الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
75 - باب التصغير
ويقال أيضا: التحقير؛ ويكون لمعان: تحقير شأن الشئ، نحو: أعطنى دريهما، لا يريد الصغر، بل أعطنى قليللا، وتقليل ذاته، نحو: كليب، وكميته نحو: دريهمات، وتقريب زمانه نحو: قبيل وبعيد، أو مسافته نحو: فويق وتحيت، أو منزلته، نحو: صديقى؛ وقال الكوفيون: يأتى لتعظيم الشئ نحو:
فويق جبيل شامخ الرأس لم تكن
…
لتبلغه حتى تكل وتعملا
وحملوا على ذلك: صديقي وأخيي ونحوهما.
(يصغر الاسم المتمكن) - خرج الفعل والحرف،
فلا يصغران، لأن التصغير وصف في المعنى؛ وسمع تصغير أفعل تعجبا، ولا طرد على الصحيح، والمقصود في تصغيره تعظيم المعنى، مع الدلالة على صغر سن صاحبه، فلا يقال للكبير: ما أحيسنه! هكذا قيل، وفي ذكر التعظيم نزعة كوفية.
(الخالي من التوغل في شبه الحرف) - أخرج من وكم وأين ونحوها، وفيه احتراز عن أسماء الإشارة، فإنها لم تتوغل فيه، بل شابهت الأسماء المتمكنة، بكونها توصف ويوصف بها، فلذا جاء تصغيرها، كما سيأتى بيانه.
(ومن صيغ التصغر) - احترز من كميت وكعيت ونحوهما.
(وشبهها) - احترز من قليل، فلا يجوز تصغيره، لأن معنى التصغر فيه.
(ومنافاة معناه) - احترز من كبير وجسيم ونحوهما، ومن أسماء الله تعالى، فلا يصغر شئ من ذلك؛ وكذا الأسماء الواقعة على ما يعظم شرعا؛ ولا تصغر أيضا غير وسوى وسوى بمعناه، والبارحة وأمس وغد وقصر، بمعنى عشية، وما يعمل عمل الفعل، وفي
إعمال اسم الفاعل مصغرا، خلاف؛ ولا يصغر حسب وأحد وأخواته، وأسماء الشهور، وكل وبعض وأي، والظرف الذي لا يتمكن كذات مرة، والأسماء المحكية، وجمع الكثرة؛ وأجاز الكوفيون أن يصغر منها، ما له نظير في الآحاد، كما سيأتى، كرغيفان في رغفان، إذ هو كعثمان؛ ومذهب سيبويه وابن كيسان، أن أسماء الأسبوع لا تصغر، وأجاز الكوفيون والمازني والجرمي تصغيرها؛ وقيل إن قلت: اليوم السبت أو الجمعة، فرفعت اليوم، صغرت، وإن نصبت فلا، وقيل بالعكس،
(بضم أوله، وفتح ثانيه، وزيادة ياء ساكنة بعده) - أي بعد الثاني، نحو: دريهم ودنينير؛ وزعم الكوفيون وابن الدهان، أن الألف يجعل علامة للتصغير، كقولهم: هداهد في هدهد، ودوابة في دابة، ولم يثبت البصريون ذلك، وأجيب عن هداهد ودوابة، بأنهما موضوعان للتصغير، وليسا من التصغير.
(يحذف لها أول ياءين ولياها) - كقولك في هبيخ: هبيخ.
(ويقلب ياء ماوليها من واو، وجوبا إن سكنت) - نحو: عجيز في عجوز وكأن يبنى من القول اسما على سبطر، فتقول: قوول، فإذا صغرت قلت: قويل.
(أو اعتلت) - نحو: مقيم في مقام، وأصله: مقوم.
(أو كانت لاما) - نحو: غزى وغزية وعشية، في تصغير وغزوة وعشواء.
(واختيارا، إن تحركت لفظا في إفراد وتكسير) - نحو: أسود وأساود، وجدول وجداول، فتقول في التصغير: أسيد وجديل، بقلب الواو ياء، والإدغام، وهو القياس، وأسيود وجديول، بإقرار الواو، كما أقرت في الجمع؛ ولا فرق في ذلك بين الواو الأصلية والملحقة في كلمة رباعية، وأما الخماسية نحو: عطود، فسيبويه يجيز فيها: عطييد، بحذف الواو الساكنة، وقلب الرابعة ياء، والإدغام في ياء التصغير، وعطييد، بإدغام ياء التصغير في الواو الساكنة، وقلبها وقلب الرابعة ياء؛ والمبرد يعين هذا، ويقول في عثول، عند سيبويه: عثيل، بحذف اللام الساكنة وتقلب الواو ياء، وتدغمها في ياء التصغير، وإن شئت قلت: عثييل، وهما نحو: عتاول وعتاويل، وهو قول الخليل أيضضا، وهو المسموع من العرب، وقال المازني والمبرد: يجوز عثيل، كما قال سيبويه، ويجوز أيضا عثيلل، واختاراه، فيبقى اللامين، ويحذف الواو، لانها من الزوائد
للإلحاق، وتفضلها اللام بأنها تكرير أصل؛ وعلم من مسألتى عطود وعثول، أن ما ذكر المصنف، من جواز الوجهين في الواو المتحركة، إنما هو بالنسبة إلى التى للإلحاق، فيما إذا كانت في كلمة رباعية، وعلم أيضا من مسألة عطود، أن ما سبق من المصنف في الواو الساكنة، ليس على إطلاقه، بناء على ما سبق، من إجازة سيبويه الحذف نحو: عطيد.
(ولم تكن لاما) - احترز من كروان، فإنهم قالوا في الجمع: كراوين، ومع هذا، لا يقال في التصغر إلا كريان أو كريين، بقلب الواو والإدغام، والقولان عن أبي على، وكأنهم لم يعتدوا بكراوين لشذوذه، وقال بعض المتأخرين من المغاربة: تقول في تصغير كروان: كريوين، لقولهم في الجمع: كراوين.
ويتعلق بالواو الواقعة بعد ياء التصغير متحركة، مسألة أحوى، فإن صغرته على لغة الإضهار قلت: أحيو، وتنوينه تنوين العوض، ويعرب كأعيم، أو على لغة الإدغام، قلت عند أبي عمرو: أحى، وتحذف الياء الساكنة رفعا وجرا، وتشبيها بياء أعيم، وتثبتها نصبا فتقول: رأيت أحيي، كما تقول: أعيمى؛ وتقول عند عيسى بن عمر
أحي، بحذف الياء الأخيرة، والصرف، نحو: هذا أحى، ورأيت أحيا، ومررت بأحى، وإنما صرف لنقصان البناء؛ وتقول عند يونس: أحى، بحذف الياء الأخيرة، وترك الصرف، لوجود الزيادة في أوله، كما في يضع، علما، وهو اختيار سيبويه والمبرد.
