الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً}
الأية. نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن ظن الموت بالشهداء، وصرح بأنهم أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وأنهم فرحون بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، يستبشرون بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، ولم يبين هنا هل حياتهم هذه في البرزخ يدرك أهل الدنيا حقيقتها أو لا؟ ولكنه بين في سورة البقرة أنهم لا يدركونها بقوله:{وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154)} لأن نفي الشعور يدل على نفي الإدراك من باب أولى، كما هو ظاهر.
•
قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}
الآية.
قال جماعة من العلماء: المراد بالناس القائلين "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ" نعيم بن مسعود الأشجعي، أو أعرابي من خزاعة، كما أخرجه ابن مردويه من حديث أبي رافع. ويدل لهذا توحيد المشار إليه في قوله تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} الآية.
قال صاحب الإتقان، قال الفارسي: ومما يقوي أن المراد به واحد قوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} فوقعت الإشارة بقوله: ذَلِكُمُ إلى واحد بعينه، ولو كان المعنى جمعا لقال: إنما أولئكم الشيطان. فهذه دلالة ظاهرة في اللفظ. اهـ منه بلفظه.
•
ذكر في هذه الآية الكريمة أنه يملي للكافرين، ويمهلهم لزيادة الإثم عليهم وشدة
العذاب، وبين في موضع آخر أنه لا يمهلهم متنعمين هذا الإمهال إلا بعد أن يبتليهم بالبأساء والضراء، فإذا لم يتضرعوا أفاض عليهم النعم وأمهلهم حتى يأخذهم بغتة، كقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (95)} وقوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا - إلى قوله - أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)} .
وبين في موضع آخر: أن ذلك الاستدراج من كيده المتين، وهو قوله:{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)} . وبين في موضع آخر: أن الكفار يغترون بذلك الاستدراج فيظنون أنه من المسارعة لهم في الخيرات، وأنهم يوم القيامة يؤتون خيرا من ذلك الذي أوتوه في الدنيا، كقوله تعالى:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (56)} وقوله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً (77)} وقوله: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً (36)} وقوله: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} وقوله: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً} الآية. كما تقدم، والبأساء: الفقر والفاقة، والضراء: المرض على قول الجمهور، وهما مصدران مؤنثان لفظا بألف التأنيث الممدودة.
• قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)} ذكر في هذه الآية الكريمة أن المؤمنين سيبتلون في أموالهم وأنفسهم، وسيسمعون الأذى الكثير من أهل الكتاب والمشركين، وأنهم إن صبروا على ذلك البلاء والأذى واتقوا الله، فإن صبرهم وتقاهم مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ، أي: من الأمور التي ينبغي العزم والتصميم عليها لوجوبها.
وقد بين في موضع آخر أن من جملة هذا البلاء؛ الخوف والجوع، وأن البلاء في الأنفس والأموال هو النقص فيها، وأوضح فيه نتيجة الصبر المشار إليها هنا بقوله:{فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)} وذلك الموضع هو قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} وبقوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} ويدخل في قوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} الصبر عند الصدمة الأولى، بل فسره بخصوص ذلك بعض العلماء. ويدل على دخوله فيه قوله قبله:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .
وبين في موضع آخر أن خصلة الصبر لا يعطاها إلا صاحب حظ عظيم، وبخت كبير، وهو قوله:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} وبين في موضع آخر. أن جزاء الصبر لا حساب له، وهو قوله:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} .
• قوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا