المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ دموع الفراق - المرقصات والمطربات

[ابن سعيد المغربي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌المرقصات والمطربات

- ‌لله در عصابة نادمتهم يوماً بجلق في الزمان المقبل

- ‌شعراء الإسلام إلى إنقضاء الدولة الأموية

- ‌المخضرمون من شعراء الدولتين

- ‌شعراء المائة الثالثة

- ‌شعراء المائة الرابعة

- ‌شعراء المائة السادسة

- ‌ شعراء المائة السابعة

- ‌ شعراء المغرب من أول الديار المصرية إلى البحر المحيط

- ‌الجاهلية وما بعدها إلى المائة الرابعة عاطلة مما هو من شرط هذا الكتاب

- ‌ شعراء المائة الرابعة

- ‌ شعراء المائة الخامسة

- ‌شعراء المائة السادسة

- ‌القسم الثاني

- ‌أخبار أبي نؤاس وجنان خاصة

- ‌رجع الخبر إلى حديث أبي عيينة

- ‌خبر إبن سريج مع سكينة بنت الحسين عليهما السلام

- ‌صوت

- ‌أخبار ذات الخال

- ‌أخبار حبابة

- ‌أخبار بن مناذر وحبه للجارية

- ‌نسب المتوكل الليثي وأخباره مع الجارية أميمة

- ‌ الحاجري

- ‌ البهاء زهير

- ‌ حسن بن محمد البوريني

- ‌ البهاء زهير

- ‌الجارية ريا مع عتبة " بن الحباب

- ‌أخبار الصمة وصاحبته ريا

- ‌أخبار كعب وصاحبته ميلاء

- ‌القسم الثاني

- ‌فيمن جهل إسمه أو إسم محبوته أو شيء من سيرته أو مآل حقيقته

- ‌فمنهم سامة بن لؤي بن غالب القرشي مشهور

- ‌ومنهم عمرو بن عوف وبيا

- ‌مجنون بني عامر مع ليلاه

- ‌ويبدي الحصى منها إذا قذفت به من البرد أطراف البنان المخضب

- ‌ دلال ووصال

- ‌ دموع الفراق

الفصل: ‌ دموع الفراق

بلغ المجنون قبل توحشه أن زوج ليلى ذكره وعضهه وسبته وقال: أو بلغ من قدر قيس بن الملوح أن يدعي محبة ليلى وينوه بإسمها، فقال ليغيظه بذلك:

فإن كان فيكم بعل ليلى فإنني

وذي العرش قد قبلت فاها ثمانيا

وأشهد عند الله إني رأيتها

وعشرون منها إصبعاً من ورائيا

أليس من البلوى التي لا ثوى لها

بأن زوجت كلباً وما بذلت ليا

-‌

‌ دلال ووصال

-

يا ذا الذي يخطر في مشيته

قد صففَ الشعر على جبهته

وسرح المئزُر من خلفه

ودقق البان على وقرته

قلبي على ما كان من شفوته

صب ٌ بمن يهوى على جفوته

يختلق السخطة لي ظالماً

أحوج ما كنت إلى رحمته

أكلما حدّد لي موعداً

أخلفه التنغيص من علته

أضمر في البعد عتاباً له

فإن دنا أنسيت من هيبته

مبتلٌ تثنيه أعطافه

أميس خلق الله في خطرته

يحار رجع الطرف في وجهه

وصورة الشمس على صورته

مهفهفٌ ترتج أردافه

يتيه بالحسن على جيرته

ينتسب الحسن إلى حسنه

والطيب يحتاج إلى نكهته

وليلة قصَر في طولها

بالكرخ إن مُتعتُ من رؤيته

في مجلس يضحك تفاحة

بين الرياحين إلى خضرته

ما أن يرى خلوتنا ثالثٌ

إلا الذي نشرب من خمرته

خمرته في الكأس ممزوجةٌ

كالذهب الجاري على فضته

فتارة أشرب من يقه

وتارة أشرب من فضلته

وكلما عضض تفاحة

قبلت ما يفضل من عضته

حتى إذا ألقى قناع الحيا

ودار كسر النوم في مقلته

سرت حُميا الكأس في رأسه

وديتِ الخمرة في وجنته

فصار لا يدفع عن نفسه

وكان لا يأذن في قبلته

دب له إبليسُ فأقتاده

والشيخ ناعٌ على لعنته

عجبتُ من إبليس في تيهه

وخبث ما أظهر من نبتته

تارة على آدم في سجدةٍ

وصار قوّاداً لذريته

وله:

