الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومراده بالمنزلق: السيف، ثم إن العلماء اختلفوا في السبي، هل يبطل حكم الزوجية الأولى مطلقا ولو سبي الزوج معها وهو ظاهر الآية، أو لا يبطله إلا إذا سبيت وحدها دونه؟ فإن سبي معها فحكم الزوجية باق، وهو قول أبي حنيفة، وبعض أصحاب أحمد. والعلم عند الله تعالى.
•
قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}
الآية. يعني: كما أنكم تستمتعون بالمنكوحات فاعطوهن مهورهن في مقابلة ذلك، وهذا المعنى تدل له آيات من كتاب الله كقوله تعالى:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} الآية. فإفضاء بعضهم إلى بعض المصرح بأنه سبب لاستحقاق الصداق كاملا هو بعينه الاستمتاع المذكور هنا في قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} الآية. وقوله: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} وقوله: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً} الآية. فالآية في عقد النكاح، لا في نكاح المتعة كما قال به من لا يعلم معناها.
فإن قيل: التعبير بلفظ الأجور يدل على أن المقصود الأجرة في نكاح المتعة، لأن الصداق لا يسمى أجرا.
فالجواب: أن القرآن جاء فيه تسمية الصداق أجرا في موضع لا نزاع فيه، لأن الصداق لما كان في مقابلة الاستمتاع بالزوجة، كما صرح به تعالى في قوله:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ} الآية، صار له شبه قوي بأثمان المنافع فسمي أجرا، وذلك الموضع هو قوله تعالى:{فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي: مهورهن بلا نزاع، ومثله قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الآية. أي في مهورهن، فاتضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة.
فإن قيل: كان ابن عباس وأبي بن كعب، وسعيد بن جبير، والسدي يقرأون "فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمى". وهذا يدل على أن الآية في نكاح المتعة.
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أن قولهم "إلى أجل مسمى" لم يثبت قرآنا؛ لإجماع الصحابة على عدم كتبه في المصاحف العثمانية، وأكثر الأصوليين على أن ما قرأه الصحابي على أنه قرآن ولم يثبت كونه قرآنا، لا يستدل به على شيء؛ لأنه باطل من أصله؛ لأنه لم ينقله إلا على أنه قرآن، فبطل كونه قرآنا، ظهر بطلانه من أصله.
الثاني: أنا لو مشينا على أنه يحتج به، كالاحتجاج بخبر الآحاد كما قال به قوم، أو على أنه تفسير منهم للآية بذلك، فهو معارض بأقوى منه؛ لأن جمهور العلماء على خلافه، ولأن الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بكثرة بتحريم نكاح المتعة، وصرح - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك التحريم دائم إلى يوم القيامة، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، فقال "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا".
وفي رواية لمسلم: "في حجة الوداع"، ولا تعارض في ذلك لإمكان أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك يوم فتح مكة، وفي حجة الوداع أيضا والجمع واجب إذا أمكن، كما تقرر في علم الأصول وعلوم الحديث.
الثالث: أنا لو سلمنا تسليما جدليا أن الآية تدل على إباحة نكاح المتعة فإن إباحتها منسوخة، كما صح نسخ ذلك في الأحاديث المتفق عليها عنه - صلى الله عليه وسلم -، وقد نسخ ذلك مرتين الأولى يوم خيبر كما ثبت في الصحيح، والآخرة يوم فتح مكة كما ثبت في الصحيح أيضا.
وقال بعض العلماء: نسخت مرة واحدة يوم الفتح، والذي وقع في خيبر تحريم لحوم الحمر الأهلية فقط، فظن بعض الرواة أن يوم خيبر ظرف أيضا لتحريم المتعة. واختار هذا القول العلامة ابن القيم رحمه الله ولكن بعض الروايات الصحيحة صريحة في تحريم المتعة يوم خيبر أيضا، فالظاهر أنها حرمت مرتين، كما جزم به غير واحد، وصحت الرواية به. والله تعالى أعلم.
الرابع: أنه تعالى صرح بأنه يجب حفظ الفرج عن غير الزوجة والسرية في قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} في الموضعين، ثم صرح بأن المبتغى وراء ذلك من العادين بقوله:{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} الآية. ومعلوم أن المستمتع بها ليست مملوكة ولا زوجة، فمبتغيها إذن من العادين بنص القرآن، أما كونها غير مملوكة فواضح، وأما كونها غير زوجة فلانتفاء لوازم الزوجية عنها كالميراث، والعدة، والطلاق، والنفقة، ولو كانت