(ويجعل المفتوح للتصغير، واوا، وجوبا، إن كان منقلبا عنها) - فتقول في مال وريح وريان وقيمة: مويل ورويح ورويان وقويمة؛ وشذ في عيد: عييد، وقياسه: عويد، وهذا كما قالوا في الجمع: أعياد، وقياسه: أعواد، وأبدلوا الواو ياء لزوما فيه، فرقا بين تصغيره وجمعه، وتصغير عود وجمعه.
(أو ألفا زائدة) - فتقول في ضارب وكاهل وقاصعاء وخاتام وهابيل: ضويرب وكويهل وقويصعاء وخويتيم وهويبيل.
(أو مجهولة الأصل) - نحو: صاب وعاج، فتقول: صويب وعويج.
(أو بدل همزة تلى همزة) - نحو: رجل آدم، هو أفعل من الأدمة، فتقول في تصغيره: أويدم.
(وجوازا مرجوحا، إن كان ياء) - نحو: بيت وشيخ، أجاز الكوفيون إقرار الياء نحو: بييت وشييخ، وقلبها واوا نحو: بويت وشويخ؛ وحكوا عن العرب: بويضة؛ والتزم البصريون الأول، وجعلوا بويضة شاذا، وعند إقرار الياء، يجوز ضم الأول وكسره، والضم أحسن. وكلامه يشمل الياء التى ليست عينا، كياء ميت، مخففا من فيعل، يقتضى جواز: مييت ومويت، والنقل عن الكوفيين، القلب في العين، وعلى هذا يتعين على القولين، الياء.
(أو منقلبا عنها) - فتقول عند الكوفيين في ناب للسن: نييب ونويب، وعند البصريين: نييب لا غير؛ وقالت العرب في المسنة من الإبل: نويب، فهو عند البصريين شاذ، من جهة قلب الياء، ومن جهة سقوط التاء، وعند الكوفيين شذوذه من جهة الثانية فقط؛ وناب السن مذكر، يقال: نبت نابه، وناب المسنة مؤنث.
(وللمجموع على مثال مفاعل أو مفاعيل، من هذا الجعل الواجب، ما للمصغر) - فيقلب فيهما إلى الواو، على الحد المذكور ف التصغير، فتقول في ضاربة: ضوارب، وفي خاتام: خواتيم، وفي آدم: أوادم، وفي ميزان: موازيين.
(ويكسر ما ولى ياء التصغير، غير آخر) - فتقول في درهم: دريهم، وإن كان مكسورا أقر على كسرته، كزبيرج في زبرج، كما يقال في شرب: إنها كسرة المبنى للفاعل، ويحتمل كونها فيهما
متجددة، بعد حذف تلك، كالضمة في: يامنص، مرخما، على لغة من لا ينتظر؛ هكذا قيل، وفيه بحث؛ واستثنى الآخر، لأنه مشغول بحركة الإعراب، فلم يمكن كسره.
(ولا متصل بهاء التأنيث) - فان كان متصلا بها فتح، نحو: نميرة، والإ كسر نحو: دحيرجة.
(أو اسم منزل منزلتها) - فيفتح المتصل به كبعيلبك بفتح اللام، لأن العجز من هذا المركب، كتاء التأنيث من المؤنث.
(أو ألف التأنيث) - نحو: حبيلى في حبلى.
(أو الألف قبلها) - نحو: حميراء؛ وخرج ما كان متصلا بألف إلحاق، أو بألف قبلها، فإنه يكسر، فتقول في علقى وعلباء: عليق وعليبى.
(أو ألف أفعال، جمعا أو مفردا) - ثبت قوله: جمعا أو مفردا
في نسخة الرقي، فالجمع نحو: أثياب في أثواب، اجيمال في أجمال، وأما مفرد أفعال، فلا يكون أصلا، لفقده في المفردات، فلو سميت بأجمال لقلت: أجيمال، كحالة الجمع.
(أو ألف ونون مزيدتين) - كسكران فتقول: سكيران، فإن كانت النون أصلية كحسان من الحسن، كسرت ما قبل الألف، فتنقلب ياء، فتقول حسيسين.
(لم يعلم جمع ما فيه على فعالين) - كسكران وعثمان، فلم يقولوا في الجمع: سكارين ولا عثامين؛ وقيل لبعض العرب: كيف يجمع عثمان؟ فقال: عثمانون. فقيل له: عثامين. فقال: أيش عثامين؟ على جهة الإنكار.
فإن علم ما ذكر، كسرحان وسلطان، قيل: سريحين وسليطين، بكسر ما قبل الألف، فتقلب ياء، وكذا كروان، إن لم يجعل كراوين شاذا، فتقول: كريوين، وهو أحد قولى الفارسي، كما سبق؛ وفهم من كلامه أنه إذا لم يعلم ذلك، لم يكسر ما قبل الألف، إلحاقا بالباب الأكثر، وهو باب سكران.
(دون شذوذ) - احترز من جمعه كذلك شذوذا، كغراثين في غرثان وأناسين في إنسان، فهذان شاذان، فلا يعتد بهما، فلا يقال: غريثين ولا أنيسين.
(إلا في حال لا يصغر فيها) - احترز من عقبان، فإنه قيل فيه: عقابين في الجمع، فصدق في عقبان أن فيه ألفا ونونا مزيدتين، وقد جمع على فعالين، لكن حاله ينافى التصغير، لكونه جمع كثرة، وجمع الكثرة لا يصغر على لفظه، بل يرد إلى جمع القلة، فلولا هذا، لكان قياسه إذا صغر على لفظه: عقيبين؛ هكذا قيل؛ وفيه نظر.
(ويتوصل إلى مثال فعيل ف الثنائي، برد ما حذف منه، إن كان منقوصا) - سواء أكان المحذوف فاء كعدة، أم عينا كسه، أم لاما كيد، فتقول، وعيدة وستيه، ويدى؛ وتقول في سنة: سنية وسنيهة، على اللغتين؛ والمراد بمنقوص، ما نقص منه حرف، على وجه المذكور، لا المنقوص اصطلاحا.
