الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وسمع الزبرقان بن در الأحنف يومئذ وقد ذكر مسيلمة وما تلاه عليهم فقال الأحنف: والله ما رأيت أحمق من هذا النبي قط، فقال الزبرقان: والله لأخبرن بذلك مسيلمة قال: إذاً والله أحلف إنك كذبت فيصدقني ويكذبك قال: فأمسك الزبرقان وعلم أنه قد صدق.
قال: وحدّث الحسن البصري بهذا الحديث فقال: أمن والله أبو بحر من نزول الوحي، قال: فأسلمت سجاح بعد ذلك وبعد قتل مسيلمة وحسن إسلامها.
قال:
كم ليلة فيك بت أسهرها
…
ولوعة من هواك أضمرها
وحرقة والدموع تطفئها
…
ثم يعود الجوى فيسعرها
بيضاء رود الشباب قد غمست
…
في خجل دائب بعصفرها
الله جار لها فما إمتلأت
…
عيناي إلا من حيث أبصرها
الشعر للبحتري والغناء لعريب رمل مطلق من مجموع أغانيها، وهو لحن مشهور في أيدي الناس، والله أعلم.
أخبار بن مناذر وحبه للجارية
هو محمد ن مناذر مولى بني صبير بن يربوع ويكنى أبا جعفر، وقيل أنه كن يكنى أبا عد الله. وودت في بعض الكتب رواية عن إبن حبيب أنه كان يكنى أبا ذريح، وقد كان له إبن يسمى ذريحاً فمات وهو صغير، وإياه عنا بقوله:
كأنك المنايا يا
…
ذريح الله صورّكا
فناط وجهك الشعري
…
وبالإكليل قلدكا
أخرني علي بن سليمان قال: حدثني محمد بن يزيد غيره أن محمد بن مناذر كان إذا قيل له غبن مناذر بفتح الميم يغضب ويقول أمناذر الصغرى أم مناذر الكبرى وهما مورتان من مور الأهواز إنما هو مناذر على وزن مفاعل من ناذر فهو مناذر مثل ضارب فهو مضارب وقاتل فهو مقاتل.
قال محمد بن يزيد: ولما دل محمد بن مناذر عما كان عليه من النسك والتأله وعظته المعتزلة فلم يتعظ وأوعدته بالمكروه فلم يزدجر، ومنعوه دخول المسجد فنابذهم وطعن عليهم وهجاهم، وكان يأخذ المداد بالليل فيطرحه في مطاهرهم فإذا توضأوا به سوّدوا وجوههم وثيابهم.
وقال في توعد العمتزلة إياه:
ابلغ لديك بني تميم مالكاً
…
عني وعرّج في بني يربوع
أني أخ لكم بدار مضيعة
…
بوم وغربان عليه وقوع
يا للقبائل من تميم مالكم
…
وربي ولحم أخيكم بمضيع
هبوا له أراه بنصركم
…
يأوي إلى جبل أشم منيع
وإذا تحزنت القبائل صلتم
…
بفتى لكل ملمة وقطيع
إن أنتم توتروا لأخيكم
…
حتى يباء يوتره المتبوع
فخذوا المغازل بالأكف وايقنوا
…
ما عشتم بمذلة وخضوع
إن نتم حرباً على أحسابكم
…
سمعاً فقد أسمعت كل سميع
اين الصبيريون لم أرَ مثلهم
…
في النائبات وأين رهط وكيع
قال: ثم إستحيا من قوله أين الصبيريون لقلة عددهم فقال أين الرياحيون.
أخبرني الحسن بن علي قال: دثنا حمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني الحسن بن علي قال: حدثني مسعود بن بشر قال: قال لي إبن مناذر: ولع بي قوم من المعتزلة ففرقت منهم قال: وكان مولى صبير بن يربوع فقلت بنو صبير نفسان ونصف فمن أدعو منهم، فقلت ليس إلا أخوتهم بنو رياح فقلت أبياتاً حرضتهم فيها وحضضت بنو رياح فقلت:
أين الرياحون لم أرَ مثلهم
…
في لنائبات وأين رهط وكيع
قال: فجاء خمسون شيخاً من بني رياح فطردوهم عني.
قال: كان إبن مناذر يؤم بالناس في المسجد الذي في قبيلته، فلما أظهر من الخلاعة والمجون كرهوا أن يصلي بهم وأن يأتموا به فقالوا شعراً ذكروا ذلك فيه وهجوه وألقوا الرقعة في المحراب، فلما قضى صلاته قرأها ثم قبلها وكتب فيها يقول:
نبئت قافية قيلت ناشدها
…
قوم ساترك في أعراضهم ندبا
…
الذين رووها أم قائلها
…
و
…
قائلها أمّ الذي كتبا
ثم رمى بها إليهم ولم يعد إلى لصلاة بهم.
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدثنا أبو الفضل بن عبدان بن أبي حرب الصفار قال: حدثني الفضل بن موسى مولى بني هاشم قال:
دخل إبن مناذر المسجد الجامع بالبصرة فوقعت عينه على غلام مستند فخرج وإلتمس غلاماً ورقعة ودواة فكتب إليه أبياتاً مدحه بها وسأل الغلام الذي إلتمسه أن يوصل الرقعة إلى الفتى المستند إلى السارية فذهب بها إلى الغلام، فلما قرأها قلبها وكتب على ظهرها يقول:
مثل إمتداحك لي بلا ورق
…
مثل الجدار بني على خص
ألذ عندي من مديحك لي
…
سود النعال ولين القمص
فإذا عزمت فهيء لي ورقاً
…
فإذا علت أستعصي
فلما قرأها إبن مناذر قام إليه فال له: ويلك، أنت أبو نواس، قال نعم، فسلم عليه وتعانقا وكان ذلك أول المودة بينهما.
أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثني أبو حاتم قال: إجتمع أبو العتاهية ومحمد بن مناذر فقال له أبو العتاهية: يا أبا عبد الله كيف أنت في الشعر قال: أقول في الليلة إذا سنح القول لي وأتسعت القوافي عشرة أبيات إلى خمسة عشر، فال له أو العتاهية: لكني لو شئت أن أقول الليلة ألف بيت لقلت، فقال إبن مناذر: أجل والله إذا أردت أن أقول مثل قولك:
ألا يا عتبة الساعة
…
أموت الساعة الساعة
قلت ولكنني لا أعوّد نفسي مثل هذا الكلام الساقط ولا أسمح لها به، فخجل أبو العتاهية وقام يجر رجله.
أخبرني به الحسن بن علي قال: حدثنا إبن مهرويه قال: حدثني سهل إبن محمد أبو حاتم ن يعقوب بن المنير إبن أخت أبي بكر الأصم، قال إبن مهرويه، وحدثني به يحيى بن الحسن الربيعي عن غسان بن الفضل قال: إجتمع أبو العتاهية وإبن مناذر فأجتمع الناس إليهما وقالوا هذان شيخا الشعراء، فقال أو العتاهية لإبن مناذر: يا أبا عبد الله، كم تقول في اليوم من الشعر، وذكر باقي الخبر مثل المتقدّم سواء.
أخبرني أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي قال: حدثنا العباس بن ميمون طائع قال: سمعت الأصمعي يقول: حضرنا مأدبة ومعنا أبو محرز خلف الأحمر وحضها إبن مناذر فقال خلف الأحمر: يا أبا محرز إن يكن النابغة وأمرؤ القيس وزهير قد ماتوا فهذه أشعارهم مخلدة فقس شعري إلى شعرهم وأحكم فيها بالحق، فغضب خلف ثم أخذ صفحة مملوءة مرقاً فرمى بها عليه فملأه فقام إبن مناذر مغضباً، وأظنه هجاه بعد ذلك.
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال: حدثنا مر بن شبة قال: حدثنا حماد الأرقط قال: لقيني إبن مناذر بمكة فأنشدني قصيدته: كل حيّ لاقى الحمام فمود، ثم قال لي: أقريء أبا عبيدة السلام وقل له يقول لك إن مناذر إتقِ الله وأحكم بين شعري وشعر عدي بن زيد ولا تقل ذلك جاهلي وهذا إسلامي وذاك قديم وهذا محدث فتحكم بين العصرين ولكن أحكم بين الشعرين ودع العصبية. قال: وكان إبن مناذر ينحو نحو عدي بن زيد في شعره ويميل إليه ويقدمه.
أخبرني لحسن بن علي قال: حدثنا إبن مهرويه قال: حدثني محمد بن عثمان الكزيري قال: أخبرني محمد بن الحجاج الجرداني قال: قلت لإبن مناذر مَن أشعر الناس، قال من كنت في شعره، فقلت عليّ ذاك فقال عدي بن زيد، وكان ينحو نحوه في شعره ويقدمه ويتخذه إماماً.
قال أبو الحسن، ولدت بانة من عبد الوهاب بن عبد المجيد، أولاده عبد المجيد وأبا العاصي وزياداً وزياد الذي عناه أبو نواس في قوله يشبب بجنان:
جفن عيني كاد يسقط من طول ما إختلج
وفؤادي من حر
…
حبك قد كاد أو نضج
خبريني فدتك نفسي
…
متى الفرج
كان ميعادنا خرو
…
ج زياد فقد خرج
قال إبن عمارة قال لي النوفلي في هذه الأبيات غناء حلو مليح لو سمعته لشربت عليه أربعة أرطال. قال النوفلي: وكان لعبد الوهاب إبن يقال له محمد كلن أسن ولده ويقال أنه كان يتعشق بانة إبنة أبي العاص هذه إمرأة أبيه وأن زياد بن عبد الوهاب منه وكان أشبه الناس به.
