المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل الخامس والثلاثون: مملكة تدمر ‌ ‌مدخل … الفصل الخامس والثلاثون: مملكة تدمر ويتصل الحديث - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ٥

[جواد علي]

الفصل: ‌ ‌الفصل الخامس والثلاثون: مملكة تدمر ‌ ‌مدخل … الفصل الخامس والثلاثون: مملكة تدمر ويتصل الحديث

‌الفصل الخامس والثلاثون: مملكة تدمر

‌مدخل

الفصل الخامس والثلاثون: مملكة تدمر

ويتصل الحديث عن النبط بالحديث عن مكان آخر له علاقة بهم أيضًا، هو "تدمر" المعروف بـ "Palmyra" عند الغربيين الذين ورثوا هذه التسمية عن الرومان واليونان. وهو "تدمر امور" المذكور في كتابة من كتابات "تغلت فلاصر الأول""Tiglat- Pileser I" = "Tiglath- Piles""1117-1080 ق. م."1 على رأي بعض الباحثين. وقد ورد اسم المدينة وهو "تدمر" في عدد من الكتابات كما ورد اسم علم للأشخاص.

وقد رأى بعض الباحثين أن "Palmyra" من لفظة "Palma" اللاتينية ومعناها "نخل""نخلة"، وأن الإسكندر ذا القرنين لما تغلب عليها أطلق عليها "Palmyra" أي مدينة النخل، وذلك لما يكتنفها من غابات النخل العظيمة، فعرفت عند اليونان والاتين منذ لك الحين بهذا الاسم2. غير أن هذا رأي يحتاج إلى إثبات، فليس لدينا دليل من عهد الإسكندر يؤيد هذا القول. وليست لدينا حجة دامغة تثبت وجود النخل في هذه المدينة إثباتًا يستوجب تسمية الموضع

1 Ency.، Vol.، Iii، P.1020، Hommel، In Zdmg.، Xiiv، 547، Syria، Revue D’art Oriental Et D’archeologie، Tome، Vii، Paris، 1926. P.77، Dhorme: Palmyre Dans Les Textes Assyriens، Revue Biblique، 1924، Pp.106، Ency. Brita.، Vol.، 17، P.161، Reallex.، I، Iv، S.، 280.

2 قاموس الكتاب المقدس "1/ 282". Ency.، Iii، P.1020.

ص: 76

بـ "Palmyra" أي مدينة النخل1.

وهناك آراء متباينة في سبب تسمية "تدمر" بهذا الاسم، هي موضع جدل، وليس فيها رأي يمكن الاطمئنان إلى صحته وترجيحه على غيره، لذلك أترك البحث عنه إلى المراجع التي بحثته2.

ويظن بعض الباحثين أن "Palmyra" هي ترجمة لكلمة "تمار""تامار""تمر""Tamar" العبرانية ومعناها "نخلة""Date- Palm"، وهي في الأصل اسم موضع إلى الحنوب الشرقي من يهوذا ورد ذكره في "حزقيال"، لا يعرف موضعه اليوم على وجه التحقيق3. ويرى علماء التوراة أنه الموضع الذي بناه سليمان والمذكور في "الملوك الأول" وأن خطأ وقع قديمًا في تعيين الموضع فجعل "تدمر"، سببه أن كتبة أسفار "أخبار الأيام" أو الكتبة قبلهم أخطأوا في معرفة موضع "تامار" "Tamar" الواقع في الصحراء اليهودية جنوب البحر الميت، فظنوا أنه "تدمر" المدينة الشهيرة المعروفة، وكتبوه "تدمر" في محل "تامار"4. فالأصل إذن هو "تامار". وصارت "تدمر" نتيجة لهذا التغير في جملة المدن التي بناها "سليمان". وقد كتبت "أسفار أخبار الأيام""Chronicles" في حوالي سنة "300" أو "200" قبل الميلاد، لذلك يكون هذا التبديل والتغير قد ظهر في حوالي هذا الوقت5. ومنه صارت "تامار" "تدمر" ومنه أصبح معنى "تدمر" مدينة النخل، أي "Palmyra" عند اللاتين واليونان وقد ظهرت هذه الترجمة بعد تدوين أخبار الأيام بالطبع. ومنها جاءت أسطورة بناء سليمان لمدينة "تدمر" في هذه المنطقة البعيدة عن حدود مملكة إسرائيل6.

1 Hasting، P.889، Johannes Oberdick: Die Romerfeindlichen Bewegungen Im Orient، Berlin، 1869، S.، 44.

2 Ency.، Iii، P.1020، Hommel، In Zdmg.، Xliv، 547، M. Hartmann، In Zdmg.، Xxlii، 128.

3 حزقيال، السفر 47، الآية 19، والسفر 28، قاموس الكتاب المقدس "1/ 300".

4 الملوك الأول، الإصحاح التاسع، الآية 18، قاموس الكتاب المقدس "1/ 282 وما بعدها".