(وإلا فإلحاقه بدم، أولى من إلحاقه بأف) - أي وإلا يكن منقوصا، أي محذوفا منه، بل هو ثنائي بالوضع، كمنوعن، فالذي جزم به المغاربة، أنه عند التصغير، يجعل من المحذوف لامه، وأنه حرف علة، إدخالا في الباب الأكثر، ثم منهم من يقول:
اللام إما ياء أو واو، ومنهم من يعين الياء، لكونها أكثر من الواو، فيقول في من اسمه: من أو عن: منى أو عنى، وهذا هو معنى قوله أن يلحق بدم، وكلامه محتمل للقولين؛ وزاد المصنف وجها آخر، وهو جعل المحذوف من لفظ الثانى، فتقول: منين وعنين، كما تقول في تصغير أف: أفيف.
(ولا اعتداد بما فيه من هاء تأنيث) - كعدة وشفة.
(أو تائه) - كأخت وذيت، فلا يصير بذلك ثلاثيا، بل هو ثنائى، يرد إليه ما حذف منه، فتقول: وعيدة وشفيهة وأخية وذيية.
(وتزال ألف الوصل مما هى فيه) - وذلك لأن ثاني المصغر متحرك، فلا حاجة إليها، فتقول في اسم وانطلاق واستضراب: سمى ونطيليق وتضيرب؛ وحكى الفارسي عن ثعلب، أنه قال في تصغير اضطراب: أضيرب؛ حذف الطاء لكونها بدل تاء الافتعال، أبقى الهمزة، لأنها فضلتها بالتقدم.
(إن تأتي فعيل بما بقى من منقوص، لم يرد إلى اصله) - نحو: هار وميت وخير، فتقول: هوير ومييت وخيير.
(وما شذ رده، لم يقس عليه، خلافا لأبي عمرو) - وحكى يونس أن بعضهم يقول في هار، هويئر، وعند سيبويه أنه من تصغير ما لم ينطق به، كرويجل في رجل؛ وحكى يونس عن أبي عمرو أنه كان يجيز هنا رد المحذوف، وقال به يونس أيضا، ورد يبويه وقال: لا يجوز، واحتج بقول العرب كلهم: نويس.
(ويتوصل إلى مثال فعيعل أو فعيعيل، فيما يكسر على مثال مفاعل أو مفاعيل، بما توصل إليهما فيه) - فكما تقول في خدب: خداب، وفي بهلول: بهاليل، وفي عطود: عطاود وعطاويد، كذلك تقول في التصغير: خدييب وبهيليل وعطييد.
(وللحاذف فيه) - أي في التصغير.
(من الترجيح والتخير، ما له في التكسير) - فتقول في عيطموس: عطيميس، كما تقول: عطاميس، وفي منطلق: مطيليق، كما تقول: مطاليق، وفي استخراج: تخيريج، كما تقول: تخاريج، وتقول في حبنطى: حبينط وحبيط، كما تقول حبانط
وحباطي، وفي عفرنى: عفيرن، وعفير، كما تقول: العفارن والعفارى.
(إلا أن هاء التأنيث، وألفه الممدودة، وياء النسب، والألف والنون المزيدتين بعد أربعة أحرف فصاعدا، لا يحذفن في التصغير) - فتحذف الهاء المذكورة للتكسير نحو: دحارج في دحرجة، دون التصغير، فتقول: دحيرجة، وكذا ألفه الممدودة، فتقول في الجمع: قواصع، وفي التصغير: قويصعاء؛ وخرجت المقصورة، فلا تحذف فيهما نحو: حبالى وحبيلى؛ فإن كان قبل المقصورة أربعة فصاعدا نحو: قرقرى وشقارى، حذفت في الجمع والتصغير، فتقول: قراقر وشقاقر، وقريقير وشقيقير، وكذا ياء النسب، فتقول ف لوذعي، في الجمع: لواذع، وفي التصغير: لويذعي، وكذا عبوثران يجمع على عباثر، ولا تحذف في التصغير الألف والنون.
وقوله: بعد أربعة، قيد في الألف والنون فلو كانتا بعد ثلاثة أحرف، لم تحذفا في تكسير على مثال المثالين، ولا تصغير، فتقول في سرحان مثلا: سراحين وسريحين.
وقيد الزيادة أخرج النون الأصلية، كنون أسطوانة، على الصيح، فوزنها: أفعوالة، فتقول في الجمع: أساطين، وفي التصغير اسطينة، وقيل وزنها: أفعلانة كأملدان، وقيل: فعلوانة كعنفوان، وقولهم: مسطنة يبطلهما.
(ولا يعتد بهن) - أي بهاء التأنيث وما ذكر بعدها وكأنه إنما صغر دحرج وقاصع ولوذع وزعفر وعبوثر، لأن التاء وباقيها، ككلمة منفصلة -؛ وإنما حذفت في المثالين، لأنه لا يتوصل إليهما إلا بحذفها.
ومثل هذه في عدم الاعتداد في التصغير، عجز المركب، وعلامة التثنية، وعلامة الجمع الصحيح، فتقول: بعيلبك ومسيلمين ومسيلمين ومسليمات.
(وتحذف واو جلولاء وشبهها) - وهو براكاء وقريثاء، فتقول عند سيبويه: جليلاء وبريكاء وقريثاء، بحذف الواو والألف والياء، تشبيها بألف مبارك، وواو فدوكس، وياء سميدع؛ فلو لم تشبه الواو واو جلولاء، بأن كانت متحركة، كما لو فرض اسم على فعولاء كقرملاء، فتكون الواو للإلحاق، فتقول: فعيولاء، لأن الواو بحركتها، صارت مالأصلية، وهذا كما يقال في جدول: جديول، والواو فيه للإلحاق. واقتضى كلامه أن الواو لو كانت رابعة لم تحذف، وهو كذلك، فتقول في معلوجاء: معيليجاء.
(خلافا للمبرد) - في اقراره الواو والياء والألف، وتدغم ياء التصغير فيها، بعد قلب الواو ياء، فتقول: جليلاء وبريكاء وقريثاء، عامل ما فيه الألف الممدودة، معاملة ما فيه تاء التأنيث، فكما لا تحذف الثلاثة في تصغير فروقة ورسالة وصحيفة، لا تحذف في تصغير جلولاء وشبهه.
