الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر
(1)
تحريم الإفتاء في دين الله بغير علم وذكر الإجماع على ذلك
قد تقدَّم
(2)
قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169]، وأن ذلك يتناول القولَ على الله بغير علمٍ في أسمائه وصفاته وشرعه ودينه.
وتقدَّم
(3)
حديث أبي هريرة المرفوع: «من أُفتِيَ بفُتيا غيرِ
(4)
ثَبَتٍ فإنما إثمُه على مَن أفتاه»
(5)
.
وروى الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قومًا يتمارَوْن في القرآنِ، فقال: «إنما هلكَ مَن كان قبلكم بهذا، ضَربوا كتابَ اللهِ بعضَه ببعضٍ، وإنما نَزلَ كتابُ اللهِ يُصدِّقُ بعضُه بعضًا، ولا يُكذِّبُ بعضُه بعضًا، فما عَلِمتُم منه فقولوا، وما جَهِلْتُم
(6)
فكِلُوه إلى عالِمِه»
(7)
.
فأمر مَن جهِلَ شيئًا من عِلْم
(8)
كتاب الله أن يَكِلَه إلى عالمه، ولا
(1)
من هنا تبدأ نسخة د، والإحالة إلى أوراقها. وهو بداية الثلث الثاني من الكتاب.
(2)
بل سيأتي (5/ 35).
(3)
بلفظ آخر (1/ 68).
(4)
في هامش ع: «بغير» . والمثبت موافق لما في «المسند» وابن ماجه.
(5)
رواه أبو داود (3657) وابن ماجه (53) وأحمد (8266). وفي إسناده عمرو بن أبي نَعِيمة، ولكنه توبع بمسلم بن يسار في رواية أبي داود نفسها (3657) وبها يحسن الحديث، والحديث صححه الحاكم (1/ 102).
(6)
بعدها زيادة «منه» في المطبوع، ولا توجد في النسخ ومصادر التخريج.
(7)
رواه أحمد (6741) ومعمر بن راشد في «جامعه» (20367) والحديث صححه أحمد شاكر. انظر: «مسند أحمد» بتحقيقه (6/ 251، 285).
(8)
«علم» ساقطة من المطبوع.
يتكلَّف القولَ بما لا يعلمه.
وروى مالك بن مِغْوَل عن أبي حَصِين عن مجاهد عن عائشة أنه لما نزلَ عُذرُها قبَّل أبو بكرٍ رأسَها، قالتْ: فقلتُ: ألا عَذَرْتَني عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أيُّ سماءٍ تُظِلُّني وأيُّ أرضٍ تُقِلُّني إذا قلتُ ما لا أعلمُ؟
(1)
.
وروى أيوب عن ابن أبي مُلَيكة: سُئل أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه عن آيةٍ، فقال: أيُّ أرضٍ تُقِلُّني؟ وأيُّ سماءٍ تُظِلُّني؟ وأينَ
(2)
أذهب؟ وكيف أصنعُ؟ إذا أنا قلتُ في كتابِ اللهِ بغيرِ ما أراد اللهُ بها
(3)
.
وذكر البيهقي
(4)
من حديث مسلم البَطِين عن عَزْرة
(5)
التميمي قال: قال علي بن أبي طالب: وا بردَها على كَبِدي
(6)
! ثلاث مرات، قالوا: يا أمير
(1)
رواه البزار (257) والبيهقي في «المدخل» (793). وقال الهيثمي (9/ 240): رجاله رجال الصحيح.
(2)
ع، د:«أو أين» ، «أو كيف» .
(3)
رواه سعيد بن منصور في «سننه» (1/ 168) ومن طريقه البيهقي في «المدخل» (792)، ورواية ابن أبي مليكة عن أبي بكر مرسلة، ولكن لها طرق أخرى يتقوى بها فترتقي إلى الحسن. انظر:«فتح الباري» (13/ 271) و «سنن سعيد بن منصور» (التفسير) بتحقيق سعد الحميد (1/ 169 - 173).
(4)
في «المدخل» (794) ورواه أيضًا الدارمي (184). وعزرة التميمي لم أجد من ذكره بجرح أو تعديل، قال مسلم في «المنفردات والوحدان» (ص 212): وعزرة التميمي عن علي لم يرو عنه إلا مسلم البطين. وللأثر طريق أخرى يتقوى بها. انظر: «إتحاف الخيرة» (11/ 572).
(5)
ع: «عروة» ، وكذا في «المدخل» ، وهو تحريف.
(6)
ع: «الكبد» . وكذا عند الدارمي. وفي ت: «الكذب» تحريف.
المؤمنين، وما ذاك؟ قال: أن يسأل الرجل عما لا يعلم فيقول: الله أعلم.
