الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
63 - كتاب مناقب الأنصار
1 - باب مَنَاقِبُ الأَنْصَارِ
(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا).
ــ
كتاب مناقب الأنصار
مناقب الأنصار {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9]
والأنصار صار علمًا للذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وهم الأوس والخزرج ومن كان حليفًا لهم من أولاد قحطان لما خَرب السيلُ بلادَ اليمن تفرقوا، وفي المثل: تفرقوا أيدي سبأ. هم أولاد سبأ بن يشجب، وقد قال الله تعالى في شأنهم:{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19].
وقد أثنى الله على الأنصار بعد مناقب المهاجرين عطفًا عليهم بقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] قال صاحب "الكشاف": معناه تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان، كقول الشاعر:
علفتها تبنًا وماءً باردًا
أو التقدير: جعلوا الإيمان مستقرًا ومستوطنًا بفتح القاف والطاء، لتمكنهم منه واستقامتهم عليه كما جعلوا المدينة كذلك، أو دار الهجرة والإيمان، قلت: الأوجه الثلاثة وجوه حسنة إلا أنّ هنا وجهًا آخر أحسن منها، وهو أن يقدر: ونصروا الإيمان أي أهل الإيمان، فإن الكلام في الأنصار الذين نصروا الدين وأظهروه، ألا ترى إلى قوله تعالى:
3776 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ قَالَ بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ، كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا مَنَاقِبَ الأَنْصَارِ وَمَشَاهِدَهُمْ، وَيُقْبِلُ عَلَىَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَيَقُولُ فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا. طرفه 3844
3777 -
حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ، وَجُرِّحُوا، فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلَامِ. طرفاه 3846، 3930
ــ
{وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الحشر: 8]، وأحسن من هذا الوجه وجه آخر، وهو أن يقدر مظهر الإيمان ومنشؤه أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لا يقدر شيء، ويراد بالإيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالغة، كقولهم: رجل عدل، هكذا ينبغي أن يحقق المقام بإلهام الملك العلام.
3776 -
(غيلان بن جرير) بن عبد الله البجلي من سادات اليمن وسراتها تأتي مناقبه إن شاء الله، ويذكر هناك بقية أحواله. سُئل أنس عن هذا الاسم هل هم سموا أنفسهم بذلك افتخارًا أم شيء من عند الله، فقال: بل من عند الله. صدق والله قال تعالى: {مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 100] وفي موضع آخر {آوَوْا وَنَصَرُوا} [الأنفال: 72](ويقبل علي أو على رجل من الأزد) -بفتح الهمزة- من عرب اليمن، والأزد أيضًا طوائف، قال الجوهري: أزد سراة وأزد شنوءة وأزد عمان، والأوس والخزرج منهم.
3777 -
(كان يوم بعاث يومًا قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم) معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سببًا لتأليفهم، إذ لو لم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المحال أن يرتفع القتال، وإليه يشير قوله تعالى خطابًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63] وقيل: معناه أن في ذلك اليوم قُتِلت سرواتهم فلو كانوا موجودين لاستنكفوا عن الإسلام وليس بشيء؛ إذ أولادهم خير منهم، وقد آمنوا [حق] إيمان (افترق مَلَؤهم) مَلأ القوم أشرافهم (وقُتِلَت سرواتهم) جمع سراة، جمع سري وهو سيد القوم المتقدم عليهم.