وحجة سيبويه، أن لألف الأنيث الممدود شبها بتائه وبالمقصورة، فبالحيثية الأولى، بقيت في التصغير، كما تبقى التاء، وبالثانية أسقطت الأحرف الثلاثة، لأنها كألف حبارى، فقيل: جليلاء، بالحذف، كما يقال: حبيرى كذلك، وبين أن الممدودة مخالفة للتاء، من وجه جعلهم الممدودة كالملحقة، فقالوا: صحراء وصحاري، كما قالوا علباء وعلابي، كما فعلوا في المقصورة ذلك، دون ما فيه التاء.
(ونحو: ثلاثين مطلقا، وظريفين علما، ملحق بجلولاء) -
هذا ثبت في نسخة الرقي، فتقول في التصغير عند سيبويه: ثليثين وظريفين وظريفين، وكذا ظريفات علما، فتحذف الألف والياء، كما حذفت واو جلولاء، لأن علامة التثنية وجمعى التصحيح، عند العلمية، كالأصل، فأشبه ما هما فيه، علامة التأنيث المشبهة بألف الإلحاق، وكذا الزيادة اللاحقة لثلاثين ونحوه، وإن لم يكن علما، لأنها لا تنفصل منها. قال سيبويه: وسألت يونس عن تصغير ثلاثين، فقال ثليثين، ولم يثقلها، شبهها بواو جلولاء، لأن ثلاثا لا يستعمل مفرده على حد ما يستعمل ظريف، وإنما ثلاثون بمنزلة عشرين. انتهى.
وخالف المبرد، فقال: أقول: ثليثين بالتثقيل، وهو القياس، وما قاله يونس خطأ. انتهى.
وحكى الفارسي أن ثليثين بالتخفيف، قول جميع العرب، وهذا يبطل قول المبرد في المسألتين. وقد عرفت معنى إطلاق المصنف القول ف ثلاثين، وأما تقييده في ظريفين، فلا بد منه، فلو صغرت مثنى أو جمع تصحيح، قبل العملية، وكان مثل المذكور لثقلت، فقلت: ظريفان وظريفون وظريفات، ولم تحذف كما حذفت في جلولاء؛ وقد سبق في كلام سيبويه، ما يرشد إلى الفرق.
(فصل): (يرد إلى أصله في التصغير والتكسير، على مثال مفاعل أو مفاعيل أو أفعال أو أفعلة أو فعال، ذو البدل
الكائن آخرا مطلقا) - أي سواء أكان حرف لين كملهى، أصله: ملهو، أم غيره كماء، أصله: ماه، والهمزة بدل الهاء، فتقول في التصغير: المليهى ومويه؛ وكذا يرد في الجمع على الصيغ المذكورة، نحو الملاهى والصحارى وأمواه وأسقية ومياه،
(فإن لم يكن آخرا، فيشترط كونه حرف لين، بدل غير همزة تلى همزة) - فتقول في موقن: مييقن، بقلب الواو ياء، لأنه من اليقين، إنما قلبت الياء فيه واوا، للسكون وانضمام ما قبلها، فلما زال السكون، ردت إلى الأصل، وتقول في قيراط: قريريط وقراريط، بالياء بدل الراء، فرجعت الياء في التصغير والجمع، والصورتان يشملهما قوله: حرف لن، بدل غير ما ذكر.
وفهم من كلامه، أن تخمة، وإن كانت التاء فيه بدل غير ما ذكر، لا يرد إلى أصله، لأن المبدل ليس حرف لين، فتقول: تخيمة بالتاء، لا وخيمة بالواو، وكذا أباب في عباب، فتقول فيه: أبيب، لا عبيب.
وخرج بقوله: غير كذا: أيمة، فتقول في تصغيره: أييمة
بالياء، وإن كانت الياء بدلا، لأنها بدل همزة تلى همزة، فلم ترد استثقالا للهمزة تتوالى؛ فإن كان حرف اللين بدل همزة لا تلى همزة، رددته إلى أصله، فلو سميت بذوائب، ثم صغرته، لقلت: ذؤيئب، بهمزة قبل ياء التصغير وبعدها، لأن الواو بدل همزة لا تلى همزة، وإنما قلبت في الجمع استثقالا، لاجتماع همزتين بينهما ألف، وهي تشبه الهمزة، فكان كاجتماع ثلاث همزات.
(وما ورد بخلاف ذلك، فمن مادة أخرى) - كقولهم: فسيطيط وفساتيط، فليست التاء بدل الطاء في فسطاط، وإنما هما مادتان، قالوا: فستاط بمعنى فسطاط.
(أو شاذ) - كقولهم في عيد: عييد وأعياد، والقياس: عويد وأعواد، لأنه من العود، وقالوا في ديماس وديباج: دياميس، وديابيج، ودماميس ودبابيج.
(ولا تغير تاء متعد ومتسر ونحوهما، خلافا لقوم) - والأصل: موتعد وميتسر، لأنهما من الوعد واليسر، فقلب حرف العلة تاء، لأجل تاء مفتعل، فلما صغر حزفت تاء مفتعل، لزيادتها، كتاء مكتسب، فزال موجب قلب حرف العلة تاء؛ فقال السيرافي: تبقى التاء، ولا ترد إلى الواو والياء، فتقول: متيعد ومييسر، كما تقول: تخيمة وتريث؛ وقالوا: إنه قول سيبويه، وهو ظاهر كلامه؛ وقال الزجاج ومن وافقه، ترد الواو والياء، فتقول: مويعد ومييسر، نظرا إلى زوال موجب وجود التاء؛ والراجح الأول، لئلا يلتبس، لو رد حرف العلة، بتصغير: موتعد وموتسر، فإن من العرب من يقولهما.
(وإن صغر ذو القلب أو كسر، فعلى لفظه لا أصله) - فتقول في أينق: أيينق وأيانق؛ وكذا جاه، يصغر على جويه، لا وجيه.
(فصل): (تلحق تاء الأنيث في تصغير ما لم يشذ، من مؤنث بلا علامة، ثلاثي) - نحو: دار وسن ويد، فتقول: دويرة
وسنينة ويدية؛ وشذ ترك التاء من ألفاظ، منها ذود وشول ونصف.
(أو رباعي بمدة، قبل لام معتلة) - نحو: سماء، أصله: سماو، فإذا صغرت قلت: سمية، لأنك تحذف المتطرفة من الياءات الثلاث، فيبقى ثلاثيا، فتلحقه التاء.
