المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أخبار ذات الخال - المرقصات والمطربات

[ابن سعيد المغربي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌المرقصات والمطربات

- ‌لله در عصابة نادمتهم يوماً بجلق في الزمان المقبل

- ‌شعراء الإسلام إلى إنقضاء الدولة الأموية

- ‌المخضرمون من شعراء الدولتين

- ‌شعراء المائة الثالثة

- ‌شعراء المائة الرابعة

- ‌شعراء المائة السادسة

- ‌ شعراء المائة السابعة

- ‌ شعراء المغرب من أول الديار المصرية إلى البحر المحيط

- ‌الجاهلية وما بعدها إلى المائة الرابعة عاطلة مما هو من شرط هذا الكتاب

- ‌ شعراء المائة الرابعة

- ‌ شعراء المائة الخامسة

- ‌شعراء المائة السادسة

- ‌القسم الثاني

- ‌أخبار أبي نؤاس وجنان خاصة

- ‌رجع الخبر إلى حديث أبي عيينة

- ‌خبر إبن سريج مع سكينة بنت الحسين عليهما السلام

- ‌صوت

- ‌أخبار ذات الخال

- ‌أخبار حبابة

- ‌أخبار بن مناذر وحبه للجارية

- ‌نسب المتوكل الليثي وأخباره مع الجارية أميمة

- ‌ الحاجري

- ‌ البهاء زهير

- ‌ حسن بن محمد البوريني

- ‌ البهاء زهير

- ‌الجارية ريا مع عتبة " بن الحباب

- ‌أخبار الصمة وصاحبته ريا

- ‌أخبار كعب وصاحبته ميلاء

- ‌القسم الثاني

- ‌فيمن جهل إسمه أو إسم محبوته أو شيء من سيرته أو مآل حقيقته

- ‌فمنهم سامة بن لؤي بن غالب القرشي مشهور

- ‌ومنهم عمرو بن عوف وبيا

- ‌مجنون بني عامر مع ليلاه

- ‌ويبدي الحصى منها إذا قذفت به من البرد أطراف البنان المخضب

- ‌ دلال ووصال

- ‌ دموع الفراق

الفصل: ‌أخبار ذات الخال

ولكن صرّمت حبلي

فأمسى الحبل منقضبا

قالت سكينة: قد علمت ما أردت بهذا وقد شفعناك ول نردك وإنما كنت يمينى على ثلاثة أيام، فأذهب في حفظ الله وكلاءته. ثم قالت لعزة: إذا شئت ودعت لها بحلة ولإبن سريج بمثلها.

فأنصرف عزة وأقام إبن سريج حتى إنقضت ليلته وأنصرف فمضى من وجهه إلى مكة راجعاً.

قال:

حييت من طلل تقادم عهده

أقوى وأقفر بعد أم الهيثم

الشعر لعنترة بن شداد العبسي والغناء لعزة الميلاه، وقد كتب ذلك في أول هذه القصيدة وسائر ما يغني فيها ومنها ما قيل:

أرقت فلم أنم طربا

وبت مسهداً نصبا

لطيف أجب الله

إنساناً وأن غضبا

إلى نفسي وأوجههم

وإن أمسي قد إحتجبا

وصرَّم حبلنا ظلماً

لبلغة كاشح كذبا

عروضه من الوافر الشعر لعمر بن أبي ربيعة والغناء لإبن سريح قيل أول بالسبابة في مجرى البنصر، منها قوله:

قد حان منك فلا تبعد ك الدار

بين وفي البين للمتبول أضرار

قالت من أنت على ذكر فقلت لها

أنا الذي ساقني للحين مقدار

الشعر لعمر بن أبي ربيعة والغناء لإبن سريج رمل بالسبابة في مجرى الوسطى ومنها ال‌

‌صوت

الذي أوله:

وقرت لها عيني وقد كنت قبلها

أوله قوله:

لبشرة أسرى الطيف والخبث دونها

وما بيننا من حزن أرض وبيدها

وقرّت بها عيني وقد كنت قبلها

كثيراً بكائي مشفقاً من صدودها

وبشرة خود مثل تمثال بيعة

تظل النصارى حولها يوم عيدها

الشعر للحرث بن خالد المخزومي والغناء لمعبد خفيف ثقيل أول بالخنصر في مجرى الوسطى، وذكر إسحق هذه الطريقة في هذا الصوت ولم ينسبها إلى أحد.

