الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكرُ زوجاتِه [صلى الله عليه وسلم]
عَن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " مَا تزوَّجتُ شَيْئا من نسَائِي، وَلَا زوَّجتُ شَيْئا من بَنَاتِي إِلَّا بِوَحْي جَاءَنِي بِهِ جِبْرِيل عَن رَبِّي عز وجل " وأولاهنَّ أمّ هِنْد خَديجةُ الطاهرة بنت خُوَيْلد بن أَسَد بن عبد العُزَّى بن قُصَيّ القُرشيّة الأَسَديّة، كُنيت بِوَلَدِهَا من أبي هَالة، وَكَانَت قبلَه عِنْد عَتيق بن عَابِد بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم، فولَدت لَهُ جَارِيَة تُدعى هِند، ثمَّ خَلَف عَلَيْهَا أَبُو هَالة مَالك بن النبَّاش بن زُرَارة / 25 ظ. بن وقدان بن حبيب بن سَلامَة بن عديّ بن جروة بن أسيد بن عَاصِم بن تَمِيم، فَولدت لَهُ كَمَا قَالَ ابْن حزم ولَدين ذكَرَين، وهما هِنْد والْحَارث، وَابْنَة اسْمهَا
زَيْنَب، وَقيل: إِن عتيقاً خَلَف عَلَيْهَا بعد أبي هَالة، ثمَّ تزوجّها رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] لما رَجَعَ من سَفَره الثَّانِي من الشَّام، وَهُوَ ابْن خمسٍ وَعشْرين سنة على الصَّحِيح. وَقيل: إِحْدَى وَعشْرين، وَقيل: ثَلَاثِينَ. وَكَانَ سنُّها أَرْبَعِينَ سنة، وَقيل: خمْسا وَأَرْبَعين. وَقيل: ثَلَاثِينَ، وَقيل: ثمانياً وَعشْرين. أنْكحهَا مِنْهُ أَبوها، وَقيل: عمُّها عَمرو بن أَسد، وَقيل: أَخُوهَا عَمْرو بن خويلد. وَالْقَوْل الأول قَول ابْن إِسْحَاق، وَالثَّانِي اخْتِيَار الْوَاقِدِيّ.
وَرُوِيَ أنّ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] أصدقهَا اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ذهب. وَكَانَت أولَ مَنْ صدّق بالنبيَّ [صلى الله عليه وسلم] وآمنَ بِهِ، وَلم يتزوَّجْ فِي حَيَاتهَا غيَرها. وَقَالَ جِبْرِيل للنبيّ [صلى الله عليه وسلم] : إقرأ عليها السلام من ربَّي ومنِّي، وبَشَّرها ببيتٍ فِي الجِنَّة من قصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَب.
وَمَاتَتْ خَدِيجَة بمكةَ لعشرٍ خَلت من شهر رَمَضَان قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين على الأصحّ. وَقيل: بِخمْس سِنِين، وَقيل: بأربعٍ، بعد وَفَاة أبي طَالب بِثَلَاثَة أَيَّام. وَقيل: مَاتَت فِي حَيَاة أبي طَالب. وَالْمَشْهُور أَنَّهَا مَاتَت بعده. ودُفِنت
بالحَجُون، ونزلَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي قبرها ثمَّ تزوَّجَ أمَّ الْأسود سَوْدة بنت زَمْعَة بن قيس بن عبد شمس بن عبد وُدّ بن نَصر بن مَالك بن حِسْل بن عَامر بن لُؤَيّ بن غَالب بن فِهر القرشيّة العامريّة.
