الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكرُ مُعجزاته [صلى الله عليه وسلم]
فَمِنْهَا القرآنُ الَّذِي أًعجزَ الفُصَحاءَ وأعياهم أنْ يَأْتُوا بسورةٍ مِثلِه، وَلَو استعانوا بِجَمِيعِ الخَلْق. وانشقاقُ القَمر لَهُ بمكّةَ إذْ سألتْه قريشٌ آيَة. ونبَعَ المَاء بَين أَصَابِعه الطاهرة، فَشرب مِنْهُ أهل العسْكر كلهم، وهم عِطَاشٌ، وتوضَّؤُوا، كلُّ / 21 و. ذَلِك من قَدَح صغيرٍ ضَاقَ أنْ تبسُط يدُه المكرَّمةً فِيهِ. وأَهراق من وَضُوئه فِي عَيْن تَبوك، وَلَا ماءَ بهَا، ومرَّةً أُخْرَى فِي بِئْر الحُديْبيَة، فجاشَتا بِالْمَاءِ، فَشرب من عَين تَبوك أَهلُ الْجَيْش كلُّهم، وهم ألوفٌ، حَتَّى رَوُوا كلُّهم، وفاضتْ إِلَى الْيَوْم، وشربَ من بِئْر الحُدَيْبيَة ألفٌ وَأَرْبَعمِائَة، حَتَّى رَوُوا، وَلم يكن فِيهَا قبل ذَلِك ماءٌ. وأطعمَ الجيشَ، وهم تِسْعمائَة، من تَمْرٍ أتتْ بِهِ ابنةُ بَشِير بن سعد فِي يَدهَا، فَأَكَلُوا كلُّهم مِنْهُ حَتَّى شَبِعوا، وفَضَلَتُ مِنْهُ فَضْلَةٌ. ورَمَى جيشَ الكفّار بقُبْضَة من تُرابٍ، فعَمِيَتْ عيونُهم، وَنزل بذلك القرآنُ فِي قَول الله تَعَالَى:{وَمَا رَمَيْتَ إِذا رميت ولكنَّ الله رَمَى} .
وحَنّ إِلَيْهِ الجِذْعُ الَّذِي كَانَ يخطُبُ إِلَيْهِ، إِذْ عُمِل لَهُ المِنْبر، حَتَّى سمع مِنْهُ جميعُ الْحَاضِرين مِثلَ صَوت الإِبِل، فضمّه إِلَيْهِ، فسَكن. وكلَّمهُ ذِراعُ الشَّاة المسمومةِ بِأَنَّهُ مَسمومٌ. وأَخبرَ بالغيُوب، فأنذَر بأنَّ عمَّاراً تقتله الفِئةُ الباغية، وأنَّ عُثْمَان تُصيبُه بَلْوى بعْدهَا الجَنَّةُ، وأنّ الحسنَ بن عليٍّ - رَضِي الله
عَنْهُمَا - سَيّدٌ يُصْلح اللهُ عز وجل بِهِ [بَين] فئتين عظيمتين من الْمُسلمين، وَكَانَ كل ذَلِك.
وأَخبرَ عَن رجلٍ قاتَل فِي سَبِيل الله عز وجل بأنَّه من أهلِ النَّار، فَظهر ذَلِك، بأنّ ذَلِك الرجل قَتَل نفْسَه. وأخبرَ بقتْل الأَسْود العَنْسِيّ الكذَّاب ليلةَ قَتْلِه، وَهُوَ بصَنْعاء اليَمن، وأخبرَ بمَنْ قَتله.
وَأخْبر بموتِ النَّجاشِيّ بِالْحَبَشَةِ، وَخرج هُوَ وَجَمِيع أَصْحَابه إِلَى البَقيع، فصلَّوا عَلَيْهِ، فَوُجِد قد مَاتَ ذَلِك الْيَوْم. وَخرج من بيتهِ على مائةِ رجلٍ من قريشٍ ينتظرونه ليقتُلوه بزَعْمهم، فَوضع التُّرابَ على رُؤوسهم، فَلم يَروْه.
وشكا إِلَيْهِ البعيرُ بحضْرة أَصْحَابه وتذلَّل لَهُ. وَقَالَ لنفَرٍ من أَصْحَابه مُجْتَمعين: أَحدُكم فِي النَّار / 21 ظ. ضِرْسُهُ مثلُ أُحُدٍ، فماتوا كلُّهم على الإِسلام، وَارتدّ مِنْهُم وَاحِد: وَهُوَ الرَّحَّال الحَنَفيّ، فَقُتلَ مرَتدَّاً مَعَ مُسَيْلمة، لعنهما الله. وَقَالَ لآخرين: آخرُكم موتا فِي النَّار، فَسقط آخرُهم مَوْتاً فِي نارٍ، فَاحْتَرَقَ فماتَ. ودعا شجرتين فأتتاهُ جَمِيعًا، ثمَّ أَمرهمَا فافترقتا.
وَأخْبر أَنه يَقْتُل أُبيَّ بن خَلَف الجُمحَي، فَخَدشَه يومَ أُحُد خَدْشاً لطيفاً، فَكَانَت مَنيَّتهُ مِنْهَا. وَأخْبر أصحابَه يَوْم بَدْرٍ بمصَارع صَنَادِيد قُرَيْش، ووَقَفهَم على مصَارِعهمْ رجلا رجلا، فَلم يتعدَّ مِنْهُم واحدٌ ذَلِك الْموضع. وزُوِيَتْ لَهُ الأرضُ، فأُرِيَ مشارقَها ومغاربَها، وأَخبرَ ببلوغ أُمّته مَا زُوِيَ لَهُ مِنْهَا، وَكَانَ ذَلِك، فَبلغ مُلْكُهم من أوّل المشرقِ إِلَى آخر الْمغرب، وَلم يَتَّسعوا فِي الْجنُوب