حدثني إبن عمار قال:
حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أبي قال: خرج إبن مناذر يوماً من صلاة التراويح وهو في المسجد بالبصرة وخرج عبد المجيد بن عبد الوهاب خلفه فلم يزل يحدثه إلى الصبح وهما قائمان إذا إنصرف عبد المجيد شيعه إبن مناذر إلى منزله فإذا بلغه وأنصرف إن مناذر شيعه عبد المجيد لا يطيب أحدهما نساً بفراق صاحبه حتى أصبحا فقيل لعبد الوهاب بن عبد المجيد بن مناذر قد أفسد إنك فقال أو ما يرضي إبني أن يرضى به إبن مناذر، وفي عبد المجيد يقول إبن مناذر يمدحه وهو من مختار ما قاله فيه أنشدنيها علي بن سليمان الأخفش عن محمد بن زيد من قصيدة أولها:
شيّب ريب الزمان رأسي
…
لهفي على ريب ذا الزمان
يقدح في الصم من شروري
…
ويحذر الصم من أبان
يقول فيها يمدح عبد المجيد:
متى إلى الماجد المرجى
…
عبد المجيد الفتى الهجان
خير ثقيف أبا ونفساً
…
إذا إلتفت حلقتا البطان
نفسي فداء له وأهلي
…
كل مل تملك اليدان
كأن شمس الضحى وبدر
…
الدجى عليه معلقان
نيطا معاً فوق حاجبيه
…
والبدر والشمس يضحكان
مثمر همه المعالي
…
ليس برث ولا بوان
بنى له عزة ومجداً
…
في أزل الدهر باليان
فاسأله مما حوت يداه
…
يهتز كالصارم اليماني
أن تلقاه من ثقيف
…
ومن ذرا الأزد غير بان
أخبرني عمي قال: حدثني عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني أبو توبة صالح ب محمد قال: مرض عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي مرضاً شديداً بالبصرة وكان إبن مناذر ملازماً له يمرضه ويتولى أمره بنفيه لا يكله إلى أحد فحدثني بعض أهلهم قال: حضرت يوماً عنده وقد أسخن له ماء حار ليشبه وأشتد به الأمر فجعل يقول آه بصوت ضعيف فغمس إبن مناذر يده في الماء الحار وجعل يتأوه مع عبد الحميد ويده حترق حتى كادت يده تسقط فجذبناه وأخرجناها من الماء وقلنا له: أمجنون أنت، أي شيء هذا، أينتفع به ذاك فقال أساعده وهذا جهد من مقل، ثم إستقل من علته تلك وعوفي مدة طويلة ثم تردى من سطح فمات فجزع عليه جزعاً شديداً حتى كاد يفضل أهله وأخوته في البكاء والعويل وظهر منه ن الجزع ما عجب الناس له ورثاه بعد ذلك بقصيدته المشهورة فرواها أهل البصرة ونبح بها على عبد المجيد وكان الناس يعجبون بها ويستحسنونها.
أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن القاسم النوشجاني قال: سمعت أبي يقول حضرت سفيان بن عيينة يقول لإبن مناذر أنشدني ما قلت في عبد المجيد فأنشده قصيدته الطويلة الدالية قال سفيان بارك الله فيك فلقد تفردت بمراثي أهل العراق فأخبرني عمي قال: حدثني أبو هفان قال: قال الجماز: تزوج عبد المجيد امرأة من أهله فأولم عليها شهراً يجتمع عنده في كل يوم وجوه أهل البصرة وأدباؤها شعراؤها فصعد ذات يوم إلى السطح رأى طنباً من أطناب الستارة قد إنحل فأكب عليه ليشده فتردى على رأسه ومات من سقطته ما رأيت مصيبة قط كانت أعظم منها ولا أنكأ للقلب.
أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثني الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني العباس بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان قال: حدثني محمد بن عمر اخزار قال: قال لي إبن مناذر: ويحك، لست أرى نساء ثقيف ينحن على عبد المجيد نياحة على إستواء قلت: فما تحب قال تخرج معي حتى أطارحك فطارحني القصيدة التي يقول فيها:
أن عبد المجيد يوم تولى
…
هدّ وقد كنت بركن أنوء منه شديد
قال: فما زلت حتى حفظتها ووعيتها ووضعتها لحناً، فلما كان في الليلة التي يناح بها على عبد المجيد فيها صلينا العشاء الآخرة في المسجد الجامع ثم خرجنا إلى دارهم وقد صعد النساء على السطح ينحن عليه فسكتن سكتة لهنّ فأندفعنا أنا وهو ننوح عليه فلما سمعننا أقبلن يلطمن ويصحن حتى كدن ينقلبن من السطح إلى أسفل من شدة تشرفهنّ علينا وإعجابهن بما سمعنه منا وأصبح أهل المسجد ليس لهم حديث غيرنا وشاع الخبر بالبصرة وتحدث به الناس حتى نقل من مجلس إلى مجلس.
