الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قضاء رمضان
والفدية والكفارة
1ـ المسافر والمريض:
من فاته شيء من رمضان ـ لسفر أو مرض ـ وجب عليه قضاؤه قبل حلول شهر رمضان من العام الذي يليه، فإن لم يقض تساهلاً حتى دخل رمضان آخر أثم، ولزمه مع القضاء فدية، وهي أن يطعم عن كل يوم مد، ومن غالب قوت البلد، يتصدق به على الفقراء، ويتكرر بتكرر السنين. والمد يساوي ملء حفنة، وبالوزن: رطل وثلث بالرطل البغدادي، وهو ما يساوي 600 غراماً تقريباً.
أما إن استمر عذره: كأن استمر مرضه حتى دخل عليه رمضان آخر فلا يجب عليه إلا القضاء، ولا فدية بهذا التأخير.
فإن مات ولم يقض فلا يخلو: إما أن يكون قد مات قبل أن يتمكن من القضاء، أو مات بعد التمكن، ولكنه لم يقض تقصيراً.
فإن مات قبل التمكن من القضاء فلا إثم عليه، ولا تدارك له، لعدم تقصيره.
ومن مات بعد التمكن من القضاء صام عنه وليه ـ ندباً ـ الأيام الباقات في ذمته.
والمقصود بالولي هنا أي قريب من أقاربه. ودليل ذلك ما رواه
البخاري (1851) ومسلم (1147) عن عائشة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه ".
وروى البخاري (1852) أيضاً، ومسلم (1148) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه؟ قال:" نعم فدين الله أحق أن يقضى ".
هذا ويصح صوم الأجنبي عنه إذا استأذن بذلك أحد أقاربه، فإن صام بغير إذن، ولا وصية من الميت لم يصح بدلاً عنه.
فإن لم يصم عنه أحد أطعم عنه لكل يوم مد، ويخرج هذا من التركة وجوباً كالديون، فإن لم يكن له مال جاز الإخراج عنه، وتبرأ ذمته.
روى الترمذي (817) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكيناً)
وروى أبو داود (2401) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم أطعم عنه).
2ـ الكبير العاجز، والمريض الذي لا يرجى برؤه:
إذا اضطر الشيخ المسن إلى الفطر، وجب عليه أن يتصدق عن كل يوم بمد من غالب قوت البلد، ولا يجب عليه، ولا على أحد من أوليائه غير ذلك.
روى البخاري (4235) عن عطاء: سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} البقرة 184. قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً.
هذا، ومما يجب أن يعلم أن المريض الذي لا يرجى برؤه حكمه حكم المسن الذي لا يقدر على الصوم، فيفطر، ويتصدق عن كل يوم بمد من غالب قوت البلد.
3ـ الحامل والمرضع:
إذا أفطرت الحامل والمرضع، فهي إما أن تفطر خوفاً على نفسها، أو خوفاً على طفلها.
فإن أفطرت خوفاً من حصول ضرر بالصوم على نفسها وجب عليها القضاء فقط قبل حلول شهر رمضان آخر.
روى الترمذي (715) وأبو داود (2408) وغيرهما عن أنس الكعبي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم ".
أي خفف بتقصير الصلاة، ورخص في الفطر مع القضاء.
وإن أفطرت خوفاً على طفلها، وذلك بأن تخاف الحامل من إسقاطه إن صامت، أو تخاف المرضع أن يقل لبنها فيهلك الولد إن صامت، وجب عليها والحالة هذه القضاء والتصدق بمد من غالب قوت البلد عن كل يوم أفطرته.
ومثل هذه الصورة أن يفطر الصائم لإنقاذ مشرف على الهلاك، فيجب عليه مع القضاء التصدق بمد طعام.
روى أبو داود (2318) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة 184.
قال كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعماً كل يوم مسكيناً، والحبلى والمرضع إذا خافتا ـ يعني على أولادهما ـ أفطرتا وأطعمتا).
كفارة الإفطار في رمضان
موجب الكفارة:
هو إفساد صوم يوم من أيام رمضان بجماع بشرط أن يكون المجامع ذاكراً لصومه، عالماً بالحرمة، غير مترخص بالسفر.
فمن فعل ذلك ناسياً للصوم، أو جاهلاً بالحرمة، أو أفسد به صوماً غير صوم رمضان، أو أفطر معتمداً ولكن بغير الجماع، أو كان مسافراً سفراً يخوله الإفطار فجامع، فلا كفارة عليه، وإنما عليه القضاء فقط.
من تجب عليه الكفارة:
إنما تجب الكفارة على الزوج المجامع، ولا تجب على الزوجة، أو المرأة الموطوءة وإن كانت صائمة، لأن جناية الواطئ أغلظ فناسب أن يكون هو المكلف بالكفارة.
ما هي الكفارة؟
الكفارة التي تجب بإفساد الصوم هي عتق رقبة مؤمنة، أي نفس رقيقة ذكراً كانت أم أنثى، فإن لم يجد، أو لم يستطيع، فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أيضا فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد من غالب قوت البلد. فإن عجز عن الكل ثبتت الكفارة في ذمته حتى يقدر على خصلة منها.
ودليل ذلك ما رواه البخاري (1834) ومسلم (1111) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله، هلكت. قال:" مالك؟ " قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم ـ في رواية: في رمضان ـ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل تجد رقبة تعتقها؟ " قال: لا. قال: " فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال: لا. فقال: " فهل تجد إطعام ستين مسكيناً قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر ـ وعاء ينسج من ورق النخل والعرق: المكتل ـ قال: " أين السائل؟ " فقال: أنا. قال: " خذ هذا فتصدق به". قال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها ـ يريد الحرتين ـ أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: " أطعمه أهلك ".
قال العلماء: ولا يجوز للفقير الذي قدر على الإطعام صرف ذلك الطعام إلى عياله، وكذلك غيرها من الكفارات، وما ذكر في الحديث فإنما هو خصوصية لذلك الرجل.
هذا ومما ينبغي أن يعلم أنه يجب على المجامع مع الكفارة قضاء اليوم الذي أفطره من رمضان بالجماع. وأن الكفارة تتكرر بتكرر الأيام التي أفطرها بالجماع. فإذا جامع في يومين من رمضان لزمه ـ مع القضاء ـ كفارتان، وإذا جامع في ثلاثة لزمه ثلاث كفارات، وهكذا.