الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"Rammanitae" الذي ذكره "سترابو"1، أو موضع "ركمت""ركمات""رجمت""رجمات" المذكور في كتابات المسند. ويخيل إليَّ أنه كناية عن حلف ضم جماعة من السبئيين الشماليين والديدانيين ورعمة في تلك الأيام؛ ولذلك صير والدًا لشبا وددان، ثم انفصمت عراه، فذكرت "رعمة" مع "شبا" تتاجر مع "صور""TYR" وذلك في سفر حزقيال2، أو أنه اسم أرض في شمال غربي العربية الغربية يجاور مواضع السبئيين الشماليين والديدانيين، أو في موضع ما من سواحل الخليج3.
وأما "سبتكا"، فلا نعرف من أمرها شيئا يذكر. وقد ذهب بعض العلماء إلى أنها تحريف لفظة "سبتة"4، ويرى "كلاسر" أنها في الأقسام الشرقية من جزيرة العرب5.
1 قاموس الكتاب المقدس "1/ 485"، tings، p. 780، enc. Bibli. P. 3997، hommel، aht. S. 240، montgomery، arabia، p. 30، 39، 42، 58، glaser، skizze، 2، s. 352، forster I p. 59. ff
2 حزقيال، الإصحاح 27، الآية 22.
3 forster، I p. 59. ff، skizze، 2، s. 252
4 forster، I p. 59. ff. glaser، skizze، 2، s. 252، hastings، p. 80
5 glaser، skizze، 2، s. 252، forster، 2، p. 59
الهاجريون:
وذكر في التوراة اسم شعب سكن في شرقي الأردن وفي شرقي أرض "جلعاد"، عرف باسم "الهاجريين". وهم من العرب أو من "بني إرم" في رأي بعض العلماء1، غير أن إطلاق هذه اللفظة على الإسماعيليين، يدل على أن المراد بهم العرب؛ لأن "الإسماعيليين" هم عرب، وأن "هاجر" كناية عن أم "إسماعيل" جد القبائل التي تحدثت عنها على رأي التوراة. وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن مراد التوراة من "الهاجريين" الأعراب، أي: البدو وهم عرب أيضا2. وقد امتدت منازل الهاجريين من الفرات إلى "طور سيناء"، فهي منطقة
1 قاموس الكتاب المقدس "2/ 446 وما بعدها"، أخبار الأيام الأول، الإصحاح الخامس، الآية 10، 19، 20، الإصحاح 27، الآية 31.
2 hastings، p. 325
واسعة تشمل البادية: بادية الشام، وتضم عددًا كبيرًا من الأعراب. وهي منازل "الإسماعيليين" أيضا، وقد يكون هذا هو السبب في عدم تمييز التوراة أحيانا فيما بين الهاجريين والإسماعيليين1. وقد ذكروا مع "يطور" Jetur" و"Naphish"، وهما من الإسماعيليين. وأشير إلى رجل من الهاجريين عرف بـ"يازيز""Jaziz"، ذكرت التوراة أنه كان يرعى بغنم داود2 في جملة أشخاص كان "داود" قد أودع إليهم أمر إدارة أمواله3.
وبعد، فهذا كلام موجز في أثر التوراة على روايات أهل الأنساب والأخبار في أنساب العرب. وقد رأيت أن مروجيه ومدخليه بين العرب هم أهل الكتاب، ومعظمهم من يهود أو من مسلمة يهود؛ لهذا ترى أسانيد أكثر هذه الروايات تنتهي بـ"كعب الأحبار" و"وهب بن منبه" وأضرابهما. وقد ينتهي السند بـ"ابن عباس"، من طريق "ابن الكلبي" عن أبيه، عن أبي صالح4. وللعلماء كلام في هذا السند و "ابن الكلبي" مورد مشهور معروف في هذه الموضوعات، لا يقابله في ذلك إلا "ابن إسحاق" الذي غرف، كما ذكرت في أول هذا الفصل، من مناهل أهل الكتاب، وكان يسميهم أهل العلم الأول، فملأ كتابه لذلك بغث كثير؛ لاعتماده على هؤلاء وتوثيقه لهم، ولم يكن لأكثرهم كما يظهر من نقد ما نسب إليهم علم بما جاء في التوراة، وبكتب اليهود الأخرى.
وقد ظهر لي من دراساتي لهذا الموضوع وللقصص الإسرائيلي عامة أن كثيرًا من هذا الذي يرويه أهل الأخبار في النسب وفي القصص، بعيد عما يرد في التوراة، وقد اخترع اختراعًا وصنع بغباوة وبجهل، وحُشي بألفاظ عبرانية أو قريبة منها، بطريقة مضحكة أحيانا، تدل على خبث واضع الخبر أو جهله، وعلى سذاجة الناقل عنه وعلى عدم اهتمامه إلا بإظهار نفسه بمظهر الواقف على الأخبار؛ ولذلك كان لا يهمه إلا جمع الأخبار وقصها للناس، وقد يكون هو واضع تلك الأخبار وصانع ذلك القصص.
1 the bible dictionry، vol. I، p. 499، 570
2 أخبار الأيام الأول، الإصحاح 27، الآية 31.
3 hastings، a dictionry، ii، p. 281
4 الطبري "1/ 203، 206، 208"، "دار المعارف".
وقد ذكر "الطبري" في تأريخه حديثًا يرجع سنده إلى رسول الله، في أبناء نوح، زعم أن الرسول قال:"سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش" ذكره بصور مختلفة، فيها تقديم وتأخير، أو زيادة في بعض الألفاظ. ويتصل أسانيد هذا الحديث بمختلف صور رواياته إلى سند واحد، هو:"سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن الرسول"1.
وهناك أحاديث وردت في موضوع نسب عدنان، فيها نهي عن تجاوز ما وراء ذلك، وهي وأمثالها يجب أن تكون موضع دراسة مستقلة حقا؛ لنرى سلاسل سندها، ومقدار قربها أو بعدها من حديث الرسول. فعلى مثل هذه الدراسة نستطيع أن نبني أحكامًا في موضوع رأي النسابين في نسب العرب في أيام الرسول.
ولا بد لي هنا من التنبيه على أن "محمد بن إسحاق بن يسار" صاحب المغازي والسير، هو -كما قلت مرارا- من الآخذين عن أهل الكتاب، الراوين عنهم2، وكان يسميهم أهل العلم الأول. وهم بالطبع من هذه الناحية أعلم من غيرهم بأمور التوراة والإنجيل، بحكم كونهم يهودًا أو نصارى؛ ولهذا نجد المؤرخين والأخباريين يروون ما ورد من قصص توراتي ومن أنساب توراتية عن "ابن إسحاق"، فهو إذن أحد الناشرين للإسرائيليات بين المسلمين. والقصص الإسرائيلي الذي نشره، ليس في الواقع قصصا إسرائيليا صافيا خاليا من الكدرة، بل هو متفاوت في درجات النقاء والصفاء؛ فيه العكر، وفيه ما هو قريب مما جاء في التوراة، وفيه ما هو مطابق لما جاء في "العهد القديم"، فهو نقي صافٍ. ويعود سبب هذا الاختلاف إلى الموارد التي استقى منها "ابن إسحاق" علمه، ففيها منابع كانت ذات علم ووقوف على كتب أهل الكتاب، وفيها موارد مدعية أو ليس لها حظ من العلم، وإنما تحدثت إليه على نحو ما كان شائعا بين أهل الكتاب، وبينها موارد استباحت الكذب، ادعاء للعلم ولأسباب أخرى، ومن هنا اختلفت موارد "ابن إسحاق" في درجات النقاء والصفاء.
1 الطبري "1/ 209"، "دار المعارف".
2 الإكليل "1/ 31".
و"هشام بن محمد بن السائب الكلبي" هو من الآخذين عن أهل الكتاب كذلك، المدخلين للإسرائيليات ولأنساب التوراة إلى المسلمين. وهناك نفر آخرون أخذوا عن أهل الكتاب أيضا، يخرجنا ذكر أسمائهم هنا عن صلب الموضوع؛ ولهذا اكتفيت بذكر هذين الرجلين، لما لهما من أثر بارز فيمن جاء بعدهما في موضوع الإسرائيليات وأنساب التوراة.
وأما ما نسب إلى "ابن عباس" من أقوال لها صلة بالتوراة فيجب دراسته بحذر ونقده نقدا عميقا، ومطابقته بما ورد في تلك الأسفار وفي كتب اليهود الأخرى، ونقد سلسلة السند التي تروي تلك الأقوال وتنسبها إليه، ولم يقم حتى الآن باحث لفت نظره هذا الموضوع؛ لذلك أرجو أن ينتبه إليه العلماء ليبدوا رأيهم فيه، ورأيهم في الأقوال المماثلة المنسوبة إلى صحابيين آخرين وتابعين؛ ليكون حكمنا في مثل هذه الأمور حكمًا مستندًا إلى درس وعلم.
ومما نسب إلى "ابن عباس" شعر مشهور معروف اليوم بين الناس قالوا: إنه نسبه إلى آدم، وأنه قال: إن آدم نظمه بعد قتل ابنه، وهو شعر موضوع بالطبع، وضع على آدم، على لسان ابن عباس، فقد نسبه بعض العلماء إلى أناس آخرين1.
ولم يعرف عن "كعب الأحبار" أنه ألف أو دون شيئا، إنما عرف عنه أنه كان يجلس مجالسه في المسجد يتحدث إلى الناس ويستعين بالتوراة أحياتا يقرأ منها عليهم، ويفسرها لهم2. ولكن "الهمداني" يذكر أنه كان قد كتب كتبًا، وأن أهل "صعدة" كانوا قد توارثوا كتبه ورووا منها. قال: روى الصعديون مرفوعا إلى إبراهيم بن عبد الملك الخنفري، قال: قرأت كتب كعب الأحبار، وكان كعب رجلًا من حمير من ذي رعين، وكان قد قرأ التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، وأوسع في العلم3. وقال أيضا: والوجه ما ذكرنا في أول السيرة من هذا الكتاب، ما رواه أهل صعدة عن كعب الأحبار في خلق آدم، ومن خلفه إلى نوح، وخبر الطوفان4. وقد
1 الإكليل "1/ 36".
2 ابن سعد، الطبقات "7/ 79".
3 الإكليل "1/ 55".
4 الإكليل "1/ 55".
نقل "الهمداني" نتفًا عن "الخلق" والأنبياء ونوح والطوفان في الجزء الأول من كتابه: الإكليل ذكر أنها لكعب الأحبار. والظاهر أنه أخذها من رواية أهل صعدة لكتب "إبراهيم بن عبد الملك الخنفري"، نقلًا من كتب كعب الأحبار1.
1 الإكليل "1/ 55".