ولإبن نحرز في هذه الأبيات أول بالخنصر في مجرى الوسطى وفيها العزة لميلاء خفيف رمل وبشرة هذه التي ذكرها الحرث بن خالد أمة كانت لعائشة بنت طلحة وكان يكنى عن ذكر عائشة بها وله فيها أشعار كثيرة منها مما يغنى فيه قوله:

يا ربع بشرة بالجنان تكلم

وإبن لنا خبراً ولا تستعجم

ما لي رأيتك بعد أهلك موحشاً

خلقا كحوض الباقر المتهدم

تسقي الضجيج إذا النجوم تغورت

طوع الضجيع وغاية المتوسم

قب البطون أوانس شبه الدمى

يخطلن ذاك عفة وتكرم

عروضه من الكامل والشعر للحرث بن خالد والغناء لمعبد ولحنه من خفيف الرمل بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحق وفيه أيضاً ثقيل أول بالوسطى على مذهب إسحق في رواية عمرو ومنها:

يا ربع بشرة أن اضر البلى

فلقد عهدتك آهلاً معمورا

عقب الرذاذ خلافه فكأنما

بسط الشواطب بينهن حصيرا

غناء إبن سريج رمل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحق وفيه لحن لمالك وقيل بل هو لإبن محرز وعروضه من الكامل وقوله عقب الرذاذ خلافه يقول جاء الرذاذ بعده ومنه يقال عقب لفلان غنى بعد فقر وعقب الرجل اياه إذا قام بعده ومنه يقال عقب للان غنى بعد فقر وعقب الرجل اباه إذا ام بعده مقامه وعواقب الأمور مأخوذه منه واحدتها عاقبة والرذاذ صغار أمطر، وقوله خلافه أي بعده: قال متمم إبن نويرة:

وفقدي بني أم تداعوا فلم أكن

خلافهم لأستكين فأضرعا

أي بعدهم والشواطب النساء اللواتي يشطبن لحاء السعف يعملن منه الحصر ومنه السيف المشطب والشطيبة الشعبة من الشيء ويقال بعثنا إلى فلان شطيبة من خيلنا أي قطعة: أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال: كانت مغنية تختلف إلى صديق لها فأتته يوماً فوجدته مريضاً لا حراك به فدعت بالعود وغنت:

‌أخبار ذات الخال

صوت

ما بال شمس أبي الخطاب قد حجبت

يا صاحبي لعل الساعة إقتربت

أو لا فما بال ريح كنت آنسها

عادت إليّ بصرّ بعدما جنبت

إليك أشكو أبا الخطاب جارية

غريرة بفؤادي اليوم قد لعبت

وأنت قيمها فأنظر لعاشقها

يا ليتها قربت مني وما بعدت

ص: 44

عروضه من البسيط الشعر والغناء لإبراهيم الموصلي ومل بالبنصر عن الهشامي وعلي بن يحيى، وذكر محمد بن الحرث بن بسخنر أن فيه هزجاً بالبنصر لإبراهيم بن المهدي، وذكر عمرو بن بانة أنه لإبراهيم الموصلي أيضاً وأبو الخطاب الذي عناه إبراهيم الموصلي في شعره هذا رجل نحاس يعرف بقرنين مولى العباسة بنت المهدي وكان إبراهيم يهوى جارية له يقال لها خنث وكانت من أجمل النساء وأكلمهن وكان لها خال فوق شفتها العليا وكانت تعرف بذات الخال، ولإبراهيم ولغيره فيها أشعار كثيرة نذكر منها كل ما فيه غناء بعد خبرها إن شاء الله.

