أقسام
فالأول المرتب المقدر
…
بترك أمر واجب ويجبر
بذبح شاةٍ أولاً وصاما
…
للعجز عنه عشرة أيام
ثلاثة في الحج في محله
…
وسبعة إذا أتى لأهله
ثاني الدما مخيري مقدر
…
بنحو حلق من أمور تخطرُ
فالشاة أو ثلاثة أيام
…
يصومها أو آصع طعام
لستةٍ هم من مساكين الحرم
…
لكل شخص نصف صاع منه تم
ثالثها مخير معدل
…
يقطع نبت أو بصيد يقتل
فإن يكن للصيد مثل في النعم
…
فليذبح المثل ابتداء في الحرم
أو يشتري لأهل ذلك الحرم
…
حبا بقدر ما له من القيم
أو يعدل الأمداد منه صوما
…
يصومه عن كل مد يوما
وخيروا في الصوم والإطعام في
…
إتلاف صيد حيث مثله تفي
رابعها مرتب معدل
…
فواجب بالحصر حيث يحصل
دم فإن لم يستطع فليطعم
…
قوتا يرى بقدر قيمة الدم
وصام عند العجز عن إطعام
…
ما يعدل الأمداد من أيام
خامسها يختص بالمجامع
…
مرتب معدل كالرابع
لكن هنا البعير قبل معتبر
…
وبعده للعجز رأس من بقر
وعند عجز عن سبع من غنم
…
ثم الطعام يشترى عند العدم
بقيمة البعير حيثما وجد
…
وعدله من الصيام إن فقد
ولم يجب كون الصيام في الحرم
…
والهدي والإطعام فيه ملتزم