وأخبرني الحسن بن علي قال:
حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني موسى بن حماد بن عبد الله القرشي قال: حدثني محمد بن النعمان بن جبلة الباهلي قال: لما قال إبن مناذر:
لأقيمن مأتماً كنجوم الليل وهراً يلطمن حرّ الخدود
موجعات يبكين للكبد الحرا عليه وللفؤاد العميد
قالت أم عبد المجيد: والله لأبرن قسمه فأقامت مع أخوات عبد المجيد وجواريه مأتماً عليه وقامت تصبح عليه وأي ويه فقال أنها أول من عل ذلك وقاله في الإسلام.
وأخبرني بهذا الخبر إن عمار عن علي ب محمد النوفلي ن عمه أخبرني علي إبن سليمان الأخفش قال: حدثنا محمد بن يزيد عن محمد بن عامر النخعي قال: أنشدني محمد بن مناذر لنفسه يرثي عبد المجيد بن عبد الوهاب ويقول:
يا عين حق لك البكا
…
ء لحادث الرزه الجليل
فأبكي على عبد المجيد وأعولي كل العويل
لا يبعد الله الفتى الفياض ذا الباع الطويل
عجل الحمام به فردعنا وآذن بالرحيل
لهفي على الشعر المعفر
…
منك والخد الأسيل
كسف لفقدك سمنا
…
والبدر آذن بالأفول
حدثني عمي قال: حدثنا الكراني قال: حدثني النضر بن عمرو عن المازني قال: حدثنا حيان أن إبن مناذر دفع قصيدته الدالية إليه وقال أعرضها على أبي عبيدة فأتيته وهو على باب أبي عمرو العلاء فقرأت عليه منها أبيات فلم تعجبه وقال دعني من هذا فإني قد تشاغلت بحفظ القرآن عنه وعن مثله قال: وكان إبو عبيدة يبغضه ويعاديه لأنه هجاه.
أخبرني محمد بن يزيد بن أبي الأزهر قال: حدثنا حماد بن إسحق عن أبيه قال: قال إبن مناذر قلت: يقدح الدهر في شماريخ رضوى. ثم مكثت حولاً لا أدري ما أتممه فسمعت قائلاً يقول: هبول قلت وما هبود فقال لي جميل في بلاد فلت: ويحط الصخور من هبود. قال إسحق: وسمع إعرابي هذا البيت فقال ما أجهل قائله بهبود، والله أنها لا كيمة ما تواري الخاريء فكيف يحيط منها الصخور.
أخبرني عمي قال: حدثنا الكراني قال: حدثني أبو حاتم قال: سمعت أبا مالك عمرو بن كركرة يقول: أنشدني إبن مناذر قصيدته الدالية التي رثى فيها عبد المجيد فلما بلغ إلى قوله:
يقدح الدهر في شماريخ رضوى
…
ويحط الصخور من هبود
قلت له هبود أي شيء هو فقال جبل فقلت: سخنت عينك هبود والله بئر باليمامة ماؤها ملح لا يشرب منه شيء خلقه الله وقد والله خريت فيها مرّات، فلما كان بعد مدة وقفت عليه في سجد البصرة وهو سنشدها فلما بلغ هذا البيت أنشدها: ويحط الصخور من عبود، فقلت عبود أي شيء هو زيادة فقال جبل بالشأم فلعلك يا إبن الزنية خريت عليه أيضاً فضحكت ثم قلت لا ما خريت عليه ولا رأيته.
وأنصرفت عنه وأنا أضحك.
أخبرني عمي قال: حدثني الكراني عن العمري عن الهيثم بن عدي قال: كان يحيى بن زياد يرمى بالزندقة وكان من أظرف الناس وأنظفهم فكان يقال أظرف من الزنديق، وكان الحاركي وأسمه محمد بن زياد يظهر الزندقة تظارفاً، فقال فيه إن مناذر:
يا إبن زياد ابا جعفر
…
أظهرت ديناً غير ما تخفي
مزندق الظاهر باللفظ في
…
باطن إسلام فتى عفٍ
لست بزنديق ولكنما
…
أردت أن توسم بالظرف
وقال فيه أيضاً:
يا أبا جعفر كأنك قد صر
…
ت على اجرد طويل الجران
من مطايا ضوامر ليس يصهلن إذا ما ركبن يوم رهان
لم يذللن بالسروج ولا أقرح أشداقهن جذب العنان
قائمات مسوّمات لدى الجسر لأمثالكم من الفتيان
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال: حدثنا عيسى بن إسمعيل تينة عن بن عائشة قال: كان عتبة النحوي من أصحاب سيبويه وكان صاحب نحو هماً بما يشرحه ويفسره على مذاهب أصحابه، وكان إبن مناذر يتعاطى ذلك ويجلس إليه قوم يأخذونه عنه فجلس عتبة قريباً من حلقته فتقوض الناس إليه وتركوا إبن مناذر فلما كان في يوم الجمعة الأخرى قام إبن مناذر من حلقته فوقف على عتبة ثم أنشأ يقول:
قوموا بنا جميعاً
…
لحلقة العارى
يجمعن للشقاء
…
مع عتبة الخسّار
ما لي وما لعتبة
…
إذ يبتغي ضراري
قال: فقام عتبة إليه فناشده أن لا يزيد ومنع من كان يجلس إلى إبن مناذر من حضور حلقته وجلس هو بعيداً من إبن مناذر بعد ذلك.