وَكَانَت قبل النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] عِنْد السَّكْران بن عَمْرو بن عبد شمس بن عبد وُدّ، أخي سَهل وسُهيل وسَليط وحاطِب، وكلُّهم أسلم وصحبَ النبيَّ / 26 و. [صلى الله عليه وسلم] هَاجر بهَا السَّكران إِلَى أَرض الْحَبَشَة فِي الْهِجْرَة الثَّانِيَة، ثمَّ رَجَعَ بهَا إِلَى مَكَّة، فَمَاتَ بهَا. وَقيل: مَاتَ بِالْحَبَشَةِ. فَلَمَّا حَلَّت تزوَّجها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي شهر رَمَضَان بعد موت خَدِيجَة بأيام قبل عَائِشَة رضي الله عنها وَقيل: تزوَّجها بعد موت خَدِيجَة بسنةٍ قبل الْهِجْرَة بِأَرْبَع سِنِين، وَقيل: تزوّجها بعد عَائِشَة وَأصْدقهَا أَرْبَعمِائَة دِرْهَم، وَكَبرت عِنْد النبيّ [صلى الله عليه وسلم] فَأَرَادَ طَلاقهَا فِي السّنة الثَّامِنَة من الْهِجْرَة، فَوهبت يَوْمهَا لعَائِشَة وَقَالَت: لَا حاجَة لي فِي الرِّجَال، وَإِنَّمَا أُريد أَنْ أُحسَبَ فِي زوجاتك. فأمسكَها وَقيل: إِنَّه طلَّقها وراجعها. وَالصَّحِيح الأول. مَاتَت آخر خلَافَة عمر بن الْخطاب. وَقيل: مَاتَت فِي شوّال سنة أَربع وَخمسين.
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: إِنَّه الثَبْت. والأولُ قولُ الْأَكْثَرين. ثمَّ تزوَّج رَسُول الله
[صلى الله عليه وسلم] بعد سَوْدة بشهرٍ أُمَّ عبد الله عَائِشَة بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قُحافة عُثْمَان بن عَامر بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تَيْم بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَيّ بن غَالب بن فِهر، تَزوَّجها قبل الْهِجْرَة بِسنتَيْنِ، وَقيل: بثلاثٍ، وَهِي ابْنة سِتّ سِنِين، وَقيل: سبع سِنِين.
قَالَ عبد الْغَنِيّ: والأوّل أَصحّ. وَبنى بهَا فِي شوّال على رَأس ثَمَانِيَة أشهر من مُهاجره على الصَّحِيح. وَقيل: على رَأس سَبْعَة أشهرٍ. وَقيل: على رَأس ثَمَانِيَة عشر شهرا. وَهِي ابْنة تِسعٍ. وَلم يتزوَّجِ بكرا غيَرها. وُلدت سنة أَربع من النبوّة، وَمَاتَتْ لَيْلَة الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة خلونَ من شهور رَمَضَان سنة ثمانٍ وَخمسين، وصلّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَة، ودُفنت بالبَقِيع، وَقيل فِي تأريخ وفاتها غير ذَلِك / 26 ظ. وَقيل: إِنَّهَا أَسقطت من النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] جَنيناً يُسمّى عبد الله، فكنِّيتْ بِهِ. وَلم يصحَّ ذَلِك.
