الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِثْلُ مَنْ يَدْفَعُ عَنْهُ جَهْلُهُ
…
إنْ أَتَى فَاحِشَةً قِيلَ جَهِلْ
اُنْظُرْ الْأَنْجُمَ مَهْمَا سَقَطَتْ
…
مَنْ رَآهَا وَهْيَ تَهْوِي لَمْ يُبَلْ
فَإِذَا الشَّمْسُ بَدَتْ كَاسِفَةً
…
وَجَلَ الْخَلْقُ لَهَا كُلَّ الْوَجَلْ
وَتَرَامَتْ نَحْوَهَا أَبْصَارُهُمْ
…
فِي انْزِعَاجٍ وَاضْطِرَابٍ وَزَجَلْ
وَسَرَى النَّقْصُ لَهُمْ مِنْ نَقْصِهَا
…
فَغَدَتْ مُظْلِمَةً مِنْهَا السُّبُلْ
وَكَذَا الْعَالِمُ فِي زَلَّتِهِ
…
يَفْتِنُ الْعَالَمَ طُرًّا وَيُضِلْ
يُقْتَدَى مِنْهُ بِمَا فِيهِ هَفَا
…
لَا بِمَا اسْتَعْصَمَ فِيهِ وَاسْتَقَلْ
فَهُوَ مِلْحُ الْأَرْضِ مَا يُصْلِحُهُ
…
إنْ بَدَا فِيهِ فَسَادٌ أَوْ خَلَلْ
[فَصْلٌ يَحْتَرِزَ الْعَالم فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُجَالِسُهُ أَوْ يُبَاشِرُهُ]
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَيْضًا أَنْ يَحْتَرِزَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُجَالِسُهُ أَوْ يُبَاشِرُهُ كَمَا يَحْتَرِزُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِحَقِّ أُخُوَّةِ الْإِيمَانِ وَلِحَقِّ الصُّحْبَةِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ وَالْخَيْرِ وَلِلْوَاجِبِ مِنْ الْخَيْرِ وَالْإِرْشَادِ وَالتَّغْيِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَيَّنٌ عَلَى الْعُلَمَاءِ بِاللِّسَانِ فَإِذَا رَأَى أَحَدًا مِنْ جُلَسَائِهِ قَدْ خَالَفَ سُنَّةً أَوْ ارْتَكَبَ بِدْعَةً أَوْ تَهَاوَنَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَهَاهُ بِلُطْفٍ وَعَلَّمَهُ بِرِفْقٍ.
قَالَ تَعَالَى فِي التَّغْيِيرِ عَلَى عَدُوٍّ مِنْ أَعْدَائِهِ مُنَازِعٍ لَهُ فِي مُلْكِهِ {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا} [طه: 44] فَإِذَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي حَقِّ هَذَا الْعَدُوِّ الْمُتَمَرِّدِ فَمَا بَالُك فِي حَقِّ أَخٍ مُسْلِمٍ رَفِيقٍ جَلِيسٍ جَاءَ مُسْتَرْشِدًا مُتَعَلِّمًا فَيَجِبُ أَنْ يَرْفُقَ بِهِ فَيَأْخُذَ أَمْرَهُ بِاللُّطْفِ وَالسِّيَاسَةِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النُّفُوسِ النُّفُورُ عِنْدَ زَجْرِهَا عَنْ الشَّيْءِ فَيَحْتَاجُ الْعَالِمُ إذْ ذَاكَ إلَى أَمْرَيْنِ ضِدَّيْنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا: مُرَاعَاةُ جَانِبِ السُّنَّةِ وَالتَّغْيِيرُ وَالِانْزِعَاجُ عِنْدَ مُخَالَفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَالرِّفْقُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي حَقِّ إخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ كُلٌّ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ.
قَالَ عليه الصلاة والسلام «عَلِّمُوا وَارْفُقُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا» أَوْ كَمَا قَالَ فَيَكُونُ هَذَا الْعَالِمُ إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ فِي أَحَدٍ مِنْ إخْوَانِهِ أَوْ جُلَسَائِهِ أَوْ الْمُسْتَرْشِدِينَ مِنْهُ يَنْظُرُ فِيهِمْ بِمُقْتَضَى السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ فَيَرْضَى لِرِضَى الشَّرْعِ وَيَغْضَبُ