حدثني عمي قال: حدثنا الكراني قال: حدثنا عيسى إبن إسمعيل تينة قال: كان لإبن مناذر جار يقال له إبن عمير من المعتزلة كان يسعى بإبن مناذر إليهم ويسبه ويذكره بالفسق ويغريهم به فقال يهجوه:
بنو عمير مجدهم دارهم
…
وكل قوم فلهم مجد
كأنهم قفع بدوية
…
وليس لهم قبل ولا بعد
بث عمير لؤمه فيهم
…
فكلهم من لؤمه جعد
وأخبرني بهذا الخبر احسن بن علي عن إبن مهرويه عن النوفلي بمثله وزاد فيه وعبد الله بن عمير أبو هؤلاء الذين هجاهم أخو عبد الله بن عامر لأمه أمّهما دجاجة بنت إسماعيل بن السلط السلمي.
أخبرني هاشم بن محمد قال: حدثنا بن أسد قال: كان إبن مناذار من أحضر الناس جواباً. قال له رجل. ما شأنك قال: عظم في أنفي قال وسأله رجل يوماً: ما الجرباء، فأومأ بيده إلى الأرض، قال هذه يهزأ به وإنما الجرباء السماء.
أخبرني أحمد بن العباس العسكري المؤدب قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني جعفر بن محمد بن دماذ قال: دار بين الخليل بن أحمد وبين إبن مناذر كلام فقال له الخليل: إنما أنتم معشر الشعراء تبع لي وأنا سكان السفينة إن قرظتكم ورضيت قولكم نفقتم وإلا كسدتم، فقال إبن مناذر: والله لأقولن في الخليفة قصيدة أمتدحه بها ولا أحتاج إليك فيها عنده ولا إلى غيرك.
فقال في الرشيد قصيدة التي أولها:
ما هيّج من مطوقة
…
أوفت على بانة تغنينا
يقول فيها:
لو سألنا بحسن وجهك يا
…
هرون صوب الغمام أسقينا
قال: وأراد أن يغربها إلى الرشيد فلم يلبث أن قدم الرشيد البصرة حاجاً ليأخذ على طريق النباج وهو كان الطريق قديماً فدخلها وعديله إبراهيم الحراني تحمل عليه إبن مناذر بعثمان بن الحكم الثقفي وأبي بكر السلمي حتى أوصلاه إلى الرشيد فأنشده إياها، فلما بلغ آخرها كان فيها بيت يفتخر فيه وهو:
قومي تميم عند السماك لهم
…
مجد وعز فما ينالونا
فلما أنشده هذا البيت تعصب عليه قوم من الجلساء فقال له بعضهم يا جاهل، أتفخر في قصيدة مدحت بها أمير المؤمنين، وقال آخر: هذه حماقة بصرية، فكفهم عنه الرشيد ووهب له عشرين ألف درهم.
أخبرني علي بن سليمان قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: حدثني سهيل السلمي أن الرشيد إستسقى في سنة قحط فسقى الناس فسرّ بذلك وقال: لله درّ أبن مناذر حيث يقول:
ولو سألنا بحسن وجهك يا
…
هرون صوب الغمام أسقينا
وسأل عن خبره فأخبر أنه بالحجاز فبعث إليه بجائزة.
وأخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثني محمد المهلي قال: شهد بكر بن بكار عند عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن الحر العنزي بشهادة، فتبسم ثم قال له: يا بكر مالك ولإبن مناذر حيث يقول:
أعوذ بالله من النار
…
ومنك يا بكر بن بكار
فقال: أصلح الله القاضي ذاك رجل ماجن خليع لا يبالي ما قال، فقال له صدقت وزاد بسمه وقبل شهادته، وقام كر وقد تشوّر وخجل.
قال العنزي: فحدثني أبو غسان دماذ قال: أنشدني إبن مناذر هذا الشعر الذي قاله في بكر بن بكار وهو:
أعوذ بالله من النار
…
ومنك يا بكر بن بكار
يا رجلاً ما كان فيما مضى
…
لآل حران يزوار
ما تبرح الدار على سوأة
…
تطرح حباً للخشنشار
يا معشر الأحداث يا ويحكم
…
تعوّذوا بالخالق الباري
من حرية نيطت على حقوه
…
يسعى بها كالبطل الشاري
يوم تمنى أن في كفه
…
أير أبي الخضر دينار
قال إبن مهرويه في خبره: والخشنشار هو الزيادي المحدث ويكنى أبو الخضر وكان جميل الوجه.
وقال العنزي في حديثه: حدثني إسحق بن عبد الله الجراني وثد سألته عن معنى هذا الشعر فقال: الخشنشار غلام أمرد جميل الوجه كان في محلتنا وهذا لقبه، وكان بكر بن بكار يتعشقه فكان يجيء إلى أبي فيذاكره الحديث ويجالسه وينظر إلى الخشنشار.
