المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من مقاصد الشريعة رفع الحرج والمشقة عن العباد - القاعدة الذهبية لا ضرر ولا ضرار

[ابن رجب الحنبلي]

الفصل: ‌من مقاصد الشريعة رفع الحرج والمشقة عن العباد

‌من مقاصد الشريعة رفع الحرج والمشقة عن العباد

ومما يدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم (لا ضَررَ) : أن الله عز وجل لم يكلف عباده فعل ما يضرهم البتة.

فإن ما يأمرهم به، هو عين الصلاح لدينهم ودنياهم، ومانهاهم عنه، هو عين فساد دينهم ودنياهم.

ص: 85

لكنه لم يأمر عباده بشئ، هو ضار لهم في أبدانهم - أيضا -، ولهذا - أ - أسقط الطهارة بالماء عن المريض، وقال - تعالى -:(مَا يُرِيدُ اللهُ لِيجعلَ عَليكُم مِن حَرَج) .

ب - وأسقط الصيام عن المريض والمسافر، وقال - تعالى -:(يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر) .

ت - وأسقط اجتناب محظورات الإحرام، كالحلق ونحوه، عمن كان مريضا، أو أذى من راسه، وأمر بالفدية.

ص: 86

وفى (المسند) عن ابن عباس قال: (قِيلَ لِرسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: أَىُّ الأَديَانِ أَحَبُّ إِلى الله؟ قاَل: الحنيفيَّةُ السَّمحةُ) .

ومن حديث عائشة رضى الله عنها - عن النبى صلى الله عليه وسلم

ص: 87

قال: (إِنِّى أُرسِلتُ بِحنيِفَّيٍة سَمحة) .

ومن هذا المعنى ما في (الصحيحين) عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم -

ص: 88

رأى رجلا يمشى، قيل له:(إِنّه نَذَر أن يحجّ مَاشِياً)، فقال:(إنَّ الله لغنى عن مشيه فليركب) .

وفى رواية: (إِنَّ اللهَ لَغَنى، عَن تَعذِيبِ هَذَا نفسَهُ) .

ص: 89

وفى: (السنن) عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت أن تمشى إلى البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الله لَا يَصنعُ بِشقاءِ أخُتِكَ شَيئاً فَلتركَب) .

وقد اختلف العلماء في حكم من نذر أن يحج ما شيا: I - فمنهم من قال: لا يلزمه المشى، وله الركوب بكل حال.

وهو رواية عن الأوزاعى وأحمد.

وقال أحمد: يصوم ثلاثة أيام.

ص: 90

وقال الأوزاعى: عليه كفارة يمين.

ب - والمشهور أنه يلزمه ذلك، إن أطاقه.

فإن عجز عنه: 1 - فقيل: يركب عند العجز، ولا شئ عليه، وهو أحد قولى الشافعى.

2 -

وقيل: عليه مع ذلك كفارة يمين، وهو قول الثورى وأحمد في رواية.

3 -

وقيل: عليه دم، قاله طائفة من السلف منهم عطاء ومجاهد والليث والحسن وأحمد في رواية.

ص: 91

4 -

وقيل: يتصدق بكراء ما ركب، روى عن الأوزاعى وحكاه عن عطاء.

5 -

وروى عن عطاء: يتصدق بقدر نفقته عند البيت.

6 -

وقالت طائفة من الصحابة وغيرهم: لا يجزيه الركوب بل يحج من قابل، فيمشى ما ركب، ويركب ما مشى.

وزاد بعضهم: وعليه هدى، وهو قول مالك، إذا كان ما ركبه كثيرا.

ص: 92