الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كأن لم يكونوا حمى يختشى
…
إذ الناس إذ ذاك من عَزَّ بزّ
•
هذا المنزل الذي أحال عليه هنا هو المذكور في سورة الأنعام في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} وقوله هنا: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} لم يبين فيه حكم ما إذا نسوا النهي حتى قعدوا معهم، ولكنه بينه في الأنعام بقوله:{وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} .
•
قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)}
في معنى هذه الآية أوجه للعلماء:
منها: أن المعنى "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين يوم القيامة سبيلا" وهذا مروي عن علي بن أبي طالب، وابن عباس رضي الله عنهم ويشهد له قوله في أول الآية:{فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ} الآية. وهو ظاهر.
قال ابن عطية: وبه قال جميع أهل التأويل، كما نقله عنه القرطبي، وضعفه ابن العربي زاعما أن آخر الآية غير مردود إلى أولها.
ومنها: أن المراد بأنه: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} يمحو به دولة المسلمين ويستأصلهم ويستبيح بيضتهم كما ثبت في صحيح مسلم وغيره عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان أنه قال: "وإني سألت ربي ألا يهلك أمتي بسنة بعامة، وألا يسلط عليهم
عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن الله قد أعطاني لأمتي ذلك حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا".
ويدل لهذا الوجه آيات كثيرة كقوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية. وقوله: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)} ، وقوله:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} إلى غير ذلك من الآيات.
ومنها: أن المعنى أنه لا يجعل لهم سبيلا إلا أن يتواصوا بالباطل، ولا يتناهوا عن المنكر، ويتقاعدوا عن التوبة، فيكون تسليط العدو عليهم من قبلهم، كما قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} .
قال ابن العربي: وهذا نفيس جدا، وهو راجع في المعنى الأول؛ لأنهم منصورون لو أطاعوا، والبلية جاءتهم من قبل أنفسهم في الأمرين.
ومنها: أنه لا يجعل لهم عليهم سبيلا شرعا، فإن وجد فهو بخلاف الشرع.
ومنها: أن المراد بالسبيل الحجة، أي: ولن يجعل لهم عليه حجة، ويبينه قوله تعالى:{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (33)} وأخذ بعض العلماء من هذه الآية الكريمة منع دوام ملك الكافر للعبد المسلم والعلم عند الله تعالى.