(إن لم يكن مصدرا في الأصل) - كحرب، فالأصل: هذه مقابلة حرب، أي تحرب المال والنفس، يقال: حرب ماله، أي سلبه، توصف بالمصدر، ثم أسقط الموصوف، كالأبطح، فلذا حين صغروا، لم يأتوا بالتاء، نظرا إلى الأصل؛ ولا حاجة إلى هذا بعد قوله: ما لم يشذ، فإن هذا إنما هو تعليل شذوذه، وقد عد سيبويه والخليل حربا من الشاذ، تصغيره بلا علامة، رواية عن العرب، ما ذكره المصنف توجيه فيه للمازني، قال: لأنه في الأصل مصدر؛ قال المبرد: وقد يذكر الحرب، وأنشد:
وهو إذا الحرب هفا عقابه
…
مرجم حرب، تلتظى حرابه
(ولا اسم جنس، مذكر الأصل) - نحو: ناب، للمسن من الإبل، قالوا في تصغيره: نويب، بلا تاء، نظرا إلى الأصل، فإنما سمى بالناب الذي هو الضرس؛ ولا حاجة إلى هذا أيضا، وهو مما عد من الشاذ، وممن ذكره سيبويه؛ وبتقدير إثبات هذا التحرز، يستغنى بقوله: اسم جنس مذكر الأصل؛ عن قوله: إن لم يكن مصدرا في الأصل، نسخة البهاء، فقال: قبل لام معتلة، إن لم يكن اسم جنس مذكر الأصل.
وقد ذكر في غير هذا الكتاب قيدا يحتاج إليه، أنه إنما تثبت التاء في الثلاثي المذكور، إذا لم يحصل التباسه بمذكر، فإن حصل، لم تثبت، كعشر وتسع وباقيها، فلا يقال فيها: عشيرة وتسيعة، لئلا يلتبس بالمذكر، وكذا شجر وبقر، لا يقال فيهما: شجيرة وبقيرة، لئلا يلتبس بشجرة وبقرة.
ومما لا يصغر بالتاء من الكؤنث الثلاثي لفظا، ما كان من صفات المؤنث بغيرها، وصغر تصغير ترخيم، بحذف زوائده، نحو: حائض وطامث، فتقول: حييض وطميث.
(ولا اعتبار في العلم، بما نقل عنه من تذكير أو تأنيث) - فلو سميت امرأة برمح، لقلت: رميحة، نظرا إلى ما صار إليه من التأنيث، ولم تقل: رميحا، نظرا إلى أصله؛ وكذا لو سميت مذكرا بأذن، لقلت: أذين، لا أذينة، نظرا إلى الحال، لأن الاعتبار بالموجود لا المفقود.
(خلافا لابن الأنباري) - في اعتبار الأصل؛ وهو منقول عن يونس في الصورة الثانية، واحتج بقولهم: عروة بن أذينة، وعيينة بن حصن، ومالك بن بويرة؛ وأجاب مخالفوه، وهم الجمهور، أن التصغير بعد التسمية بالمبكر.
(ولا تلحق، دون شذوذ، غير ما ذكر) - وهو الثلاثي والرباعي المذكوران، فلا تلحق زينب وعقرب وسعاد وعناق ونحوها؛
وخرج بشذوذ، قولهم في قدام وأمام: قديديمة وأميمة، وفي وراء: وريئة.
(إلا ما حذف منه ألف تأنيث خامسة وسادسة) - أي ألف تأنيث مقصورة، وسيذكر الممدودة؛ فتقول في حبارى، إذا حذفت الألف: حبيرة، وهذا قول أبي عمرو، ويجعل التاء عوضا من الألف المحذوفة، وغيره لا يعوض، فيقول: حبير؛ ويجوز أن لا تحذف الألف التي للتأنيث في حبارى، ونحوها، مما ألف التأنيث فيه خامسة، وقبلها مد زائدة، بل تحذف المدة، لأنها زائدة لغير معنى، فتبقى ألف التأنيث، فتقول: حبيرى؛ ولا تعويض حينئذ، لعدم حذف علامة التأنيث، وهو واضح؛ وتقول في لغيزى، عند ابي عمرو، ومن أخذ بقوله كالمصنف: لغيغيزة، بتعويض التاء عن الألف، وعند غيرهم: لغيغيز، بلا تعويض؛ ولابد من حذف ألف التأنيث، فلا يأتي فيه ما سبق في حبارى، كما لا تأتي في قرقرى.
والحاصل أن ألف التأنيث المقصورة تحذف خامسة فصاعدا؛ وهل تعوض التاء عند حذفها؟ قولان، وإن كانت خامسة، وقبلها مد زائدة، جاز أيضا حذف المدة، وإبقاء ألف التأنيث. وتلحق التاء أيضا، ما صغر من علم المؤنث، تصغير ترخيم، كإتيانه على ثلاثة، فيقال: عنيقة وزنيبة وسعيده في عناق وزينب وسعاد.
(ولا تحذف الممدودة فيعوض منها، خلافا لابن الأنباري) - فأجاز أن يقال في باقلاء وبرناساء: بويقلة وبرينسة، قياسا على المقصورة نحو: حبيرة ولغيغيزة؛ وقضية هذا القياس، تخصيص ذلك في الممدودة، بما إذا كانت خامسة أو سادسة؛ كما مثل؛ وغيره على أن الألف الممدودة لا تحذف، لما سبق.
(وتحذف تاء ما سمى به مذكر، من بنت ونحوه، بلا عوض) - فتقول في بنت وأخت، علمى مذكر: بنى وأخى، بحذف التاء ولا تعوض، بل تصغرهما كتصغير ابن وأخ، نظرا إلى حالهما في العلمية، ذلك لعدم تخالف الحالين، والعرب كذلك صغروهما قبل العلمية، فيستمر ذلك لهما في حال العلمية.
(فصل) - (تصغر أسماء الجموع) - نحو: قويم ورهيط؛ ويدخل عنده في أسماء الجموع تمر ونحوه، فيقال: تمير ونبيق.
(وجموع القلة) - نحو: أكيلب في اكلب، وأريغفة في أرفغة، وغليمة في غلمة؛ وهذا سلك بها مسلك نظائرها
في المفردات، كما فعل ذلك في اسم الجمع واسم الجنس؛ وقالوا في أجمال جمع جمل: أجيمال، ولو سلك به مسلك نظيره من المفرد، لقيل أجيميل، كما يقال في أجمال مصدر أجمل.
(ولا يصغر جمع كثرة، تصغير مشاكله من الآحاد) - لمنافاة الكثرة التصغير، فإنه تقليل، فالصيغتان متنافيتان وضعا، فلا يجمع بينهما.
