المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌72 - باب التقاء الساكنين - المساعد على تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ابن عقيل]

الفصل: ‌72 - باب التقاء الساكنين

‌72 - باب التقاء الساكنين

(لا يلتقى ساكنان فى الوصل المحض، إلَاّ وأوَّلهما حرف لين، وثانيهما مدغمٌ متصلٌ لفظاً) - فخرج بالوصل الوقف، فيلتقى الساكنان فيه، سواء كان أولهما حرفَ لين نحو: يضربُونْ، أو غيره نحو: ضَرْبْ. وخرج بالمحض، ماأجرى فيه الوصل مجرى الوقف، كقراءة نافع:"ومَحْياىْ ومماتى" بتسكين ياء محياى؛ ودخل فى اللين نحو: دَابّه، وخُوَيْصَه، وخرج: زَيْد.

(أو حُكماً) - نحو: اضْربُنَّ، واضْربِنَّ، والأصل: اضربون واضربين.

(وربما فُرَّ من ذلك) - أى من التقاء الساكنين.

(بجعل همزة مفتوحة بدل الألف) - قال أبو زيد: سمعت عَمْرو ابن عبيد يقرأ: "فيومئذ لا يُسأل عن ذنبه إنْسٌ ولا جأَنٌ"، فظننت انه قد لحن، حتى سمعت العرب تقول: دَأبَّة وشأبَّه؛ وقرأ أيوب

ص: 334

السّختياني: "ولا الضَّألّين" وقالوا: إنه لا ينقاس إلَاّ فى ضرورة الشعر.

(فإن لم يكن الثانى مدغماً متصلاً حذف الأول، إن كان ممدوداً) - نحو: "وقيل: ادخلا النار"، "أفى الله شك"؟ "يقولوا التى هى أحسن"، بحذف الألف والياء والواو؛ فإن كان الساكن الثانى مدغماً، فقد حكى فيه الوجهان، نحو: هالله لأقومنَّ، وغلامِى الرجلُ ضربه.

(أو نون توكيد خفيفة) - نحو: اضربَ الرجلَ، أى اضربَنْ.

(أو نون لدن) - نحو: ما رأيته من لدُ الصباح، بحذف النون.

(غالباً) - استظهر به ما جاء من كسرها قليلا، نحو:

(188)

تنتهضُ الرَّعدةُ فى ظُهَيْرى مِنْ لَدُنِ الظهر إلى العُصَيْر

(فإن كان غيرهنَّ) - أى غير ممدود، أو نون توكيد خفيفة، أو نون لَدُنْ.

ص: 335

(حُرَّكَ) - أي الأول نحو: اضربِ الرجلَ.

(إلَاّ أن يكون الثانى آخر كلمة، فيُحرَّك هو) - أى الآخر نحو: أينَ وأمسِ وحيثُ.

(مالم يكن تنويناً، فيًحرَّك الأوّل) - نحو: إيهٍ وصِهٍ وحينئذٍ.

(وربما حًذف الأول، إن كان تنويناً) - كما روى عن أبى عمرو:

"أحَدُ، اللهُ الصَّمدُ" بحذف التنوين؛ وكقراءة عمارة بن عقيل: "ولا الليلُ سابقُ النهارَ"، حذف التنوين ونصب النهار؛ وقال الجرمىّ: حذف التنوين لالتقاء الساكنين، مطلقاً، لغة. انتهى.

ويطرد حذف التنوين للالتقاء فى الندبة، كقولك فى ندبة غلام زيدٍ: واغلامَ زيداه! . على رأى البصريين، والأصل كسر التنوين لالتقائهما، نحو: مررت بزيدٍ الظريف؛ ومن العرب من يضم إتباعاً، إذا كان ما بعد الساكن مضموماً ضماًّ لازماً، نحو: هذا زيدٌ اخْرُجْ له؛ فإن كان الضم عارضاً، فالكسر، نحو: هذا زيدٌ ابنُكِ.

ص: 336

(وأُثبت إن كان ألفاً) - كقولهم: التقتْ حلقتاَ البِطان، بثبوت الألف، والجيدُ حذفُها؛ وقالوا فى القسم: ها الله، وإى الله، بحذف الألف والياء، على القياس، وبإثباتهما على الشذوذ. وعلم من هذا، ان الإِثبات لا يختص بالألف، كما ذكر؛ لكن إذا حُمل هذا على ما إذا كان الساكن الثانى غير مُدغم، كما يدلّ عليه كلامُه، لم يرد هذا هنا، وكان داخلاً فيما يذكره من بعد؛ وعُلم مما ذكرناه فى المسألة التى قبل هذه، أن الحذف فى الموضعين ليس على السواء، بل الثانى شاذ، والأول قليل؛ بل هو لغة، ويطرد فى بعض المواضع.