أخبرني بخبرها الحسين بن يحيى قال: حدثنا جاد بن إسحق قال: حدثني أبي أن جدّي كان يتعشق جارية لقرين الكنى بأبى الخطاب النحاس، وكان يقول فيها الشعر ويغني فيه فشهرها بشعره وغنائه، وبلغ الرشيد خبرها فأشتراها بسبعين ألف درهم.

فقال لها ذات يوم: أسألك عن شيء فإن صدقتني وإلا صدقني غيرك وكذبتك، قالت له بل أصدقك، قال: هل كان بينك وبين إبراهيم الموصلي شيء قط وأنا أحلفه أن يصدقني قال: فتلكأت ساعة ثم قالت: نعم مرة واحدة، فأبغضها وقال يوماً في مجلسه: أيكم لا يبالي أن يكون كشحاناً حتى أهب له ذات الخال، فبكر حمويه الوصيف فقال: أنا، فوهبها له.

وفيها يقول إبراهيم:

أتحسب ذات الخال راجية ربا

وقد سلبت قلباً يهم بها حبا

وما عذرها نفسي فداها ولم تدع

على أعظمي لحماً ولم تبق لي لبا

الشعر والغناء لإبراهيم خفيف رمل بالسبابة في مجرى الوسطى، وذكر أحمد إبن أبي طهر أن الرشيد إشتراها بسبعين ألف درهم، وذكر قصة حموية كما ذكرها جاد وقال في خبره: فأشتاقها الرشيد يوماً بعدما وهبها لحمويه فقال له: ويلك يا حمويه، وهبنا لك الجارية على أن تسمع غناءها وحدك، فقال: يا أمير المؤمنين مر فيها بأمرك قال نحن عندك غداً، فمضى فأستعد لذلك وأستأجر لها من بعض الجوهريين بدنة وعقوداً ثمنها أثنا عشر ألف دينار، فأخرجها إلى الرشيد وهو عليها فلما رآه أنكره وقال: ويلك يا حمويه من أين لك هذا وما وليتك عملاً تكسب فيه مثله ولا وصل إليك مني هذا القدر، فصدقه عن أمره فبعث الرشيد آل أصحاب الجوهر فأحضره واشترى الجوهر منهم ووهبه لها ثم حلف ألا تسأله في يومه دالك حاجة إلا قضاها، فسألته أن يولي حمويه الحرب والخراج بفارس سبع سنين، ففعل ذلك وكتب له عهده وشرط على ولي العهد بعده أن يتمها له إن لم تتم في حياته.

حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني محمد بن عبد الله العاصمي قال: حدثني أحمد إبن عبد الله طماس عن عبد الله وإبراهيم أبني العباس الصولي قالا: كانت للرشيد جارية تعرف بذات الخال فدعته يوماً فوعدها أن يصير إليها وخرج يريدها فأعترضته جارية فسألته أن يدخل إليها فدخل وأقام عندها فشق ذلك على ذات الخال وقالت: والله لأطلبن له شيئاً أغيظه به، وكانت أحسن الناس وجهاً ولها خال على خدها لم يرَ الناس أحسن منه في موضعه فدعت بمقاض فقصت الخال الذي كان في خدها.

وبلغ ذلك الرشيد فشق عليه وبلغ فخرج من موضعه وقال للفضل بن الربيع: أنظر من بالباب من الشعراء فقال الساعة رأيت العباس بن الأحنف فقال أدخله فأدخله عرّفه الرشيد الخبر وقال: إعمل في هذا شيئاً على معنى رسمه له فقال:

تخلصت ممن لم يكن ذا حفيظة

ملت إلى من لا يغيره حال

فإن كان قطع الخال لما تعطفت

على غيرها نفسي فقد ظلم الخال

غنّاه إبراهيم فنهض الرشيد إلى ذات الخال مسرعاً مسترضياً لها وجعل هذين البيتين سبباً وأمر العباس بألفي دينار، وأمر إبراهيم الموصلي فغناه في هذا الشعر.