Hastings.، P.892،Ency.. 892 Ency.. Iii، P.1020، The Universal Jewish Encyclopedia Vol.، 8، P.381.

5 Ency. Brita. Vol. 17، P.161، Hastings، P.889.

6 Ency. Bibli، P.4886، Hastings. P.889.

ص: 77

وعلى كل حال، فإن الذي نستنبطه من قصة إضافة "تدمر" إلى المباني التي نسب بناؤها إلى سليمان، هو أن هذه المدينة كانت قد اكتسبت شهرة في أيام تدوين أسفار "أخبار الأيام" وأنها كانت مدينة عامرة شهيرة فيما بين السنة "300" و"200" قبل الميلاد1.

ويجوز أن تكون الشهرة التي اكتسبتها مدينة "تدمر""تذمر" في أيام كتبة أسفار "أخبار الأيام" هي التي حملتهم على إضافتها إلى أعمال "سليمان"؛ لأنها "بمباني سليمان" أليق وأنسب من موضع صغير هو "تامار"، فأضافوا هذه المدينة الشهيرة إليه، لتدل على شهرته وعلى مدى بلوغ ملكه في أيامه. وقد أضيف إلى ملك سليمان على هذا النحو من الإضافات ما لا تصح إضافته إليه، وبولغ في ملكه وحكمه في الأيام القديمة التي تلت أيامه؛ لأنه كان من أشهر ملوك "بني إسارئيل"، حتى صارت أخباره من قبيل الأساطير.

وذهب المؤرخ اليهودي "يوسفوس فلافيوس" هذا المذهب أيضًا، فنسب بناء "تدمر" إلى "سليمان"2. أخذ رأيه هذا من هذا الموضع من التوراة بالطبع، ومن الروايات التي وصلت إليه وكانت قد ظهرت قبله، للسبب المذكور.

أما الروايات العربية، فهي لا تفيد علمًا ولا تصلح أن تكون دليلًا، فهي روايات متأخرة دخلت إلى المسلمين من أهل الكتاب، أشاعها وروجها أمثال "ابن الكلبي" بين الأخباريين، فأخذوها بغير تحقيق ولا تدقيق. وقد ذكر "ياقوت الحموي" أن قومًا يزعمون أنها مما بنته جن سليمان، وأن أهل تدمر يزعمون أن ذلك البناء قبل سليمان بزمان3.

ولدينا أبيات نسبت إلى "النابغة الذبياني" تتضمن أسطورة بناء جن سليمان لتدمر، امتثالًا لأمره الذي أصدره إليها، فقد نسب إليه قوله:

1 Hastings، P.889، Die Araber، I، S.، 344.

2 Hommel، In Zdmg.، Xiiv، 547، Ency.، Iii، P.1020، P. Dhorme. Palmyre Dans Les Textes Assyriens، In: Revue Biblique، 1924، Pp.106.

3 البلدان "2/ 369"، "ثم عاد إلى الشام، فوافى تدمر، وكانت موطنه". "ملك سليمان"، الأخبار الطوال "20".

ص: 78

إلا سليمان إذ قال الإله له

قم في البرية فاحددها عن الفند

وجيش الجن إني قد أمرتهم

يبنون تدمر بالصفاح والعمد1

ولا يصلح شعر النابغة ولا أمثاله من شعراء الجاهلية أن يكون حجة في بناء "سليمان" لتدمر. فمن الجائز أن يكون النابغة أو غيره، قد أخذ فكرته هذه من أهل الكتاب، ومن الجائز أن يكون هذا الشعر من وضع الوضاعين نسبوه إليه. وقد وضعت أشعار في الإسلام ونسبت إلى الجاهليين، وإلى آدم وهابيل وقابيل والجن وإبليس.

وبين الأخباريين من ينسب بناء "تدمر" إلى "تدمر بنت حسان بن أذينة بن السميدع بن يزيد بن عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح". وذكروا قصة تفيد عثورهم على قبر "تدمر بنت حسان"2. وقد أعجبوا ببنائها ووصف الشعراء صورتين جميلتين من بقية صور كانت فيها. وقد حاصرها خالد بن الوليد ثم ارتحل عنها فبعث أهلها رسلًا وصالحوه على ما أدوه له ورضي به3. أما قصة العثور على قبر في تدمر ووجود جثة فيه، فأمر ليس ببعيد ولا بغريب. وأما قصة "تدمر بنت حسان" ونسبها والكتابة التي على قبرها، فهي من وضع الأخباريين والقصاص ولا شك4.