قال العنزي: حدثني عمر بن شبة قال:
بلغني أن عبيد الله بن الحسن لقي إبن مناذر فقال له: ويحك، ما أردت إلى بكر بن بكار ففضحته وقلت فيه قولاً لعلك لم تتحققه، فبدأ إبن مناذر يحلف له بيمين ما سمعت قط أغلظ منها. أن الذي قاله في بكر شيء يقوله معه كل من يعرف بكراً ويعرف الخشنشار ويجمع عليه ولا يخالفه.
فأنصرف عبيد الله مغموماً بذلك وقد بان عليه، فلما بعد عنا قلت لإبن مناذر بريء الله منك، ويلك ما أكذبك، كل من يعرف بكر بن وائل يقول فيه مثل قولك حتى حلفت بهذه اليمين، فقال: سخنت عينك، فإذا كنت أعمى القلب أي شيء أصنع، أفتراني كنت أكذب نفسي عند القاضي، إنما موّهت عليه حلفت له إن كل من يعرفهما يقول مثل قولي وغنيت ما إبتدأت به من الشعر وهو قوله: أعوذ بالله من النار، أفتعرف أنت أحد يعرفهما أو يجهلهما، ألا يقول كما قلت: أعوذ بالله من النار إنما موهت على القاضي وأردت تحقيق قولي عنده.
قال مؤلف هذا الكتاب: وبكر بن بكار رجل محدث قد روى عن ورقاء عن إبن أبي نجيح مجاهد وروى حديثاً صالحاً.
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا بكر بن بكار عن عبد الله بن المحرز عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زينوا القرآن بأصواتكم.
أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا إبن مهرويه قال: حدثني الأخوص بن المفضل البصري قال: حدثنا إن معاوية الزيادي وأبوه الخشنشار الذي يقول فيه إبن مناذر: تطرح حباً للخشنشار. قال: حدثني مَن لقي إبن مناذر مكة فقال: ألا تشتاق إلى البصرة، فقال له: أخبرني عن شمس الوزانين أعلى حالها. قال نعم، قال وفيق بن يوسف الثقفي حي قال نعم قال فغسان بن الفضل الغلابي حي قال نعم قال لا واله لا دخلتها ما بقي واحد من الثلاثة. قال وشمس الوزانين في طرف المربد يحضره مسجد الأنصاري في موضع حيطانه قصار لا تكاد الشمس تفارقه.
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: كان محمد بن عبد الوهاب الثقفي أخو عبد المجيد يعادي حمد بن مناذر بسبب ميله إلى أخيه عبد المجيد، وكان إبن مناذر يهجوه ويسبه ويقطعه وكل واحد منهما يطلب لصاحبه المكروه ويسعى عليه، فلقي محمد بن عبد الوهاب إبن مناذر في مسجد البصرة ومعه دفتر فيه كتاب العروض بدوائره ولم يكن محمد بن عبد الوهاب يعرف العروض، فجعل يلحظ الكتاب ويقرؤه فلا يفهمه وإبن مناذر متغافل عن فعله، ثم قال له: ما في كتابك هذا، فخبأه في كمه وقال: وأي شيء عليك مما فيه فتعلق به ولبيه، فقال له إبن مناذر: يا أبا الصلت الله الله في دمي. وطمع فيه وصاح: يا زنديق في كمك الزندقة، فأجتمع الناس إليه فأخرج الدفتر من كمه وأراه إياه فعرفوا براءته مما قذفه به ووثبوا على محمد بن عبد الوهاب وأستخنوا به فأنصرفوا ووثب يجري.
وقال إبن مناذر يهجوه:
إذا أنت تعلقت
…
بحبل من أبي الصلت
تعلقت بحبل وا
…
هن القوة منبت
إذا ما بلغ المجد
…
ذوو الأحساب بللت
تقاصرت عن المجد
…
بأمر رائب شخت
فلا تسمو إلى المجد
…
فما أمرك بالثبت
ولا قرعك في العيدا
…
ن عود ناضر البكت
وما يبقى لكم ياقو
…
م من أثلتكم تحت
فها فأسمع قريضاً من
…
رقيق حسن النعت
يقول الحق إن قال
…
ولا يرميك بالبهت
وفي نعت لوجعاء
…
قد إسترخت من ألفت
فعندي لك مأبو
…
ن مثل الفالح البحت
عتلّ يعمل الكوم
…
من السبت إلى السبت
له فيشله إن أد
…
خلت واسعة الخرت
وإلا فأطل وجعاء
…
ك بالخضخاض والزفت
الم يبلغك تسآلي
…
لدى العلامة المرت
فقال الشيخ سرجويه داء المرء من تحت
نخذ من ورق الدفلا
…
وخذ من ورق القت
وخذ من جعد كيسان
…
ومن أظفار نسخت
فغرغره به واسعط
…
بذا في دائه أفتى
قال: ونسخت لقب أبي عبيدة وهو إسم اليهود لقب به تعريضاً بأن جدّه كان يهودياً، وكان أبو عبيدة وسخاً طويل الأظفار أبداً والشعر، وكان يغضب من هذا اللقب، فأخبرني الحسن بن علي عن إبن مهرويه عن علي بن محمد النرفلي.