(ويتعيَّن الإِثباتُ، إن أوثر الإِبدالُ على التسهيل فى نحو: آلغلامُ فعلَ؟ ) - فإذا دخلت همزة الاستفهام على ما فيه آلْ، فللعرب مذهبان، قُرئ بهما فى السبعة؛ أحدهما: إبدال همزة الوصل ألفاً، فتقول: آلغلام؟ فيلتقى ساكنان؛ والثانى: تسهيلُها، أى جعلها بينَ بين؛ وإنما أبدلوا أو سهلوا دفعاً للالتباس بالخير، وكان القياس الحذف، لتحرك ما قبل همزة الوصل، نحو: قال الغلام، لكن فعلوا ذلك لذلك، والإِبدال أقيس، لزوال صورة الهمزة، وأما التسهيل فهو كبقائها، فإنها عند البصريين متحركة.

(وربما ثبت الممدود، قبل المدغم المنفصل) - نحو:

ص: 337

"عنهو تلَهىَّ"، "وما لكم لا تناصرون"؟ وذلك لأن التشديد عارض.

(وقبل الساكن العارض تحريكه) - فإذا قلت: يغزو الأحمر، ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام، فإنك تحذف أيضا الواو، وربما ثبتت، فتقول: يغزو لَحْمَر، نظراً إلى ما عرص من الحركة؛ وقد قال بعض العرب: رماتِ المرأةُ، بإثبات الألف، لما عرض للتاء من الحركة، وأنشد الكسائى:

(189)

يا حبُّ قد أمْسَيْنا ولم تنامِ العَيْنآ

أثبت الألف، لما حرَّك الميم لالتقاء الساكنين؛ وفيه شاهد آخر، وهو حذف نون المثنى بلا سبب غير الضرورة.

(وأصل ما حُرَّك منهما الكسر) - أى من الساكنين، الأول أة الثانى، وإنما قال: ما حُرَّك، لأنه قد لايحرك، بل يُحذف، كما سبق؛ وفى البسيط: الكسر أصلٌ، قال النحويون، ويُحرَّك بغيره لوجهٍ ما؛ ويجوز كون الفتح الأصل، لأن الفرار من الثقل، والفتح أخفّ؛ وكونه لا أصل فى التقاء الساكنين لحركة، بل تقتضي وجود

ص: 338

التحريك، وتعيين الحركة يكون لوجوه تخصّ.

(ويُعدَل عنه) - أى عن الكسر تخفيفاً، نحو: أين وكيف، لأنهم لو كسروا لثقل لأجل الياء، ومنه:"المَ اللهُ" بفتح الميم، وقال أبو الحسن: الكسر فيه جائز، على الأصح؛ ولم يسمع أحدٌ فيه الكسرَ ولا قُرئ به؛ وحكى قطرب:"قُمَ الليلَ"، واضْربَ الرجلَ، بالفتح، مطرداً فيما كان ثانيه لام التعريف.

(أو جَبْراً) - نحو: قبلُ وبَعدُ؛ لما حذف المضاف وبُنيا، جُعل بناؤهما على حركة لم تكن لهما عند الإِعراب، وهى الضمة، جبراً لما حصلَ، فلا يلبس حال البناء بحال الإِعراب.

(أو إتباعاً) - نحو: مُنْذُ، ضُمَّت الذالُ إتباعاً للميم؛ وإذا ضُمَّ ثانى الساكنين ضمةً لازمة، جاز مع الكسر للالتقاء، الضم للإِتباع نحو:"قل ادعوا الله"، و "فتيلا، انظر" قُرئ بالضم واكلسر؛ وحكى أبو بكر، أن بعض العرب يقول: ادخُلُ الدارَ، بالضم، لضم الخاء، قال: وهو ردئ لِلَّبس؛ وحكى عن قوم من

ص: 339

النحويين إجازة الإِتباع فى المفتوح نحو: اصنَعَ الخيرَ، قياساً على أين وكيف؛ وقالوا: إنهما فُتحتا إتباعاً.

(أو رَدًّا للأصل) - نحو: مُذُ اليوم، أصله: مُنذُ، حذفت نونُه، وبنى على السكون، فلما التقى الساكنان، حُرَّك، وضُمَّتَ الدال، لأن الضمة كانت لها فى الأصل.

