المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهل الكهف والرقيم: - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ٥

[جواد علي]

الفصل: ‌أهل الكهف والرقيم:

للميلاد، فانتزعت منها مدن أخرى ألحقت بـ "فلسطين الثالثة""Palestina Tertia" وتعرف أيضًا بـ "Palestina Salutaris"1.

1 Provincia، Iii، S.، 280.

ص: 72

‌أهل الكهف والرقيم:

ولا بد لي وقد انتهيت من الحديث عن النبط وعن "الكورة العربية" من الكلام عن أهل الكهف والرقيم، الذين ذكروا في القرآن الكريم:{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً} 1. إذ ذهب بعض علماء التفسير إلى أن الرقيم واد دون فلسطين فيه الكهف، وهو قريب من "أيلة". كان اليهود قد أوحوا إلى المشركين من أهل مكة، أن يسألوا الرسول عنهم، امتحانًا له. وكانوا يتداولون أخبارهم، ويروون قصصًا عنهم، كان شائعًا فاشيًا إذ ذاك بين النصارى أيضًا، فجاء الجواب عنهم في سورة "الكهف"2.

وهناك من زعم أن "الرقيم" على فرسخ من "عمان"، أو قرية صغيرة بالقرب من البحر الميت، أو أنها "البتراء": وذلك بالإضافة إلى روايات أخرى رجعت مكان "الكهف" إلى "أفسس""أفسوس"، بالأناضول، أو إلى أماكن أخرى لا داعي إلى ذكرها في هذا المكان، لعدم وجود علاقة لها بهذا البحث. وقد بحث عنها المتخصصون، كما قامت بعثات آثارية بالبحث عن كهف "أهل الكهف" في الأماكن المذكورة، للتأكد عما جاء عنه في الموارد النصرانية والإسلامية، فإليها أحيل من يريد التبسط في الكلام عنه3.

1 سورة الكهف، الآية 9.

2 تفسير الطبري "15/ 126 وما بعدها". "طبعة بولاق"، تفسير النيسابوري "15/ 116 وما بعدها"، "حاشية على تفسير الطبري، طبعة بولاق"، تفسير القرطبي "10/ 356 وما بعدها"، تفسير ابن كثير "3/ 73".

3 راجع دائرة المعارف الإسلامية. Encyclopedia Of Islam، ومجلة: Review De Qumran، Vol. 5، No. 18، 1965.

وما كتبه "ماسنيون" و"بارنيوس" Baronius، و" تاليمونت" Talimont. عن الكهف.

وأشكر دائرة الآثار بعمان في المملكة الأردنية الهاشمية لتفضلها علي بإرسال صورة كتابة "بئر أم الرجوم"، ومقال يقع في "3" صفحات للسيد رفيق وفا الدجاني عنوانه: كهف، أهل الكهف في الرجيب، وذلك بكتابها المرقم بـ2 – 14 -4 1958 والمؤرخ لـ "18-8-1966م".

ص: 72

ولقد تبين الآن أن الكتابات المدونة عند مدخل "الشق" في "البتراء"، لا صلة لها بأهل الكهف، وإنما كتبت تخليدًا لذكرى جماعة من اليونان البارزين جاءوا من "جرش" فوافاهم أجلهم بـ "البتراء"، ماتوا قبل "أصحاب الكهف" بأمد. وقد شرح تلك الكتابات "ستاركي""Starkey"1. وذهب الباحثون في "دائرة الآثار في المملكة الأردنية الهاشمية" إلى أن كهف "أهل الكهف"، هو "كهف الرجيب"، وهو على مقربة من قرية صغيرة تدعى "الرجيب"، وجدت بداخله مدافن يرجع عهدها إلى زمان القيصر "ثيودوسيوس الثاني" "Theodosius II" "408-450م"، الذي في زمانه كان بعث أهل الكهف. وذهبوا إلى أن اسم هذا الموضع في القديم هو "الرقيم"، تحول إلى "الرجيب" فيما بعد. وأيد هذا الرأي الأستاذ "هج نيلي""Hugh Nilley" الذي زار الموضع ودرسه، وكتب مقالًا عنه2.

وذهب من رأى أن كهف الرجيب هو "كهف أهل الكهف"، إلى أن دخول الفتية الكهف، كان في أيام الطاغية "تراجان""91-117م" المشهور، فاتح "الكورة العربية" ومؤسسها والآمر بإنشاء الممر الحربي المعروف باسم "طريق تراجان" وباني مدينة "أيلة" الرومانية وصاحب الملعب الروماني والآثار العديدة للمباني التي أقامها بعمان وبمدن أخرى من الأردن. وقد كان شديدًا عاتيًا قاسيًا على النصارى، عدهم خونة مرقة خارجون على الدولة والقانون لذلك أصدر أمره سنة "112م" بقتل كل نصراني لا يخلص للقيصر والدولة، فخاف منه النصارى وتكتموا، وكان من جملة من تكتم وانزوى "أصحاب الكهف"3.

ووجدت البعثة الأميركية لمدرسة الأبحاث الشرقية بالتعاون مع دائرة الآثار الأردنية في موضع "أم الرجوم" الواقع على بعد "15" كيلومترًا شمال "عمان"،

1 "ص2" من مقال السيد رفيق وفا الدجاني، المرسل إلى، وهو يشير إلى الجزء العاشر من حوليات دائرة الآثار.

2 من مقال السيد رفيق وفا الدجاني، المرسل لي بكتاب دائرة الآثار الأردنية المشار إليه، وقد أشار إلى مجلة Review De Qumarn، Vol.، 5، No: 18، 1965..

3 المصدر المذكور.

ص: 73

آثار بئر قديمة استدل من كتابة عثر عليها مدونة على جدارها أنها تعود إلى ما قبل الميلاد. وأن الموضع المذكور هو حصن من الحصون التي كانت تدافع عن مدينة "ربة عمون"، عاصمة مملكة "عمون"، التي عاشت بين القرن الثالث عشر والقرن السادس قبل الميلاد. و"ربة عمون"، هي "عمان" العاصمة

هذه صورة الكتابة التي دونها الباحثون لكتابة بئر أم الرجوم

أهدتها لي دائرة الآثار الأردنية بعمان، فلها شكري.

الآن. وقد كتبت الكتابة بخط مشتق من القلم العربي الجنوبي، يظن البعض أنها من كتاباب القرن السابع قبل الميلاد.

ويظهر من هذه الكتابة المهمة، أن أصحابها كانوا يكتبون بقلم قريب من

ص: 74

75

القلم المسند، وقريب من القلم اللحياني والثمودي والصفوي، وأن لهجتهم كانت لهجة عربية، أي أن أصحابها من العرب. وقد كتبوها لمناسبة إقامة تلك البئر التي حفرها وهيأها "شمان" ،"سمان" و"ساعدن""سعد""ساعد" وهما أصحاب هذه الكتابة والبئر1.

1 كتاب دائرة الآثار الأردنية المؤرخ لـ18 8-1966م والمرقم بـ "2-14-4-1958".

ص: 75