وَفِي سُنن أبي دَاوُد: أنّ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] كنّاها بِابْن أُخْتهَا عبد الله بن
الزبير رضي الله عنهم ثمَّ تزوَّج رسولَ الله [صلى الله عليه وسلم] حَفصةَ بنت عُمَر بن الخطّاب بن نُفيل بن عَبد العُزَّى بن ريَاح بن عبد الله بن قُرط بن رزاح بن عَديّ بن كَعْب بن لؤيّ بن غَالب بن فهر رضي الله عنه وَكَانَت قبلَه عِنْد خُنَيس بن حُذَافة بن قَيس بن عَديّ بن سعد أخي سُعَيْد ابْني سَهْمٍ أخي جمح ابْني عَمْرو بن هُصَيْص بن كَعْب بن لُؤيّ، فَمَاتَ عَنْهَا بِالْمَدِينَةِ بعد رُجُوعه من بدرٍ على رَأس خَمْسَة عشر شهرا من الْهِجْرَة، وَلم يشْهد بَدْرًا سَهْميٌ غيرهُ، ثمَّ تزوَّجها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي شعْبَان على رَأس ثَلَاثِينَ شهرا من الْهِجْرَة قبل أُحد بشهرين. وَقيل: تزوَّجها فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: إِن خُنَيْساً شهد أُحداً ونالته جراحاتٌ مَاتَ بهَا بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: فعلى هَذَا يكون تزوّجها بعد أُحد، لأَنهم أَجمعُوا على أَنَّهَا تأيّمت من خُنَيْس. وَالْقَوْل الأول هُوَ الَّذِي جزم بِهِ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطيّ - رَحْمَة الله تَعَالَى - وَرُوِيَ أنَّ الرَّسُول [صلى الله عليه وسلم] طلّقها، فَأَتَاهُ جِبْرِيل [صلى الله عليه وسلم] وَقَالَ: إنّ الله يأمركَ أَنْ تراجعَ حَفصةَ، فَإِنَّهَا صوَّامة قوَّامة، وَإِنَّهَا زَوجتك فِي الجنّة، فراجَعها. وُلِدتْ حفصةُ قبل النبوّة بِخمْس سِنِين، وتُوفّيت فِي شَعبان سنة خمسٍ وَأَرْبَعين. وَقيل غير ذَلِك. ثمَّ تزوّج زينبَ بنت خُزَيمة بن
الْحَارِث بن عبد الله بن عَمْرو بن عبد مَنَاف بن هِلال بن عَامر بن / 27 و. صَعْصَعة بن مُعَاوِيَة أخي سعد. رضيعا النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ابْني بَكْر بن هَوَازِن بن مَنْصُور بن عِكرمة بن خَصَفة بن قيس بن عَيلان القيسيّة، فِي شهر رَمَضَان فِي السّنة الثَّالِثَة من الْهِجْرَة، وَهِي أُمُّ الْمَسَاكِين، كُنِّيتْ بذلك فِي الْجَاهِلِيَّة، لرأفتها بهم ورحمتها وإحسانها إِلَيْهِم، ولمَّا خطبهَا رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] جَعلت أَمرَها إليهِ، فتزوَّجها وَأصْدقهَا اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ونشّاً. والنشُّ النّصْف، وَذَلِكَ خَمْسمِائَة درهمٍ. لأنّ الْأُوقِيَّة أَرْبَعُونَ درهما. وَكَانَت قبله عِنْد الطُّفيل بن الْحَارِث بن المطَّلب بن عبد مَنَاف بن قُصيّ، فطلّقها، فتزوّجها أَخُوهُ عُبيدة بن الْحَارِث، فقُتل عَنْهَا يَوْم بدرٍ شَهِيدا، فخلَفَ عَلَيْهَا رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَبِهَذَا جزم الدمياطيّ.
وَقيل: كَانَت تَحت عبد الله بن جَحْش، قُتل عَنْهَا يَوْم أُحد، فتزوّجها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] . قَالَه ابْن عبد الْبر، وَحَكَاهُ عَن ابْن شهَاب، وصحّحه عبد الْغَنِيّ. ومكثتْ عِنْد النبيّ [صلى الله عليه وسلم] ثَمَانِيَة أشهرٍ، وَمَاتَتْ فِي آخر شهر ربيعٍ الآخر من السّنة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة، وَصلى عَلَيْهَا رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ودفنها بالبَقيع، وَقد بلغت ثَلَاثِينَ سنة أَو نَحْوهَا، وَقيل: إِنَّهَا مكثت عِنْد النبيّ [صلى الله عليه وسلم] شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة.
وَبِه جزم عبد الْغَنِيّ رحمه الله وبالأول جزم الدمياطي - رَحمَه الله تَعَالَى - وَلم يَمتْ من أَزوَاجه [صلى الله عليه وسلم] فِي حَيَاته غيرُها وَغير خَدِيجَة.