أخبرني محمد إبن يحيى قال: حدثني حمد بن الفضل قال: كان محمد بن موسى المنجم يعجبه التقسيم في الشعر ويشغف بجيد الأشعار فكان مما يعجبه قول نصيب:

ابا بعل ليلى كيف تجمع سلمها

وحربي وفيما بيننا شبت الحرب

لها مثل ذنبي اليوم إن كنت مذنباً

ولا ذنب لي إن كان ليس لها ذنب

روضه من الطويل والشعر لنصيب ويروى للمجنون ويروى لكعب بن مالك الخشعمي والغناء لمالك ثاني ثقيل بالوسطى من غمر وقال: وكان محمد بن موسى ينشد كثيراً للعباس بن الأحنف.

قال:

ص: 45

ألا ليت ذات الخال تلقى من الهوى

عشير الذي ألقى فيلتئم الشعب

إذا رضيت لم يهتني ذلك الرضا

لعلمي به أنه سوف يتبعه عتب

وأبكي إذا ما أذنبت خوف صدودها

وأساها مرضاتها ولها الذنب

وما لكم صرم وحبكم قلى

وعطفكم صد وسلكم حرب

ويقول ما أحسن ما قسم حتى جعل بإزاء كل شيء ضده والله إن هذا الأحسن من تقسيمات أقليدس الغناء في هذه الأبيات الأربعة لإبراهيم الموصلي ثاني ثقيل بالوسطى عن الهشامي، وكانت ذات إحدى الثلاث الجواري اللواتي كان الرشيد يهواهن ويقول الشعر فيهن ونّ سحر وضيا وخنث، وفيهن يقول: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد الأسدي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن علي بن منجوف السدوسي قال: حدثني محمد بن اسمعيل بن صبيح قال: وجه الرشيد إلى جاريته سحر لتصير إليه فأعتلت عليه ذلك اليوم بعلة ثم جاءته من الغد، فقال الرشيد:

أيا من رد ودّي أمس لا أعطيكه اليوما

ولا والله لا أعطيك إلا الصد واللوما

وإن كان بقلبي منك حب يمنع النوما

ايا من سمته الوصل فأغلى المهر والسوما

قال وفيهن يقول وقد قيل للعباس بن الأحنف قالها على لسانه قال:

ملك الثلاث الأنسات عناني

وحللن من قلبي بكل مكان

ما لي تطاوعني البرية كلها

وأطيعهن وهن في عصياني

ما ذاك إلا أن سلطان الهوى

وبه قوين أعز من سلطاني

غنته عريب خفيف ثقيل الأول الوسطى، وروى أحمد بن أبي طاهر عن إسحق قال: وجه الرشيد إلى ذات الخال ليلة وقد مضى شطر الليل فحضرت فأخرج إلي جارية كأنها المهاة فأجلسها في حجره ثم قال غني فغنيته:

جئن من الروم وقاليقلا

يرفلن في المرط ولين الملا

مقرطقات بصنوف الحلي

يا حبذا البيض وتلك الحلا

فأستحسنه وشرب عليه، ثم إستؤذن لفضل بن الربيع فأذن له، فلما دخل قال: ما وراءك في هذا الوقت قال كل خير يا أمير المؤمنين، ولكن جرى لي الساعة سبب لم يجز لي كتمانه، قال وما ذاك قال: أخرج إليّ في هذا الوقت ثلاث جوارٍ لي مكية ومدنية وعراقية فقبضت المدينية على ذكري فلما أنعظ وثبت المكية فقعدت عليه فقالت لها الدينية ما هذا التعدي، ألم تعلمي أن مالكاً حدثنا عن الزهري عن عبد الله بن طاهر عن سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحيا أرضاً ميتة فهي له، قالت الأخرى أول تعلمي أن سفيان حدثنا عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصيد لمن صاد لا لمن أثاره فدفعتهما العراقية عنه ووثبت عليه وقالت: هذا لي وفي يدي حتى تصطلحا.