-‌

‌ دموع الفراق

-

أبت عيناي بعدك أن تناما

وكيف ينام من ضمن السقاما

بكيت من الفراق لما ألاقي

وراجعت الصبابة والغراما

وعدت إلى العراق برغم أنفي

وفارقت الجزيزرة والشآما

على شط الشآم وساكنيه

سلامُ مسلم لقي الحماما

مذكرةٌ مؤنثةٌ مهاةٌ

إذا برزت تشبهها غلاما

تعاف الماء والعسل المصفى

وتشرب من فتوتها المداما

تقول لسيفها يا سيف أبشر

ستُروى من دم وتُقدّ هاما

وقائلة لها من وجه نصح

علامَ قتلتِ هذا المستهاما

فكان جوابها حُسن مسنٍ

أأجمعُ وجه هذا الحراما

لقد ربحت تجارة كل صبٍ

تهاديه حبيبته السلاما

وقول بشار:

يا رب إني قد عرضت بهجرها

فإليك أشكو ذاك يا رباه

مولاة سوء تستهين بعبدها

نعم الغلام وبئست المولاه

طل ولكني حرمت نعيمه

ووصاله إن لم يغثني الله

يا رب إن كانت حياتي هكذا

ضراً عليّ فما أريد حياه

الشعر والغناء لها خفيف ثقيل مطلق في مجرى الوسطى.

وقد ذكر إبن حرداذبه أن الشعر والغناء لبشار وإنه هوى جارية تغني فتعلم الغناء من أجلها وقال الشعر، ولم يزل يتوصل إليها بذلك حتى صار مقدماً بين المغنين وأن هذا الشعر له فيها والصنعة أيضاً.

أخبرني أحمد بن محمد أبو الحسن الأسدي قال: حدثني محمد بن صالح بن شيخ بن عمير عن أبيه قال: حجب طل عن علية فقالت وصحفت إسمه في أول بيت:

يا سروة البستان طال تشوقي

فهل لي إلى ظل لديك سبيل

متى يلتقي من ليس يقضي خروجه

وليس لمن يهوى إليه دخول

ص: 109

عسى الله أن نرتاح من كربة لنا

فيلقى إغتباطاً خلة وخليل

عروضه من الطويل والغناء لعلية.

حدثني أبو عبد الله أحمد بن الحسين الهشامي قال: قالت علية في طل وصحفت إسمه في هذا الشعر وغنت فيه:

سلم على ذاك الغزال

الأغيد الحسن الدلال

سلم عليه وقد له

يا غل ألباب الرجال

خليت جسمي ضاحياً

وسكنت في ظل الحجال

وبلغت مني غاية

لم أدرِ فيها ما إحتيال

الشعر والغناء لعلية خفيف رمل، وذكر غير هذا أن الغناء لأحمد بن المكي في هذه الطريقة.

أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني ميمون بن هروق عن محمد بن علي بن عثمان الشطرنجي أن علية كانت تقول الشعر في خادم لها يقال له رشا وتكني عنه، فمن شعرها فيه وكنّت عنه بزينب، وكانت مولعة به:

وجد الفؤاد بزينبا

وجداً شديداً متعباً

أصبحت من كلفي بها

أدعى سقيماً كنصبا

ولقد كتبت عن إسمها

عمداً لكي لا تغضبا

وجعلت زينب سترة

وكتمت أمراً معجبا

قالت وقد عزَّ الوصال

ل ولم أجد لي مذهبا

والله لا نلت المود

ة أو تنال الكوكبا

هكذا ذكر ميمون بن هرون وروايته فيه عن المعروف بالشطرنجي ولم يحصل ما رواه هذا الصوت شعره لأبن رهيمة المدني والغناء ليونس الكاتب ولحنة من الثقيل الأول بإطلاق الوتر في مجرى البنصر وهو من زيانيب يونس المشهرات وقد ذكرته معها، والصحيح أن علية غنت فيه لحناً من الثقيل الأول بالوسطى.