قال لما قال إبن مناذر هذه الأبيات:
إذا أنت تعلقت
…
بحبل من أبي الصلت
تعلقت بحبل وا
…
هن القوة منبت
وقال الشيخ سرجويه داء
…
المرء من تحت
فبلغ ذلك سرجويه جاء إلى محمد بن عبد الوهاب وقف عليه في مجلسه وعنده جماعة من أهله وإخوانه وجيرانه فسلم عليه وكان أعجمياً لا يفصح، ثم قال له: بركت من نكفتم آن يسر مناذر كفت داء المرء من تحت؛ كاد القوم أن يفتضحوا من الضحك وصح به محمد: أغرب قبحك الله، فظن أنه لم يقبل عذره فأقبل له مجتهداً ما قال ذاك ومحمد يصيح به: ويلك أغرب عني وهو في الموت منه، وكلما زاده من الصياح إليه زاده في العذر وأجتهد في الإيمان وضحك الناس حتى غلبوا، وقام محمد فدخل منزله وتفرقوا.
قال أبو الحسن النوفلي: ثم لذلك زمان وهجا أبو نعامة أبو عد الله هريسة الكاتب فقال فيه:
وروى شيخ تميم
…
خالد أن هريسه
يدخل الأصلع ذا الخر
…
جين في جوف الكنيسه
فلقي خالد بن الصباح هذا هريسة وكان يعاديه وأراد أن يخجله فحلف له مجتهداً أنه لم يقل ما قاله أبو نعامة، فقال هريسة: يا بارد، لم ترد أن تعتذر إنما أردت أن تتشبه بإبن مناذر ومحمد بن عبد الوهاب وبأبي الشمقمق وأحمد بن المعذل ولست من هؤلاء ولست من هؤلاء في شيء.
قرأت في بعض الكتب عن إبن أبي سعد قال: حدثني أبو الخطاب الحسن بن محمد عن محمد بن إسحق البلخي قال: دخلت على إبن مناذر يوماً وعنده رجل ضرير جلس عن يمينه ورجل بصير جالس عن شماله ساكت لا ينطق قال فقلت له ما خبرك فقال: بين أعمى وأخرس أخرس الله لسان الأعمى وأعمى البصيرا قال: فوثبا فخرجا من عنده وهما يشتمانه ونسخت من كتاب إبن أبي الدنيا.
حدثني أبو محمد التيمي قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله عن الحسن بن علي قال: كنا عند باب سفيان بن عيينة وقد هرب منا وعنده الحسن ن علي التختاخ ورجل من الحجبة ورجل من أصحاب الرشيد فدخل بهم وليس يأذن لنا فجاء إبن مناذر فقرب من الباب ثم رفع صوته فقال:
بعمرو وبالزهري والسلف الأو
…
لى بهم ثبتت وجلاك عند المقاوم
جعلت طوال الدهر يوماً لصالح
…
ويوماً لصباح ويوماً لحاتم
وللحسن التختخاخ يوماً ودونهم
…
خصصت جرت إلا لأخذ الدراهم
فخرج سفيان وفي يده عصا وصاح: خذوا الفاسق، فهرب إبن مناذر منه وأذن لنا فدخلنا.
أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني أبو بكر المؤدب قال: حدثني محمد ن قدامة قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول لإبن مناذر: يا أبا عبد الله، ما بقي أحد غيرك، وكأني بك قدمت فرثيتني. فلما مات بن عيينة قال إبن مناذر يرثيه:
راحوا بسفيان على نعشه
…
والعلم مكسوين أكفانا
أن الذي غوّر بالمنحنى
…
هدّ من الإسلام أركانا
لا يبعدنك الله من ميت
…
ورثنا علماً وأحزانا
أخبرني احمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثني أحمد إبن أبي شيخ قال: حدثني شيخ من أهل الكوفة يقال له عوّام قال: سمعت سفيان بن عيينة وقد تكلم بكلام إستحسن فسأله محمد بن مناذر أن يمليه عليه فتبسم سفيان وقال له: هذا كلام سمعتك تتكلم به فأستحسنته فكتبته عنك قال وعلى ذلك أحب أن تمليه عليّ إذا رويته عنك كان أنفق له من أن أنسبه إلى نفسي.
