المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس: من الكاذب - القرآنيون، نشأهم - عقائدهم - أدلتهم

[علي محمد زينو]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌مقدمة البحث:

- ‌سبب اختيار البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌مصادر البحث:

- ‌العقبات التي واجهها هذا البحث:

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: بذور مُنكِري السُّنّة (في تاريخ المسلمين القديم)

- ‌المبحث الأول: البذور الأولى:

- ‌المبحث الثاني: الخوارج

- ‌المطلب الأول: إنكار بعض الأحكام الشرعية الأخرى:

- ‌المطلب الثاني: ردُّهُم لأحاديثِ فضائلِ بعض كُبراءِ الصحابة:

- ‌المطلب الثالث: واقعة قتل عبد الله بن خباب بن الأرتّ:

- ‌المبحث الثالث: المعتزلة

- ‌المطلب الأول: رفض أحاديث رؤية الله تبارك وتعالى:

- ‌المطلب الثاني: رفضُ بعض أعلام المعتزلة لبعض الأحاديث الشريفة:

- ‌الفصل الثاني: جذور مُنكِري السُّنّة (في تاريخ المسلمين الحديث)

- ‌المبحث الأول: أهل القرآن في شبه القارة الهندية:

- ‌المبحث الثاني: المشككون بالسنّة الشريفة في العالم العربي:

- ‌المبحث الثالث: جماعة حزب التحرير مثالاً للتلاعب بالنصوص الشرعية

- ‌الفصل الثالث: فرقة «القرآنيون»

- ‌المبحث الأول: شخصية فرقة «القرآنيون»:

- ‌المطلب الأول: نشأتها:

- ‌المطلب الثاني: أبرز أعلامها المعلنين انتماءهم إليها:

- ‌المبحث الثاني: عقائد القرآنيين

- ‌المطلب الأول: القرآنيون ورسول الله محمدٌ صلى الله عليه وسلم:

- ‌المطلب الثاني: القرآنيون والشريعة الإسلامية:

- ‌المطلب الثالث: القرآنيون والإيمانيات والغيبيات:

- ‌المثال الأول: مهاجمة الاعتقاد بعذاب القبر

- ‌المثال الثاني: إنكار روايات الإسراء والمعراج:

- ‌المثال الثالث: تجويز الردة عن الإسلام:

- ‌المثال الرابع: الجنة ليست للمسلمين فقط:

- ‌المطلب الرابع: القرآنيون والصحابة رضي الله عنهم:

- ‌المطلب الخامس: القرآنيون والأمة الإسلامية:

- ‌النقطة الأولى: تكفير الأمة كلّها

- ‌النقطة الثانية: التطاول على السلف الصالح:

- ‌النقطة الثالثة: التطاول على باقي الأمة:

- ‌المبحث الرابع: فقه القرآنيين وفتاواهم

- ‌المطلب الأول: القرآنيون والصلاة:

- ‌المطلب الثاني: القرآنيون والزكاة

- ‌المطلب الثالث: منوعات من فقه القرآنيين:

- ‌الفصل الرابع: الكَرَّةُ على القرآنيّين:

- ‌المبحث الأول: بعضُ أدلة القرآنيين وتفنيدها:

- ‌المطلب الأول: «القرآن وكفى»

- ‌المطلب الثاني: السلطة التشريعية لله وحده:

- ‌المطلب الثالث: اتباع الوحي:

- ‌المطلب الرابع: أحاديثُ ومرويات:

- ‌أـ رواياتُ عرض الحديث على السنة:

- ‌ب ـ نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة حديثه:

- ‌ج ـ ما أُثرِ عن الصحابة من النهي عن الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ء ـ ما أُثرِ عن عمر من قوله: «حسبنا كتاب الله»:

- ‌المبحث الثاني: آياتٌ قرآنية وأسئلة موجهة إلى القرآنيين

- ‌المطلب الأول: كيف جاءَنا القرآن

- ‌المطلب الثاني: طاعة النبيِّ صلى الله عليه وسلم:

- ‌المطلب الثالث: الحكمة:

- ‌المطلب الرابع: التاريخ:

- ‌المطلب الخامس: من الكاذب

- ‌خاتمة البحث: النتائج والتوصيات:

- ‌مسرد المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الخامس: من الكاذب

‌المطلب الخامس: من الكاذب

؟

يقول القرآنيون أحياناً: إنّ المرئيّ أنّكم بوصفكم جماعةً لا تتفقون على رأيٍ واحدٍ بالنسبة للسنة المطهّرة، فمنكم من يقول: السنة كلها كذبٌ مئة بالمئة، والصحيح منها صفر بالمئة (1).

السنة أكثرها كذب وما وافق القرآن قُبل (2).

فأيّ القولين معتمدُكم؟ أم إنّ كلاًّ يأخذ برأيه وهواه، وما يعجبه واشتهاه؟

وهنا لنا أن نسأل من يقبل بعضَ الأحاديث:

هذا الذي وافق القرآنَ من أحاديثَ تردُّونَها جاء عبر أناسٍ مُحدّدين عُدولٍ ثقاتٍ ضابطين لدينا (الإسناد الصحيح).

(1) كما نُقِلَ عن زعيمهم أحمد صبحي منصور في لقاء على قناة الحرة الأمريكية.