(خلافا للكوفيين) - وقد سبق ذكر مذهبهم، واحتجاجهم بأيلان، وقولهم: هو تصغير أصلان، جمع أصيل، مردود بأه لو كان كذلك لقيل: أصيلين، كما يقال في مصران: مصارين، والتصغير والتكسير من واد واحد، وإنما أصيلان بمعنى أصيل، من المصغر على خلاف مكبره، كمغيربان في مغرب.
(بل مع الرد إلى تكسير قلة) - أي إن كان له جمع قلة، نحو: فلس، فتقول في تصغير فلوس: أفيلس؛ وكذا تقول في تصغير فتيان: فتية.
(أو تصحيح مفرد المذكور، إن كان لمذكر عاقل) - فتقول في زيود: زييدون، وفي غلمان: غليمون.
(مطلقا) - أي سواء أكان المفرج مما يجمع مكبره بالواو والنون
كزيد، أم لا، كغلام، وسواء أكان له جمع قلة، أم لا؛ كغلمان ورجال، فما له قلة، يرد إلى القلة ويصغر، أوإلى المفرد ويصغر، ثم يجمع بالواو والنون، وما لا قلة له، يتعين فيه الثاني.
(وإلا، فجمع تصحيح الإناث) - أي إن لم يكن جمع الكثرة لمذكر عاقل، بأن كان لمذكر غير عاقل كدراهم، أو لمؤنث مطلقا كجوار ورسائل، فإنه يرد إلى المفرج ويصغر، ويجمع بالألف والتاء نحو: دريهمات وجويريات ورسيلات.
(مطلقا) - أي سواء أكان مكبره يجوز جمعه بالألف والتاء كمفرد جوار، أم لا، كمفرد دراهم، وسواء كان له جمع قلة كغواش، أم لا، كدراهم، إلا أنه إن كان له، جاز أيضا الرد إليه، فيقال: أغيشية.
(وإن كان جمعا مكسرا، على واحد مهمل، وله واحد مستعمل، رد إليه) - نحو: مذاكير وملاميح، واحدهما المهمل: مذكار وملمحة، وواحدهما المستعمل: ذكر ولمحة، فتردهما إلى المستعمل، فتقول: ذكيرات ولميحات، لينطلق بما تكلمت به العرب.
(خلافا لأبي زيد) - في قوله: إنه يرد إلى الواحد المهمل
نحو: مذيكرات ومليمحات؛ ورد بأنه نطق بما لم ينطقوا به، مع إمكان خلافه.
(فإن لم يكن له واحد مستعمل، رد إلى المهمل القياسي، وعومل معاملة مستعمل) - نحو: عباديد، ليس له مفرد مستعمل، فيرد للضرورة إلى المهمل القياسي كعبديد، ثم يصغر، فيعامل معاملة المستعمل، فإن كان لمذكر عاقل، فبالواو والنون، أو لغيره فبالألف والتاء، فتقول: صار قومك عبيديدين، وجواريك عبيديدات؛ والعباديد: الفرق من الناس، ذاهبين في كل وجه، وكذا العبابيد، يقال: صار القوم عبابيد، وعباديد، قال سيبويه: لا واحد له، وواحده على فعلول أو فعليل أو فعلال في القياس.
(وسرييل في سراويل، أجود من سرييلات) - وذلك لأن الصحيح أنه ليس بجمع، فصار سراويل كدنانير علما، فكما تقول: دنينير، تقول: سرييل، فيصغر على لفظه؛ وبعضهم يقول: سريويل، ومن قال إنه جمع، رده إلى مفرده، وهو سروالة، ثم صغر هذا، وجمع بالألف والتاء فيقال سرييلات، وهو محكي عن يونس، وأجاز أيضا: سريويلات.
(ويقال في ركب وسفر: ركيب وسفر) - لأن أسماء الجموع مالأسماء المفردة، فتصغر على لفظها، وكذا جاء السماع؛ أنشد الأصمعي:
*أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا*
صغر ركبا ورجلا على لفظيهما.
(لا رويكبون ومسيفرون، خلافا لابي الحسن) - وهذابناء على أن ركبا ونحوه جمع تكسير عند الأخفش، فلذا رده إلى المفرد عنده وجمع، فيقول على هذا في طير: طويرات، والسماع يرد على هذا عليه؛ وقد سبق ذكر هذا الخلاف عنه، وأن ما ذكر عنه هنا في التصغير، كلامه في الأوسط على أنه قبيح.
(فصل): (قد يستغنى بمصغر عن مكبر) - فينطلق باللفظ على صورة المصغر، ولا ينطق بالمكبر، نحو: الكميت من الخيل والحمر، وكأنه تصغير أكمت، تصغير ترخيم، لأن قياس الألوان: أفعل؛ ونحو: الكعيت، وهو البلبل؛ وقال المبرد: يشبه وليس إياه، وقالوا في الجمع: كعتان، فكأنه تصغير كعت، كصرد، ونحوه: الثريا للنجم المعروف، والقصيرى أخرى الأضلاع.
(وبتصغير مهمل عن تصغير مستعمل) - كقولهم في مغرب: مغيربان، وفي رجل: روبجل، وكأنه تصغير: مغربان
وراجل، ونظيره: مذاكير وأعاريض، جمع ذكر وعروض.
(وبتصغير أحد المترادفين، عن تصغيرالآخر) - كقصر بمعنى عشى، يقال: أتيته قصرا، أي عشيا، ولم يصغروا قصرا، استغناء بتصغر عشى، وقالوا في تصغير عشى: عشيان، على غير مكبره، كأنهم صغروا عشيانا، والجمع: عشيانات، وقالوا أيضا في تصغره: عشيشيان، والجمع: عشيشيانات، وهذا كما قالوا في تصغير عشية: عشيشية، والجمع: عشيشيات.
(ويطرد ذلك فيهما جوازا، إن جمعهماأصل واحد) - فلك أن تستغنى بتصغير أحد المترادفين، عن تصغير الآخر، بالشرط المذكور، نحو: جليس ومجالس، يجمعهما الاشتقاق من الجلوس، فيجوز أن تستغنى بجليس عن مجيلس، وبالعكس.