(أو تجنباً للبس) - كتاء الخطاب فى أنت، وكافه فى ذاك وذلك، لأن أصل الحرف الجائى لمعنى، يلحق آخر الكلمة السكون، كالتنوين ونون التوكيد، فأصل التاء والكاف المذكورين السكون، ففتحتا لئلا يلتبس المذكر بالمؤنث.

(أو حملاً على نظير) - مثل: نَحنُ، لم يُكسر لالتقاء الساكنين، بل بُنى على الصم، حملاً على هُمُ، فالحركة فى نَحنُ كالواو فى نظيره وهو: هُمُ.

(أو إيثاراً للتجانس) - وذلك فى اسْحارَّ ونحوه، إذا سمى به وزُخَّم، فإن آخره يبقى راء ساكنة، وقبلها ساكن وهو الألف، فلابد من الحركة، فتحرك الراء بالفتح، مجانسةً للألف، ولأقرب متحرك إليه.

ص: 340

(فصل): (تُفتح نون مِنْ مع حرف التعريف) - نحو: مِنَ القوم.

(وشبهه) - نحو: مِنَ الْيزيد، فاَلْ فيه زائدة لا معرفة، وكذا مِنَ الَّذى ونحوه، إن قيل: إن تعريفه بالصلة.

(وربما حُذفت) - أى مع اَلْ؛ وشرطُه أن لاتكون اللام مدغمة، فلا يُقال فى: من الظالم: م الظالم؛ ونظيره نون بنى، لاتحذف فى مثل: بنى النجار، بخلاف الحارث، فتقول: بَلْحَارث، ومن حذف نون مِنْ:

(191)

ليس بين الحىَّ والمَيْتِ سَببْ

إنما لَلحىّ مِلْمَيْتِ النَّصَبْ

وهو كثير جدا، فينبغى جوازه فى السعة، ولا يخص بالضرورة، كما قال ابن عصفور وغيره، ولا يحكم بقتله، كما يقتضيه كلام المصنف؛ وشذَّ حذفها مع لام التعريف المدغمة في قوله:

ص: 341

(192)

المطعمين لدى الشتاء سدائفاً

مِلْنِيب غَرّا. . .

لكنه حين حذف أظهر لام التعريف.

(وتُكسر) - أى نون مِنْ.

(مع غيره) - أى مع ساكن غير لام التعريف، نحو: من ابنك، ومن انطلاقك.

(والكسر معه) - أى مع لام التعريف.

(أقل من الفتح مع غيره) - أى مع ساكن غير لام التعريف؛ فمنِ الغلام، بالكسر، أقل من الفتح فى: منَ ابنِك.

(وتكسر نون عن، مطلقاً) - أى مع لام التعريف نحو: عَنِ القوم؛ ومع غيره نحو: عن ابنك.

(وربما ضُمت مع حرف التعريف) نحو: عَنُ القومِ، حكاه الأخفش، ولا وجه له مِن القياس.

(وتُضَم الواو المفتوح ما قبلها) - يخرج المضموم ما قبلها، نحو: اقتلُوا الرجل، وارمُوا الغلام؛ فإنها لا يُنْطق بها.

ص: 342

(إن كانت للجمع) - نحو: اخْشَوُوا الناس.

(وإلَاّ كُسِرت) - أى وإن لم تكن للجمع نحو: "لوِ استطعنا".

(وقد ترد بالعكس) - فتكسر التى للجمع نحو: اخشَوِ الناس، وقياسه أن يقال: اخشَوِنَّ؛ ولم يحكه سيبويه، وحكاه غيره عن قوم من العرب، وهو قليل؛ وتضم الأخرى، ومنه قراءة الأعمش وابن وثاب:"لوُ اطلعتَ عليهم"، وذكر ذلك عن نافع وأبى جعفر أيضا.

(وربما فُتحت) - حكاه الأخفش وقطرب، ومنه قراءة يحيى ابن يعمر وغيره:"اشتروَا الضلالة" بالفتح.

(وتُحذف نون لكن للضرورة) - ثبت هذا فى نسخة عليها خطه، ومنه:

(193)

فلستُ بآتيه ولا أستطيعه ولاكِ اسقنى إن كان ماؤكَ ذا فضل

ص: 343

أي ولكن، فحذف ضرورة، لالتقاء النون ساكنة، مع سين اسقنى.