وذكر أيضًا
(1)
عن علي رضي الله عنه قال: خمسٌ لو سافرَ فيهن رجلٌ إلى اليمن كنَّ فيه عِوضًا من سفره: لا يخشى عبدٌ إلا ربَّه، ولا يخاف [2/أ] إلا ذنبَه، ولا يستحيي من لا يعلمُ أن يتعلَّمَ، ولا يستحيي من يعلمُ إذا سُئل عما لا يعلمُ أن يقولَ: اللهُ أعلمُ، والصبرُ من الدينِ بمنزلةِ الرأسِ من الجسدِ.
وقال الزهري عن خالد بن أسلم ــ وهو أخو زيد بن أسلم ــ: خرجنا مع ابن عمر نمشي، فلحِقَنا أعرابيٌّ فقال: أنت عبد الله بن عمر؟ قال: نعم، قال: سألتُ عنك فدُلِلْتُ عليك، فأخبِرْني أتَرِثُ
(2)
العمّةُ؟ قال: لا أدري، قال: أنت لا تدري؟ قال: نعم؛ اذهبْ إلى العلماء بالمدينة فسَلْهم؛ فلما أدبر قبَّلَ يديه وقال: نِعِمَّا قال
(3)
أبو عبد الرحمن؛ سُئل عما لا يدري فقال: لا أدري
(4)
.
وقال ابن مسعود: من كان عنده علمٌ فليقُلْ به؛ ومن لم يكنْ عنده علمٌ فليقلْ: «اللهُ أعلمُ» ، فإنَّ اللهَ قال لنبيِّه:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]
(5)
.
(1)
في «المدخل» (795)، ورواه أيضًا ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 511) من طريق إبراهيم بن عبد الله الكناني عن علي رضي الله عنه.
(2)
همزة الاستفهام ساقطة من ت.
(3)
«نعما قال» ساقطة من ع.
(4)
رواه البيهقي في «المدخل» (796) والسنن الكبرى (4/ 82)، والضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (277).
(5)
جزء من كلام طويل لابن مسعود: رواه البخاري (4774) ومسلم (2798). وانظر: «المدخل» (797).
وصحَّ عن ابنِ مسعودٍ وابنِ عباسٍ: من أفتى الناسَ في كلِّ ما يسألونه عنه فهو مجنونٌ
(1)
.
وقال ابنُ شُبرمةَ: سمعتُ الشعبيَّ إذا سُئل عن مسألةٍ شديدةٍ قال: زَبَّاءُ
(2)
ذاتُ وَبَرٍ لا تَنْقادُ ولا تَنْساقُ؛ ولو سُئل عنها الصحابةُ لعَضَّلَتْ بهم
(3)
.
وقال أبو حَصِين الأسدي: إنَّ أحدَهم ليفتي في المسألةِ، ولو وردتْ على عمرَ لجمع لها أهلَ بدرٍ
(4)
.
وقال ابنُ سيرين: لأنْ يموتَ الرجلُ جاهلًا خيرٌ له من أن يقولَ ما لا يعلمُ
(5)
.
(1)
رواهما البيهقي في «المدخل» (798، 799) وابن عبد البر في «الجامع» (2/ 1123 - 1124). ويراجع «إبطال الحيل» (127، 128).
(2)
تحرَّفت في المطبوع إلى: «رُبّ» . والزَبَّاء: الناقة الكثيرة الوبر، ويقال للداهية المنكرة: زبَّاء ذات وبر. وعضّلت الناقة: أعيت من المشي والركوب، والمعنى: أنهم يضيقون بالجواب عنها ذرعًا لإشكالها. شبَّهها بالناقة الشرود التي لا تنقاد. انظر «تهذيب اللغة» (عضل) و (زبب).
(3)
رواه البيهقي في «المدخل» (802)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 593)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (4/ 319). ويراجع «إبطال الحيل» (126).
(4)
رواه ابن بطة في «إبطال الحيل» (122)، والبيهقي في «المدخل» (803) ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (38/ 411)، وعزاه ابن الصلاح والنووي أيضًا إلى الحسن والشعبي. انظر:«أدب المفتي والمستفتي» لابن الصلاح (ص 76)،و «آداب الفتوى والمفتي والمستفتي» للنووي (ص 15).
(5)
رواه البيهقي في «المدخل» (804) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 367).
وقال القاسم: من إكرامِ الرجلِ نفسَه أن لا يقول إلا ما أحاط به علمه
(1)
. وقال: يا أهلَ العراق، والله لا نعلم كثيرًا مما تسألونا عنه، ولأن يعيشَ الرجل جاهلًا إلا أن يعلم ما فرضَ الله عليه خيرٌ له من أن يقول على الله ورسوله ما لا يعلم
(2)
.