وقد أشار "بلنيوس""بلينيوس" إلى مدينة "Palmyra"، وهو أول كاتب "كلاسيكي" عرض لها، فذكر أنها مدينة شهيرة، ولها موقع ممتاز أرضها خصبة، وبها ينابيع وعيون، تحيط بحدائقها الرمال. وقد عزلتها الطبيعة عن العالم ببادية واسعة الأطراف، بعيدة المسافات، وتقع بين إمبراطوريتين عظيمتين إمبراطورية "رومة"، وإمبراطورية "الفرث""Parthia"، ولهذا

1 "وخيس الجن. إني قد أذنت لهم". اللسان "خ/ ي/ س"، معجم ما استعجم "1/ 194"، "وستنفلد"، البلدان "/ 369"، المشرق، السنة الأولى العدد 11، حزيران، 1898م "ص 496"، مروج الذهب "2/ 244"،

"دار الأندلس"، "ذكر الأخبار عن بيوت النيران، وغيرها".

2 البلدان "2/ 369"، معجم ما استعجم "1/ 194".

3 البلدان "2/ 371".

4 Lidzbarski، Ephemeris، I، S.، 207.

ص: 79

استرعت أنظار الدولتين1. وورد اسمها في كتب "الكلاسيكيين" الذين عاشوا بعد "بلينيوس" مما يدل على ازدياد شهرة هذه المدينة بعد الميلاد2.

ويعود الفضل في حصولنا على معارفنا التأريخية عن تدمر إلى الكتابات التدمرية التي درسها المستشرقون وترجموها إلى لغاتهم وشرحوا ما جاء فيها، وهي بالإرمية واليونانية ثم اللاتينية والعبرانية، نشرت في كتب خاصة وفي كتب الكتابات السامية وفي ثنايا المجلات3. وإلى كتب المؤلفين اليونان والاتين والسريان. من هذه الموارد الرئيسية استقى المؤرخون معارفهم عن تأريخ هذه المدينة، تضاف إليها موارد ثانوية ذكرت "تدمر" عرضًا لوجود مناسبة دعت إلى ذلك مثل سجلات المجامع الكنيسية والتلمود.

أما تأريخ المدينة فلا نعرف من أمره شيئًا يذكر يعود إلى ما قبل الميلاد. وأكثر ما كتب عن مدينة "تدمر" يعود إلى ما بعد الميلاد.

وكان غالبية أهل "تدمر" برغم كتابة أمورهم بالإرمية وبالقلم الإرمي من العرب على رأي أكثر الباحثين، شأنهم في ذلك شأن نبط "بطرا"4. وهم يرون أن القبائل العربية التي أخذت تستولي على المناطق الخصبة الواقعة في شرقي أرض "كنعان"، بعد سقوط الدولة البابلية، كتبوا بالإرمية؛ لأنها كانت لغة الكتابة

1 Pliny، Nat. Histo.، V، Xxi، 88، William Wright، An Account Of Palmyra And Zenibia With Travels And Adventures In Bashan And The Desert، London، Wright: وسيكون رمزه 1896، P.110.

2 Ency. Bibil. P.4886.

3 راجع الموراد الآتية فيما يتعلق بكتابات تدمر:

Repertoire D’epigraphie Semitique، Corpus Inscriptionum Latinarum، Corpus Inscriptionum Graecarum: Cantineau. Inventaire Des Inscriptions De Palmyre، Beyrouth 1930: Littmann: Semitic Inscription، Part Iv Of “The Publications Of An American Archeological Expedition To Syria In 1899-1900”: Sabernheim: Palmyrenische Inschriften، In: Mittellungen Der Vorderasiatischen Gesellschaft، 1905: De Vogue: Syrie Centrale – Insciptions Semitiques، 1868: J.B. Chabot: Notes D’epigraphie D’archeolegie Orientales، In: Journal Asiatique، 1897-1901: Cooke: Textbook Of North Semitic Inscriptions: Syria، Tome Xiv، 1933، Pp.158، 169: Cantineau: Inscriptions Palmyrennes، Damas 1930: Fr. Rosenthal: Die Sprache Der Palmyrenischen Inschriffen.

4 Fr. Rosenthal، Das Sprache Der Palmyren Inschriftten.

ص: 80

والثقافة في المنطقة الواسعة الواقعة غربي الفرات1. وتظهر في بعض الكتابات بعض المصطلحات والكلمات العربية الأصيلة، كما نجد فيها أسماء أصنام عربية مع أصنام إرمية2. وبالجملة فإن في "تدمر" ثقافة هي خلاصة جملة ثقافات: عربية وإرمية ويونانية ولاتينية، وأقدم كتابة عثر عليها فيها لا يتجاوز تأريخها سنة "304" من التأريخ السلوقي، أي سنة "9" قبل الميلاد3.

كانت تدمر عقدة من العقد الخطيرة في العمود الفقري لعالم التجارة بعد الميلاد تمر بها القوافل تحمل أثمن البضائع في ذلك الوقت. كانت على اتصال بأسواق العراق وما يتصل بالعراق من أسواق في إيران والهند والخليج والعربية الشرقية، كما كانت على اتصال بأسواق البحر المتوسط ولا سيما ديار الشأم ومصر، كما كانت على اتصال بالعربية الغربية وبأسواقها الغنية بأموال إفريقية والعربية الجنوبية والهند. إن هذه التجارة هي التي أحيت تلك المدينة. كما أن تغير طرق المواصلات بسبب تغير الأوضاع السياسية هو الذي شل جسم تلك المدينة فأقعدها عن الحركة بالتدريج.