ولم أستطِعْ الوصول إلى نصّ هذه المقابلة، أو إلى تسجيلٍ لها، إلا أنّ المعلومةَ التي أنقلُها هي على ذمة «موقع الأستاذ الداعية مصطفى حسني»: الشكاوي والاقتراحات: أرشيف المنتدى.

(forum.mustafahosny.com/showthread.php).

ويعضُدُها أنه من شروط النشر التي وضعها زعيمهم في موقعهم المعتمد ما يلي:

1 -

«موقع أهل القرآن تم إنشاؤه خصيصاً من اجل هدف واحد، وهو توحيد كلمة كل من يؤمن بالقرآن الكريم كمصدر «أوحد» لتعاليم الإسلام وتوجيهاته وتفسير تشريعاته ومنهاجه، ومن ثم فلن يسمح الموقع لمن يتخذ من ما يطلق عليه «الحديث النبوي» أو «السنة النبوية» وسيلةً أو مرجعاً لإثبات وجهة نظر معينه أو تفسير آيات القرآن الكريم.

وفيه: 6 ـ عدم التقوُّل على الله تعالى أو على رسوله بما يعرف بالحديث القدسي أو الحديث النبوي.

وفي نفس الصفحة هناك ما سموه منهج أهل القرآن، وفيه:

«موقع أهل القرآن» يفتح أبوابه لكل فكر حر بشرط ألاّ يسند الكاتب حديثا لخاتم النبيين محمد عليه السلام عبر ما يعرف بالسنة، أو أن ينسب قولا لله تعالى خارج القرآن عبر الأكذوبة المسماة بالحديث القدسي.

إلى أن قال: الموقع البسيط قد يكون الوحيد الذي ينصر الله تعالى ورسوله وينفى الأكاذيب المسماة بالحديث النبوي والحديث القدسي.

(www.ahl-alquran.com/arabic/terms.php#terms.php)

(2)

كما في مقالات متفرقة لبعضِ المنتمين إلى جماعة القرآنيين.

ص: 133

فإن كانوا كذّابين بزعمكم افتَرَوا أحاديثَ أخرى فلا قيمة لحديثهم!

وكيف تقبلون بعضَ أحاديثهم؟ فإن قلتم: لموافقتها القرآن.

أجبنا: أنتم تكتفون بالقرآن، وما القيمةُ التي في هي لهذه الأحاديث حتى تُقبل؟

إنها إن كانت مجرد نسخةٍ عمّا في القرآن فلا قيمةَ لها، خصوصاً وأنكم تُكذِّبون رواتها أصلاً؛ إذ لا قيمةَ لشيءٍ لا قيمةَ ذاتيةً فيه.

وإن قلتُم: نقبلها لسببٍ آخرَ!

فما هو؟ وما هي شروطه؟ وما هي ضوابطه؟

وإنَّ ثمةَ أحاديث قد توافق القرآن نرُدّها ـ نحنُ أتباعَ السنّة النبوية ـ بشروط علم الجرح والتعديل، فهل تقبلونها؟ .

فإن قلتم: نعم (1).

قلنا لكم: قد يكون رواتها كذّابين وضّاعين؛ بدليلين:

1.

أنه قد رُويت عنهم أحاديثُ مخالفةٌ للقرآن والتاريخ والعقل والعلم البشري.

2.

شهادةُ المحدثين الأعلام، والمؤرّخين العظام، الجارحةُ لهم، والطاعنةُ فيهم (2).

(1) كما قبل المدعو علي عبد الجواد حديث الترمذي «ألا إنها ستكون فتنة» .

يُنظَر ما سلف ص.

(2)

إن قال القرآنيون: نحن لا نعبأ بجرح هؤلاء المحدثين؛ لأنهم غير موثوقين لدينا.

قلنا لهم: أهُم أوثقُ وهم الكثرةُ الكاثرةُ أم أولئكمُ الأفراد النكرات؟

ثم إنكم إن ساويتُم الجارحين والمجروحين بطعنكم فيهم؛ فإنه ليس لديكم دليلٌ على هذه المساواة إلا روايتٌهم ما يخالف القرآن والعقل بزعمكم.

وأما نحن فإن لدينا توثيق الكم الهائل والجم الغفير من العلماءِ (بالعشرات بل بالمئات أحياناً) لأعلام العلماء الذين نعتمد عليهم في الجرح والتعديل

بل إنّ التواتر بنقل الجيل عن الجيل لتوثيقهم قد حصل لهم كالأئمة الأربعة، والسفيانين وغيرهم.

فإن رددتُم هذا التواترُ قلنا: كيف تردون ما جاء به الميزانُ الذي قبلتُم القرآن بسببه، ألا وهو نقلُ الجيل عن الجيل؟

ص: 134

وإن قلتم: لا.

قلنا: كيف تردون ما يوافق القرآن؟

ثم قولوا لنا ـ أيها القرآنيون ـ من الكاذب بالتحديد إذ تردّون أحاديث يرويها البخاري مثلاً، وتُقيمون عليه القيامة، وتشددون عليه النكير، وتتهمونه أفظع الاتهامات.

وسأكتفي في هذا المقام بمثالٍ واحد:

إنّ المدعو علي عبد الجواد يزعم أنه لا يُنكر السنةَ ولكنه يُنكِرُ أشياءَ عدّدَ منها ثم قال: «وأستطيع سردَ مئات من تلك الروايات التي لا تتوافق مع القرءان والتي أرفضها، فهل أنا منكر لسنة النبي محمد (1) أم منكر لروايات الراوي المشكوك فيه» (2).