(فصل): (استصحب بنو تميم إدغام الفعل المضعَّف اللام، الساكنها جزماً) - نحو: لم يُردّ، ولم يبَرّ، ولم يَفِرّ. وقوله: بنو تميم، يقتضى أن غيرهم لايدغم، والمنقول أن أهل الحجاز لايدغمون، وغيرَهم من بنى تميم وغيرِهم يدغم.

(ووقفاً) - نحو: رُدَّ يازيد، وبَرّ، وفِرّ. وأورد عليه: اردًدْنَ، فهذا مضاعف اللام، وقد سكن آخرُه وقفاً، ولا يدغمه بنو تميم.

(فى غير أفْعِل تعجُّباً) - تحرَّز من نحو: أَشْدِدْ بحُمرة كذا، فإن العرب مجمعون على الفكَّ فيه.

(والتزموا فتحَ المدغم فيه فى: هَلُمَّ مطلقاً) - أى التزم بنو تميم، فيفتحون فى: هَلُمَّها، وهَلُمَّه، وهَلُمَّ الرجل، وهو المراد بقوله: مطلقا، أى مع ها الغائبة، وهاء الغائب، وقبل الساكن، ولا يريد أنها تفتح دائماً، فإنها تكسر فى: هَلُمَّى، وتُضم فى: هَلُمُّوا؛ وحكى الجرمىّ: هلمّ بالفتح والكسر عن بعض بني تميم؛

ص: 344

وهَلُمَّ عند عير بنى تميم من الحجازيين وغيرهم اسمُ فعل، فلا تكون إلَاّ مفتوحة الميم، فإن الياء والواو لايتصلان بها حينئذ.

(وفى غيرها) - أى والتزم بنو تميم فى غير هلم، فتح المدغم فيه.

(قبل ها غائبة) - نحو: لم يَرُدَّها، ولم يَبرَّها وبَرَّها، ولم يُقرَّها وأقِرَّها.

(وضمَّه) - أى ضم المدغَم فيه، فى المضموم الفاء قبل هاء غائب، نحو: لم يَرُدُّه، ورُدُّه.

(وربما كسر) - نحو: رُدَّه، على رأى، هو رأى الأكثرين، قال ثعلب فى الفصيح: ازْرُرْ عليك قميصك، وزُرُّه، وزُرَّه، وزُرَّه مثل: مُدَّ ومُدَّ ومُدُّ، وغلطه بعضهم فى إجازة الثلاثة، وظاهر قول سيبويه، ماذكر ثعلبي؛ وفى الإِفصاح: حكى الكوفيون: رُدّها بالضم والكسر، ورُدّه بالكسر والفتح؛ وقال الجرمىّ: وقد تركه قوم على ما كان عليه قبل لحاق الهاء المفتوحة والمضمومة، فلم يغيروا عما بنى عليه.

(ولا يُضَم قبل ساكن، بل يُكسر) - نحو: رُدَّ الرجل، ورُدَّ ابنك؛ وقال ابن كيسان: لغة قيس وتميم: رُدَّ القوم، بالكسر، وأنشد الخليل:

ص: 345

(194)

* ذُمَّ المنازل بعد منزلة اللَّوَى *

بالكسر.

(وقد يُفتحَ) - قال أبو على: منهم من يفتح من آلْ، فيقول:

(195)

* فَغُضَّ الطرف *

وقال سيبويه: الأفصحُ والأكثرُ الكسرُ، وذكر سيبويه أن الضمَّ مع آلْ ليس من كلامهم، وحكاه ابن جنبى، وهو قليل.

(وإن لم يتصل بشئ مما ذكر) - أى ها الغائبة، وهاء الغائب، والساكن.

(فُتح) - نحو: رُدَّ وفِرَّ وعَضَّ، وهى لغة أسد وناس غيرهم.

ص: 346

(أو كُسر) - نحو: رُدَّ وفِرَّ وعَضَّ، وهى لغة كعب وغنى؛ وأما، لم يُضارَّ، فلم يُحْكَ فيه إلَاّ الفتح، ولم يذكر سيبويه غيره؛ وأجاز الفراء كسره قياساً، ولم يحكِه لغةً.

(أو أُتبع حركةَ الفاء) - نحو: رُدُّ وفِرَّ وعَضَّ، وهو اكثر فى كلامهم.