فضحك الرشيد وأمر بحملين إليه فعل وحظين عنده وفيهن يقول:

ملك الثلاث الآنسات عناني

وحللن من قلبي بكل مكان

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا الغلابي قال حدثني مهدي بن سابق قال: حججت ع الرشيد آخر حجة فكان الناس يتناشدون له في جواريه:

ثلاث قد حللن حمى فؤادي

ويعطين الرغائب في ودادي

نظمت قلوبهن بخيط قلبي

فهن قرابتي حتى التنادي

فمن بك حل من قلب محلاً

فهن من النواظر والسواد

ومما قاله إبراهيم وغيره في ذات الخال وغنى فيه: وقال:

إذات الخال أقصيت

محباً بكم صبا

فلا أنسى حياتي ما

عدت الدهر لي ربا

وقد قلت أنيليني

فقالت أفرق الدنبا

الشعر والغناء لإبراهيم هزج بالوسطى عن عمرو ومنها قال:

أذات الخال قد طال

بمن أسقمته الوجع

وليس إلى سواكم في

الذي يلقى له فزع

أما يمنعك الإسلا

م من قتلي ولا الورع

وما ينفك لي فيك

هوى تغتره خدع

الشعر والغناء لإبراهيم هزج بالوسطى عن عمرو ومنها قال:

ثعلب يا هذا الكثير العبث

بالله لما قلت لي عن حنث

عن ظبية تميش في مشيتها

أحسن من أبصرته في شعث

فقال قالت له أنت أمرؤ

موكل فيما ترى بالعبث

ص: 46

والله لولا خصلة ارقبها

لقل في الدنيا لما بي لبثي

الشعر لإبراهيم وله فيه لحنان أحدهما ثقيل أول عن أبي العنبس والآخر هزج بالبنصر عن عمرو وفيه لعريب ثقيل أول آخر وذكر حبش أن فيه لإبن جامع هزجاً بالوسطى.

وذكر هرون بن الزيات أن حماد دثه عن أبيه أن ثعلباً هذا كان مملوكاً لإبراهيم فقال هذه الأبيات في خنث جارية جزه بن مغول الموصلي وكانت مغنية محسنة وخاطب ثعلباً فيها مستخيراً له.

وذكر هرون بن محمد بن عبد الملك أن حماد بن إسحق حدثه عن أبيه أنه قال في خنث جارية جزه بن مغول الموصلي وخاطب في شعره غلاماً يقال له ثعلب وكانت خنث مغنية محسنة وكانت تعرف بذات الخال.

قال:

ثعلب يا هذا الكثير الخبث

بالله ألا قلت لي عن خنث

وذكر الأبيات قال له أيضاً:

أيد لذات الخال يا ثعلب

قول أمريء في حبه لا يكذب

إني أقول الحق فأستيقني

كل أمريء في حبه يلعب

الشعر والغناء لإبراهيم هـ فيه لحنان رمل وخفيف ثقيل عن إبن المكي ومنها:

جزى الله خيراً من كلفت بحبه

وليس به إلا المموه من حسبي

وقالوا قلوب العاشقين رقيقة

فما بال ذات الخال قاسية القلب

وقالوا لها هذا محبك معرضاً

فقالت أرى إعراضه أيسر الخطب

فما هو إلا نظرة بتبسم

قتنشب رجلاه ويسقط للجنب

ومنها:

إن لم يكن حب ذات الخال عناني

إذاً فحولّت في مسك إبن زيدان

فإن هذي يمين ما حلفت بها

إلا على الحق في سري وإعلاني

الشعر والغناء لإبراهيم هزج بالبنصر ومنها:

لقد أخلو ذات الخا

ل والحراس قد هجعوا

فمن يبصر أبا الخطا

ب يطلبها ويتبع

ألا لن تر محزوناً

يتيم صبره الجزع

وقارعني ففزت بها

وحازتها لي القرع

غناء إبراهيم من رواية تدل عنه ولم يذكر طريقته.