وأنا سأختار من مقاله نفسِهِ مثالاً هو «أن رسول الله (3) كان يطوفُ على نسائه التسعة في الليلة الواحدة» .

فهل ستتهمون كلّ من روى هذا الحديث بالكذب، وقد ثبَتَ من رواياتِ عددٍ من الصحابةِ بأسانيدَ يصعُبُ حصرُها (4)، فمن الكاذب تحديداً؟

(1) كذا.

(2)

«موقع أهل القرآن» : مقال «أنا قرآني لا أُنكر السنة» تاريخ نشره 21/ 6/2007.

(www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php? main_id=2010)

(3)

كذا.

(4)

هذا الحديثُ ـ وليعلم هذا القرآنيُّ وأضرابُه ـ أنه قد:

1.

أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (267) عن محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي ويحيى بن سعيد عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن عائشة.

2.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (268) محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك.

3.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (284) و (5068) حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس.

4.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (5215) عن مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس.

5.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» برقم (708) عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، حدثنا مسكين ـ يعني: ابن بكير الحذّاء ـ عن شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس.

6.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» برقم (2843) عن يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد ـ يعني: ابن الحارث ـ حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر قال: سمعت أبي يحدث عن عائشة.

7.

وقد أخرجه أحمد في «مسنده» برقم (11946) عن هشيم، عن حميد، عن أنس.

وأخرجه بهذا الإسناد (عن هشيم) ـ كما ذكر محققو «المسند» ـ ابن أبي شيبة 1/ 147، وأبو يعلى (3718)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1/ 129، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» ص 239، وابن حبان [في «صحيحه»](1207).

8.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (12097) عن سفيان، حدثني معمر، عن ثابت، عن أنس.

وأخرجه بهذا الإسناد (عن سفيان) ـ كما ذكر محققو «المسند» ـ النسائي في «الكبرى» (9037)، وابن خزيمة (229). وقالوا:

«وأخرجه أبو نعيم في الحلية 7/ 232 من طريق سفيان، عن مسعر بن كدام، عن ثابت به» . [ويُنظر بقية كلامه].

9.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (12632) عن أبي كامل، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس.

وأخرجه عبد بن حميد (1263)(1325)، والدارمي (753) من طرق عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد؛ كما ذكر محققو «المسند» .

10.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (12640) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس.

وقد قال محققو «المسند» :

«وهو في «مصنف عبد الرزاق» (17133).

وأخرجه بأطول مما هنا النسائي 7/ 95 من طريق محمد بن بشر، عن سفيان بهذا الإسناد.

وأخرجه مطوّلاً أيضاً عبد الرزاق (17132)، والبخاري (233) و (3018) و (6804) و (6805)، وأبو داود (4364) و (4365)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1813)، وابن حبان (4468) و (4469) من طرق عن أيوب به».

11.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (12701) عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس.

وأخرجه بهذا الإسناد (عن عبد العزيز) ـ كما ذكر محققو «المسند» ـ أبو يعلى (3175).

قالوا:

«وأخرجه البخاري (284) و (5215)، والنسائي 6/ 53 - 54، وابن حبان (1209)، والبيهقي [في الكبرى] 7/ 54 من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد به. وزاد: وله يومئذ تسع نسوة» .

12.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (12925) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن معمر، عن قتادة عن أنس.

قال «محققو المسند» :

«أخرجه ابن ماجه (588)، والنسائي في «الكبرى» (9036)، وأبو يعلى (3129) من طريق عبد الرحمن بن مهدي بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (588)، والترمذي (140)، وأبو يعلى (2942)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1/ 129، والعقيلي في «الضعفاء» 4/ 454، من طرق عن سفيان به».

13.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (12926) عن عبد الرحمن، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس.

قال محققو «المسند» :

«أخرجه عبد بن حميد (1263) و (1325)، والدارمي (753) و (754)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1/ 129، من طرق عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد».

14.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (12967) حدثنا إسماعيل، حدثنا حميد، عن أنس.

قال محققو «المسند» :

«أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 147، وأبو داود (218)، والنسائي 1/ 143، وأبو عوانة 1/ 280، وأبو يعلى (3719) و (3886)، وابن حبان (1206)، والبيهقي 1/ 204 من طريق إسماعيل ابن علية بهذا الإسناد» .

15.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (13355) عن حيوة بن شريح، حدثنا بقية، حدثنا شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس.

قال محققو «المسند» :

«أخرجه الطحاوي 1/ 129 من طريق حيوة بن شريح بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عوانة 1/ 28 [كذا ولعله 1/ 280]، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» ص 232 من طرق عن بقية ابن الوليد، به.

وأخرجه مسلم (309)(28)، وأبو عوانة 1/ 280، والطبراني في «الأوسط» (1109)، والبيهقي 1/ 204، والبغوي (269) من طريق مسكين بن بكير، عن شعبة، به».

16.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (13648) عفان، حدثنا حماد قال: أخبرني ثابت، عن أنس.

قال محققو «المسند» :

«أخرجه الدارمي (754) من طريق عفان بهذا الإسناد» .