لقد كانت القوافل الذاهبة من العراق إلى بلاد الشأم، أو القادمة من بلاد الشأم إلى العراق، تمر بمدينة "تدمر". وكان الموضع الذي تحط فيه قوافل "تدمر" هو موضع "Vologesies" = "Vologesokerta" على نهر الفرات. ومن هذا المكان تنقل التجارة إلى الجهات المقصودة في العراق، ومنه تحمل تجارة العراق بالبر إلى "تدمر" فدمشق4.

ويظهر من كتابة عثر عليها في إحدى المقابر أن القوافل التجارية كانت تمر في حوالي سنة مئة قبل الميلاد بمدينة "تدمر" في أثناء أسفارها بين مدينة "دورا""Doura" والشأم. وبين الطريق القديم وهذا الطريق، تسكن قبائل عربية من سكان الخيام. أي من النوع المعروف باسم "سكينيته""Skenita" عند "الكلاسيكيين"5.

1 Ency. Brita، 17، P.161.

2 Syria، Xiv، 1933، Noldeke: Uber Orthographie Und Sprache Des Palmyrener، In Zdmg.، Xxiv، 1870، S.، 85.

3 Cook: Northsemitic Inscriptions، No. 141، Vogue: Syrie Centrale، No. 30a.

Ency.، Brita.، 17، P.162.

4 Die Araber، Ii، S.، 61.

5 The Cambridge Ancient History، Vol.، Ix، P.599.

ص: 81

وقد اقتضت هذه الأعمال التجارية الواسعة تكوين علاقات سياسية واقتصادية مع الفرس والرومان والروم والقبائل العربية في البادية التي لم يكن من الممكن مرور قوافلها في أرضها بسلام ما لم يتفق مع سادتها على دفع إتاوة سنوية، أو جعل معلوم. ولضمان سلامة قوافلها، اضطرت كما اضطر غيرها إلى إرسال حراس معها وإلى إنشاء مواضع للحماية والاستراحة في مواضع متعددة من البادية. ونجد في الأخبار أن التدمريين جمعوا فأول أهل المدينة الذين سرحوا من الجيش الروماني أو الذين أجبرهم الاضطراب أو ضعف قادة الجيش الروماني، أو عنجهيتهم على ترك الخدمة في جيش الرومان، وألفوا منهم جيشًا درب تدريبًا حسنًا، وصار قوة مقاتلة متفوقة على قوات الأعراب بما توفر عندها من حسن التدريب والطاعة والنظام، واستطاعوا بهذه القوات من الهيمنة على أبناء البادية الجياع إلى الغزو والسلب ونهب القوافل، ووضعوا لهم حاميات في المراكز الضرورية الحساسة. فقد ورد في الكتابات أنه كان لهذه المدينة حامية "Militia" في "عانة""عاناتا""Anath" = "Anatha" في عام "132" و"225" بعد الميلاد، وفي "الحيرة "Hirtha" في سنة "132" بعد الميلاد وفي "دورا" "Doura" في سنة "168" و"170" للميلاد1.

وقد عثر على مدافن بمقربة من القدس وجدت فيها كتابات تدمرية دونت عليها أسماء أصحاب تلك القبور، ويظهر أنهم من جنود "تدمر" الذين التحقوا بالجيش الروماني، وخدموا فيه، وقد اشتركوا مع الرومان في محاصرة القدس. ويجوز أن يكون بعضهم من التجار جاؤوا إلى هذه المدينة، فأقاموا بها للاتجار.

وقد كون الرومان فرقًا من الجنود التدمريين المرتزقة الذين التحقوا بالجيش الروماني، فاستفادوا منهم في قتال القبائل الغازية بصورة خاصة وفي القتال في البوادي لخبرتهم بها ولقدرتهم على القتال في هذه المواضع وتمكنهم منها، كما استخدموهم في قتال الفرس ومن كان في خدمتهم من الأعراب. واشتهر التدمريون في فن الرماية، فكانوا في أيامهم من خيرة الرماة بالسهام، ولذلك استعان بهم الرومان وألفوا كتائب منهم اشتهرت في الحروب. ولما سقطت "تدمر" احتفظ

1 Byrtus. Vol.، Iii، Fasc.، I، 1943، P.25، 55، Cih. Ii. 3973. A. Cantineau: Syria.

ص: 82

الرومان بهم في جيوشهم، فاستخدموهم في حروبهم في شمال إفريقية. وقد عثر على كتابات أثبتت أنهم كانوا في جملة القوات الرومانية التي كانت في بريطانية1.

واشتهر التدمريون بفرسانهم كذلك، فقد ألف "أذينة" قوة من القوات الراكبة لمحاربة أعدائه، جهزها بأسلحة واقية من دروع ومن صفائح من المعدن يلبسها الفارس من أعلى رأسه إلى أسفل قدمه، فلا يستطيع عدوه أن يناله بأذى، كما درعت الخيل والجمال بصفائح الوقاية، على نحو ما كان يفعله الفرس في قوافلهم الراكبة في أثناء القتال. وقد اكتسبت هذه القوات شهرة واسعة في حروبها مع الفرس والرومان2.

وكان أهل تدمر خليطًا من تجار ومزارعين. أما أطرافها وحواليها، فكانوا أعرابًا ورعاةً. وكانت مدينة يونانية ولكنها لم تكن مثل المدن الأخرى المتأثرة بالهيلينية في الشرق، ولم تخضع لنظام المدن اليونانية "Greek Polis"، وكانت خاضعة للرومان وبها حامية رومانية، ولكن خضوعها كان في الواقع صوريًّا، كما أن الحامية لم تكن شيئًا تجاه أهل المدينة والقبائل المحيطة بها. كانت المدينة بالرغم من الطابع الهليني –الروماني الذي يبدو عليها، مدينة شرقية، الحكم فيها في يد الأسر ذات السلطان في البلدة تحكمها في السلم والحرب. لقد خلقت الاضطرابات السياسية التي حدثت في الشرق لضعف الحكومات الكبرى وانحلالها وانقسامها إلى "ملوك طوائف" جماعة من الحكام السادات "Tyrannies" تزعموا القبائل أو المدن، وشاركوا الحكومات في الحكم. ومن هؤلاء الأسرة التي حكمت "تدمر". والأسرة التي حكمت "حمص""Emesa"= "Hemesa"3.

وكانت في تدمر جاليات يونانية ورومانية، أقامت فيها وفضلت السكنى فيها على المواضع الأخرى. أقامت بين أهل المدينة حتى صارت من سكان المدينة، كما كانت فيها جاليات يهودية نزحت إليها في زمن لا نستطيع تعيينه بالضبط، قد يكون قبل سقوط القدس في أيدي الرومان بأمد للاتجار، قامت بأعمال التبشير بين

1 Enc. Brit. 17، P.163، Cooke، Nsi، Pp.250 312، Lidzbarski، Ephemeris. Ii، S.، 92.

2 Die Araber، Ii، S.، 259.

3 Byrtus، Vol.، Iii، I، 1943، P.،54، M. Rostovtzeff: Social And Economic History Of The Hellenistic World، Ch.، Vi.، Pp.، 842، 852.

ص: 83

السكان، فتهود أناس منهم، ورحل قسم من هؤلاء المتهودين إلى القدس، وأقاموا فيها قبل خراب الهيكل بأمد1.

تمكنت هذه المدينة الصحراوية من رفع منزلتها من منزل منعزل في البادية تنزل به القوافل إلى مكانة مدينة من الدرجة الأولى، ومركز ديني خطير لعبادة الأصنام يحج إليه أعراب البادية، وسوق للتجارة تكدست فيه أنفس البضائع وأثمنها وتجمعت فيه رؤوس الأموال والذهب والفضة والجواهر ولا سيما بعد سقوط "بطرا" بأيدي الرومان، وذهاب ملكهم، فانتقلت أسواقهم إلى أيدي التدمريين. وتولت قوافل "تدمر" نقل البضائع بين العراق والشأم مختقرة البادية إلى المرافئ العراقية على الفرات. وقد عادت هذه القوافل على المدينة بخير عميم من أجور الوساطة في البيع والشراء ومن الضرائب التي تجبيها عن البضائع التي تمر بها أو تباع فيها، والتي يحددها مجلس سادات المدينة. وتتبين مظاهر هذه الثروة في المباني الجميلة المنقوشة والتي تتحدث آثارها عنها، وفي بقايا الهياكل والأعمدة المرتفعة الجميلة المصنوعة من الحجر الصلد المصفوفة على جانب الشارع الكبير من قوس النصر المقام عند المعبد الكبير إلى نهايته في مسافة لا تقل عن "1240" ياردة2.

ولما كانت "تدمر" مدينة حياتها الأساسية بالتجارة، صار للتجار وأرباب القوافل ولزعماء القوافل شأن خطير في الحياة الاجتماعية للمدينة، حتى أشير إليهم في الكتابات، حيث كثر فيها ورود ذكر "زعيم القافلة" و"زعيم السوق"3.