وقال مالك: من فِقه العالم أن يقول: «لا أعلم» ، فإنه عسى أن يتهيَّأَ له الخيرُ
(3)
.
وقال: سمعتُ ابنَ هُرمز يقول: ينبغي للعالمِ أن يُورِّث جلساءَه مِن بعدِه «لا أدري» ، حتى يكون ذلك أصلًا في أيديهم يَفْزَعون إليه
(4)
.
وقال الشعبي: «لا أدري» نصفُ العلمِ
(5)
.
وقال ابن جُبير: ويلٌ لمن يقولُ لما لا يعلمُ: إني أعلمُ
(6)
.
(1)
رواه البيهقي في «المدخل» (805) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 368).
(2)
رواه البيهقي في «المدخل» (807). ورواه أبو خيثمة في «العلم» (90) والدارمي (112) وابن عبد البر في «الجامع» (2/ 840) دون قوله: «يا أهل العراق، والله لا نعلم كثيرًا مما تسألونا عنه» . ونحوه في «إبطال الحيل» (125).
(3)
رواه البيهقي في «المدخل» (808) بلفظ: «من تقية العالم» ، وبنحوه ذكره ابن وهب في كتاب «المجالس» كما في «جامع بيان العلم وفضله» (2/ 839).
(4)
رواه البيهقي في «المدخل» (809) والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 655)
والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 367).
(5)
رواه البيهقي في «المدخل» (810) والدارمي (186)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 368).
(6)
رواه البيهقي في «المدخل» (811) وابن عبد البر في «الجامع» (2/ 836).
[2/ب] وقال الشافعي: سمعت مالكًا يقول: سمعتُ ابن عَجْلانَ يقول: إذا أغفلَ العالمُ «لا أدري» أُصِيبتْ
(1)
مَقاتلُه
(2)
. وذكره ابن عجلان عن ابن عباس
(3)
.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: جاء رجلٌ إلى مالكٍ، فسأله عن شيءٍ
(4)
أيامًا ما يجيبُه، فقال: يا أبا عبد الله إني أريدُ الخروجَ، فأطرقَ طويلًا ورفع رأسَه فقال: ما شاء اللهُ، يا هذا إني أتكلَّمُ فيما أحتسِبُ فيه الخيرَ، ولستُ أُحسِنُ مسألتَك هذه
(5)
.
وقال ابن وهب: سمعت مالكًا يقول: العَجَلةُ في الفتوى نوعٌ من الجهلِ والخَرَف
(6)
. قال: وكان يقال: التأنِّي من اللهِ، والعَجَلةُ من الشيطانِ
(7)
.
(1)
ت: «احسبت» تصحيف.
(2)
رواه البيهقي في «المدخل» (812) وابن أبي حاتم في «آداب الشافعي ومناقبه» (ص 79) والآجري في «أخلاق العلماء» (ص 116) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 366) وابن عبد البر في «الجامع» (2/ 840).
(3)
رواه البيهقي في «المدخل» (813).
(4)
بعدها في المطبوع زيادة «فمكث» . ولا توجد في النسخ.
(5)
رواه البيهقي في «المدخل» (816) وابن أبي حاتم في «تقدمة الجرح والتعديل» (ص 18) وأبو نعيم في «الحلية» (6/ 323) وابن عبد البر في «الجامع» (2/ 838 - 839).
(6)
كذا في النسخ بالفاء، والخرف: فساد العقل.
(7)
رواه البيهقي في «المدخل» (817) وتمامه: ما عجل امرؤ فأصاب واتَّأد آخر فأخطأ، إلا كان الذي اتّأد أصوبُ رأيا. ولا عجِل امرؤ فأخطأ واتّأد آخر فأخطأ، إلا كان الذي اتّأد أيسر خطأ.
وهذا الكلام قد رواه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سِنان
(1)
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «التأنِّي من الله، والعَجَلةُ من الشيطانِ»
(2)
. وإسناده جيّد.
وقال ابن المنكدر: العالمُ بين الله وبين خلْقِه، فلينظرْ كيف يدخلُ بينهم
(3)
.
وقال ابن وهب: قال لي مالكٌ وهو يُنكِرُ كثرةَ الجوابِ في المسائلِ: يا عبد الله
(4)
ما علمتَ فقلْ، وإيَّاك أن تقلِّدَ الناسَ قِلادةَ سوءٍ
(5)
.
وقال مالك: حدثني ربيعة قال: قال لي أبو خَلْدةَ
(6)
وكان نِعمَ القاضي:
(1)
ع: «شيبان» . وفي هامشها: لعله سنان.