17.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (14109)[من زيادات عبد الله] حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة، ثنا أنس.

قال محققو «المسند» :

«أخرجه البخاري (268)، وأبو يعلى (2941) و (3176) و (3203)، والنسائي في «الكبرى» (9033)، وابن خزيمة (231)، وابن حبان (1208)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» ص 232، والإسماعيلي كما في «الفتح» 1/ 378، والبيهقي 7/ 54، والبغوي (270)، من طرق عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد».

18.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (23862) عن عفان، حدثنا حماد، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي رافع، عن عمته سلمى، عن أبي رافع.

قال محققو «المسند» :

«إسناده ضعيفٌ على نكارةٍ في متنه» [أي: متن هذه الرواية بالذات لا أصل الحديث].

ثم ذكروا مخارجه فقالوا:

«أخرجه المزي في ترجمة عبد الرحمن بن أبي رافع من تهذيب الكمال» 17/ 86 - 87 من طريق الحارث بن أبي أسامة، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (219)، وابن ماجه (590)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» ، والنسائي في «الكبرى» (9035)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1/ 129، والطبراني في «الكبير» (973)، والبيهقي في «السنن» 1/ 204 و 7/ 192، وابن الأثير في «أسد الغابة» 7/ 53 من طرق عن حماد بن سلمة به.

قال أبو داود: وحديث أنس أصح من هذا.».

19.

وأخرجه الإمام أحمد في «المسند» برقم (23870) عن عبد الرحمن وأبو كامل قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن أبي رافع، عن عمته، عن أبي رافع.

20.

وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (27187) عن يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن، عن عمته، عن أبي رافع.

قال محققو «المسند» :

«أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 147 عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد» .

21.

«وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (25421) عن محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن عائشة.

قال «محققو المسند» :

أخرجه بتمامه ومختصراً البخاري (267)، ومسلم (1192)(48)، والنسائي في «المجتبى» 1/ 209 و 5/ 141، و «الكبرى» (3684)، وابن خزيمة (2588)، وابن عبد البر في «التمهيد» 19/ 308، من طرقٍ عن شعبةَ بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي (216)، وابن راهويه (1627) و (1628)، والبخاري (270)، ومسلم (1192)(47) و (49)، والنسائي في «المجتبى» 1/ 203، و «الكبرى» (3685)، ووالطحاوي في «شرح معاني الآثار» 2/ 132، والطبراني في «الأوسط» (239)، وأبو نعيم في «الحلية» 7/ 228، والبيهقي في «السنن» 5/ 35، و «معرفة السنن والآثار» (9490)، وابن عبدالبر في «التمهيد» 19/ 308 من طرقٍ عن إبراهيم به».

ص: 135

أهم الصحابة الذين روَوها؟ (1)، أم التابعون؟ (2)، أم من بعدهم في كلّ طبقة من طبقاتِ الأسانيد؟ ! !

أم هم مُخرّجو هذه الأحاديث من الحفّاظ؟ (3).

(1) وهم ثلاثةٌ: صحّت الرواية عندَنا عن اثنين: أنسٍ وعائشة رضي الله عنهما، ولم تصحَّ بذاتِها عن أبي رافع.

(2)

وهم ستّةٌ: قتادة، وهشام بن زيد، وحميد، وثابتٌ عن أنس.

وأختُ أبي رافعٍ عنه، وإبراهيم بن المنتشر عن عائشة.

(3)

وهم ـ إن لم أكن مخطئاً في العدّ ـ تسعةٌ وعشرون من أكابر الحُفّاظ، وهم:

أصحاب الكتب الستة، والإمام أحمد، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والطحاوي، وابن راهويه، والطبراني، والبيهقي، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارمي، وأبو نعيم، وأبو الشيخ، وابن عبد البر، والحميدي، وابن أبي عاصم، وأبو يعلى، وعبد بن حميد، وأبو عوانة، والبغوي، والإسماعيلي، والمزّي، وابن الأثير، والعقيلي.

ص: 138

إنكم تسخرون من المسلمين الذين يتحدثون عن «نظرية المؤامرة» ضدّ الإسلام والأمة المسلمة (1)، فإن لم تُحدّدوا من تتهمون بعينِه، وتُقيمون الدليل على ذلك غير دليل «هذا لا يُوافق العقل» ، وأنتم لا تريدون إلا عقولكم المريضة بهوى «بُغض السُّنّة» التي تقف أمام حياةٍ تَحول بينَكم وبين ما تستحلّون من المحرّمات بفتاواكم المشبوهة (2).

أقول:

إنكم إن لم تُقيموا الأدلة المعتبَرة على تكذيبِ مُتَّهمٍ بعينِه؛ فهل أنتم ترَونَها «مؤامرةً» من كلّ تلكم الطبقات من الرواة؟

أيها الذين تُنكرون السُّنَة:

الجوابُ لديكم.

(1) يقول أحمد صبحي منصور عن الرئيس المصري حسني مبارك:

«وحتى يتفادى صيحات الغضب فقد قام بتوجيهها إلى أمريكا وإسرائيل عبر ثقافة المؤامرة التي تفسر كل الفشل والفساد في ضوء تآمر الغرب على المسلمين، تلك النظرية التي شارك في تدعيمها المتطرفون واليساريون والقوميون، مما نتج عنها انعدام الدعوة الايجابية للإصلاح طالما أن العيب ليس فينا بل يأتي من الخارج حيث لا نستطيع مواجهته إلا بالعمليات الانتحارية الانتقامية» .