(وفكَّ الحجازيون كلَّ ذلك) - فيقولون: لم يَردُدْ، ولم يَرْدُدْها وارْدُدْها ولم يَرْدُدْه وارْدُدْه، ولم يَرْدُد الرجل، واردُد الرجل؛ وأكثر ماجاء القرآن بالفكَّ، قال تعالى:"ولا تَمْنُنْ تستكثر"، "ومن يَحْلِلْ"؛ وجاء بالفكَّ والإِدغام فى السبعة:"ومَنْ يَرْتَدِدْ منكم".

(إلَاّ هَلُمَّ) - هذا استثناء منقطع، فإن كلامه فى الفعل، كما ذكر فى أول الفصل: وهَلُمَّ عند الحجازيين اسم فعل.

(والتزم غيرُ بكر الفكَّ قبل تاء الضمير) - نحو: ردَدْتُ

ص: 347

وردَدْتَ، وكذا الفروع نحو: ردَدْتِ وردَدْتُما وردَدْتُم وردَدْتُنَّ.

(وأخويه) - وفى نسخة عليها خطة، بدل هذا:

(ونُونيه المرفوعَين) - أى نُونَى الضمير، وهو تفسير لقوله:"أخويه"- أى أخوى تاء الضمير، وذلك نحو: ردَدْنا زيداً، والهندات ردَدْنَ زيداً؛ وقيْدُ المرفوعَين، سبق لأحدهما بالنسبة إلى الأخير، فإن نا يكون مع الفعل مرفوعاً ومنصوباً، ومع المنصوب الإِدغام مجمع عليه من بكر وغيرهم نحو: رَدَّنا زيدٌ، وهذا لايجئ فى نون الإِناث، فإنها لا تكون ضمير نصب. وبكر المذكورون هم بنو بكر بن وائل، أخى تغلب بن وائل؛ والذى نقله كثيرون، أن ناساً من بنى بكر بن وائل يدغمون، وكذا حكاه الخليل، لكن عزاه السيرافىّ وابن السرّاج إليهم فقالا: البكريون يفعلون كذا، وذكرا اللغة، فيقولون: رَدَّتُّه وردَّتَّه وردَّنَّ، وكذا ما أشبه ذلك؛ وهذا فى مالم يفكه العرب شذوذاً نحو: لحِحَتِ العينُ؛ فهذا لايدغمه بكر ولاغيرهم؛ وحكى الفراء أن بعض الذين يدغمون فيقولون: رّدَّتّ

ص: 348

ومَرَّتّ، يزيدون ألفاً فيقولون: رَدَّاتّ ومَرَّاتّ؛ ووجه لغة الإِدغام تقدير وجوده قبل التاء والنون، فلم يعتدّوا بدخولهما، بل أبقوا اللفظ على ما كان، ونظير هذا ماحكى الكسائىّ، عن عبد القيس، أنه سمع منهم: أُرُدّ ةإفِرّ وأغض، بهمزة الوصل مع الإِدغام، كأنهم لم يعتدوا بحركة ماقبل المدغم لعُروضها، واعتدَّ الفريقان معاً بالعارض هو لا بالحركة، وأولئك بالضمير.

(وحذفُ أوَّل المِثْلَين عند ذلك، لغةُ سليم) - أى عند اتصال التاء والنونين نحو: ظلْتُ ومسْتُ وأحسْتُ وهَمْتُ، وذكر سيبويه الثلاثة السابقة، وذكر ابن الأنبارىّ الرابعة، والأصل: ظللت ومسَسْتُ وأحسَسْتُ وهَممْتُ، وحذفوا تخفيفاً، وقالوا: ذلك فى ظللت ومسست على وجهين: أحدهما: نقل حركة العين إلى الفاء نحو: ظِلْت ومِسْت، بكسر الفاء؛ والثانى عدم النقل، فتبقى الفاء مفتوحة، كما كانت؛ ونص سيبويه على شذوذ هذا الحذف فى موضعين من الكتاب؛ وعلى أنه شاذ، كلام جمهور النحويين، وقال سيبويه، وقد ذكر الثلاثة السابقة: ولا نعلم شيئا من المضاعف شذَّ إلَاّ هذه الأحرف. انتهى.

ص: 349

والمصنف حكى أن ذلك لغة سليم؛ وقال ابن جنى: إن كسر الظاء من ظلْت، لغة الحجاز، وفتحها لغة تميم، ولم يُقرأ فى السبعة إلَاّ بالفتح، قال تعالى:"فظَلْتُم تفكَّهُون"؛ وقال الخضراوى: زعم الفراء أن هذا قياس مستمر فى: رَدْتُ ومَرْتُ وهَمْتُ.

* * *

ص: 350