(2)
رواه البيهقي في «المدخل» (819) والحارث بن أبي أسامة في «مسنده» (868) وأبو يعلى (4256)، وفي إسناده سعد بن سنان ويقال سنان بن سعد متكلم فيه، وللحديث شاهد ضعيف يصلح أن يحسن به الحديث مخرج عند الترمذي (2012)، ورواه الطبراني (5702) من حديث سهل بن سعد. والحديث حسَّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1795).
(3)
رواه البيهقي في «المدخل» (821) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 354) ومن طريقه ابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ص 124). وأخرجه الدارمي بنحوه (139).
(4)
«يا عبد الله» ساقطة من د.
(5)
رواه البيهقي في «المدخل» (822) ومحمد بن مخلد الدوري العطّار في «ما رواه الأكابر عن مالك» (39) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 359) وابن عبد البر في «الجامع» (2/ 1071).
(6)
كذا في جميع النسخ، والمذكور في المصادرالحديثية: ابن خَلْدة، وليس أبا خَلْدة، وفرق بين الاثنين، فالأول معروف بالقضاء، واسمه عمر بن عبد الرحمن بن خَلْدة الزرقي يكنى أبا حفص، والثاني أبو خَلْدة خالد بن دينار التميمي، ولم يذكر في ترجمته أنه كان قاضيًا. انظر: تهذيب الكمال (21/ 328) ترجمة (4227) و (8/ 56) ترجمة (1606).
يا ربيعةُ، أراك تُفتي الناسَ، فإذا جاءك الرجلُ يسألُك فلا يكنْ همُّك أن تتخلَّصَ مما سألك عنه
(1)
.
وكان ابن المسيِّب لا يكاد يفتي إلا قال: اللهم سلِّمني وسلِّم مني
(2)
.
وقال مالك: ما أجبتُ في الفتوى حتى سألتُ من هو أعلمُ مني: هل تراني موضعًا لذلك؟ سألتُ ربيعةَ، وسألت يحيى بن سعيدٍ، فأمراني
(3)
بذلك، فقيل له: يا أبا عبد الله فلو نَهَوك؟ قال: كنتُ
(4)
أَنتهِي
(5)
.
وقال ابن عباس لمولاه عكرمة: اذهبْ فأفْتِ
(6)
الناس وأنا لك عونٌ، فمن سألك عما يَعنيه فأفْتهِ، ومن سألك عما لا يَعْنيه فلا تُفْتِه، فإنك تطرح
(1)
رواه البيهقي في «المدخل» (823) والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 556 - 557) ومن طريقه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 358) وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (56). ورواه أيضًا ابن بطة في «إبطال الحيل» (123).
(2)
أورده البيهقي في «المدخل» بدون إسناد (824)، ورواه البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 511) والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 477).
(3)
ع: «فأمرني» .
(4)
ت: «لست» تحريف.
(5)
رواه البيهقي في «المدخل» (825) وأبو نعيم في «الحلية» (6/ 316) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 325) وابن الجوزي من طريقه في «تعظيم الفتيا» (50).
(6)
ت: «فافتى» .
عن نفسِك ثُلثَي مُؤنةِ الناسِ
(1)
.
وكان أيوب إذا سأله السائل قال له: أَعِدْ، فإنْ أعادَ السؤالَ [3/أ] كما سأله
(2)
عنه أولًا أجابه، وإلا لم يُجِبْه
(3)
.
وهذا من فهمه وفطنته رحمه الله، وفي ذلك فوائد عديدة:
منها: أن المسألة تزداد وضوحًا وبيانًا بتفهُّم السؤال.
ومنها: أن السائل لعلّه أهملَ فيها أمرًا يتغيَّر به الحكم، فإذا أعادها ربَّما بيَّنه
(4)
له.
ومنها: أن المسؤول قد يكون ذاهلًا عند السؤال أولًا، ثم يحضر ذهنه بعد ذلك.
ومنها: أنه ربَّما بان له تعنُّتُ السائل وأنه وضع المسألة؛ فإذا غيَّر السؤال وزاد فيه ونقص فربما ظهر له أن المسألة لا حقيقةَ لها، وأنها من الأُغلوطات أو غيرِ الواقعات التي لا يجب الجواب عنها؛ فإن الجواب بالظن إنما يجوز عند الضرورة، فإذا وقعت المسألة صارت حالَ ضرورةٍ، فيكون التوفيق إلى الصواب أقرب، والله أعلم.
(1)
رواه البيهقي في «المدخل» (826) وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 327)، وأورده ابن عبد البر في «التمهيد» بدون إسناد (2/ 31).
(2)
ع: «سأل» .
(3)
رواه البيهقي في «المدخل» (827)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/ 247)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 234).
(4)
ع: «تنبه» .