«موقع أهل القرآن» : مقال «أيها المصريون، لا تنتخبوا حسني مبارك» :

(www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php? main_id=50).

ويقول في مقال آخر: «الهلع سائد من جماعات التنصير الغربية، يؤجّج هذا الهلعَ فكرُ المؤامرة، ورياحُ الديمقراطية والحرية التي بدأت تلسع قفا الطغاة والمتطرفين» .

«موقع أهل القرآن» : مقال «كل هذا الهلع من التنصير» :

(www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php? main_id=34).

(2)

سلفت نماذج من فقه القرآنيين وفتاواهم في المبحث الرابع من الفصل الثالث من هذه الورقات.

ص: 139

قبل الختام: «اخسَأ ْ فلَنْ تَعدُوَ قَدْرَك»

هي عبارة قالها النبيُّ صلى الله عليه وسلم للساحر الدّجّال ابن صياد (1).

وهذه السطورُ التي أكتُبُها إنما هي:

«قهقهة الشامت المسرور بفضيحة أحمد صبحي منصور»

الذي يأبى الله إلا أن يفضَحَهُ على رؤوس الخلائق؛ بسبب تَجديفه وكيده بالإسلام والمسلمين، وبُغضِهِ لسنةِ سيد المرسلين وحبيب رب العالمين سيدنا ونبيّنا محمد عليه صلوات الله وملائكته ورسله وعباده الصالحين.

وبسبب ما يُكنُّهُ هذا الرجل من حقدٍ على الأمة سلفاً وخلفاً، وعلى محدّثيها وحفّاظها ونقلةِ دينِها إليها جيلاً بعدَ جيل.

وقد قال الله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [سورة الشعراء 26: الآية 227].

فها هو هذا الرجل يكتب مقالاً بعنوان «علوم القرآن التي تطعن في القرآن» ينشره في موقعه البائس بتاريخ 3/ 2/2007 (2)، وفي أكثر من موقعٍ آخرَ على شاكلته.

وفيه يوزّع أحمد صبحي منصور سُخريتَهُ يَمنةً ويَسرة، ويتهكّم كعادته بكلّ ما يتذكّره من مسلمي الأمة! فيقول:

«ويأتي السيوطي بروايةٍ عن الطبرانيِّ (3) أشهرِ رواة الحديث في العصر العباسي الثاني، يقول السيوطي:

(1) وذلك فيما أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (1354)، ومسلم في «صحيحه» برقم (7354)، وأحمد في «مسنده» برقم (6360) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(2)

«موقع أهل القرآن» :

(/ www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php? main_id=1043).

(3)

هو الإمام الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني؛ كان حافظ عصره، رحل في طلب الحديث من الشام إلى العراق والحجاز واليمن ومصر وبلاد الجزيرة الفراتية، وأقام في الرحلة ثلاثاً وثلاثين سنة، وسمع الكثير، وعدد شيوخه ألف شيخ، وله المصنفات الممتعة النافعة الغريبة منها المعاجم الثلاثة: الكبير والأوسط والصغير وهي أشهر كتبه. روى عنه الحافظ أبو نعيم، والخلق الكثير.

ولد سنة (260 هـ) بطبرية الشام، وسكن أصبهان إلى أن توفي بها سنة (360 هـ).

يُنظَر لترجمته: «سير أعلام النبلاء» 16/ 119 - 130.

ص: 140

«وأخرج الطبرانيُّ في الدعاء من طريق ابن عباد ابن (1) يعقوب الأسدي (2)، عن يحيى ابن يعلى الأسلمي (3)، عن ابن لهيعة (4)، عن أبي هريرة، عن عبد الله بن زرير الغافقي (5) قال: قال لي عبد الملك بن مروان: لقد علمتُ ما حملَكَ على حبِّ أبي تراب، إلا أنّكَ أعرابيٌّ جافّ.

(1) كذا، وسيكررها بين ابن وأبيه.

(2)

عباد بن يعقوب الأسدي الرواجني أبو سعيد الكوفي الشيعي، روى عنه البخاري حديثاً واحداً مقروناً بغيره والترمذي وابن ماجه. قال الحاكم أبو عبد الله: كان أبو بكر ابن خزيمة يقول: حدثنا الثقة في روايته، المتهم في دينه عبادُ بن يعقوب. كان يشتم السلف، وفيه غلوٌّ في التشيُّع.

تُنظرُ ترجمته في «تهذيب الكمال» 24/ 176 - الترجمة (3104)، «ميزان الاعتدال» للذهبي 4/ 44 - 45 الترجمة (4154).

(3)

يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني أبو زكريا الكوفي. روى له البخاري في الأدب والترمذي.

قال عبد الله بن أحمد بن الدورقي عن يحيى بن معين: ليس بشيء.

وقال البخاري: مضطرب الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ليس بالقوي.

وقال أبو أحمد ابن عدي: كوفي من شيعتهم.

تُنظرُ ترجمته في «تهذيب الكمال» 32/ 50 - 52 الترجمة (6951)، «ميزان الاعتدال» للذهبي 7/ 229 الترجمة (9665).