(وقد يكون للاسم تصغيران: قياسي وشاذ) - نحو: صبية، جمع صبى، قالوا في تصغيره: صبية، على لفظه، وهو القياس، لأن جمع القلة يصغر على لفظه، وقالوا صبيبة، على غير قياس، كأنه تصغير أصبية، ولم يتكلموا بهذا المكبر، لكنه قياس جمع فعيل في القلة، كقفيز وأقفزة؛ وقالوا أيضا: غلمة في جمع غلام، وقالوا في التصغر: أغيلمة، كأنه تصغير أغلمة، وهو قياس القلة في فعال، كغراب وأغربة، ولكنه لم يستعمل في غلام في التكثير؛ قال الخضراوى: ولم يصغروا أغلمة. انتهى. وليس كذلك، بل قالوه، وممن ذكره، الجوهرى، قال: استغنوا بغلمة عن أغلمة، وإن كانوا لم يقولوه، كما قالوا: أحيببة في تصغير حبية، قال: وبعضهم يقول: غليمة، على القياس.
(فصل): (لا يصغر من غير المتمكن إلا ذا والذي وفروعهماالآتى ذكرها) - أي أسماء الأشارةوالموصولات، وذلك لشبهها الأسماء المتمكنة في أنها توصف ويوصف بها، كما تقدم، والمراد بغير المتمكنة، ما يراد بالتوغل في البناء، وهي التي لم يكن لها تمكن قط، أي إعراب، فخرج معدى كرب، في لغة البناء، فإنه يصغر بإدخال ياء التصغير
في الصدر نحو: بعيلبك؛ وخرج المبني للنداء، فإنه يصغر نحو: يا زييد، ويا جعيفر، وكذا عمرويه ونحوه، إن قلنا: لا يعرب بحال، فيقال: فيه عميرويه، لأن البناء إنما عرض بويه، فكان كالمنادى المفرد المعرفة؛ وذكر ابن العلج أنه يقال: أويه من كذا، وأنه تصغير أوه، فيضاف هذا إلى أسماء الإشارة والموصولات، وذكر أنه يقال بفتح الأول، كما فعلوا في المبهمة.
(فيقال: ذيا وتيا) - في تصغير ذا وتا، والأصل: ذييا وتييا، بثلاث ياءات، الأولى عين الكلمة، والثانية ياء التصغير، والثالثة اللام، فاستثقل اجتماع ثلاث ياءات، فحذفوا واحدة، وسأتي بيان المحذوفة، وأطبقوا على فتح الذال والتاء.
(واللذيا واللتيا) - في تصغير الذي والتي، واللام فيهما مفتوحة، عند جمهور العرب.
(وذيان وتيان) - في تثنية ذا وتا.
(واللذيان واللتيان) - في تثنية الذي والتي.
(وأليا) - في تصغير الألي.
(وألياء) - في تصغير أولاء.
(واللذيون واللذيون، في الذين) - والأول قول سيبويه، فيقول: حذفت الألف من اللذيا عند الجمع، لا لالتقائها مع علامة الجمع على السكون، بل للتخفيف والفرق بين المتمكن وغيره، فيقول: اللذيون، بضم الياء، واللذيين، بكسرها، لأنه لا يقدر الألف؛ والثانى قول الأخفش والمبرد، لأنهماغ يقدران الألف، ويقولان: إنما حذفت لالتقاء الساكنين، هى وعلامة الجمع، ولم تقلب، فرقا بين المتمكن وغيره، فيقولان: اللذيون واللذيين، لأن الألف عندهما مقدرة؛ ولم يرد عند العرب سماع بهذا ولا هذا، وكأن المصنف رأى أن لكل من القولين وجها بلا ترجيح واحد، فلذا خير.
(واللتيات واللويتا في اللاتي) - فاللتيات تصغير اللاتي، على معنى أنه رد اللاتي إلى واحده، ثم صغر وجمع، واللويتا تصغير اللاتي لا يحقر، استغنوا بجمع الواحد المحقر السالم، إذا قلت: اللتيات. انتهى. وأجاز الأخفش تحقير اللاتي على اللويتا.
(واللوياء واللويؤون في اللائي واللائين) - فاللويا
تصغير اللايي غير مهموز، وهو قول الأخفش؛ وأجاز بعضهم تحقيره مهموزا، فتقول: اللويئا، وتحقر اللائين، فتقول: اللويئون؛ والحق أن ما سمع من ذلك قليل، ، وإلا فلا؛ لأن تحقير المتوغل في البناء، خارج عن القياس.
(فوافقت المتمكن في زيادة الياء ثالثة بعد فتحة) - أي ياء التصغير، وكونها ثالثة في الذي والتي ظاهر، وأما في ذا وتا، فسيأتي تقريره.
(وخالفته بترك الأول على حاله، وزيادة ألف) - فجعلوه زيادة الألف في آخره عوضا عما فات من ضم أوله، وقلبت في أولياء همزة، لأجل الألف قبلها، لأن الهمزة ألف في الأصل، ففعل فيه ما فعل في حمراء؛ وهذا قول الزجاج؛ وقال المبرد: أدخلوا الألف التي تزاد في تصغير المبهم، في هذا قبل آخره، ليقع الفرق بين أولى المقصور والممدود، لأنهم إذا صغروا الممدود، فجعلوا الياء بعد اللام، قلبت الألف التي قبل الهمزة ياء، وكسرت، فتنقلب الهمزة ياء،
ثم تحذف إحدى الياءات، كما في تصغر عطاء، ثم تدخل الألف، فتصير الياء على لفظ المقصور، فترك ذلك، وأدخلت الألف قبل الآخر، بين الياء المشددة، والياء المنقلبة من الهمزة، ثم قلبت الياء المتطرفة همزة، لأن قبلها ألفا.
وثبت في نسخة الرقي بعد هذا، قوله:
(عوضا منه) - والضمير للضم الحاصل بالتصغير، المدلول عليه بقوله:
(وخالفته بترك الأول) - إذا معناه: بعد ضم التصغير.
(وأصل ذيا وتيا: ذييا وتييا، فخففا بحذف الياء الأولى) - وقد سبق تقرير أن الأصل كذا؛ وهو إنما يتمشى على قول البصريين: إن ذا وتا على أحرف تقديرا، وأن الأصل مثلا: ذيي أو زوي؛ وأما على قول الكوفيين، وهو أن الاسم الذال، وأن الكلمة وضعت على حرف واحد، كبعض المضمرات، فلا؛ وإليه ذهب السهيلى أيضا، لكن يحتاج إلى النظر في هذه الياء التي مع ياء
التصغير؛ ويجوز أن تكون هى الألف الزائدة في ذا، بناء على معتقدهم فيها، وقلبت ياء لأجل ياء التصغير، ثم حصل الإدغام؛ ويلزم على هذا، إما وقوع ياء التصغير ثانية، إن قدرت أن المنقلبة عن الألف هى الثانية؛ وإما وقوع ياء التصغير متحركة بعد ساكن، إن قدرت المنقلبة عن الألف هى الأولى؛ وكلاهما مخالف لما استقر من ان ياء التصغير لا تكون إلا ثالثة ساكنة بعد فتحة.