وَفِي ريحانَة خلافٌ كَمَا سَيَأْتِي بيانُه. وَحكى ابْن عبد الْبر عَن أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الجرجانيّ: أنَّ زَيْنَب هَذِه أُخْت مَيْمُونَة بنت الْحَارِث لأمّها. وَقَالَ: إِنَّه لم يرَ ذَلِك لغيره. ثمَّ تزوّج أُمَّ سَلَمة، وَاسْمهَا هِنْد، وَقيل: رَملة بنت أبي أُميّة / 27 ظ. حُذَيفة، وَقيل: سُهيل، وَهُوَ زَاد الرَّاكِب بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عُمر بن مَخزوم بن يَقَظة بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤيّ بن غَالب بن فِهر. وَكَانَت قبله عِنْد أبي سَلَمة عبد الله بن عبد الأسَد بن هِلَال بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم بن برّة عَمّة رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] .
وَهَاجَر أَبُو سَلَمة رضي الله عنه إِلَى أَرض الْحَبَشَة بِزَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمة الهجرتين، فَولدت لَهُ هُنَاكَ بَرّة، فسمّاها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] زَيْنَب. ووَلدت لَهُ بعْدهَا سَلَمة ودُرّة.
اسْتَخْلَفَهُ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] على الْمَدِينَة حِين خرج إِلَى غَزْوَة العُشيرة، ثمَّ
شهد مَعَه بَدْرًا وأُحداً ورُمي يَوْمئِذٍ بسهمٍ فِي عَضُده فَمَكثَ شهرا يداوي جُرحَه، ثمَّ بَرأ الجُرح، وَبَعثه رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي هِلَال المحرَّم، على رَأس خمسةٍ وَثَلَاثِينَ شهرا من مُهاجره، وَبعث مَعَه مائَة وَخمسين رجلا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار إِلَى قَطَن بِنَاحِيَة فَيْد، بِهِ مَاء لبني أسَد بن خُزيمة، فَغَاب تسعا وَعشْرين لَيْلَة، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة فَانْتقضَ جُرحُه فَمَاتَ مِنْهُ، لثمانٍ خَلت من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أربعٍ من الْهِجْرَة، فاعتدَّت أُمُّ سَلمة وحَلَّت لعشرٍ بَقينَ من شهر شوّال سنة أَربع، وتزوّجها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] لليالٍ بقينَ مِنْهُ، وَبنى بهَا فِيهِ.
وَذكر ابْن عبد الْبر: أنّ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] تزوّج أُمَّ سَلَمة سنة اثْنَتَيْنِ بعد وقْعَة بدرٍ، عقدَ عَلَيْهَا فِي شوّال، وابتنى بهَا فِي شوّال. وبالأول جزم الدمياطيّ رحمه الله وغيرُه. وَمَاتَتْ أم سَلَمة فِي شوّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ فِي ولَايَة يزِيد بن مُعَاوِيَة، وَقيل: سنة تسعٍ وَخمسين، فِي ذِي الْقعدَة. وَالْأول / 28 و. هُوَ الصَّحِيح، لِأَن فِي (صَحِيح مُسلم) أنّ الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة، وَعبد الله بن صَفوان دخلا على أُمّ سَلَمة فَسَأَلَاهَا عَن الْجَيْش الَّذِي يُخسفُ بِهِ. وَكَانَ ذَلِك فِي أَيَّام ابْن الزُّبير وَيزِيد بن مُعَاوِيَة. وَكَانَت ولَايَة
يزِيد بن مُعَاوِيَة يَوْم الْخَمِيس لثمانٍ بَقينَ من رَجَب سنة سِتِّينَ، وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ مُعَاوِيَة. وَمَات يزِيد فِي رَجَب سنة أربعٍ وَسِتِّينَ.