حكى ذلك إبن المكي عن أبيه وأخبرني به ذكاء عن القاسم بن زرزور. أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني الحسين بن يحيى الكاتب أبو الجماز قال: حدثني عبيد الله بن العباس الربيعي قال: لما علم من عليه أنها تكنى عن رشا بزينب قالت:

القلب مشتاق إلى ريب

يا ربما هذا العيب

قد تيمت قلبي فلم أستطع

إلا البكايا عالم الغيب

خبأت في شعري إسم الذي

أردته كالخبء في الجيب

قال: وغنت فيه لحناً من طريقة خفيف الرمل الأول فصحفت إسمها في ريب، قال: وكانت لأم جعفر جارية يقال لها طغيان فوشت بعلية إلى رشا وحكت عنها ما لم تقل فقالت علية:

لطغيان خف من ثلاثين حجة

جديد فلا يبل ولا يتخرق

وكيف بلا خف هو الدهر كله

على قدميها في الهواء معلق

فأخرقت خفاً ولم تبلِ جورباً

وأما سراويلاتها فتمزق

قال: وحلف رشا أن لا يشرب النبيذ سنة فقالت:

قد تبت الخاتم في خنصري

إذ جاءني منك تجنيك

حرمت شرب الراح إذ عفتها

فلست في شيء أعاصيك

فلو تطوعت لعوضتني

منه رضاب الريق من فيك

فيازينباً قد أرقت مقلتي

أمتعني الله بحبيك

غنت فيه علية هزجاً.

أخبرني جحظة ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا ميمون بن هرون قال: حدثني الحسين بن إبراهيم بن رياح قال: قال لي محمد بن إسمعيل بن موسى الهادي: كنت عند المعتصم وعنده مخارق وعلوية ومحمد بن الحرث وعقيد فتغنى عقيد وكنت أضرب عليه.

وقال:

نام عذالي ولم أنم

وأشتفى الواشون من سقمي

وإذا ما قلت ألمٌ

شك من أهواه في ألمي

فطرب المعتصم وقال: لمن هذا الشعر والغناء فأمسكوا، فقلت لعلية، فعرفت غلطتي وأن القوم أمسكوا عمداً، فقطع بي وتبين حالي فقال: لا ترع يا محمد فإن نصيبك فيها مثل نصيبي.

الغناء لعلية خفيف رمل وقد قال قومٌ أن هذا اللحن للعباس بن أشرس الطنبوري مولى خزاعة وأن الشعر لخالد الكاتب.

أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني أحمد بن يزيد قال: حدثني أبي قال: كنا عند المنتصر فغناه بنان لحناً من الرمل الثاني وهو خفيف الرمل.

وقيل:

يا ربة المنزل بالبرك

وربة السلطان والملك

تحرجي بالله قتلنا

لسنا من الديلم والترك

ص: 110

فضحكت فقال لي: ممّ تضحك، قلت من شرف قائل هذا الشعر وشرف من عمل اللحن فيه وشرف مستمعه، قال: وما ذاك، قلت: الشعر فيه للرشيد والغناء لعلية بنت المهدي وأمير المؤمنين مستمعه.

فأعجبه ذلك وما زال يستعيده.

حدثني إبراهيم بن محمد بن بركشة قال: سمعت شيخاً يحدّث أبي وأنا غلام فحفظت عنه ما حدثه به ولم أعرف إسمه قال: حدثني إسحق بن إبراهيم الموصلي قال: عملت في أيام الرشيد لحناً وهو:

سقياً لأرض إذا نمت نبهني

بعد الهدّو بها قرع النواقيس

كأن سوسنها في كل شارقة

على الميادين أذناب الطواويس

قال: فأعجبني مراراً وعملت على أن أباكر به الرشيد فلقيني في طريقي خادم لعلية بنت المهدي فقال: مولاتي تأمرك بدخول الدهليز لتستمع من بعض جواريها غناء أخذته عن أبيك وشكّت فيه الآن، فدخلت معه إلى حجرة قد أفردت لي كأنها كانت معدة فجلست وقدّم لي طعام وشراب فنلت حاجتي منهما.