ومدينة مهمة لها مال وثروة وليس لها جيش ضخم قوي ولا مجال لتكوين هذا الجيش فيها، لا يمكن أن تبقى في مأمن ومنجاة من مطامع الطامعين. ولو كانت في بقعة منعزلة وفي بادية بعيدة. فقد كان لعاب الدول القوية يسيل عند سماعها بوجود شعوب صغيرة أو حكومات مدن أو مواضع ذات ثراء ومال، فتكتب إليها إما بإعطاء ما عندها إليها، وإما بدفع جزية ترضيها، راضية مرضية، وإما أن تمتنع فتزحف جيوشها عليها عندئذ فيكون كل ما يصل إليه يدها حلالًا طيبًا، ويكون الناس لها عبيدًا وخولًا، لا نستثني "تدمر" من هذا الولع

1 The Universal Jewish Encyclopedia، 8، P.،381.

2 Ency. Brita.، 17، P.،162، Syria ، Xxiv، 1933، P.، 396، “Premieres Restaurations A L’arc Monumental De Palmyre”، By Robert Amy:

3 Cooke: North-Semitic، Pp.، 274، 279.

ص: 84

الإنساني بالحصول على الثراء السهل بالطبع. لذلك طمع فيها الطامعون من شرقيين وغربيين. طمع فيها أهل العراق، وطمع فيها الفرس، وطمع فيها اليونان والرومان والبيزنطيون. وكان أول طامع فيها وصل خبره إلينا من الفاتحين الأقوياء هو الملك "تغلت فلاصر""تغلات بليزر""Tiglath-Pilezer" الأول، تلاه جملة غزاة ورثوا الحكم والملك والتسلط في أرض الشرق الأدنى.

وإذا عرفنا أن "تغلت فلاصر الأول""1117-1080ق. م."، كان قد استولى عليها، فإن ذلك ينفي ما ورد في أخبار اليهود من بناء سليمان لتلك المدينة على نحو ما ذكرت. فقد جاء حكم "سليمان" بعد حكم هذا الملك الآشوري بنحو قرن، وقد كانت المدينة قائمة قبل ذلك الملك بالطبع.

وقد صارت "تدمر" في جملة الأرضين التي أخضعها "الإسكندر" الكبير لحكمه. لحكم تلك الإمبراطورية التي أراد أن يكونها في ذلك العالم، ليوحد فيها الأجناس والأديان، وليقيم مملكة واحدة على هذه الأرض. ومن عهد الإسكندر ظهر اسم "تدمر" الأجنبي، أي "بالميرا""Palmyra" بين اليونان واللاتين1.

ولما انقسمت دولة "الإسكندر" قسمين، صارت "تدمر" من نصيب "السلوقيين" على ما يظهر. ولكننا لا نعلم شيئًا عن عهد استيلائهم عليها، ولا عن مدة بقائهم فيها. وقد حاولت "تدمر" أن تقف موقف الحياد بين "الفرث" والرومان، وتمكنت من ذلك أمدًا، إذ كان من مصلحة الدولتين المتنافستين وجود محل منعزل محايد، كي يتمكن تجار الدولتين من الاتجار فيه ومن التسوق منه2.

وقد قام أحد القادة السلوقيين ببناء حصن ليضم إليه الجنود المقدونيين في مدينة "تدمر". فعل ذلك سنة "280" قبل الميلاد. ولعل هذا الحصن، هو واحد من سلسلة حصون أقامها السلوقيون في المواضع المهمة ذات المكانة الخطيرة من الوجهة السياسية والعسكرية والتجارية لحماية مصالحهم فيها3.

ولا يعرف تأريخ خضوع تدمر للرومان معرفة أكيدة. وقد ورد في تأريخ "أفيفانوس" أن "مرقس أنطونيوس" القائد الروماني بعد أن حارب الملوك

1 Agnes Carr Vaughan، P.،7، New York، 1967.

وسيكون رمزه. Vaughan

2 Vaughan، P.، 8.

3 Freya Sterk: Rome On The Euphrates، P.،242، New York، 1967.

ص: 85

"الأرشكيين"، ودارت عليه الدوائر توجه إلى الشأم عائدًا من ثم إلى "رومة" فلما قرب من "تدمر" أوفد إلى أهلها رسلًا يخبرونهم أنه قاصد مدينتهم ليريح فيها جنوده من أتعاب الحرب ومشقة الطريق. وكان يريد في نفسه الاستيلاء على المدينة وأخذ ما فيها من أموال ونفائس

فأحسن التدمريون بالمكيدة، وبادروا إلى نقل أموالهم وما يملكون من أشياء ثمينة، فتعقبهم الرومان حتى أدركوهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا كانت الغلبة فيه للتدمريين1. أما المدينة نفسها فقد حل بها الخراب وأصبحت ركامًا، وكان ذلك في حوالي سنة "41" قبل الميلاد2.

وفي أيام القيصر "طيباريوس""طبريوس""Tiberius""14-17م" كانت "تدمر" في جملة الأرضين التابعة لحكم الرومان3.

ونجد بين الكتابات التي عثر عليها في هذه المدينة قوائم "كمركية" تبين بعض الرسوم التي كانت تجبى عن البضائع وأثمانها باليونانية والتدمرية يعود تأريخها إلى سنة "17" بعد الميلاد4.