ثمَّ تزوّج النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أُمَّ الحكم زَينب بنت جَحْش بن رِئاب بن يَعْمُر بن صَبِرة بن مُرّة بن كَبير بن غَنْم بن دُوْدَان بن أَسد بن خُزيمة بن مُدركة لِهلالِ ذِي الْقعدَة سنة أربعٍ على الصَّحِيح، وَهِي يومئذٍ بنت خمسٍ وَثَلَاثِينَ. وَقيل: تزوَّجها سنة ثلاثٍ، وَقيل: سنة خمسٍ، وَهِي ابْنة عمَّته أُميمةً، وَكَانَ اسْمهَا برَّة فسمَّاها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] زَيْنَب. وَكَانَت كَثِيرَة الْخَيْر والصَّدَقة. تدبغ وتَخرز وتتصدَّق. وفيهَا نزل قَوْله تَعَالَى:{فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا} الْآيَة
وَكَانَت تَفْخَر على نسَاء النبيّ [صلى الله عليه وسلم] وَتقول: زوَّجني الله من السَّمَاء. وفيهَا نزلت آيَة الحِجاب. وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " أسرعكُنَّ لُحُوقا بِي أطولكنّ يدا " وَكَانَت قَصِيرَة الْيَدَيْنِ. فَلَمَّا تُوفِّيت علمنَا أَنما أَرَادَ بطول الْيَد الصَّدَقَة. مَاتَت سنة عشْرين، فَكَانَت أسرعَ
نساءٍ النبيّ [صلى الله عليه وسلم] لُحُوقا بِهِ. كَمَا أخبر [صلى الله عليه وسلم] وَقيل: هِيَ أول امْرَأَة حُملت على نَعشٍ مُغطَّىً، أشارت بِهِ أَسمَاء بنت عُميس وَكَانَت رَأَتْهُ فِي الحَبشة. وَالَّذِي ذكر أَبُو عمر بن عبد الْبر: أَن أوّل إمرأة حُملت على / 28 ظ. نَعْشٍ مغطى بِإِشَارَة أَسمَاء، فَاطِمَة بنت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ثمَّ زَيْنَب بنت جَحش.
ثمَّ تزوّج [صلى الله عليه وسلم] جُوَيْريَةَ بنت الْحَارِث بن أبي ضِرار بن حبيب بن عَائِذ بن جَذيمة، وَهُوَ المُصطَلِق بن سعد بن كَعْب بن عَمْرو بن ربيعَة بن حَارِثَة بن عَمْرو مُزيقياء بن عَامر بن مَاء السَّمَاء الأزْديّة الخُزاعيّة المُصطلِقية، سُبيت يَوْم المُرَيسيع فَوَقَعت فِي سَهم ثَابت بن قيس بن شَمَّاس، فكاتبها على تسعِ أواقي، فأدّى [صلى الله عليه وسلم] عَنْهَا كتَابَتهَا وتزوّجها فِي سنة ستٍ من الْهِجْرَة، وَهِي ابْنة عشْرين سنة، وَكَانَت تَحت مُسافِع بن سَرْح بن مَالك بن جَذيمة. فقُتل يَوْم المُرَيسيع.
وَقَالَ الشَّعْبيّ: كَانَت جُوَيرية مِن مِلكِ الْيَمين فَأعْتقهَا رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وتزوَّجها. وَقَالَ الْحسن: مَنَّ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] على جُوَيرية وتزوّجها. وَقيل:
جَاءَ أَبوهَا فافتداها ثمَّ أَنكحها رسولَ الله [صلى الله عليه وسلم] بعد ذَلِك. وَقيل: إِن أَبَاهَا قدِم على النبيّ [صلى الله عليه وسلم] يَفْدي ابْنَته فأَسلم وأَسلم مَعَه ابْنَانِ لَهُ وأناسٌ من قومه. وَالله أعلم. وَكَانَ اسْمهَا بَرَّة فحولّه رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وسمّاها جُوَيْرية، كرِه أنْ يُقَال: خرج من عِنْد بَرَّة. تُوفّيت فِي شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين. وَقيل: سنة خمسين.
