الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل مشروعية صوم شهر رمضان:
الأصل في فرضية صوم شهر رمضان قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} البقرة: 185
وقوله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان " رواه البخاري (8) ومسلم (16) وغيرهما.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله: أخبرني ماذا فرض علي الله من الصوم؟ فقال: " صيام رمضان " رواه البخاري (1792) ومسلم (11).
حكم تارك صيام شهر رمضان من غير عذر:
لما كان صيام شهر رمضان ركناً من أركان الإسلام، ومن الفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، كما جاحد وجوبه كافرا، أي يعامل معاملة المرتد، فيستتاب، فإن تاب قبل منه، وإلا قتل حداً. وذلك إن لم يكن قريب العهد بالإسلام، أو نشأ بعيدا عن العمران ـ كما يقول العلماء ـ أي بعيداً عن العلماء. أما من ترك صومه بغير عذر، وكان غير جاحد لوجوبه، وذلك كأن قال: الصوم واجب علي، ولكني لا أصوم فإنه يكون فاسقاً، وليس بكافر، ووجب على حاكم المسلمين حبسه ومنعه من الطعام والشراب نهاراً ليحصل له الصوم بذلك، ولو صورة.
من حكم الصيام وأسراره وفوائده:
ينبغي للمسلم أن يعلم قبل كل شيء: أن صيام شهر رمضان
عبادة فرضها الله تعالى. ومعنى كونها عبادة: أن يقوم المسلم بأدائها استجابة لأمر الله تعالى، وقياماً بحق العبودية له، بقطع النظر عن أي نتيجة يمكن أن تنتج عن عبادة الصوم. فإذا فعل المسلم ذلك، فلا مانع أن يتطلع بعدئذ إلى الحكم والأسرار الإلهية الكامنة في تلك العبارة، من صيام وغيره، ومما لا شك فيه أن أحكام الله تعالى كلها قائمة على حكم وأسرار وفوائد للعباد، ولكن لا يشترط أن يكون العباد على علم بها.
ومما لا شك فيه أيضاً أن للصوم حكماً وفوائد كثيرة قد يطلع العباد على بعضها. ويبقى الكثير منها خافياً عليهم.
ومن هذه الحكم والفوائد التي يمكن أن يستشفها المسلم ويلمها في الصوم ما يلي:
1ـ إن الصيام من شأنه أن يوقظ قلب المؤمن لمراقبة الله عز وجل، ذلك لأن الصائم ما إن يستدبر جزءاً من نهاره حتى يحس بالجوع والعطش، وتهفو نفسه إلى الطعام والشراب، لكن شعوره بأنه صائم يحول دون تحقيقه لرغبات نفسه، تحقيقاً لأمر الله عز وجل، ومن خلال هذا التدافع يستيقظ القلب، وينمو فيه شعور المراقبة لله تعالى، ويظل على ذكر لربوبيته وعظيم سلطانه، كما يظل متنبهاً إلى أنه عبد خاضع لحكم الله تعالة، ومنقاد لإرادته.
2ـ إن شهر رمضان شهر قدسي بين أشهر السنة كلها، يريد الله عز وجل من عباده أن يملؤوه بالطاعات والقربات، ويحققوا فيه أسمى معاني عبوديتهم لله سبحانه وتعالى، وهيهات أن يتحقق ذلك أمام موائد الطعام، وفي مجالس الشراب، وبعد امتلاء المعدة، وتصاعد أبخرة الطعام إلى الفكر والدماغ، فكان في
شريعة صيام هذا الشهر أيسر سبيل للقيام بحقه، وأداء واجب العبودية فيه.
3ـ إن استمرار حالة الشبع في حياة المسلم من شأنه أن يغمر مشاعره بأسباب القسوة، وينمي في نفسه عوامل الطغيان، وكلاهما مما يتنافي مع شأن المسلم، فكان في شريعة الصيام ما يهذب نفس المسلم، ويرهف مشاعره.
4ـ إن من أهم المبادئ التي ينهض عليها المجتمع الإسلامي تراحم المسلمين وتعاطفهم، وهيهات أن يرحم الغني الفقير رحمة صادقة من غير أن يتخلله شعور بآلام الفقر وشدته، ومرارة الجوع وضراوته. وشهر الصيام خير ما يكسب الغني شعور الفقير، ويجعله يعيش معه في آلامه وحرمانه، ومن ثم كان الصوم خير ما يثير في نفس الأغنياء دوافع العطف والرحمة والمواساة.