المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌69 - باب التذكير والتأنيث - المساعد على تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ابن عقيل]

الفصل: ‌69 - باب التذكير والتأنيث

‌69 - باب التذكير والتأنيث

(أصل الاسم التذكير) - وذلك لأنه ما من مذكر ولا مؤنث إلَّا يقع عليه اسم الشيء، وهو مذكر في لِسانهم؛ قيل: وهذا إذا لم ترد اللفظ، فإن أريد بالكلمة اللفظ، جاز التذكير والتأنيث، اسماً كانت أو فعلا أو حرفا؛ وقد سبق هذا، وزعم الفراء أن حروف الهجاء لا تذكَّر إلَّا في الشعر.

(فاستغنى عن علامة، بخلاف التأنيث) - لأن الثوانى تحتاج إلى ما يميزها، كما فُعل بالتعريف الطارئ على التنكير، حيث جئ باَلْ، وفى النفي الطارئ على الإِيجاب، حيث جئ بالنّافِى.

(وعلامته في الاسم المتمكن، تاء ظاهرة) - نحو عائشة وفاطمة؛ وخرج بالمتمكن المبنىُّ بناء غير طارئ، فلم يجعل فيه

ص: 288

ما ذكر، بل يدل على التأنيث بغير ذلك، كالصيغة نحو: هن وها. وقوله: تاء للإِعلام بأن التأنيث بالتاء، والهاء بدل منها، وقد نصَّ على ذلك سيبويه، وقيل التأنيث بالهاء وأبدلت في الوصل تاء؛ وما فيه التاء، إن كان مدلوله مذكراً حقيقة ذُكِّر، نحو: قام طلحة؛ وشذّ.

(170)

* أبوك خليفةٌ ولدته أخرى *

أو مؤنثاً حقيقةً، أُنِّث كفاطمة، ولا يذكَّر إلَّا ضرورةً، وإن لم يتميز المذكَّر عن المؤنث بلفظ، أُنِّثَ للمذكر والمؤنث، كنملة وقملة؛ وبهذا يعلم ضَعف قول مَن سُئل عن نملة سليمان: أذكراً كانت أم أنثى؟ فقال: أنثى، لقوله تعالى:{قالت نملة} .

(أو مقدَّرة) - كهند وشمس؛ ودليل تقديرها دخولها في التصغير كهنيدة وشميسة، والتصغير كثيرا ما يرد الأشياء إلى أصولها.

(أو ألف مقصورة) - كسكرى.

ص: 289

(أو ممدودة، مبدلة همزة) - نحو: حمراء؛ وكون الهمزة بدلا من ألف التأنيث، هو قول جمهور البصريين، وقال الكوفيون والزجاجي: الألف الممدودة علامة التأنيث، وزاد الكوفيون في علامة التأنيث: التاء في أخت وبنت، والألف والتاء في مسلمات، والنون الثانية في هُنَّ، وقالوا في الأولى: دخلت لأن نون التأنيث لا يكون ما قبلها إلا ساكناً، والكسرة في أنتِ، والياء في هذِي، وقال هشام: التأنيث فيها بالكسرة.

(ويُعلم تأنيث ما لم تظهر العلامة فيه بتصغيره) - المراد بذلك ما يصلح أن يكون مذكراً، فيحصل اللبس، فلا ينبغي أن يقيد ذلك بما لا فَرْجَ له، والاسم الخالي من التاء، إن كان حقيقىَّ التذكير والتأنيث، وامتاز فيه المذكر عن المؤنث كهند وزيد، أنَّثتَ المؤنث، وذكَّرتَ المذكر، وإن لم يميز كبرغوث، ذكرته للمذكر والمؤنث، وإن كان مجازيَّهما فالأصل تذكيره نحو: عُود وحائِط، ولا يؤنث إلَّا سماعاً كقدر وشمس، وبابه اللغة، وقد صُنف في ذلك كتب، وممن صنف فيه الفراء وأبو حاتم، ومثال ما ذكر من التصغير: نويرة في نار، ودويرة في دار.

(أو وصفه) - نحو: كُلْ كتفاً مشويَّة، ويدخل فيه الخبر نحو: يدُ زيدٍ مبسوطة.

ص: 290

(أو ضميره) - نحو: العين كحلتُها.

(أو الإِشارة إليه) - نحو: {هذه جهنم} .

(أو عدده) - نحو: ثلاث أيد، فحذفوا التاء من العدد كما حذفوها مع المؤنث الحقيقىّ، نحو: ثلاث نسوة، وهذا هو المعروف، أعنى أنها لا تسقط إلَّا مع المؤنث؛ وقد تسقط التاء مع عدد المذكر نحو:

(171)

* وإن كلاباً هذه عشرُ أبطنٍ *

فيؤوَّل بالمؤنث، كقولنا في البيت: إنه كنى بالبطن عن القبيلة.

(أو جمعه على مثال يخص المؤنث) - كهندات، فهذا الجمع يخص المؤنث، ما لم يكن جمع مصغر المذكر الذى لا يعقل ولا صفته.

(أو يغلب فيه) - كأفعُل، فإنه غلب في المؤنث، كعُقاب وأعقُب، ويمين وأيمُن، فإذا جُمع اسمٌ على أفعُل، قُضى بتأنيثه، ما لم

ص: 291

يُعلم تذكيرُه، لقلَّة ذلك في المذكَّر، كغراب وأغربُ، وجنين وأجننُ.

وبقى مما يعرف به التأنيث، لحاق التاء الفعل نحو: كُسرت القدرُ وتُكسَرُ، وقد سبق ذكرها بباب الفاعل.

(وأكثر مجئ التاء لفصل أوصاف المؤنث من أوصاف المذكر) - كقائمة وحسنة وصفية ومضروبة.

(والآحاد المخلوقة من أجناسها) - كتمرة وتمر، وبقرة وبقر؛ واختلف هل الأصل التاء، ثم سقطت لإِفادة الجنس، أو الأصل سقوطها ثم وصلت لإِفادة الواحد؟ وأجاز الكوفيون استعمال لفظ الجنس من ذلك للمفرد المذكر؛ قال الفراء: ربما جعلوا الأنثى مفردة بالهاء، وجعلوا المذكر مفرداً بطرح الهاء، فيكون كأنه على لفظ الجمع؛ قالوا: رأيت حماماً على حمامة، ورأيت حماماً ذكراً؛ وقال الكسائىّ: سمعت كل هذا النوع تُطرحُ من ذَكَره الهاء؛ وهذا عند البصريين شاذ لا يقاس عليه.

(وربما فصلت الأسماء الجامدة) - كامرئ وامرأة، ورَجُل ورَجُلة، وحمار وحمارة، وأسد وأسدة، وهو قليل، قال:

(172)

كلُّ حىٍّ ظلَّ مغتبطا

غيرَ جيرانى بنى جبلَهْ

هتكوا جيب فتاتهم، لم

يبالوا حرمةَ الرَّجُلَهْ

ص: 292

وقال:

(173)

إنسانةٌ فتَّانةٌ

بدرُ الدجى منها خجلْ

(والآحاد المصنوعة) - نحو: عِمام وعِمامة، وجَرّ وجَرَّة، وقلنسُو وقلَنْسوة.

(وربما لحقت الجنس، وفارقت الواحد) - كقولهم: كمْء للواحد، وكمأة للجمع، حكاه يونس وغيره، ومثله: جَبْأة وجَبْء، وهذا قليل، وعكسه هو الكثير، كتمرة وتمر.

(وربما لازمت صفات مشتركة) - إما لغير المبالغة نحو: رجل رَبْعة، وامرأة ربْعة، ورجل يفعة، وامرأة يفعة؛ وإما للمبالغة نحو: رجل علَّامة، وامرأة علَّامة، وكذا مِطْرابة ومَلولة؛ ووجَّهوا التأنيث في المبالغة في وصف المذكر، بأنه أُريدَ أنه غاية في ذلك الوصف، والغاية مؤنثة.

(أو خاصة بالمذكر) - كقولهم: رجل بُهْمَة، أي شجاع.

ص: 293

(لتأنيث ما وصف بها في الأصل) - كما قيل في التي للمبالغة: إنه أريد غاية في ذلك، وكما يقال في بُهْمَة: إنه على تقدير أن الأصل: نفس بهمة.

(أو تنبيها على أن المؤنث أولى بها من المذكر) - فأتى بالتاء في المذكر، تنبيها على أن التاء ليس بلازم فيها أنها لا تكون إلَّا للمؤنث، بل المؤنث بها أولى، أو تنبيها على أن ما ثبتت فيه التاء، مما يقع على المذكر والمؤنث، كشاة، المؤنث أولى به لأجل التاء.

(وتجئ أيضا لتأكيد التأنيث) - نحو: ناقة، وذلك لأن المذكر له لفظ يخصّه، وهو جملَ، فلو أسقطوا التاء لحصل الفرق، كما في جدى لمذكر، وعناق لمؤنث، فكانت التاء لتأكيد معنى التأنيث، ومثل ناقة، نعجة؛ والأصل في الأسماء المختصة بالمؤنث مثل هذه سقوط التاء، كما في شيخ وعجوز وحمار وأتان، وبكر وقلوص.

(أو الجمع) - أي لتأكيد معنى الجمع؛ وقال الشلوبين في قول الجزولىّ: ولتأكيد معنى الجمع: المراد تأكيد معنى الجمع من

ص: 294

التأنيث، كحجارة وفحولة، لأنها مؤنثة، تقول: هي الحجار، فتكون الحجار مؤنثا، وإن لم تدخل التاء، فدخلت التاء لتأكيد هذا المعنى الذى في الجمع من التأنيث، وعلى هذا هي كالتاء في ناقة، فيغنى عن ذكر الجمع ما قبله من تأكيد التأنيث.

(أو الوحدة) - نحو ظلمة وغرفة وسدرة؛ وبعضهم يعبر عنها بتأنيث اللفظ، فإن مرجعه إلى أن اللفظ كالمؤنث في الإِخبار والإِضمار وغيرهما من أحكام التأنيث.

(أو لبيان النسب) - كالمهالبة والأشاعثة والمناذرة، في النسب إلى المهلَّب بي أبي صُفْرة، والأشعث بن قيس، والمنذر بن ماء السماء؛ والمعنى: المنسوبون إلى المهلب، ولو قيل: المهالب لكان جمعا لكل واحد اسمه مهلب، بخلاف الأول، فإنه المراد به أولاد المهلب، وإن لم يكن اسم كل واحد منهم "مهلب".

وقيل: التاء في المهالبة ونحوه، عوض عن ياء النسب، ولهذا لا يجتمعان، بل يقال: المهلبيون أو المهالبة.

(أو التعريب) - كقولهم: مَوازِجَة جمعُ مَوْزَجٍ، وهو الخف، وقيل: الجورب، وكيالجة جمع كيلجة، وهو مكيال؛

ص: 295

وبعضهم يقول: إن التاء دخلت للعجمة، وهو قريب مما ذكر المصنف.

(أو المبالغة) - كعلَّامة ونسَّابة وراوية؛ وقد سبق ذكرها في قول المصنف: صفات مشتركة؛ وقال بعضهم: إنه يُنْوى في المدح على معنى: داهية، وفى الذم نحو: كاذبة، على معنى بهيمة؛ وذكره أيضا الفراء؛ وما سبق من قصد معنى الغاية يشمل الأمرين؛ ومنع الفارسي دخول التاء للمبالغة في صفاته تعالى، لأن التاء للتأنيث، وعلى هذ لا يقال في الله: علَّامة.

(أو عوضاً من محذوف لازم الحذف) - كلِدَة، التاء عوض من الفاء، والأصل: وِلْدٌ، واللِّدة: مَنْ عمره مثل عمرك، يقع على الذكر والأنثى؛ ولثة، والتاء فيه عوض عن اللام؛ وإقامة، التاء فيه عوض عن العين، على خلاف: هل المحذوف العين أو ألف إفعال؛ وتزكية، التاء عوض من مدَّة تفعيل.

(أو معاقب) - نحو: زنادقة وفرازنة، الأصل: زناديق وفرازين، فعاقبت التاء الياء، ولذا لا يجتمعان، وإقرار الياء هو الأصل، كما أقرت في بها ليل وسرابيل، والتاء عوض منها، فعلوا ذلك

ص: 296

في بعض الألفاظ؛ وقيل: التأنيث للجمع، وعدم اجتماعها مع الياء للطول؛ ونقض المصنف كون التاء للنسب والجمع معاً، كبرابرة أي البربريون؛ وقيل: هي للنسب، ولكن صادف العجمة، أو للعجمة، وصادف النسب؛ وكونها للفرق بين الواحد والجمع في غير أسماء الأجناس، كبِغال وبِغالة، وجِمال وجِمالة، وحمار وحمارة، وكذا شاميَّة وبصريَّة وكوفية؛ وفى البسيط أن التاء تأتى للفرق بين المطلق والمعين نحو: ضَرْبة وضَرْب، وهى تاء التحديد؛ والفرق بيه هذا والجنس، أن الضرب يصدق على الضربة، والتمر لا يصدق على التمرة؛ وللفرق بين الاسم والصفة، نحو: شاة رُبَّى ورُبِّية، فالأول صفة، والثاني اسم لما يُرَبَّى؛ وكذا شاة ذبيح وذبيحة؛ وكذا الحلوبة، لأنها صارت اسما لما شأنها هذا؛ وللفرق بين المذكر والمؤنث فى العدد نحو: ثلاثة رجال، وثلاث نسوة.

(وتُقدَّر منفصلة، ما لم يلزم بتقدير حذفها عدمُ النظير) - فللتاء اتصال من حيث جعلت محلّاً للإِعراب كقائمة، وانفصال من حيث حذفت في النسب، نحو: مكىّ؛ والأصل انفصالها، لأنها تزيد على مدلول الكلمة وضعاً، لكن إن أدَّى تقدير انفصالها إلى عدم النظير، لم يُقدَّر حذفُها، بل تُجعل كأنها من بنية الكلمة كعِدة وزِنة، إذ لا يقال: عِدٌ ولا زِنٌ.

ص: 297

(والجنس المميّز واحدُه بها، يؤنثه الحجازيون، ويذكره التميميّون والنجديّون) - قال تعالى: {أعجازُ نخل خاوية} ، وقال:{أعجاز نخل مُنقعر} ؛ واجتمع التذكير والتأنيث في قوله تعالى: {مِنْ شجر مِنْ زَقُّوم * فمالئون منها البطون * فشاربون عليه من الحميم} ؛ ومذكّر هذا النوع ليه له لفظ عند البصريين، بل يتميَّز عن مؤنثه بالصفة نحو: شاة أو حمامة ذَكَر، وقد سبق قول الكوفيين ونقلهم فيه؛ وقال بعضهم: التأنيث لغة الحجازيين وغيرهم، والتذكير لغة تميم ونجد؛ وقال أبو حاتم: أكثر العرب يجعل هذا الجمع مذكراً، وهو الغالب على أكثر العرب؛ وربما أنَّث أهل الحجاز وغيرهم بعض هذا، ولا يقيسون ذلك في كل شيء، ولكن في خواص.

واعترض على المصنف بضَرْب وضرْبة، واستخراج واستخراجه، فإنه يدخل في كلامه، والعرب تُذكِّر هذا ولا تؤنثه؛ ويجوز أن يجاب بأن المراد الجنس الذى لا يصلح للواحد كتمر ونخل، وضَرْب يقع على الواحد فلا يدخل في ذلك، لكن يلزم على هذا، جعلُ التاء فيه زائدة على الوجوه التي ذكرها المصنف، في مجيء التاء، كما سبق عن البسيط.

ص: 298

واعترض أيضاً، بأن من أسماء الأجناس ما جاء مؤنثاً لا غير، كالبط والنحل، ومنها ما جاء مذكَّراً لا غير، كالقمح والعنب، وفيه نظر.

وقال صاحب الإِفصاح: أكثر النحويين، فيما أعلم، جعلوا التذكير والتأنيث فى هذا الباب قياساً سواء، إلَّا أبا حاتم؛ وذكر ما سبق من كلامه.

(فصل): (الغالب في الصفات المختصَّة بالإِناث، إن لم يُقصد بها معنى الفعل، أن لا تلحقها التاء) - كحامل ومرضع وطالق؛ فهذه ونحوها لا تلحقها التاء؛ وقال الكوفيون، خلا الفراء، يجوز أن تلحقها؛ وقال الفراء: ربما أتى بعض هذا في الشعر، وليس يحسن في الكلام، وأنشد للأعشى:

(174)

* أيا جارتا، بِينى، فإنَّكِ طالقَهْ *

ص: 299

وقال البصريون: إن قصد بهذا أنها فعلت أو تفعل، أنثت بالهاء، وإلَّا فلا، وجعل من ذلك:{يوم ترونها تذهلُ كلُّ مُرضعة عما أرضعت} ، وبيت الأعشى، وقوله أيضا:

(175)

تَمخَّضت المنونُ له بيومٍ

أَنَى، ولكلِّ حاملةٍ تَمامُ

وقوله:

(176)

كمرضعةٍ أولادَ أخرى، وضيَّعَتْ

بنى بطنِها، ذاك الضَّلالُ عن الرُّشْدِ

(لتأديتها معنى النسب) - أي ذات حمل؛ ويعزى هذا للخليل.

(أو لتذكير ما وصف بها في الأصل) - أي شخص مرضع؛ ويعزى لسيبويه.

ص: 300

(أو لأمن اللبس) - وهو قول الكوفيين؛ وقيل: هو للكسائىّ وبعض الكوفيين.

(وربما جاءت كذلك) - أي بغير تاء عند قصد المؤنث.

(صفات مشتركة) - قالوا: رجل جنُب، وامرأة جنُب؛ وكذا بالغ وضامر ووصىّ ووزير ووكيل وكفيل وشاهد؛ قال الفراء: وتقول: مؤذن بنى فلان امرأة، وفلانة شاهد، لأن الشهادة والأذان تقبل في النساء، وربما جاء في الشعر بالهاء، وأنشدوا لابن همام:

(177)

فلو جاءوا ببرَّةَ أو بهندٍ

لبايعنا أميرةَ مؤمنينا

وليس بخطأ أن تقول: وكيلة ووصية، إذا أفردتها وأردتها بذلك الوصف، والتذكير وجه الكلام، قال:

(178)

فليت أميرَنا، وعُزلتَ عنّا

مخضَّبةٌ أناملُها، كعاب

(فصل): (لا تلحق التاء غالباً صفةً على مِفْعال) - كمِعْطار ومِذْكار؛ وقلَّ بالتاء، قالوا: مِجذامة للأمر، أي مِقطاع له، ومِقْدامة على الأمر.

ص: 301

(أو مُفْعِل) - كمُذْكِر ومُحْمِق؛ وقيل: كلبة مُجرِئة؛ وامرأة مُصْبِية، مع قولهم: مُجْرٍ ومُصْبٍ.

(أو مِفْعيل) - كمِكْثير ومِعْطِير؛ وقلَّ مسكينة، حملاً على فقيرة، وقالوا أيضا: امرأة مسكين.

(أو فَعُول بمعنى فاعل) - كشكور وصبور؛ وقلَّ فَروقَة ومَلُولة وصَرورة؛ وخرج الذى بمعنى مفعول، فيؤنث بالهاء نحو: أكولة بمعنى مأكولة، ورَكوبة بمعنى مركوبة؛ وقد تحذف التاء، قال تعالى:"فمنها ركُوبُهم"، وفى مصحف عبد الله:"رَكوبتهُم"؛ وقال أبو عبيدة: الحلوبة والرَّكوبة ونحوهما، تكون للواحد والجمع، فإذا أسقطوا الهاء، لم تكن إلَاّ للجمع.

(أو فعيل بمعنى مفعول) - كجريح وقتيل؛ وخرج نحو: مريض وشريف، فإنهما للفاعل، فيقال للمؤنثة: مريضة وشريفة،

ص: 302

وإن أريد بالأول أنه متخذ لكذا، دخلت الهاء، فتقول: هذه ضحية، للذكر والأنثى؛ وهذه ذبيحة بنى فلان.

(إلَاّ أن يُحذف موصوف فعيل، فتلحقه) - نحو: رايت قتيلة بنى فلان، وهذه قتيلة؛ وذلك لإِزالة اللبس؛ وإنما حذفت فى: مررت بامرأة قتيل، فقتيل لأمن اللبس، بذكر الموصوف، ولو ذكر ما يؤمن معه اللبس لحذفت، وإن لم يكن المذكور الموصوف نحو: رأيت قتيلا من النساء؛ قاله أبو حاتم.

(ولشبهه بفعيل بمعنى فاعل، قد يُحمل أحدهما على الآخر، فى اللحاق وعدمه) - كقولهم: شاة نطيحة، بالهاء، وهى بمعنى مفعولة، وكذا امرأة حميدة، بمعنى محمودة؛ وقالوا: امرأة صديق، بلا هاء، وهى بمعنى فاعل.

(وربما حُمل علىَ فَعيل، فى عدم اللحاق، فُعال) - كقولهم: مُدْية هُذام، ومُدْية حُراز، حكاهما سيبويه؛ وحذفوا التاء منه حملاً على حذفها من فعيل؛ وينبغى حمل كلام المصنف على فعيل يمعنى فاعل بمعنى، لسبق ذكر أنه قد تحذف منه التاء، حملاً على فعيل بمعنى مفعول، فيكون فُعال محمولاً فى الحذف على ما حمل على فعيل بمعنى مفعول؛ وإنما انبغى حمله على ذلك، ليُحمل الشيء على

ص: 303

ما يشاكله معنى؛ وكلام سيبويه، على أن فعيلا بمعنى فاعل، محمول فى حذف التاء منه، على فعول بمعنى فاعل، فهو أولى من كلام المصنف، لما ذكرنا من الحمل على المشاكل.

وحاصل كلام المصنف، على ما قررناه، أن فعيلاً بمعنى فاعل محمول على فعيل بمعنى مفعول، وفُعالاً محمول على فعيل بمعنى فاعل، ففيه المشاكلة فى الثانى دون الأول؛ وكلام سيبويه على أن فعيلاً يمعنى فاعل، محمول على فعول بمعنى فاعل، وفعالاً محمول بمعنى فعيل بمعنى فاعل، المحمول على فعول فى حذف التاء، ففيه المشاكلة فى الجملتين؛ قال سيبويه، وقد ذكر حذف التاء من فعال: جعلوا فُعالا بمنزلة أختها فعيل؛ قال: وقد أجرى شئ من فعيل، مستوياً فى المذكر والمؤنث، فعول؛ وذكر ريحاً خَريقاً؛ ووجه حمل فُعال على فعيل أنهما أخوان؛ قال سيبويه: ألا ترى أنك تقول: طويل وطُوال، وبعيد وبُعاد، وشجيع وشُجاع؛ وتدخل فى مؤنث فُعال التاء، كما تدخل فى مؤنث فعيل.

وهُذام بالضم، من الهَذْم، وهو القطع؛ قال أبو عبيدة: الهُذامُ: السيف القاطع، وهو بالذال المعجمة؛ وجُراز من الجَرْز، بالزاى بعد الرَّاء، وهو القطع، يقال: سيف جُراز، بالضم، أى قاطع؛ والخَريقُ: الريح الباردة الشديدة الهبوب؛ قال الأعلم الهذلي:

ص: 304

(180)

كأنَّ هبُوبَها خفقانُ ريحٍ خَريقٍ بين أعلام طوال

(وفَيْعِل) - قال تعالى: "لِنُحْيِىَ به بلدةً مَيْتاً"، والأصيل: مَيَّت فخفف، كهَيْن فى هَيَّن؛ وقالوا: ناقة رَيَّض، والأصيلُ رَيُوضٌ، وتوصف بذلك أول ماريضت، وهى صعبة بعد.

(وصَوْغُ فَعِيل بمعنى مفعول، مع كثرته، غير مقيس) - وقد ذكر المسألة بباب اسم الفاعل، وزاد قوله: خلافاً لبعضهم؛ ولقد كثر ذلك، فلا يبعد القياس، فيبنى من كل فعل ثلاتى مجرد متصرف تام، فكذلك المسموع؛ وقد سبق ذكر شرط آخر بباب اسم الفاعل.

(ويجئ أيضا بمعنى مُفْعَل) - كقولهم: أعقدت العسلَ، فهو عقيد أى مُعْقَد؛ وسبقت له المسألة بباب اسم الفاعل.

(ومُفْعِل) - كقولهم: سميع بمعنى مُسْمِع؛ قال:

(181)

أمِنْ ريحانة الداعى السميع يؤرقنى، وأصحابي هجوعُ

ص: 305

أي المسمع، وخرج عليه أيضا:"عذابٌ أليم".

(قليلاً) - راجع إلى المسألتين.

(وبمعنى مُفاعِل كثيراً) - قالوا: جليس وقعيد وخليط، أى مجالس ومقاعد ومخالط.

(وقد يًذكرَّ المؤنثُ) - كقولهم: ثلاثة أنفس، قال:

(182)

ثلاثةُ أنفسٍ، وثلاثُ ذَوْدٍ لقد جاز الزمانُ على عِيالى

(ويؤنَّثُ المذكرَّ) - نحو:

(183)

* سائل بنى أسدٍ: ما هذه الصوتُ؟ *

(171)

* وإنَّ كِلَاباً هذه عشرُ أبطنٍ *

ص: 306

(حملاً على المعنى) - ففي ثلاثة أنفس، المعنى: ثلاثة أشخاص، ولذلك عاملها معاملة المذكر، فأثبت التاء؛ وعكسه: عشر أبطن، لتأويله بقبائل؛ وكذا: ما هذه الصوت؟ أي الضجة.

(ومنه) - أي من تأنيث المذكر، حملاً على المعنى.

(تأنيث المخبر عنه لتأنيث الخبر) - نحو: "ثم لم تكن فتنتَهم إلَاّ أنْ قالوا" في قراءة "تكن" بالتاء المثناة من فوق، "وفتْنتهَم" بالنصب؛ أنَّثَ المصدر المنسبك من أنْ وصلتها، وهو اسم تكن، لتأنيث الخبر، وهو فتنتهم؛ وممن قرأ كذلك أبو عمرو؛ وكذلك:"إلَاّ أن تكون ميتةً" في قراءة التاء، ونصب ميتة، وممن قرأ كذلك ابن كثير.

* * *

ص: 307