ثمَّ تزوّج [صلى الله عليه وسلم] رَيحانَةَ بنت زيد بن عَمْرو بن خُناقة بن شَمْعُون بن زيد، من بني النَّضير، وَكَانَت متزوجةً رجلا من بني قُرَيْظَة يُقال لَهُ: الحكَم. فنسبها بعض الروَاة إِلَى بني قُرَيظة لذَلِك. قَالَه الدمياطي.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: الْأَكْثَر أَنَّهَا من بني قُرَيظة. وَكَانَت امْرَأَة جميلَة وسيمةً / 29 و. وَقعت فِي السَّبي يَوْم بني قُرَيظة، فَكَانَت صَفِيَّ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فخيَّرها بَين الإِسلام ودينها، فَاخْتَارَتْ الإِسلام، فَأعْتقهَا وتزوّجها، وَأصْدقهَا اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ونَشاً، وأعرس بهَا فِي المحرَّم سنة ستٍ من الْهِجْرَة، وغارتْ عَلَيْهِ غيرَة شَدِيدَة، فطلَّقها تَطْلِيقَة، فَأَكْثَرت الْبكاء، فَدخل عَلَيْهَا وَهِي على تِلْكَ الْحَال فَرَاجعهَا. وَمَاتَتْ مرجِعَ النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] من حجَّة الْوَدَاع، ودفنها بِالبَقِيعِ، وَقيل: إِنَّه لم يتزوّجها، وَكَانَ يَطأُها مِلك الْيَمين، وَإنَّهُ خيّرها بَين أنْ
يتزوّجها وَبَين أنْ تكون فِي مِلكه فَاخْتَارَتْ أنْ تكون فِي مِلكه حَتَّى تُوفِّي عَنْهَا، قَالَ الدمياطي رحمه الله وَالْقَوْل الأول أثبت الْأَقَاوِيل عِنْد مُحَمَّد بن عمر، وَهُوَ الأَمرُ عِنْد أهل الْعلم.
ثمَّ تزوّج [صلى الله عليه وسلم] أُمَّ حَبِيبة رَمْلَةَ، وَقيل: هِنْد بنت أبي سُفْيان صَخر بن حَرْب بن أُميّة بن عبد شَمس بن عبد مَناف بن قُصي القرشيّة الأمويّة، وأخوها لأبويها حَنظلة بن أبي سُفْيَان، قَتله عليٌّ يَوْم بدرٍ كَافِرًا، أُمُّهما صَفيَّة بنت أبي الْعَاصِ بن أُميّة، عمّة عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ. هَاجَرت أُمُّ حَبيبة مَعَ زَوجهَا عُبيد الله بن جَحْش إِلَى أَرض الْحَبَشَة فِي الْهِجْرَة الثَّانِيَة، فَولدت لَهُ هُنَاكَ حَبِيبة، فكُنيت بهَا، وتنصَّر زَوجهَا عُبيد الله، وارتدّ عَن الإِسلام، وَمَات على ذَلِك، وَثبتت أُمُّ حَبيبة على الإِسلام.