قال علي بن محمد الهشامي: حدثني حدّي يعني إبن حمدون قال: حدثني مخارق قال: كنت عند إبراهيم الموصلي ومعي إبن زيدان صاحب البرامكة وإبراهيم يلاعبه بالشطرنج فدخل علينا إسحق فقال له أبوه: ما أفدت اليوم فقال أعظم فائدة، سألني رجل ما أفخم كلمة في الفم فقلت له لا إله إلا الله، فقال له أبوه إبراهيم: أخطأت هلا قلت دنيا وديناً، فأخذ إبن زيدان الشاه فضرب به رأس إبراهيم وقال: يا زنديق أتكفر بحضرتي، فأمر إبراهيم غلمانه فضربوا إبن زيدان ضرباً شديداً، فأنصرف من ساعته إلى جعفر بن يحيى فحدثه بخبره قال: وعلم إبراهيم أنه قد أخطأ وجنى فركب إلى الفضل بن يحيى فأستجار به فأستوهبه الفضل من جعفر فوهبه له، فأنصرف وهو يقول:

إن لم يكن حب ذات الخال عناني

إذاً فحولت من مسك إبن زيدان

فإن هذين يميني ما حلفت بها

إلا على الصدق في سري وإعلاني

قال وله في هذين البيتين صنعة وهي هزج ومنها:

من يرحم مجنوناً

بذات الخال مفتونا

أبى فيها فما بلو

وكل الناس بلونا

فقد أودى به السقم

وقد أصبح مجنونا

فإن دام على هذا

ثوى في اللحد مدفونا

الشعر والغناء لإبراهيم خفيف ثقيل عن الهشامي ومنها:

لذات الخال أرقني

خيال بات يلثمني

بكى وجرى له دمع

ما بالقلب من حزن

فلا أنساه أو أنسى

إذا أدرجت في كفني

الشعر والغناء لإبراهيم خفيف رمل بالوسطى عن الهشامي ومنها: قال:

هل علمت اليوم يا عاصم

يا خير خدين

أن ذات الخال تأتيني

على رغم قرين

لا تلمني إن ذات الخا

ل دنياي وديني

وأبي حنص خليلي

ووزيري وأميني

بحت لا أكتمه شيئاً

من الداء الدفين

إن بي من حب ذا

ت الخال شيئاً كالجنون

فيه لإبراهيم هزج بالوسطى عن إبن المكي ومنها: قال:

ص: 47

تقول ذات الخال

لي يا خلي البسال

فقلت حاشاك من

أن يكون حالك حالي

أعرضت عني لما

أوقعتني في الحبال

أن الخلي هو الغافل

الذي لا يبالي

لإبراهيم من كتاب عن حبش فيه لحن، وذكر إبن المكي أنه رمل ومنها قال:

أما تعلم ذات الخال فوق الشفة العليا

بأني لست أهوى غيرها شيئاً من الدنيا

وإني عن ميع الناس إلا عنهم أعمى

وإني لو سقيت الدهر من ريقك لا أروى

الشعر والغناء لإبراهيم رمل بالوسطى عن عمرو وإبن المكي وغيرهما وقد روى أما تعلم يا ذا الخال وهذا هو الصحيح ومنها قوله في المرقص: قال:

يا ليت شعري كيف ذات الخال

أم كيف تحسب حالها من حالي

هل أنسيا منها وضمت مرة

رأسي إليها ثم قالت مالي

الذلة أقصيتني نفسي فدا

ؤك أم أطعت مقالة العذالي

والله ما إستحسنت شيئاً مونقاً

ألتذه إلا خطرت ببالي

الشعر والغناء لإبراهيم وله فيه لحنان هزج بالأصابع كلها عن إبن المكي وثقيل أول بالوسطى عن حبش ومنها قال:

يا ليت شعري والنساء غوادر

خلف العدات وفاؤهن قليل

هل وصل ذات الخال يوماً عائد

فتزول لوعاتي وحر غليلي

أم قد تناست عهدنا وأخالها

عن ذاك ملك حال دون كان خليلي

الشعر والغناء لإبراهيم من كتابه ثقيل أول بالبنصر عن إبراهيم وإبن المكي والهشامي إنقضت أخبارها

