الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن شهد بِحَق يُعلمهُ فَإِن كَانَ صَادِقا أجر على قَصده وطاعته وعَلى إِيصَال الْحق إِلَى مستحقيه وعَلى تَخْلِيص الْمَظْلُوم من الظَّالِم وَإِن كَانَ كَاذِبًا بِسَبَب سُقُوط الْحق الَّذِي تحمل الشَّهَادَة بِهِ وَهُوَ لَا يشْعر بسقوطه أثيب على قَصده وَلَا يُثَاب على شَهَادَته لِأَنَّهَا مضرَّة بالخصمين وَفِي تعديه ورجوعه على الظَّالِم بِمَا أَخذه من الْمَظْلُوم نظر إِذْ الْخَطَأ والعمد فِي الْأَسْبَاب والمباشرات سيان فِي بَاب الضَّمَان
فَائِدَة
مَا يدْفع إِلَى النَّاس من أَمْوَال بَيت المَال لآخذه أَحْوَال
أَحدهَا أَن يكون مِمَّن يسْتَحق ذَلِك الْقدر كالغازي فَيجوز
وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يسْتَحقّهُ فَإِن أَخذه لنَفسِهِ لم يجز لَهُ وَإِن أَخذه ليَرُدهُ على مستحقيه فَإِن كَانَ من الْعلمَاء الموثوق بفتياهم وأديانهم لم يجز لَهُ أَخذه لِأَن ذَلِك يسْقط الثِّقَة بقوله وفتياه فَيكون مأخذه مُمْتَنعا للِانْتِفَاع بتعليمه والاعتماد على فتياه ومفسدة ذَلِك رد على مصلحَة دفع ذَلِك إِلَى مُسْتَحقّه لِأَن إحْيَاء الشَّرْع فرض مُتَعَيّن وَلَا سِيمَا فِي هَذَا الزَّمَان فَإِن لم يكن من أُولَئِكَ فَإِن كَانَ عَالما بمصارفه جَازَ لَهُ أَخذه بنية صرفه فِي مصارفه وَإِن كَانَ جَاهِلا بالمصارف فَأَخذه بنية من يسْأَل عَنْهَا الْعلمَاء الموثوق بفتياهم فَإِذا أَخْبرُوهُ بمصارفه فَصَرفهُ فِيهَا أجر على ذَلِك وَكَانَ لَهُ أجر إِعَانَة أَخِيه الْمُسلم على إِيصَال
حَقه إِلَيْهِ وَالله فِي عون العَبْد مَا كَانَ العَبْد فِي عون أَخِيه وَقَالَ تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} الْمَائِدَة 5 / 2 وَقَالَ تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} النَّحْل 16 / 90 فَأَما مَا يُؤْخَذ من النَّاس بِغَيْر حق فعلى ولي الْأَمر إِثْم كل من ظلمه
وَأما مُبَاشرَة أَخذ الظُّلم فَإِن كَانَ مُخْتَارًا لزمَه الضَّمَان والآثام وَإِن كَانَ مكْرها فَلهُ حالان
أَحدهمَا أَن يُوجد الْإِكْرَاه الْمُعْتَبر بالتهديد بِاللِّسَانِ وَفِي وجوب الضَّمَان على الْمُكْره وَجْهَان فَإِنَّهُ أتلف مَالا مَعْصُوما لإنقاذ نَفسه فَصَارَ كالمضطر إِذا أتلف طَعَاما لحفظ نَفسه
الْحَال الثَّانِي أَن يكره بِلِسَان الْحَال وَهُوَ يعلم من عَادَة السُّلْطَان إِذا خُولِفَ أَن يَسْطُو بِمن خَالفه سطوة يكون مثلهَا إِكْرَاها فَفِي إِلْحَاق ذَلِك بِالْإِكْرَاهِ بِاللِّسَانِ مذهبان لِأَن الْخَوْف الْحَاصِل فِي الْإِكْرَاه بِلِسَان الْحَال كحصول خوف بِالْإِكْرَاهِ بِلِسَان الْمقَال والإقدام جَائِز بِالْإِكْرَاهِ لِأَنَّهَا حَال اضطرار وَلَا يُبَاح بِالْإِكْرَاهِ قتل ولواط وَلَا زنا وَيجب على الْمُكْره إِذا عجز عَن الدّفع الصَّبْر إِلَى الْمَمَات وَكَذَلِكَ كَقَتل
وَيُبَاح كفر اللِّسَان بِالْإِكْرَاهِ مَعَ طمأنينة الْقلب بِالْإِيمَان وَلَا يجب التَّلَفُّظ
بالْكفْر وَله أَن يصر إِلَى الْمَمَات لما فِي ذَلِك من إعزاز الدّين وإجلال رب الْعَالمين الَّذِي أكمل أَنْوَاع خلاف كل الميتات
وَيجوز التَّغْرِير بالنفوس والأعضاء فِي كل قتال وَاجِب لتَحْصِيل مَصَالِحه وَكَذَلِكَ التَّغْرِير بالنفوس فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر عِنْد أَئِمَّة الْجور لما فِيهِ من إعزاز الدّين وَنصر رب الْعَالمين وَقد جعله صلى الله عليه وسلم أفضل الْجِهَاد فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد سُلْطَان جَائِر لِأَن تغريره لنَفسِهِ وبذله لَهَا آلم من تغرير الْمُجَاهدين فَإِن الْمُجَاهِد يَرْجُو أَن يقتل قربَة بِخِلَاف الْآمِر والناهي للسُّلْطَان الجائر فَإِن علم من جوز بِآلَة الْقِتَال أَنه يقتل من غير تَحْصِيل شَيْء من الْمصَالح الَّتِي شرع لَهَا الْقِتَال حرم الْمقَام وَوَجَب الانهزام لِأَنَّهُ غرر بِنَفسِهِ وأعضائه من غير حُصُول مصلحَة والمفسدة الْمُجَرَّدَة عَن الْمصلحَة مُحرمَة وَلَا سِيمَا مفْسدَة فَوَات النُّفُوس والأعضاء