(4)

عبد الله بن لهيعة بن عقب الحضرمي المصري الفقيه قاضي مصر، روى له مسلم مقروناً بغيره، وأبو داود والترمذي وابن ماجه وباقي أصحاب الكتب. ضعيفٌ من قبل حفظه على جلالته، قيل: بسبب احتراق بيته وكتبه؛ قال البخاري: عن يحيى بن بكير احترق منزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين ومئة. وأنكر ذلك بعض المؤرخين.

قال الإمام أحمد: ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيراً مما أكتب أعتبر به، وهو يقوي بعضه ببعض.

قال عبد الرحمن بن مهدي: لا أحمل عن ابن لهيعة قليلاً ولا كثيراً. توفي (174 هـ) رحمه الله.

يُنظرُ: «تهذيب الكمال» 15/ 487 - 502 الترجمة (3513)، «ميزان الاعتدال» للذهبي 4/ 166 - 174 (4535).

(5)

عبد الله بن زرير الغافقي المصري روى عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب، روى له الأربعة إلا النسائيّ.

تابعي ثقة. مات في خلافة عبد الملك بن مروان سنة (81 هـ).

يُنظر: «تهذيب الكمال» 14/ 517 - 518 بالترجمة (3271).

ص: 141

فقلت: والله لقد جمعتُ القرآنَ من قبل أن يجتمع أبواك، ولقد علمني منه علي بن أبي طالبٍ سورتَين علَّمَهُما إيّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علمتَهُما أنتَ ولا أبوك! »

المستفاد من هذه الرواية الكاذبة أن ذلك الشخص المجهول عبد الله بن زرير الغافقي اتهمه الخليفة عبد الملك بن مروان بأنه وأباه يحبان «أبا تراب» أي: علي بن أبى طالب.

ويرد ذلك الشخص مُواجهاً عبد الملك بن مروان قائلا: أن (1) علي بن أبى طالب قد علمه هو وأباه سورتَين من القرآن لا يعلمهما عبد الملك ولا أبوه مروان.

أي: أن النبيَّ محمدا عليه السلام علّم ابنَ عمه عليا (2) بن أبي طالب سورتَين من القرآن الكريم «سرّاً» ، وأن علياً قام بتلقين هاتين السورتين للأخ عبد الله بن زرير الغافقي، وتم ذلك أيضا سرّاً.

وبالتالي فإن النبيَّ محمداً عليه السلام لم يُبلِغْ كلَّ الرسالة، بل ترك بعضَها ليحكيَهُ سرّاً لابن عمِّه الشقيق، ثم يقوم ابنُ عمِّه الشقيق، بتعليم هذا السّرّ الخاص للسيد المحترم عبد الله بن زرير الغافقي.

والسيد المحترم إياه يُجابه الخليفة الأمويَّ سفّاكَ الدماء بهذا مفتخراً عليه وعلى أبيه، ثم يظل حيّاً يحكي الحكاية لأبي هريرة مفتخراً بها! ! ..

هذا مع أن حقائق التاريخ تؤكد أن عبد الملك بن مروان كان سفّاكاً للدماء، وقد هدّد علناً بالقتل من يقول له: اتق الله! (3).

(1) كذا.

(2)

كذا.

(3)

من أين أتت هذه الحقائق؟ وما مصدرها؟ وما مقياس صحتها؟ وأقول:

على الرغم من أنّ عبد الملك بن مروان ليس بتلك الشخصية المثالية، ولا ذلك الخليفة الراشدي؛ إلا أنّ سيرته ـ على أخطائها ـ ليست بتلك الصورة المظلمة التي يُريد الكاتب تسويقها؛ للطعن المعتاد في رموز الأمة وكبار شخصياتها.

وما زعمه من شأن عبد الملك بن مروان وتهديده بالقتل من يقول له: اتق الله.

أقول بشأنه: لم أهتدِ إليه، ولم أعثر عليه؛ فيا ليتَ الكاتبَ خضعَ لمقتضيات البحث العلمي (النزيه) ووثّق لنا معلومته القيّمة، وعزاها إلى مصدرٍ معتبَر.

وبالمقابل؛ فإنّني أقول: لقد عثرتُ على خبرٍ مخالفٍ لدعوى الكاتب أُمرَ فيه عبدُ الملك بن مروان بتقوى الله مراتٌ وهو في مجلس ملكه وبين حاشيته؛ فلم يلَجّ ويستكبر بل أذعن وخضع.

روى المزّي في «تهذيب الكمال» 20/ 80 - 81:

وقال الرياشي عن الأصمعي: دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك بن مروان ـ وهو جالس على سريره وحواليه الأشراف من كل بطن وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته ـ فلما بصر به قام إليه، فسلم عليه وأجلسه معه على السرير وقعد بين يديه، وقال له: يا أبا محمد حاجتُك؟

فقال: يا أمير المؤمنين، اتق الله في حرم الله وحرم رسوله؛ فتعاهَدْهُ بالعمارة.

واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار؛ فإنك بهم جلست هذا المجلس.

واتق الله في أهل الثغور؛ فإنه حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين؛ فإنك وحدك المسؤول عنهم.

واتق الله فيمن على بابك؛ فلا تغفل عنهم ولا تغلق دونهم بابك.

فقال له: أفعلُ!

ثم نهض وقام، وقبض عليه عبد الملك فقال: يا أبا محمد إنما سألتَنا حوائجَ غيرك وقد قضيناها فما حاجتك؟

فقال: ما لي إلى مخلوق حاجة.

ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا ـ وأبيك ـ الشرف، هذا ـ وأبيك ـ السؤدد.

ص: 142

وهو الذي سلّط الحجّاج (1) على المسلمين في الحجاز ثم العراق يقتلهم لمجرد الظن والشك حتى ألجم الأفواه.

ولكن الرواية المضحكة لذلك الكذاب الجاهل (الطبراني) تجعل فاه (2) ذلك الأخ الجليل المجهول عبد الله بن زرير الغافقي يتحدّى عبدَ الملك بن مروان بِما يكرَهُ في حقِّهِ وحقِّ أبيه.

جهلُ الطبراني يتجلّى أيضاً في اختراعه السند لهذه الرواية الكاذبة.

فقد زعم أنه رواها عن طريق ابن عباد ابن يعقوب الأسدي، عن يحيى بن يعلى الأسلمي، عن ابن لهيعة، عن أبي هريرة، عن عبد الله بن زرير الغافقي.

(1) الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، أبو محمد: من قواد الأمويين، كان خطيباً، فصيحاً، ظلوماً، جباراً، ناصبياً، خبيثاً، سفاكاً للدماء.

ظهر أمره في الشرطة في دمشق زمن عبد الملك بن مروان حتى أمره بقتال عبد الله بن الزبير، فزحف إلى الحجاز بجيش كبير وقتل ابن الزبير، فولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف، ثم العراق فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين سنة. بنى مدينة واسط بين الكوفة والبصرة.

قال الذهبي: له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله.

يُنظر لترجمته: «سير أعلام النبلاء» 4/ 343 الترجمة (117).

(2)

كذا.

ص: 143

أي: جعل أبا هريرة الصحابي المشهور برواية الأحاديث يروي عن أحد التابعين، وهو الأخ المحترم عبد الله بن زرير الغافقي.

وبالتالي لا بد أن يكون أبو هريرة حيّاً في ذلك الوقت الذي جرت فيه المواجهة القولية بين الأخ المحترم عبد الله بن زرير الغافقي ـ لا فضّ فوه ـ والخليفة عبد الملك بن مروان، ولكن لسوء الحظ فقد مات أبو هريرة قبل هذا العصر، في خلافة معاوية»

إلى أن قال: «جَهِلَ الطبرانيُّ كلَّ ذلك التاريخ، فافترى هذه الرواية؛ لِمجرد أن يطعن في القرآن ويثبت أن هناك سورتين من القرآن ليستا في المصحف (1).

ويطول بنا الوقت لو توقفنا مع كلِّ رواية من تلك الروايات بالتمحيص والنقد، ولكنها جناية الأحاديث على القرآن والإسلام.

ولولا تلك الأحاديث لكانت علوم القرآن الكريم جهداً عقلياً إيجابياً نأخذ منه ونردُّ دون الكذب على الله تعالى ورسوله». ا. هـ.

افترى أحمد صبحي منصور هذه الفريةَ وهو يتوهّمُ أنّ أحداً لن يُكلِّفَ نفسَهُ عناءَ التحقُّقِ من أقواله المعصومة، وآرائه المحفوظة.

ووالذي لا إله غيرُهُ لو أنّ طفلاً صغيراً نوّر الله بصيرته بحبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذا الكلام لاشتمّ منه عفونة الكذب والدجل والافتراء.

وإنّ من لديه الحظُّ اليسير من العلم والاطلاع على سِيَر علماء السُّنّة الأعلام وجهودِهم ليَجزِمُ حين يقرأ مثل هذا الكلام أنّ «وراء الأكمةِ ما وراءَها» (2)! .

فماذا وراء أكمة دعاوى أحمد صبحي منصور؟

قال السيوطي في «الإتقان» :

(1) لقد قال الله تعالى بشأنِ من ادّعى المغيّبات: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} [سورة مريم 19: الآيتان 78 - 79].

(2)

«إن وراء الأكمة ما وراءها» من أمثال العرب. يُنظر: «مجمع الأمثال» للميداني 1/ 13 برقم (23).

ص: 144

وأخرج الطبراني في الدعاء من طريق عباد بن يعقوب الأسدي، عن يحيى بن يعلى الأسلمي، عن ابن لهيعة، عن أبي هبيرة (3)، عن عبد الله بن زرير الغافقي قال: قال لي عبد الملك بن مروان: لقد علمت ما حملك على حب أبي تراب إلا أنك أعرابي جافٍ؟

فقلت: والله لقد جمعت القرآن من قبل أن يجتمع أبواك، ولقد علمني منه علي بن أبي طالب سورتين علمهما إياه رسول الله ما علمتهما أنت ولا أبوك! :

اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك؛ إن عذابك بالكفار ملحق» (1).

وأما الروايةُ في «كتاب الدعاء» للإمام الطبراني فهي حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عباد بن يعقوب الأسدي، ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن ابن لهيعة عن عبد الله هبيرة، عن عبد الله بن زرير قال: قال لي عبد الملك بن مروان: ما حملك على حب أبي تراب إلا أنك أعرابي جاف.

فقلت: والله لقد قرأت القرآن قبل أن يجتمع أبويك (3) لقد علمني سورتين علمهما إياه رسول الله ما علمتهما أنت ولا أبوك:

اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد، إن عذابك بالكفار ملحق، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب والمشركين، الذين يصدون عن سبيلك، ويجحدون آياتك، ويكذبون رسلك،

(1) أبو هبيرة هو عينُهُ ابن هبيرة، فهو كما يبدو من ترجمته تكنى باسم أبيه.

وهو عبد الله بن هبيرة بن أسعد بن كهلان السبئي الحضرمي، أبو هبيرة المصري، ثقةٌ معروف، روى له الجماعة سوى البخاري. ترجمته في «تهذيب الكمال» 16/ 242 - 243 الترجمة (3628).

وقد ذكر رجال الحديث، وعلماء الجرح والتعديل أنّ ابن هبيرة روى عن الغافقي؛ كما في ترجمة الأول في «تهذيب الكمال» 16/ 243، وفي الأخير 14/ 517.

(2)

«الإتقان في علوم القرآن» : النوع التاسع عشر في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه 2/ 424.

(3)

قال محقق كتاب «الدعاء» الدكتور محمد سعيد بن محمد حسن البخاري:

كذا في الأصل، وعليه التضبيبة، والصواب «أبواك» .

ص: 145

ويتعدَّون حدودك، ويدعون معك إلهاً آخر، لا إله إلا أنت تباركت وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيراً» (1).

إذن الراوي عن الغافقيّ هو ابن هبيرة، وليس أبا هريرة كما أحبّ أحمد صبحي منصور أن يفتري.

وإنني أتحداه أن يُثبتَ أنه قرأها في طبعة معتمدةٍ من كتاب «الإتقان» بأن يُبيِّنَ لنا بطاقتَها، وبشرطِ أن تكون طبعةً مطبوعةٍ في البلاد العربية؛ بحيث يُمكن التحقُّقُ منها، لا أن يطبَعَها له أسيادُه الأمريكيّون ليستروا سوأته.

ولو كان هذا الرجلُ باحثاً علميّاً حقيقياً لعلِمَ أنه يتوجّبُ عليه إلى طبعةٍ ـ غير تجاريةٍ ـ لكتابٍ مثل «الإتقان» .

فلو عاد ووجد الخطأ في عديدٍ منها، لَلَزِمَهُ أن يتحقّقَ من مَخطوطات الكتاب، فلعلّه ـ ولنَفترِضْ ـ خطأٌ تناقَلَهُ ناسخٌ عن ناسخ.

ثم ها هو كتاب «الدعاء» للإمام الطبرانيّ مُحقّقٌ مطبوعٌ!

فهل جشَّمَ نفسَهُ عناءَ العودةِ إليه ليتحقّق مما فيه؟

أم هو الحقد الأعمى على تراثنا، وعلى علمائنا، وعلى مُحدّثينا، وعلى صحابة نبيّنا، وعلى نبيّنا نفسِه صلى الله عليه وسلم

أعماه وأنساهُ أصولَ البحث العلمي المجرّد النزيه ـ وهو الدكتور العالم الأزهري؛ كما وصف نفسه (2) ـ الذي يفرضُ عليه كلَّ ما ذكرتُ وأكثرَ منه قبل أن يخرُجَ إلى الناس بتلك الجوهرة التي لم يسبقه

(1)«الدعاء» للطبراني: الجزء الرابع: باب القول في قنوت الوتر: برقم (750) 3/ 1143 - 114.

وضعّفَ محققه إسناد الرواية، ونقل عن الحافظ ابن حجر العسقلاني من كتابه «نتائج الأفكار» (64/أ) قوله: هذا حديث غريب.

وكذلك ضعّف مُحقّقو «الإتقان» إسنادَ هذه الرواية، فهل يعتبر المعتبرون؟

(1)

«موقع أهل القرآن» :

(www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php? main_id=85).

ويُنظر: «موقع الأقباط الأحرار» : الساحات العامة: الميدان الحر: الأستاذ الجليل أحمد صبحي منصور يكتب عن الأفغاني المتنصّر.

(www.freecopts.net/forum/showthread.php? t=127).

ص: 146

إلى اكتشافِها أحدٌ دليلاً على كذب وجهل أحدِ أكابرِ عُلماء الأمة الإسلامية الحافظ الطبراني رحمه الله تعالى، وجزاه عن سنة النبيِّ صلى الله عليه وسلم كلّ خير.

ثمّ إنّ الطبراني الحافظ العلَمَ الذي شُهِدَ له في علم الحديث بطول الباع، وعُرِفَ بالحفظ والضبط والاطلاع، لو أراد ـ جدلاً ـ أن يضَعَ هذا الحديث لاصطفى له سنداً ذهبيّاً يُمكن أن يَغُرَّ به، لا أن يأتي بسندٍ واهٍ فيه شيعيَّان أحدُهما غالٍ وسيّئ الحفظ يجعلون هذا السندَ ظُلُماتٍ بعضُها فوق بعض!

وأنا أحمد الله أن شرّفني بالدفاع عن الإمام الطبراني هذا الدفاعَ القائم على أصول العلم والبحث المتأصل، لا على إلقاءِ الاتهامات جُزافاً، وإطلاق الأحكام اعتسافاً.

وصدق الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [سورة الحج 22: الآية 38].

ص: 147