وَذكر مُوسَى بن عُقْبة فِيمَن هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة حَبيبة بنت عُبيد الله بن جَحْش فِي بَاب حَبيبة بنت أبي سُفْيَان. وَذكر فِي تَرْجَمَة أمّها أَنَّهَا وَلدت لزَوجهَا حَبيبة بِأَرْض الْحَبَشَة. وَبعث النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] عَمْرو بن أميّة الضمرِي إِلَى النَجاشيّ فِي المحرّم على الأصحّ. وَقيل: فِي ربيعٍ الأول / 29 ظ. سنة
سبعٍ من الْهِجْرَة، فزوّجه إيّاها. وَكَانَ الَّذِي أنْكحهَا وَعقد عَلَيْهَا خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميّة على الأصحّ. وَقيل: عُثمان بن عفّان. وأصدق النجاشيُّ عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أَرْبَعمِائَة دِينَار على الأصحّ، وَقيل: أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم، وَبعث بهَا مَعَ شُرحبيل بن حَسنة، وجهّزها من عِنْده، وَذَلِكَ فِي سنة سبعٍ، وَقيل: فِي سنة ستٍ، وَقيل تزوّجها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد رُجُوعهَا من أَرض الْحَبَشَة. وَالْمَشْهُور أَنه تزوّجها وَهِي بِأَرْض الْحَبَشَة.
وَفِي صَحِيح مُسلم: أَن أَبَا سُفْيَان طلبَ من النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] أنْ يتزوّجها، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك، وَقد عُدّ هَذَا من أَوْهَام مُسلم رحمه الله، مَاتَت سنة أَربع وَأَرْبَعين، وَقيل غير ذَلِك، ودُفِنت بِالْمَدِينَةِ، وَقيل: بِدِمَشْق. ثمَّ تزوّجَ [صلى الله عليه وسلم] صَفيَّة بنت حُيَيّ بن أخْطَب، من بني النّضير، من أَوْلَاد هَارُون بن عِمران أخي مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام - كَانَت عِنْد سلاّم بن مِشْكم القُرظي الشَّاعِر ففارقها، فخلف عَلَيْهَا كِنانة بن الرَّبيع بن أبي الحُقَيق النَّضري الشَّاعِر، فقُتل عَنْهَا يَوْم خَيبر، وَلم تَلد لأحدٍ مِنْهُمَا شَيْئا. فاصطفاها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] لنَفسِهِ فَأعْتقهَا وتزوّجها، وَجعل عِتقها صداقَها، وَلم تبلغ سبعَ عشرَة سنة، وَمَاتَتْ فِي شهر رَمَضَان سنة خمسين، وَقيل: سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين، وَقيل: سنة ستٍ وَثَلَاثِينَ. ودُفنت بالبَقيع.
ثمَّ تزوّج [صلى الله عليه وسلم] ميمونةَ بنت الْحَارِث بن حَزْن بن البُجَير بن الهُزَم بن رُوَيْبة بن عبد الله بن هِلَال بن عَامر بن صَعْصَعة العامريّة، وَكَانَ اسْمهَا بَرّة فسمّاها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] / 30 و. مَيمونة، زوّجة إِيَّاهَا العبّاس بن عبد المطَّلب، وَكَانَ يَلِي أَمرها، فِي شوّال سنة سبعٍ. وَكَانَت خَالَة خَالِد بن الْوَلِيد، وَعبد الله بن عبّاس، وَكَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة عِنْد مَسْعُود بن عَمْرو بن عُمير الثقفيّ ففارقها، وخَلَف عَلَيْهَا أَبُو رُهْم أَخُو حُوَيْطب ابْنا عبد العُزَّى. فتوفِّي عَنْهَا فتزوّجها رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] .
وَقيل: كَانَت عِنْد فَروة بن عبد العُزَّى. وَقيل: عِنْد سَخْبَرة بن أبي رُهْم. وَقيل: عِنْد حُوَيْطب بن عبد العُزَّى أخي أبي رُهْم. مَاتَت بسَرِف سنة إِحْدَى وَخمسين على الأصحّ. وَقد بلغت ثَمَانِينَ سنة. وَقيل: سنة ثلاثٍ وَسِتِّينَ، وَقيل: سنة ستٍ وَسِتِّينَ. وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ باطلان. لِأَن فِي الصَّحِيح أَنَّهَا توفِّيت فِي حَيَاة عَائِشَة. هَؤُلَاءِ نساؤه الْمَدْخُول بهنّ ثنتا عشرَة امْرَأَة.