قال عوام: وأنشدني إبن عائشة لإبن مناذر يرثي سفيان إبن عيينة بقوله:
يجني من الحكمة نوارها
…
ما تشتهي الأنفس ألوانا
يا واحد الأمة في علمه
…
لقيت من ذى العرش غفرانا
راحوا بسفيان على نعشه
…
والعلم مكسوين أكفانا
أخبرني علي بن سليمان قال: حدثنا محمد ن يزيد عن محمد بن عامر الحنفي قال:
لما مات عبد المجيد بن عبد الوهاب خرج إبن مناذر إلى مكة وترك النسك وعاد للمجون والخلع، وقال في هذا المعنى شعراً كثيراً حتى كان إذا مدح أو فخر لم يجعل إفتتاح شعره ومباديه إلا المجون، وحتى قال في مدحه للرشيد:
هل؛ عندكم رخصة عن الحسن البصريّ في العشق وغبن سيرينا
إنّ سفاهاً بذي الجلالة والشيبة أن لا يزال مفتونا
وقال أيضاً في هذا المعنى:
ألا يا قمر المسجد هل عندك تنويل
شفاني منك أن
…
نولتني شم وتقبيل
سلا كل فؤادي و
…
فؤادي بك مشغول
لقد حملت من حبك
…
ما لا يحمل الفيل
أخبرني الحسن بن علي قال: حدثني إبن مهرويه قال: حدثنا العباس بن الفضل الربعي قال: حدثني التوزي قال: قال إبن مناذر ليونس النحوي يعرّض به: أخبرني عن جبل أتنصرف أو لا، وكان يونس النحوي يعرّض به: أخبرني عن جبل أتتصرف أم لا، وكان يونس من أهلها فقال له: قد عرفت ما أردت يا إبن الزانية، فأنصرف إبن مناذر فأعدّ شهوداً يشهدون عليه بذلك وصار إليه وسأله: هل تنصرف جبل، وعلم يونس ما أراد فقال له: الجواب ما سمعته أمس.
أخبرني الحسن قال: حدثنا يعقوب إن إسرائيل قال: حدثني إسحق بن محمد النخعي قال: حدثني إسحق بن عمرو السعدي قال: حدثني الحجاج الصواف وخبرني الحسن بن علي أيضاً قال: حدثني إبن مهرويه قال: حدثني إسحق بن محمد قال حدثني أمية بن أبي مروان قال: حدثني حجاج الصوّاف الأعور قال: خرجت إلى مكة فكان جير أي في الطريق إبن مناذر وكان لي ألفاً وخدناً وصديقاً، فدخلت مكة فسألت عنه فقالوا لا يبرح المسجد، فدخلت المسجد فألتمسته فوجدته بفناء زمزم وعنده أصحاب الأخبار والشعراء يكتبون عنه، فسلمت وأنا أقدّر أن يكون عنده من الشوق إليّ ما عندي، فرفع رأسه فرّد السلام رداً ضعيفاً ثم رجع إلى القوم يحدثهم ولم يحفل بي، فقلت في نفسي أتراه ذهبت معرفتي، فبينا أنا أفكر إذ طلع أبو الصلت بن عبد الوهاب الثقفي من باب ني شيبة داخلاًَ المسجد فرفع رأسه نظر إليه ثم أقبل علي فقال: أتعرف هذا فقلت نعم هذا الذي يقول فيه من قطع الله لسانه:
إذا أنت تعلقت
…
بحبل من أبي الصلت
تعلقت بحبل وا
…
هن القوة منبت
قال: فتغافل عني وأقبل عليهم ساعة ثم أقبل عليّ فقال: من أي البلاد أنت، قلت من أهل البصرة، قال وأين تنزل منها، قلت بحضرة بني عائش الصوّافين، قال: أتعرف هناك إبن زانية يقال له جاج الصواف، قلت نعم، تركته
…
أم إبن زانية يقال له إبن مناذر.
فضحك وقام إليَّ فعانقني.
قال مؤلف هذا الكتاب رحمه الله: ولإبن مناذر هجاء في حجاج الصوّاف على سبيل العبث وهو قوله:
أن إدعاء الحجاج في العرب
…
عند ثقيف م أعجب العجب
وهو إبن زانٍ لألف زانية
…
وألف علج معلهج الحسب
ولو دعاه داعٍ فقال له
…
يا الأم الناس كلهم أجب
إذاً لقال الحجاج لبيك من
…
داع دعاني بالحق لا الكذب
ولو دعاه داعٍ لقال له
…
من المعلي في الؤم قال أبي
أبوه زان والأم زنية
…
بنت زناه مهتوكة الحجب
تقول عجّل ل
…
... أتركه في استي إن شئت أو ركب
من جامعني فيهما فاوسعني
…
رهزاً دراكاً أعطيته سلبي
هم حرى الوصال فأبتغوا الحرى
…
قضيب حمار أقضي به أربي
أحب
…
الحمار وأبأبي
…
فيشة
…
الحمار وابأبي
إذا رأته قالت فديتك يا
…
قرّة عيني ومنتهى طلبي
إذا سمعت النهيق هاج حري
…
شوقاً إليه وهاج لي طربي
يأخذني في أسافلي وحري
…
مثل إضطرام انار في الحطب
شكت إليَّ نسوة فلن لها
…
وهي نادي بالويل والحرب
كفني قليلاً قالت وكيف وبي
…
في جوف صدعي كحكمة الجرب
أرى
…
الرجال من عصب
…
ليت
…
الرجال من خشب
خبرني الحسن بن علي قال: