الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والكمين، قال فيه:"وأحدث المتوكل في أيامه بناءً لم يكن الناس يعرفونه، وهو المعروف بالحيري والكمين والأروقة، وذلك أن بعض سمّاره حدثه في بعض الليالي: أن بعض ملوك الحيرة من النعمانية من بني نصر، أحدث بنيانًا في دار قراره، وهي الحيرة على صورة الحرب وهيأتها للهجته بها وميله نحوها لئلا يغيب عنه ذكرها في سائر أحواله، فكان الرواق مجلس الملك، وهو الصدر، والكمان ميمنة وميسرة، ويكون في البيتين اللذين هما الكمان من يقرب منه من خواصه وفي اليمين منهما خزانة الكسوة وفي الشمال ما احتيج إليه من الشراب، والرواق قد عم فضاؤه الصدر، والكمين والأبواب الثلاثة على الرواق، فسمي هذا البنيان إلى هذا الوقت بالحيري والكمين إضافة إلى الحيرة. واتبع الناس المتوكل في ذلك ائتمامًا بفعله، واشتهر إلى هذه الغاية"1. وفي هذا الوصف وصفه لذلك القصر الذي بناه أحد النعامنة. ولكن أي نعمان هو؟ هل هو النعمان صاحب الخورنق أو هو نعمان آخر بنى قصرًا آخر في عاصمته الحيرة.
وقد وجد بعض المؤرخين في هذا الوصف دلالة على احتمال كون القصر المعروف بـ "قصر المشتى"، هو من بناء أحد ملوك الحيرة، إذ وجد في خطة بنائه، وفي هذا الوصف شبهًا حمله على القول باحتمال كونه من أبنيتهم2.
1 مروج "2/ 369". "القاهرة 1346هـ""طبعة عبد الرحمن محمد"، "4/ 4 وما بعدها"، "دار الأندلس".
2 Die Araber، I، S، 595.
قوائم ملوك الحيرة:
يصعب تصور حدوث خلاف بين الأخباريين في أسماء ملوك الحيرة وعددهم ومددهم، لدعواهم أنهم أخذوا علمهم بهم من كتب كانت مدونة محفوظة في الحيرة ومن موارد أخرى هي كتب الفرس، وقد ذكر بعضهم ملاحظات من مثل قوله:"ذكر هشام عن أبيه أنه لم يجد الحادث فيمن أحصاه كتاب أهل الحيرة من ملوك العرب، قال: وظني أنهم إنما تركوه؛ لأنه توثب على الملك بغير إذن ملوك الفرس؛ ولأنه كان بمعزل عن الحيرة التي كانت دار المملكة، ولم يعرف له مستقر، وإنما كان سيارة في أرض العرب"3. ومثل ملاحظة أخرى
1 حمزة "ص71 وما بعدها".
لابن الكلبي أشرت إليها سابقًا، هي دعواه أنه كان يستخرج أخبار العرب وأنساب آل نصر بن ربيعة ومبالغ أعامر من عمل منهم لآل كسرى وتأريخ سنيهم ممن بيع الحيرة، وفيها ملكهم وأمورهم كلها1. فدعاوى مثل هذه لا تصور لنا وقوع اختلاف كبير بين الأخباريين في أسماء ملوك الحيرة: ومبالغ أعمارهم وتأريخ سنيهم وأمثال ذلك، مع إننا نجد بين الأخباريين اختلافًا غير يسير في أسماء الملوك وفي ترتيب توليهم الحكم ومقدار سنيهم وأمثال ذلك. والعجب أنهم يعتمدون على مورد أو موارد مشتركة قد يشيرون إليها، ثم إذا بهم يختلفون في أمور ما كان ينبغي وقوع اختلاف ما فيها لأخذها من مورد مشترك أو موارد مشتركة.
وعدة ملوك الحيرة قد يزيد على العشرين ملكًا بقليل عند بعض الأخباريين، وقد ينقص عن هذا العدد عند بعض آخر. وقد ذهب المسعودي إلى أن عدة ملوكهم ثلاثة وعشرون ملكًا من بني نصر وغيرهم من العرب والفرس، وأن مدة ملكهم ستمائة سنة واثنتان وعشرون سنة وثمانية أشهر2، وذهب حمزة إلى أن مدة ما حكمه ملوك الحيرة منذ عهد عمرو بن عدي الذي اتخذها منزلًا إلى أن وضعت الكوفة واتخذت منزلًا في الإسلام هي خمسمائة وبضع وثلاثون سنة3.
ونحن إذا فحصنا القوائم التي سجلها الأخباريون لملوك الحيرة، وفحصنا ما ذكروه من مدة حكم كل ملك إجمالًا، ثم قابلناه بما ذكروه بالنسبة إلى حكم ذلك مجزءًا على مدد حكمه بالقياس إلى من حكم في زمانه من ملوك الفرس، نجد اختلافًا بين ما ذكروه إجمالًا ثم ما ذكروه تفصيلًا، كذلك نجد مثل هذا الاختلاف بين المدة الإجمالية التي ذكروها لعمر مملكة الحيرة وبين المدد التي ذكروها لحكم كل ملك أيضًا على وجه الإجمال، مما يدل على أنهم لم ينتبهو إلى ملاحظة أمثال هذه الأمور الضرورية للمؤرخين.
ونجد قائمة "ابن الكلبي" لأسماء ملوك الحيرة ومدد حكمهم ومقدار حكم كل ملك بالنسبة إلى من عاصره من ملوك الفرس مدونة في تأريخ الطبري وفي تأريخ حمزة وفي تواريخ أخرى. ولاقتصار ابن الكلبي على ذكر مدد حكم ملوك
1 الطبري "2/ 37".
2 مروج "2/ 28".
3 حمزة "ص66".
الحيرة إجمالًا، ثم ذكرها تفصيلًا بما يقابل ذلك من سني حكم الأكاسرة دون الإشارة أبدًا إلى ما يقابل ذلك أيضًا بالقياس إلى القياصرة، نستطيع أن نقول إن ابن الكلبي لم يغرف من موارد تأريخية استندت إلى تواريخ الروم أو السريان، وإنما غرف من مناهل تأريخية فارسية أو معتمدة على الموارد الفارسية، ومن موارد أهل الحيرة وهي موارد يظهر أنها لم تكن تعتمد على أصول قديمة مدونة لتواريخ الحيرة؛ لأن أكثر ما رووه لا يختلف في طبيعته في الغالب عن النوع الذي ألفناه من أخبار الأخباريين.
وقد جزأ الطبري قائمة ابن الكلبي لملوك الحيرة، فوضعها قطعًا قطعًا في ثنايا حديثه عن ملوك الفرس وفي المناسبات، ولم يذكرها جملة واحدة في مكان واحد، أو في فصل مستقل خاص كما فعل غيره من المؤرخين، وتبلغ جملة ملوك الحيرة عشرين ملكًا، وقد ذكر مع كل ملك مقدار ما حكمه من سنين وأسماء من عاصرهم ذلك الملك من الأكاسرة.
أما هؤلاء الملوك فهم:
1-
عمرو بن عدي، وقد عاش مئة وعشرين سنة وحكم على حد قول ابن الكلبي مئة سنة وثماني عشرة سنة من ذلك في زمن "أردوان" و"ملوك الطوائف" خمس وتسعون سنة وفي زمن ملوك فارس أي الساسانيين ثلاثًا وعشرين سنة. من ذلك في زمن أردشير بن بابك أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وفي زمن سابور بن أردشير ثماني سنين وشهران.
2-
امرؤ القيس البدء. وقد عاش مملكًا في عمله مئة سنة وأربع عشرة سنة من ذلك في زمن سابور بن أردشير ثلاثًا وعشرين سنة وشهرًا، وفي زمن هرمز بن سابور سنة وعشرة أيام، وفي زمن بهرام بن هرمز بن سابور ثلاث سنين وثلاثة أشهر وثلاثة أيام، وفي زمن بهرام بن بهرام بن هرمز بن سابور بن أردشير ثماني عشرة سنة، ولكنك إذا جمعت هذه المدد وقابلت حاصل الجمع، وجدت فرقًا كبيرًا بين ما زعمه ابن الكلبي من أنه حكم 114 سنة، ثم ما زعمه هو نفسه من حكم هذا الملك مجزءًا بالنسبة إلى ملوك الفرس.
3-
عمرو بن امرؤ القيس، وقد حكم على رواية ابن الكلبي أيضًا ثلاثين سنة. وعاصر من الملوك سابور وأردشير بن هرمز بن نرسي وبعض أيام سابور بن سابور.
4-
أوس بن قلام، وقد حكم خمس سنين في أيام سابور بن سابور وبعض أيام بهرام بن سابور ذي الأكتاف.
5-
امرؤ القيس البدء بن عمرو بن امرئ القيس، وقد حكم خمسًا وعشرين سنة. حكم في أيام بهرام بن سابور ذي الأكتاف، وهلك في عهد يزدجرد الأثيم.
6-
النعمان بن امرئ القيس، وقد ملك تسعًا وعشرين سنة وأربعة أشهر، من ذلك في زمن يزدجرد خمس عشرة سنة، وفي زمن بهرام بن يزدجرد أربع عشرة سنة. وينقص ذلك أربعة أشهر عن العدد الإجمالي الذي ذكره ابن الكلبي.
7-
المنذر بن النعمان، وقد ملك أربعًا وأربعين سنة، من ذلك في زمن بهرام جور بن يزدجرد ثماني سنين وتسعة أشهر، وفي زمن يزدجرد بن بهرام ثماني عشرة سنة، وفي زمن فيروز بن يزدجرد سبع عشرة سنة.
8-
الأسود بن المنذر، وقد حكم عشرين سنة، من ذلك في زمن فيروز بن يزدجرد عشر سنين، وفي زمن بلاش بن يزدجرد أربع سنين، وفي زمن قباذ بن فيروز ست سنين.
9-
المنذر بن المنذر بن النعمان وقد ملك سبع سنين.
10-
النعمان بن الأسود بن المنذر، وكان ملكه سبع سنين.
11-
أبو يعفر بن علقمة بن مالك بن عدي بن الذميل، وكان ملكة ثلاثة سنين.
12-
المنذر بن امرئ القيس البدء، وكان ملكه تسعًا وأربعين سنة.
13-
عمرو بن المنذر، وكان جميع ملكه ست عشرة سنة.
14-
قابوس بن المنذر، وقد ملك أربع سنين: ثمانية أشهر منها في زمن أنو شروان، وثلاث سنين، وأربعة أشهر في زمن هرمز بن أنو شروان.
15-
السهرب.
16-
المنذر بن المنذر أبو النعمان، وقد ملك أربع سنين.
17-
النعمان بن المنذر أبو قابوس، وقد ملك اثنتين وعشرين سنة، من ذلك في زمن هرمز بن أبو شروان سبع سنين وثمانية أشهر، وفي زمن كسري أبرويز بن هرمز أربع عشرة سنة وأربعة أشهر.