ويظهر من قائمة الضرائب التي وضعت في أيام "جرمانيكوس""Germanicus""17-19م" لجبايتها عن البضائع التي ترد دوائر "كمارك" المدينة، وفي أيام "دوميطيوس كوربولو""Domitius Corbulo""57-66م" أن مدينة "تدمر" كانت في نفوذ وحكم "رومة" في العصر الأول للميلاد. وقد كانت تابعة للرومان في أيام الانبراطون "فيسبسيان""Vespasian""60 -79م". غير أن هذا لا يعني أنها كانت خاضعة للرومان خضوعًا تامًا، وأن الإشراف على شؤون المدينة كان كله بأيدي موظفي "رومة"، بل كان ذلك إشرافًا عامًّا، أما الإدارة فكانت بأيدي أهل المدينة5. وأن الحكم الروماني لم يتدخل في أمورها تدخلًا فعليًّا. حتى إن الرومان سمحوا للمدينة الاحتفاظ بحامياتها "Militia" التي

1 المشرق، السنة الأولى، العدد 13، 1 تموز 1898 "ص 588".

Appian: De Bello Civili، V، 9. Wright، P110.

2 Oberdick: Syria، Tome، Vii، S.، 46، 1926، P.،77، Mommsen: Romische Geschichte، 1894، V.S.، 243، Ency. Brita.، 17، P.،162، Syria. Xxii، 1941، Pp.،170.

3 Vaughan، P.،8.

4 Cooke، Pp.،313-332، J. A. Chabot، Ii، 301

5 Ency. Brita.، 17، P.162، Jean Starcky: Palmyre، Paris، 1952، Pp.،27.

ص: 86

كانت لها في الخارج في مثل موضع "Vologasia" وفي مواضع أخرى1.

وقد زارها الانبراطور "هدريانوس""Hadrianus""117-138م""سنة "130" بعد الميلاد، ومنحها لقب "هدريانا بالميرا" "Hadriana Palmyra" و"هدريا نوبوليس" "Hadrianopolis"2. وعثر فيها على كتابة مدونة بالإرمية واليونانية يرتقي تأريخها إلى سنة "137" بعد الميلاد، أي إلى أيام هذا الانبراطور، جاء فيها أشياء تخص الأحوال التجارية في هذه المدينة أصدرها مجلس سادات المدينة لتنظيم التجارة، وتثبيت الضرائب، وكيفية الجباية وما إلى ذلك من أمور. وهي من الكتابات المهمة الطويلة التي ترينا ناحية خطيرة من نواحي حياة تدمر3.

وقد بذل "هدريانوس" عناية كبيرة بـ "تدمر"، حتى قيل فيه أنه مؤسس المدينة الثاني، واعتنى عناية خاصة بحماية الطرق البرية التي تصلها بنهر "الفرات" الذي كان شريانًا مهمًّا من شرايين التجارة العالمية في ذلك العهد، فقد كان يقوم بالمهمة التي عهدت إلى "قناة السويس"، فيما بعد. ولأهمية هذا النهر الذي هو الممر المائي الذي يوصل تجارة ذلك المحيط الغالية إلى الموانئ الواقعة عليه، سعى لتحسين صلاته بالفرس وبالمحافظة على الأمن في البادية، لتتمكن القوافل من المرور منها بأمن وسلام. وأوصل حامياته إلى شواطئ الفرات الغربية، بل يقال أنه أنشأ أسطولًا فيه، وأن التجار التدمريين أقاموا في مدينة "Vologasia" وأقاموا لهم معبدًا هناك، ليتعبدوا فيه لإلههم الذي منحهم الخير والرفاه4.

وقد منحت "تدمر" درجة مستعمرة رومانية عليا، فاكتسبت بذلك حق الامتلاك التام والإعفاء من الخراج، والحرية الكاملة في إدارة سياسة المدينة. ونالت الحقوق الإيطالية "Colonia Juris Italici""Italici Juris""Jus Italicum".

1 Freya Stark: Rome On The Euphrates، P.،244.

2 "هدريانوس"، الطبري "1/ 742"، "طعبة ليدن"، "2/ 25""طبعة المطبعة الحسينية".

3 المشرق، السنة الأولى، الجزء 12، 15 حزيران، 1898، "ص 538".

Ency. Brita.، 17، P.،162، Cooke، P.،322، Mommsen: Romische Geschichte، V.، S.، 423، Wright، P.،Iii.

4 Mommsen: Provinces Of The Rome Empire، Ii، P.236، Rostovtzeff: Caravan Cities، Oxford، 1932، P.،144، Leon Homo: Le Siecle D’or De L’empire Romain، Paris، 1947، P.،224 Fr. Stark: Rome، P.،253.

ص: 87

منحت هذه الدرجة في أيام "هدريانوس" على رأي، أو في أيام "سبتيميوس سويروس" "Septimius Severus" "193-211م" على رأي آخر1. وكانت تتمتع بهذه المنزلة في أيام: كراكلا" "Caracalla" "211 -217م" كذلك2. ولكن منحها درجة "مستعمرة" لا يعني أنها صارت مقاطعة رومانية مئة بالمئة، بل كانت في الواقع حكومة مستقلة ذات سلطة واستقلال في إدارة شؤونها خاضعة خضوعًا شكليًّا لحكم الرومان3.