ويجوز أن يرجح الأول، بأن غاية ما فيه وقوع ياء التصغير ثانية في غير المتمكن، ولا بعد في أن يخالف به في هذا القدر، كما خولف في غيره؛ وامتناع وقوعها ثانية، وإنما كان، لأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحا، والأول لابد من ضمه للتصغير، فإذا سقط ضم الأول، فلا مانع من وقوعها ثانية؛ وأما فتح ما بعدها، فلأجل الألف المعوضة من الضمة، كما في اللذيا ونحوه؛ وما ذكره من أن المحذوف الياء الأولى، تقريره أن الثانية ياء التصغير، ولا تحذف، لدلالتها على معنى، والثالثة يحتاج إليها، لأجل الفتحة المستحقة للألف الزائدةعوضا، فأشبهت بذلك ماله معنى، فلم تحذف، فتعينت الأولى؛ وأيضا لو حذفت الثالثة، للزم تحريك ياء التصغير، لأجل الألف الزائدة، وهي لا تتحرك.
(ولهما ولأولياء وأوليا، من التنيه والخطاب، ما لهن في التكبير) - فيثبت لذيا وتيا وما ذكر من فروعهما، ما كان في التكبير، من لحاق هاء التنبه وكاف الخطاب، مع اللام ودونها، ومع التشديد والتخفيف، فتقول: هاذيا وذياك وهاذياك وذيالك؛ ولا يجوز: ها ذيالك، كما لا يجوز: هذالك، وكذا تيا؛ وتقول هاذيان وذيانك وهايانك، وذيانك، بتشديد النون، أو إبدال إحدى النونين ياء، وتمتنع هاء التنبيه، عند التشديد أو البدل، وتقول: هاؤليا وأولياك وهؤلياك بالقصر، وقالوا: هؤليائك، قال:
ياما أميلح غزلانا شدن لنا
…
من هؤليائكن الضال والسمر
واستدل به على أن أولئك ليس للبعد، لوجود هاء التنبيه في مصغره.
(وضم لام اللذيا واللتيا، لغية) - فتقول: اللذيا واللتيا، بضم اللام، وهو قياس التصغير، وغير القياس هنا، لتعويضهم من الضم الألف، فيلزم على لغة من ضم سقوط الألف، لئلا يجمع بين العوض والمعوض، ولم يسقطوها، فإما أن يقال، بأنها ليست عوضاعن الضم، أو يقال: إن هذا شذوذ؛ وفال ابن خالويه: أجمع النحويون على فتح اللام في اللتيا، إلا الأخفش، فإنه أجاز اللتيا. انتهى.
وقوله: أجاز، يشعر بأن ذلك على جهة القياس، جريا على قاعدة الباب، إذ يجوز ذلك، والأخفش حكى ذلك في الأوسط سماعا، فقال: وقد ضم بعضهم.
(فصل): (تصغير الترخيم: جعل المزيد فيه مجردا، معطى ما يليق به من فعيل أو فعيعل) - وسمى بهذا الاسم، لأن في حذف الزائد تسهيل الكلمة، بتقليل لفظها؛ والترخيم لغة التسهيل، فتقول في أزهر: زهير، وفي منطلق: طليق، وفي مستخرج: خريج، وفي مدحرج: دحيرج، فتجعل، إن كانت الأصول ثلاثة، على مثال فعيل، أو أربعة على مثال: فعيعل؛ وكثيرا ما يستوي إذ ذاك، تصغير الترخيم، وخلافه من التصغير، وقد يفترقان، فتقول في زعفران، في تصغير الترخيم: زعيفر، وفي غيره زعيفران؛ ودخل في كلامه زيادة الإلحاق، فتقول في مقعنسس: قعيس.
(ولا يخص الأعلام، خلافا للفراء) - وثعلب، وعزى للكوفيين؛ فلا يجوز في حارث، غير علم، إلا حويرث؛ وأجاز ذلك البصريون، فتقول عندهم: حريث علما كان أو غيره، ويشهد لهم قول العرب: يجري بليق ويذم؛ وهو تصغير أبلق.
(ولا يستغنى فعيل عن هاء التأنيث، إن كان لمؤنث) - فتقول في سعاد لمؤنث: سعيدة، وكذا في حمراء: حميرة، وفي حبلى: حبيلة، إذا كانا لمؤنثين؛ فلو سميت مذكرا بسعاد مثلا، ثم صغرت، على هذا الحد، لقلت: سعيد، بلا تاء؛ وكذا لا تدخل التاء في المصغر كذلك، من صفات المؤنث بلا تاء، كطامث، فتقول: طميث، لا طميثة، وناقة ضمير، لا ضميرة؛ كما أنك إذا صغرت نصفا، وهي المتوسطة السن من النساء، لا تأتي بالتاء، بل تقول: نصيف.
(ولا يمتنع صرفه، إن كان لمذكر) - فلو صغرت أحمد، علم مذكر، تصغير ترخيم، لقلت: حميد، مصروفا؛ وسبق بباب منع الصرف، ما يغني عن بعض البسط هنا.
(وقد يحذف لهذا التصغير) - أي تصغير الترخيم.
(أصل يشبه الزائد) - نحو: بريه وسميع، في إبراهيم وإسماعيل، حزفت الهمزة والميم واللام، واشتمل الحزف على زائد وغيره، وغير الزائد باتفاق: الميم واللام؛ ومذهب سيبويه أن الهمزة زائدة، ومذهب المبرد أنها أصلية، وينبى على هذا تصغير غير
الترخيم، فتقول عند سيبويه: بريهيم وسميعيل، وعند المبرد: أبيره وأسيمع؛ والصحيح قول سيبويه، وهو المسموع؛ قال أبو زيد وغيره: إن العرب تصغر إبراهيم: بريهيم؛ واتفقوا في تصغير الترخيم على بريه وسميع.
تم بفضل الله وتوفيقه، الجزء الثالث من شرح التسهيل، لابن عقيل:
المساعد على تسهيل الفوائد
بتمام باب التصغير، ويليه إن شاء الله تعالى: الجزء الرابع والأخير،
أوله: باب التصريف.
والحمد لله رب العالمين.