أن من غرّه بشيء

بعد هند لجاهل مغرور

حلوة القول واللسان ومرّ

كل شيء أجنّ منها الضمير

كل أنثى وإن بدا لك منها

آية الحب حبها خيتعور

الشعر لحجر بن عمرو آكل المرار والغناء لحنين ثاني ثقيل بالبنصر عن الهشامي وفيه أول بالوسطى عن حبش وفيه رمل له أخبار عبد الله بن عجلان مع الجارية هند // هو عبد الله بن العجلان بن عبد الأجب بن عامر بن كعب بن صباح بن نهد إبن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة شاعر جاهلي أحد المتيمين من الشعراء ومن قتله الحب منهم، وكان له زوجة يقال لها هند فطلقها ثم ندم على ذلك فتزوجت زوجاً غيره فمات أسفاً عليها.

أخبرني محمد بن مزيد قال: حدثنا حماد بن إسحق عن أبيه عن الهيثم بن عدي قال: كان عبد الله بن العجلان النهدي سيداً في قومه وإبن سيد من ساداتهم وكان أبوه أكثر بني هد مالاً، وكانت هند امرأة عبد الله بن العجلان التي يذكرها في شعره امرأة من قومه من بني نهد وكانت أحب الناس إليه وأحظاهم عنده فمكثت معه سنين سبعاً أو ثمانياً لن تلد فقال له أبوه لا ولد لي غيرك ولا ولد لك وهذه المرأة عاقر فطلقها وتزوج غيرها، فأبى ذلك، فآلى أن لا يكلمه أبداً حتى يطلقها فأقام على أمره ثم مد إليه يوماً وقد شرب الخمر حتى سكر وهو جالس مع هند فأرسل إليه أن صر إليّ فقال له هند: لا تمض إليه والله ما يريدك لخير وإنما يريدك بلغه أنك سكران فطمع فيك أن يقسم عليك فتطلقني، فنم مكانك ولا تمضِ إليه، فأبى وعصا فتعلقت بثوبه فضربها بمسواك فأرسلته وكان في يدها زعفران أثر في ثوبه مكان يدها ومضى إلى أبيه فعاوده في أمرها وأنبه وضعفه وجمع عليه مشيخة الحي وفتيانهم فتناولوه بألسنتهم وعيروه بشغفه بها وضعف حزمه، ولم يزالوا به حتى طلقها، فلما أصبح خبر بذلك وقد علمت به هند فأحتجبت عنه وعادت إلى أبيها وأسف عليها أسفاً شديداً، فلما رجعت إلى أبيها خطبها رجل من بني نمير فزوّجها أبوها منه فبنى بها عندهم وأخرجها إلى بلده، فلم يزل عبد الله بن العجلان دنفاً سقيماً يقول فيها الشعر ويبكيها حتى مات أسفاً عليها، وعرضوا عليه فتيات الحي جميعاً فلم يقبل واحدة منهن.

وقال في طلاقه إياها:

فارقت هنداً طائعاً

فدمت عند فراقها

بالعين تذري دمعة

كالدر من آماقها

متحلياً وق الردا

ء يجول من رقراقها

خود رداح طفلة

ما الفحش من أخلاقها

ولقد ألذ حديثها

واسر عند عناقها

وفي هذه القصيدة يقول:

ص: 48

إن كنت ساقية ببز

ل الأدم أو بحقافها

فأسقي بني هد إذا

شربوا خيار زقاقها

فالخيل تعلم كيف

تلحقها غداة لحاقها

بأسنة رزق صبحنا

القوم حد رقاقها

حتى ترى قصد القنا

والبيض في أعناقها

قال أبو عمر الشيباني: لما طلق عبد الله بن العجلان هند أنكحت في بني عامر، وكانت بينهم وبين نهد مغاورات جمعت نهد لبني عامر جمعاً فأغاروا على طوائف منهم فيهم بنو العجلان وبنو الوحيد وينو الحريش وينو قشير ونذروا بهم فأقتتلوا قتالاً شديداً، ثم إنهزم بنو عامر وغنمت نهد أموالهم وقتل في المعركة إبن لمعاوية إبن قشير بن كب وسبعة بنين له وقرط وجدعان إبنا سلمة بن قشير ومرداس إبن جدعة بن كعب وحسين بن عمرو بن معاوية ومسحقة بن المجمع الجعفي، فقال عد الله بن العجلان في ذلك:

ألا أبلغ بني العجلان عني

فلا ينبيك بالحدثان غيري

بأنا قد قتلنا قرطاً

وجرنا في سراة قشير

وأفلتنا بنو رجالاً

حاة يربؤن على سمير

وقالت امرأة من بني قيس ترثي قتلاهم:

أصبتم يا بني زيد

قروماً عند قعقعة السلاح

إذا إشتد الزمان وكان محلاً

وحادر فيه إخوان السماح

أهانوا المال في اللزيات صبراً

وجادوا بالمتالي واللقاح

فبكى مالكاً وأبكى بجيراً

وشداداً مستجر الرماح

وكعباً فأندبيه معاً وقرطاً

أولئك معشري هدّوا جناحي

وبكى إن بكيت على حسيل

ومدراس قتيل بني صباح

قال: وأسر عبد الله بن العجلان جلاً من بني الوحيد منّ عليه وأطلقه ووعده الوحيدي من الثواب فلم يفِ فقال عبد الله:

وقالوا لن تنال الدهر فقراً

إذا شكرتك نعمتك الوحيد

فيا ندماً ندمت على رزام

ومخلفه كما خلع العتود

قال أبو عمر: ثم أن بني عامر جمعوا لبني نهد قالت هند امرأة عبد الله بن العجلان التي كانت ناكحاً فيهم لغلام منهم يتيم فقير من بني عامر: لك خمس عشرة ناقة على أن تأتي قومي فتنذرهم قبل أن يأتيهم بنو عامر، فقال أفعل، فحملته على ناقة لزوجها ناجية وزودته مراً ووطباً من لبن فركب فجد في السير وفنى اللبن فأتاهم والحي خلوف في غزو وميرة فنزل هم وقد يبس لسانه، فلما كلموه لم يقدر على أن يجيبهم وأومأ لهم إلى لسانه فأمر خراش بن عبد الله بلبن وسمن فأسخن وسقاه إياه فأبتل لسانه وقال لهم: أتيتكم أنا رسول هند إليكم تنذركم، فأجتمعت بنو نهد وأستعدت ووافتهم بنو عامر فلحقوهم على الخيل فأقتتلوا قتالاً شديداً فأنهزمت بنو عامر. فقال عبد الله بن العجلان في ذلك:

أعاود عيني نصبها وغرورها

أهم عناهم أم قذاها يعورها

أم الدأر أمست قد تعفت كأنها

زيور يمان رقشته سطورها

ذكرت بها هند وأترابها الأولى

بها يكذب الواشي ويعصي أميرها

فما معول تبكي لفقد أليفها

إذا ذكرته لا يكف زفيرها

بأغزر مني عبرة إذ رأيتها

بحث بها قبل الصباح بعيرها

ألم يأت هنداً كيفما صنع قومها

بني عامر إذ جاء يسعى نذيرها

فقالوا لنا إنا نحب لقاءكم

وإنا نحيي أرضكم ونزورها

فقلنا إذاً لا ننكل الدهر عنكم

بضم القنا اللائي الدماء تميرها

فلا غزوان اخيل تنحط في القنا

نمطر من تحت العوالي ذكورها

تأوه مما مسها من كريهه

وتصفي الخدود والرماح تصورها

وأربابها صرعى ببرقة أخرت

بجررهم ضبعانها ونسورها

فأبلغ أبا الحجاج عني رسالة

مغلغلة لا يفلتنك بورها

فأنت منعت السلم يوم لقيتنا

بكفيك تسدي غية وتثيرها

فذوقوا على ما كان من فرط إحنة

خلائبنا إذ غاب عنا نصيرها

قال أبو عمرو:

ص: 49