وقد استفادت "تدمر" من سياسة "هدريانوس" المنطوية على الميل إلى السلم ومجانبة الحرب، ومن سياسة "انطونينوس بيوس""Antoninus Pius""138-161م" الذي نشر ألوية السلم والطمأنينة، فوسعت تجارتها، وزادت في عدد قوافلها، وحصلت على ثروة طائلة. وتعد المدة المنصرمة بين سنة "130" و"270" بعد الميلاد من أحسن أيام هذه المدينة. فإلى هذه الأيام ترجع معظم النصب والآثار العظيمة التي ما برحت تشاهد بقاياها في جملة ما يشاهد من أشلاء المدينة وجدثها المهشم بين الأتربة والصخور.

وقد كانت في تدمر حامية رومانية أيام "ماركوس أوريليوس""مارقوس أوريليوس""Marcus Aurelius""161-180م"، على طريقة من سبقه من الحكام في وضع حامية رومانية في هذه المدينة.

ولسلطان "رومة" على تدمر، استفاد الرومان من المحاربين التدمريين وكونوا منهم فرقًا وكراديس لحماية الطرق ومصالحهم الممتدة في البوادي، فأودعوا أمر

1 المشرق، السنة الأولى، الجزء 12، 1 تموز "ص 589". Wright، P.،112. Syria، Tome، Xiv، 1933، P.،32، The Cambridge Ancient History،Xii، 1، 2، P.،18.

2 المشرق، الجزء المذكور،

Syria، Xiv، 1933، P.، 32، Rowell: Inscriptions Grecqes De Doura Europos، 1929-1930، Pp.،265.

3 Rostovtzeff: Social And Economic History Of The Roman Empire، P.،235، Syme: Cambridge Ancient History، Xi، P.،139، Dessau: Geschichte Der Romischen Kaiserzeit، Ii، S.،627: Kornemann-Volker: Staaten: Ency. Brit.، 17، P.،163: Cooke، Nsi، Pp.،250، 312، Lidzbarski: Ephemeris: Manner، S.، 99، Iii، Jonnes: Cities Of The Eastern Roman Empire، P.267، Fevrier: Essai Sur History De Palmyre، P.14.

ص: 88

الدفاع عن "دورا""Doura" إلى الكردوس التدمري العشرين "Xxth Cohore Palmyrenorum"1. وتركوا مهمة حراسة "الفنادق" "Funduq" التي أقامها الرومان على الطريق إلى كراديس الرماة التدمريين لحماية القوافل من لصوص الطرق والسالبين2.

وقد تأثرت "تدمر" بأصول اليونان والرومان وطرقهم في إدارة الحكم، فكان للمدينة مجلس "شيوخ""Senatus" له سلطة سن القوانين والتشريع، وله رئيس وكاتب وجملة أعضاء، ويشرف على السلطة الإجرائية شيخان "Archontes" وديوان يتألف من عشرة حكام، أما السلطة القضائية فينظر فيها بعض الوكلاء "Syndices" وغيرهم من العمال3.

ويحمل موظفوا المدينة عناوين يونانية تشير إلى أثر التنظيم اليوناني فيها، وإلى أنها كانت تنفذ النظم الإدارية اليونانية في أعمال الشعب. فالرئيس هو "Proedros" والكاتب أي "السكرتير" هو "Grammateus"، وهنالك عناوين وظائف أخرى هي:"Archontes" و"Syndicus" و"Dekaprotoi"، وهي المجالس المحلية التي يتألف كل مجلس منها من عشرة أعضاء. جرى هذا التنظيم على وفق نظام المدن اليونانية في حماية "الانبراطورية" الرومانية4.

ودعيت السلطة التنفيذية، المؤلفة من أعظاء مجلس الشيوخ، وكذلك الشعب بـ "Strategoi" وهي تعادل "Duumviri""Dumviri" عند الرومان5.

وتجمل التدمريون الذين حصلوا على حقوق "مواطن روماني" بأسماء رومانية مثل "سبتيميوس""Septimius" و"يوليوس أوريليوس""Julius Aurelius" وضعوها في مقدمة أسمائهم النبطية أو العربية6. وقد فعل ذلك قبلهم العبرانيون ونبط "بطرا" وسكان بلاد الشأم وغيرهم من الضعفاء الذين يظنون أنهم سيكتسبون بهذه المحاكاة الاحترام والتقدير. والضعيف إنما يتشبه بالأقوياء ليخفي ضعفه.

1 Ancient Cambridge History، Xi، 3، 4، P.116.

2 R. Dussaud: Penetration Des Arabes En Syrie، 73.

3 المشرق، السنة الأولى، الجزء 12، 15، حزيران، 1968م "ص 542".

4 Ency. Brita.، 17، P.161.

5 Ency. Brita.، 17، P.162.

6 Ency. Brita.، 17، P.162.

ص: 89