ثم خرج خادم فقال لي: تقول لك مولاتي أنا أعلم أنك قد غدوت إلى أمير المؤمنين بصوت قد أعددته له محدث فاسمعنيه ولك جائزة سنية تتعجلها، ثم ما يأمر به لك بين يديك ولعله لا يأمر لك بشيء ولا يقع الصوت منه بحيث توخيت فيذهب سعيك باطلاً. فأندفعت فغنيتها إياه ولم تزل تستعيده مراراً، ثم أخرجت إلي عشرين ألف درهم وعشرين ثوباً وقالت: هذه جائزتك، ولم تزل تستعيده مراراً.

وقال إسمعيل بن عمار يخاطب إحدى الجواري:

هل من شفاء لقلب لج محزون

صب يغيب إلى ريم إبن رامين

إلى ربيحة إن الله فضلها

بحسنها وسماع ذي أفانين

وهاج قلبي منها مضحك حسن

ولثغة بعدرائي وفي سين

نفسي تأبى لكم إلا طواعية

وأنت تأبين لوماً أن تطيعيني

وتلك قسمة ضيزى قد سمعت بها

وأنت تتلينها ما ذاك في الدين

إن تسعفيني بذاك الشيء أرضَ به

وإن ضننت به عني فعينيني

أنت الطبيب لداء قد تلبس بي

من الجوى فأنفثي في فيّ وأرقيني

نعم شفاؤك منها أن تقول لها

أضنيتني يوم دير الملح فأشفيني

يا ربُ إن إبن رامين له بقرٌ

عينُ وليس لنا إلا البراذيني

لو شئت أعطيته مالاً على قدر

يرضى به منك عين الربرب العين

لا أنس سعدة والزرقاء يوم هما

بالبلح شرقية وق الدكاكين

يغنيان إبن رامين على طرب

للمسجعي تشتيت المحبين

أذاك أنعم أم يوم ظللت به

فراشي الورد في بستان شورين

يشوي لنا الشيخ شورين دواجنه

بالجرد تاجٍ وشجاع الشعانين

تسقي طلاء لعمران يعقبه

يمشي الأصحاء منه كالمجانين

تنزل أقدامنا من بعد صحتها

كأنها ثقلاً تقلعن من طين

نمشي وأرجلنا مطوية شللاً

مشي الأوز التي تأتي من الصين

أو مشي عميان عمٌ لا دليل لهم

سوى العصي إلى يوم السعانين

في فتية من بني تيم لهوت بهم

تيم بن مرة لا تيم العديين

حمر الوجوه كانا من تحشمنا

حسناء شمطاء وافت من فلسطين

يا عائذ الله لولا أنت من شجتي

لولا إبن رامين لولا ما يمنيني

في عائذ الله بيت ما مررت به

إلا وجئت على قلبي بسكين

يا أسد القبة الخضراء أنت لنا

أنس لأنك في دار إبن رامين

ما كنت أحسب الأسد تؤنسني

حتى رأيت إليك القلب يدعوني

لو لاك تؤنسني بالقرب ما بقيت

نفسي إليك ولو مثلت من طين

وقال أحد الشعراء:

أشارت طرف العين خيفة أهلها

إشارة محزون ولم تتكلم

فأيقنت أن الطرف قد قال مرحباً

وأهلاً وسهلاً بالحبيب المسلم

وأبرزت طرفي نحوها لأجيبها

وقلت لها قول إمريء غير مفحم

هنيئاً لكم قتلي وصفو مودتي

وقد سيط في لحمي هواك وفي دمي

ص: 111

لأحدهم:

يا هند أن الناس قد أفسدوا

ودك حتى عزني المطلب

يا ليت من يسعى بنا كاذباً

عاش مهاناً في أذى يتعب

شبيه ذنباً كنت أذنبته

قد يفغر الله لمن يذنب

وقد شجاني وجرت دمعتي

إن أرسلت هند وهي تعتب

ما هكذا عاهدتنا في منى

ما أنت إلا ساحرٌ تخلب

حلفت لي بالله لا نبتغي

غيرك ما عشت ولا نطلب

*

ص: 112