المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الجلسة الثَّانِيَة انْعَقَدت هَذِه الجلسة يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّانِي عشر من رَجَب - المناظرة التقريرية بين الشيخ رحمت الله الهندي والقسيس بفندر

[رحمت الله الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْمَكْتُوب الأول

- ‌الْمَكْتُوب الأول من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب الثَّانِي من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب الثَّانِي من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب الثَّالِث من الْفَاضِل

- ‌الْمَكْتُوب الثَّالِث من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب الرَّابِع من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب الرَّابِع من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب الْخَامِس من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب الْخَامِس من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب السَّادِس من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب السَّادِس من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب السَّابِع من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب السَّابِع من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب الثَّامِن من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب الثَّامِن من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب التَّاسِع من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب التَّاسِع من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌مَبْحَث النّسخ

- ‌مَبْحَث التحريف

- ‌الجلسة الثَّانِيَة

- ‌مكاتيب الْفَرِيقَيْنِ بعد المباحثة التقريرية

- ‌الْمَكْتُوب الأول من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب الثَّانِي من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب الثَّانِي من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌الْمَكْتُوب الثَّالِث من القسيس

- ‌الْمَكْتُوب الثَّالِث من الْفَاضِل

- ‌الْموضع الأول

- ‌الْموضع الثَّانِي

- ‌الْموضع الثَّالِث

- ‌الْموضع الرَّابِع

- ‌الْموضع الْخَامِس

- ‌الْموضع السَّادِس

- ‌الْموضع السَّابِع

- ‌الْموضع الثَّامِن

- ‌الْموضع التَّاسِع

- ‌الْموضع الْعَاشِر

- ‌الإلتماس الثَّانِي

- ‌الْمَكْتُوب الرَّابِع

- ‌الْمَكْتُوب الرَّابِع من الْفَاضِل التَّحْرِير

- ‌صُورَة المضبطة

- ‌صُورَة شَهَادَة الْحَاضِرين

- ‌القَوْل الأول

- ‌القَوْل الثَّانِي

- ‌القَوْل الثَّالِث

- ‌القَوْل الأول

- ‌القَوْل الثَّانِي

- ‌القَوْل الثَّالِث

- ‌السَّبَب الأول

- ‌وَالسَّبَب الثَّانِي

- ‌وَالسَّبَب الثَّالِث

- ‌وَالسَّبَب الرَّابِع

- ‌الخاتمة

- ‌بعض الْبَرَاهِين الْعَقْلِيَّة

- ‌بعض الْبَرَاهِين فِي إبِْطَال التَّثْلِيث بأقوال الْمَسِيح عليه السلام

الفصل: ‌ ‌الجلسة الثَّانِيَة انْعَقَدت هَذِه الجلسة يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّانِي عشر من رَجَب

‌الجلسة الثَّانِيَة

انْعَقَدت هَذِه الجلسة يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّانِي عشر من رَجَب سنة 1270 هـ من الْهِجْرَة وَالْحَادِي عشر من نيسان إبريل الأفرنجي سنة 1854 من الميلاد وَقت الصَّباح فِي الْمَكَان الْمَعْهُود وَاجْتمعَ فِيهِ الْخَواص والعوام أَزِيد من الجلسة الأولى

وَكَانَ من حضار تِلْكَ الجلسة اسمت حَاكم صدر ديواني أَي مشير الضبطية وريد حَاكم صدر يُورد أَي مشير النظارة الْمَالِيَّة ووليم حَاكم المعسكر والقسيس وليم كلين والقسيس هارلي وَغَيرهم من أُمَرَاء الإنكليز والمفتى مُحَمَّد رياض الدّين والفاضل أَسد الله قَاضِي الْقُضَاة والفاضل فيض أَحْمد سرشته دَار صدر بورد أَي باشكاتب النظارة الْمَالِيَّة والفاضل حُضُور أَحْمد والفاضل أَمِير الله وَكيل راجه بنارس والفاضل قمر الْإِسْلَام إِمَام الْجَامِع الْكَبِير فِي أكبر أباد والفاضل أمجد على وَكيل الدولة الإنكليزية أَي دعوية ناظرى والفاضل سراج الْحق وَالْكَاتِب خَادِم على مهتم مطلع الْأَخْبَار وَغَيرهم من رُؤَسَاء الْبَلَد من عوام الْمُسلمين والمسيحيين وَالْمُشْرِكين زهاء الف رجل

وَكَانَت الْكتب الدِّينِيَّة أَيْضا بَين أَيدي الْفَرِيقَيْنِ أَزِيد من الجلسة الأولى

فَقَامَ القسيس فندر على آخر سِتّ سَاعَات وَنصف وَأخذ كتاب ميزَان الْحق بِيَدِهِ وتشرع فِي قِرَاءَة الْعبارَات الَّتِي فِيهَا عدَّة آيَات من الْقُرْآن الْكَرِيم من الْفَصْل الأول من الْبَاب الأول لكنه لما كَانَ يغلط فِي قِرَاءَة الْآيَات قَالَ قَاضِي قُضَاة اكتفوا على التَّرْجَمَة لِأَن الْمَعْنى يتبدل بتبدل الْأَلْفَاظ

قَالَ القسيس اعفونا لِأَن هَذَا من قُصُور لساننا والعبارة هَذِه {وَقل آمَنت بِمَا أنزل الله من كتاب وَأمرت لأعدل بَيْنكُم الله رَبنَا وربكم لنا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم لَا حجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُم}

ص: 96

وَأَيْضًا فِي سُورَة العنكبوت {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم وَقُولُوا آمنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم وإلهنا وإلهكم وَاحِد وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} وَأَيْضًا فِي سُورَة الْمَائِدَة {الْيَوْم أحل لكم الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم} ثمَّ قَالَ وَهَذَا الْأَمر ظَاهر على كل فَرد من أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أَن الْفرق الَّتِي أعْطوا الْكتاب ولقبوا بِأَهْل الْكتاب المسيحيون وَالْيَهُود كَمَا ورد فِي حَقهم فِي سُورَة الْبَقَرَة {وهم يَتلون الْكتاب} وَهَذَا الْأَمر أَيْضا مَعْلُوم من الْقُرْآن الْكَرِيم ومشخص أَن الْكتب الَّتِي أعطيها الْيَهُود والمسيحيون التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَفِي سُورَة آل عمرَان {وَأنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل من قبل هدى للنَّاس} ثمَّ قَالَ فِي هَذِه الْآيَات ذكر الْكتاب وَأهل الْكتاب وَالْمرَاد بِأَهْل الْكتاب الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَعلم أَن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل كَانَا موجودين فِي عهد مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَإِن المحمديين جعلوهما هاديي الدّين بعد تسليمهما وَأَن التحريف لم يَقع فيهمَا إِلَى زمَان مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

قَالَ الْفَاضِل المناظر التَّحْرِير يثبت من هَذِه الْآيَات هَذَا الْقدر فَقَط

ص: 97

أَن كَلَام الله نزل فِي الزَّمَان السالف فليؤمن بِهِ وَأَن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل نزلا فِي الزَّمَان السالف كَمَا يفهم من هَذِه الْآيَات وَكَانَا موجودين فِي عهد مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأَن كَانَا محرفين كَمَا تدل عَلَيْهِ الْآيَات الْأُخْرَى وَلَا يثبت من هَذِه الْآيَات بِوَجْه مَا أَن يكون التحريف لم يَقع فِي هَذِه الْكتب إِلَى زمَان مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

كَيفَ وَقد شنع الله على أهل الْكتاب فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن لأجل تحريفهم فَكَمَا نؤمن بِحكم الْآيَات القرآنية أَن كَلَام الله نزل فِي الزَّمَان السالف فكثيرا نؤمن أَن التحريف قد وَقع فِيهِ وَلذَا جَاءَ من الحَدِيث لاتصدقوا أهل الْكتاب وَلَا تكذبوهم فَالَّذِي يُوجد بَين يَدي أهل الْكتاب محرف

ص: 98

قَالَ القسيس لَا تَذكرُوا فِي هَذَا الْوَقْت الحَدِيث بل اذْكروا آيَات الْقُرْآن فَقَط

قَالَ الْفَاضِل يثبت من الْآيَات أَيْضا الْأَمْرَانِ الْمَذْكُورَان كَمَا أقررتم بهما أَيْضا فِي كتاب ميزَان الْحق

قَالَ القسيس يعلم من آيَات سُورَة الْبَيِّنَة أَن التحريف لم يَقع قبل زمَان مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَرَأَ من الْفَصْل الثَّالِث من الْبَاب الأول هَذِه الْعبارَة {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة رَسُول من الله يَتْلُو صحفا مطهرة فِيهَا كتب قيمَة وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة}

وَقَالَ يعلم من هَذِه الْآيَات أَن الْيَهُود والمسيحيين حرفوا كتبهمْ بعد ظُهُور مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وشروع دَعوته لَا قبلهَا

ثمَّ قَالَ إِن صَاحب الإستفسار الَّذِي تعرفونه أَنه الْفَاضِل آل حسن بَين هَذِه الْآيَة فِي الصفحة 448 هكذالم ينعزلوا عَن إعتقاد النَّبِي المنتظر أَو لم يَخْتَلِفُوا وَلم يتفرقوا فِي إعتقاده إِلَّا إِذا جَاءَ هَذَا النَّبِي فَهَذَا الْمَعْنى يُمكن أَن يُقَال أَن التبديل والتحريف لم يقعا فِي بشارات هِيَ آخر الزَّمَان إِلَى ظُهُوره

قَالَ الْفَاضِل التَّحْرِير أَن تَرْجَمَة هَذِه الْآيَات على مَا اخْتَارَهُ جُمْهُور الْمُفَسّرين وأختاره حَضْرَة عبد القادر الْمُحدث الدهلوى فِي تَرْجَمته هَكَذَا {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} أَي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين أَي عابدي الْأَصْنَام {منفكين} عَن أديانهم ورسومهم القبيحة وعقائدهم الْفَاسِدَة مثل عدم اعْتِقَاد نبوة عِيسَى عليه السلام كَمَا كَانَ الليهود أَو إعتقاد التَّثْلِيث كَمَا كَانَ لِلنَّصَارَى وَنَحْوهمَا {حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة رَسُول من الله يَتْلُو صحفا مطهرة فِيهَا كتب قيمَة وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب}

ص: 99

فِي أديانهم ورسومهم القبيحة وعقائدهم الْفَاسِدَة بِأَن تَركهَا الْبَعْض وأختار الْإِسْلَام وَقَامَ الْبَعْض عَلَيْهَا تعصبا وتعنتا {إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} أَي رَسُول الله وَالْقُرْآن

وَقَالَ سيدنَا حَضْرَة عبد القادر فِي الْحَاشِيَة على آخر الْآيَة الأولى ضل جَمِيع أهل الْملَل قبل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَكَانَ كل مِنْهُم مغرور على غلطه وَمَا كَانَ مُمكنا أَن يحصل لَهُم الْهِدَايَة بِوَاسِطَة حَكِيم أَو ولي أَو سُلْطَان عَادل مالم يَأْتِ رَسُول عَظِيم الْقدر مَعَه كتاب من الله ومدد قوى بِحَيْثُ امْتَلَأت الأقاليم بِالْإِيمَان فِي عدَّة سِنِين انْتهى

فحاصل هَذِه الْآيَات هَذَا الْقدر فَقَط أَن أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين مامتنعوا عَن رسومهم القبيحة مالم يَأْتهمْ رَسُول عَظِيم الشَّأْن وَمن خَالف بعد مَجِيئه فمخالفته لأجل التعصب الْغَيْر الْحق والعناد فاستدلالكم بِهَذِهِ الْآيَات فِي هَذِه الصُّورَة لَيْسَ بِصَحِيح وَجَوَاب صَاحب الإستفسار تنزلي كَمَا تدل عَلَيْهِ عِبَارَته هَذِه لَو سلم هَذِه صِحَة الإستدلال يثبت مِنْهُ هَذَا الْقدر فَقَط الخ ومقصود صَاحب الإستفسار أَن استدلالكم أَولا لَيْسَ بِصَحِيح وَلَو سلم صِحَّته يثبت مِنْهُ هَذَا الْقدر أَن بشارات مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لم تحرف لِأَن التحريف لم يَقع فِي مَوضِع من كتب العهدين وَصَاحب الإستفسار يَصِيح فِي كِتَابه كُله بِوُقُوع التحريف

قَالَ القسيس بينوا الْآن أَن الْإِنْجِيل الَّذِي جَاءَ ذكره فِي الْقُرْآن أَي إنجيل كَانَ

قَالَ الْفَاضِل لم يثبت براوية ضَعِيفَة أَو قَوِيَّة تعينه حَتَّى يتَبَيَّن أَنه إنجيل مَتى أَو يوحنا أَو شخص آخر وَمَا كُنَّا مؤمورين بتلاوته ليعلم حَاله

وَهنا أَشَارَ القسيس إِلَى أُمَرَاء الإنكليز وَقَالَ هَؤُلَاءِ الجالسون كلهم أهل الْكتاب فاسألوهم أَنه أَي إنجيل كَانَ

ص: 100

قَالَ الْحَكِيم أَن الثَّابِت بِالْقُرْآنِ هَذَا الْقدر فَقَط أَن الْإِنْجِيل نزل على عِيسَى عليه السلام وَلَا يعلم أَنه أَي إنجيل كَانَ وَكَانَ الأناجيل الْكَثِيرَة مشتهرة فِي ذَلِك الزَّمَان مثل إنجيل برنابا وبرتلما وَغَيرهمَا فَالله أعلم أَن المُرَاد أَي إنجيل وَكَانَ فِي ذَلِك فرقة ناني كيزا الَّتِي مَا كَانَت تسلم مَجْمُوع هَذَا الْإِنْجِيل الْمَشْهُور وَكَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان فرقة سمى كولى رى دينس كَانَت تَقول أَن الْآلهَة ثَلَاثَة الآب والإبن وَمَرْيَم لَعَلَّ هَذَا الْأَمر كَانَ مَكْتُوبًا فِي نسختهم لِأَن الْقُرْآن كذبهمْ وَلَا يثبت من مَوضِع أَن كتاب أَعمال الحواريين ورسائلهم وَكتاب المشاهدات دَاخِلَة فِي ذَلِك الْإِنْجِيل

ص: 101

قَالَ القسيس فرنج أَنْتُم لَا تسلمون الْكتب المندرجة فِي هَذَا الْإِنْجِيل الَّتِي هِيَ لَيست قَول عِيسَى عليه السلام وَقد سلم مجْلِس لوديسيا هَذِه الْكتب غير المشاهدات وقرارها واحب التَّسْلِيم وكبار عُلَمَائِنَا الَّذين اعتبارهم عندنَا فِي الْغَايَة مثل كليمنس اسكندريانوس وترتولين وارجن وسائي بدن وَغَيرهم قرروا كتاب المشاهدات أَيْضا وَاجِب التَّسْلِيم لَكِن سَنَده الْمُتَّصِل لَا يُوجد عندنَا بِسَبَب الْفِتَن والخصومات والمحاربات الَّتِي كَانَت فِي الزَّمَان السالف

ص: 102

قَالَ الْحَكِيم أَن كليمنس فِي أَي زمَان كَانَ

قَالَ القسيس فرنج فِي آخر الْقرن الثَّانِي

قَالَ الْحَكِيم أَن نقل كليمنس فقرتين من كتاب المشاهدات يثبت مِنْهُ هَذَا الْقدر فَقَط أَن كليمنس سلم فِي آخر الْقرن الثَّانِي أَن كتاب المشاهدات من تصنيف يوحنا لَكِن سَنَده لم يُوجد قبل زَمَانه مَعَ أَن التَّوَاتُر اللَّفْظِيّ لجَمِيع الْكتاب لَا يثبت من فقرتين

وترتولين وَغَيره كَانُوا بعد كليمنس لِأَن ترتولين كَانَ برسبتركار تهيج فِي سنة 200 م وسائي برن كَانَ بشب كارتهيج فِي سنة 248 م وارجن كَانَ فِي وسط الْقرن الثَّالِث وَشرع هُوَ فِي إصْلَاح التَّرْجَمَة السبعينية فِي سنة 231

وَقَالَ كيس برسبتر الرّوم الَّذِي كَانَ فِي سنة 212 م أَنه تصنيف سرن هتس الملحد وَصرح ديونيسبسن أَن بعض القدماء قَالَ أَنه من كَلَام سرن هتس الملحد

قَالَ القسيس فرنج كيس عندنَا لَيْسَ من الْعِظَام وَمَا ذكر ديونيسبسن اسْم بعض القدماء وَلَا بَأْس بمخالفة وَاحِد أَو أثنين

قَالَ الْحَكِيم لَا نذْكر وَاحِد أَو اثْنَيْنِ بل نقدر على إِظْهَار أَسمَاء مئين من المفكرين مثل يوس بيس وسرل وكنيسة برشالم كلهَا فِي عَهده وَغَيرهم ورده عُلَمَاء محفل لوديسيا أَيْضا وَبَعض الْكَنَائِس كَانُوا يرددون فِي عهد جيروم أَيْضا

ص: 103

قَالَ القسيس فندر هَذَا الْكَلَام خَارج عَن المبحث وكلامنا الْآن فِي الْإِنْجِيل الَّذِي كَانَ مَوْجُودا فِيهِ عهد مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والتفت إِلَى الْفَاضِل المناظر التَّحْرِير فَقَالَ الْفَاضِل اظهرنا مَذْهَبنَا فَإِن علمْتُم أَن هَذَا لَيْسَ بِمذهب أهل الْإِسْلَام فاذكروا دَلِيلا على هَذَا والا فسلموه

وَنحن نقر أَن كَلَام الله نزل على عِيسَى عليه السلام لَكنا ننكر أَنه عبارَة عَن مَجْمُوع هَذَا الْعَهْد الْجَدِيد وَأَنه لم يَقع التَّغْيِير والتبديل فِيهِ وَكَلَام الحواريين عندنَا لَيْسَ بإنجيل بل الْإِنْجِيل الَّذِي نزل على عِيسَى عليه السلام

وَقَالَ صَاحب تخجيل من حرف الْإِنْجِيل فِي الْبَاب الثَّانِي من كِتَابه فِي حق هَذِه الأناجيل الْمَشْهُورَة أَنَّهَا لَيست هِيَ الأناجيل الْحق الْمَبْعُوث بهَا الرَّسُول الْمنزلَة من عِنْد الله تَعَالَى انْتهى كَلَامه بِلَفْظِهِ

ثمَّ قَالَ فِي الْبَاب الْمَذْكُور وَالْإِنْجِيل الْحق إِنَّمَا هُوَ الَّذِي نطق بِهِ الْمَسِيح انْتهى كَلَامه بِلَفْظِهِ

ثمَّ قَالَ فِي الْبَاب التَّاسِع فِي بَيَان فضائح النَّصَارَى وَقد سلبهم

ص: 104

فولس هَذَا من الَّذين بلطيف خداعه إِذْ رأى عُقُولهمْ قَابِلَة لكل مَا يلقِي اليها وَقد طمس هَذَا الْخَبيث رسوم التَّوْرَاة انْتهى كَلَامه بِلَفْظِهِ

ص: 105

وَقَالَ الإِمَام الْقُرْطُبِيّ فِي الْبَاب الثَّالِث من كِتَابه الْمُسَمّى بِكِتَاب الْأَعْلَام بِمَا عِنْد النَّصَارَى من الْفساد والأوهام

ص: 106

إِن الْكتاب الَّذِي بيد النَّصَارَى الَّذِي يسمونه بالإنجيل لَيْسَ هُوَ الْإِنْجِيل الَّذِي قَالَ الله فِيهِ على لِسَان رَسُوله صلى الله عليه وسلم وَأنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل من قبل هدى للنَّاس انْتهى كَلَامه بِلَفْظِهِ وَمثلهَا صرح الْعلمَاء الْآخرُونَ سلفا وخلفا وَلما لم يثبت من رِوَايَة مَا

ص: 107

أَن أَقْوَال الْمَسِيح مَكْتُوبَة فِي الْإِنْجِيل الْفُلَانِيّ لَا نقدر على تعْيين هَذَا الْأَمر وَمَا نقل فِي هَذِه الأناجيل الْأَرْبَعَة نزلته منزلَة آحَاد الْأَحَادِيث وَلم تنقل

ص: 108

رِوَايَة مُعْتَبرَة عَن مؤمنى الْقُرْآن الأول وَمن جملَة أَسبَابه هَذَا السَّبَب أَيْضا أَن البابا كَانَ فِي ذَلِك الْعَهْد متسلطا تسلط تَاما وَلَا تكون الْإِجَازَة الْعَامَّة لقِرَاءَة الْإِنْجِيل فِي فرقته فقلما رأى الْمُسلمُونَ نسخ الْإِنْجِيل بِهَذَا السَّبَب

ص: 109

وَكَانَ أَكثر المسيحيين فِي نواحر الْعَرَب غَالِبا من هَذَا الْقسم أَو من الْفرْقَة النسطورية

فَغَضب القسيس فرنج على هَذَا وَقَالَ نسبتم الْعَيْب الْعَظِيم إِلَى أنجيلنا والبابا لم فِيهِ فَسَادًا مَا

ص: 110

وَشرع القسيس بفندر فِي بَيَان حَال إحراق أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان ابْن عَفَّان رضي الله عنه بعد نسخ الْقُرْآن

ص: 111

فَقَالَ الْفَاضِل أَن هَذَا الْكَلَام كَانَ خَارِجا عَن المبحث لكنكم لما شرعتم فِيهِ فَاسْمَعُوا الْجَواب عَنهُ

قَالَ القسيس لما اعترضتم على الْإِنْجِيل عرضت أَيْضا فَارْجِعُوا الْآن إِلَى أصل الْمطلب وَلما كَانَ أصل الْمطلب أَن القسيس بعد سُؤال حَال الْإِنْجِيل يُرَاعِي ثَلَاثَة أَشْيَاء كَمَا تقرر فِي آخر الجلسة الأولى

قَالَ الْفَاضِل كلامنا من الأول وعَلى مَا تقرر أمس على مَجْمُوع كتبه

ص: 112

العهدين لَا على الْإِنْجِيل فَقَط فنطلب مِنْكُم السَّنَد الْمُتَّصِل لبَعض كتب هَذَا الْمَجْمُوع

قَالَ القسيس تكلمُوا على الْإِنْجِيل

قَالَ الْفَاضِل كلامنا على الْمَجْمُوع وَتَخْصِيص الْإِنْجِيل لَغْو فَسكت القسيس وَالظَّاهِر أَنه لم يستحسن بَيَان السَّنَد الْمُتَّصِل لهَذِهِ الْكتب وأنجر الْكَلَام إِلَى الْغَلَط والتحريف

ثمَّ أخرج القسيس فرنج طومارا طَويلا كَانَ مَعَه وقرأه وَكَانَ ملخصه أَن علماءنا وجدوا اختلافات الْعبارَة ثَلَاثِينَ ألفا أَو أَرْبَعِينَ ألفا لَكِنَّهَا لَيست فِي نُسْخَة وَاحِدَة بل فِي نسخ كَثِيرَة وَلَو فرقناها على النّسخ يكون فِي مُقَابلَة كل نُسْخَة نُسْخَة مِنْهَا أَرْبَعمِائَة أَو خَمْسمِائَة وَإِن وَقع بعض الأغلاط من تَصَرُّفَات المبتدعين وَوجد كتركرسباخ فِي إنجيل مَتى ثلثمِائة وَسَبْعُونَ سَهوا فِي الْآيَات والألفاظ مِنْهَا سَبْعَة عشر شَدِيدَة ثقل وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَيْضا ثَقيلَة لَكِنَّهَا خَفِيفَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأولى والبواقي خَفِيفَة

وَصحح عُلَمَاؤُنَا هَذِه الأغلاط فِي أَكثر الْمَوَاضِع لِأَن هَذَا الْأَمر قريب الْقيَاس أَن الْكتاب الَّذِي تكون نسخه كَثِيرَة فتصحيحه مُمكن وَالْكتاب الَّذِي تكون نسخته وَاحِدَة فتصحيحه عسير مثل نُسْخَة ترنس ونسخة بيركيولس يُوجد لأَحَدهمَا عشرُون ألف نُسْخَة فصححها عُلَمَاؤُنَا وللأخرى نُسْخَة وَاحِدَة فعدوا تصحيحها متعسرا

وَإِذ كَانَت نسخ الْإِنْجِيل مَوْجُودَة بِالْكَثْرَةِ فتصحيحه لَيْسَ بمتتنع وَنحن الْآن نبين عدَّة وُجُوه من قرانين التَّصْحِيح

ص: 113

الأول إِن الْعلمَاء الْمَذْكُورين كَانُوا إِذا وجدوا عبارتين أَحدهمَا دقيقة وَالْأُخْرَى سليسة فصيحة اخْتَارُوا الدقيقة لِأَن مُقْتَضى الإحتياط وَالْعقل وَالْقِيَاس أَن الْعبارَة السليسة لَعَلَّهَا تكون جعلية

وَالثَّانِي كَانُوا إِذا وجدوا عبارتين أَحدهمَا مُطَابق للقاعدة وَالْأُخْرَى مُخَالفَة لَهَا اخْتَارُوا الْمُخَالفَة لِأَن الْمُطَابقَة تحْتَمل أَن يكون عمل أحد من مهرَة الْقَوَاعِد وأدرجها وَكتب الْعلمَاء الْمشَار إِلَيْهِم بعد مَا نبهوا على

ص: 114

هَذِه الأغلاط أَنه لَا يُوجد غلط سواهَا وَأَنه لَا يلْزم فِي الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ نُقْصَان مَا من هَذَا الْقدر من الأغلاط كَمَا قَالَ داكتركنى كات أَنا لَو خرجنَا بِالْفَرْضِ هَذِه الْعبارَات المحرفة كلهَا لَا يلْزم نُقْصَان فِي مَسْأَلَة مُعْتَبرَة من مسَائِل الْملَّة المسيحية وَكَذَا لَو أدخلنا هَذِه الْعبارَات المحرفة لَا يلْزم مِنْهَا زِيَادَة فِي مَسْأَلَة مُعْتَبرَة من مسَائِل الْملَّة

فَأَرَادَ الْحَكِيم أَن يُجيب فَمَنعه القسيس فندر وَكلما أَرَادَ الْحَكِيم أَن يُجيب كَانَ القسيس فندر يمنعهُ وَيَقُول لالا

ثمَّ الْتفت القسيس إِلَى الْفَاضِل المناظر

فَقَالَ الْمُفْتى رياض الدّين لابد أَن يبين الْفَاضِل المناظر أَولا معنى التحريف ثمَّ يباحث عَلَيْهِ لينكشف الْحَال للحاضرين حق الإنكشاف فَأَرَادَ القسيس أَن يَقُول شَيْئا فِي هَذَا الْبَاب

فَقَالَ الْمُفْتى هَذَا لَيْسَ منصبكم بل الَّذين يدعونَ التحريف عَلَيْهِم الْبَيَان

فَالْتَفت الْفَاضِل المناظر إِلَى القسيس وَقَالَ معنى التحريف الْمُتَنَازع فِيهِ عندنَا وَفِي اصطلاحنا التَّغْيِير الْوَاقِع فِي كَلَام الله سَوَاء كَانَ بِسَبَب الزِّيَادَة أَو النُّقْصَان أَو تَبْدِيل بعض الْأَلْفَاظ بِبَعْض آخر وَسَوَاء كَانَ منشأ هَذَا التَّغْيِير الشرارة والخبث أَو الْإِصْلَاح بِاعْتِبَار غَلَبَة الْوَهم وندعى أَن التحريف وَقع فِي الْكتب المقدسة عِنْد أهل الْكتاب بِاعْتِبَار هَذِه الْأُمُور كلهَا فَإِن أَبَيْتُم فعلينا الْإِثْبَات

قَالَ القسيس فندر نَحن نعترف أَيْضا بسهو الْكَاتِب فِي الْكتب المقدسة

قَالَ الْفَاضِل المناظر أَن سَهْو الْكَاتِب عندنَا أَن يُرِيد الشَّخْص كِتَابَة اللَّام فَيكْتب بدلهَا الْمِيم أَو يُرِيد أَن يكْتب الْمِيم فَيكْتب سَهوا بدلهَا النُّون

ص: 115

فَهَل المُرَاد بالسهو عنْدكُمْ أَيْضا هَذَا السَّهْو

أَو هَذِه الْأُمُور أَيْضا دَاخِلَة فِيهِ أَن يدرج أحد عبارَة الْحَاشِيَة فِي الْمَتْن أَو يزِيد قصدا من جَانِبه الْجمل أَو يُسْقِطهَا

اضْطربَ القسيس من سَماع لفظ الْجمل لَعَلَّه فهم الْجُمْلَة بِمَعْنى مَجْمُوع الْكتاب وَقَالَ لَا تَقولُوا الْجمل بل قُولُوا أَن يزِيد آيَات أَو يُسْقِطهَا

قَالَ الْفَاضِل أَن إِطْلَاق الْجُمْلَة عندنَا يجِئ على مثل زيد قَائِم لكني أترك هَذَا اللَّفْظ الْآن وَأَقُول كَمَا أمرْتُم أَو يزِيد قصدا من جَانِبه الْآيَات أَو يُسْقِطهَا أَو يلْحق شَيْئا بطرِيق التَّفْسِير أَو يُبدل لفظا بِلَفْظ آخر

قَالَ القسيس إِن هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا دَاخِلَة عندنَا فِي سَهْو الْكَاتِب سَوَاء كَانَ وُقُوعهَا قصدا أَو سَهوا أَو جهلا أَو غَلطا لَكِن مثل هَذَا السَّهْو يُوجد فِي الْآيَات فِي خمس أَو سِتّ وَفِي الْأَلْفَاظ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة

قَالَ الْفَاضِل المناظر لما كَانَ زِيَادَة الْآيَات وإسقاطها وتبديل بعض الْأَلْفَاظ بِبَعْض سَوَاء كَانَت هَذِه الْأَشْيَاء قصدا أَو سَهوا دَاخِلَة فِي سَهْو الْكَاتِب على اصطلاحكم وَوَقع مثل هَذَا السَّهْو المصطلح فِي الْكتب المقدسة وَهَذَا هُوَ التحريف عندنَا مَا بقى بَيْننَا وَبَيْنكُم إِلَّا النزاع اللَّفْظِيّ فَقَط لِأَن الْأَمر الَّذِي تدعيه أَنه تَحْرِيف تَقولُونَ أَنه سَهْو الْكَاتِب فالإختلاف فِي التَّعْبِير والإسم لَا فِي الْمعبر عَنهُ والمسمى

وَنَظِيره أَن رجلا أعْطى أَرْبَعَة مَسَاكِين درهما وَكَانَ أحدهم روميا وَالثَّانِي حَبَشِيًّا وَالثَّالِث هنديا وَالرَّابِع عَرَبيا وَاتَّفَقُوا على أَن يشتروا بهم شَيْئا فالرومي ذكر اسْم الْعِنَب فِي لِسَانه وَأنكر الحبشي وَذكر هُوَ أَيْضا اسْمه فِي لِسَانه فَأنْكر الْهِنْدِيّ وَذكر هُوَ اسْمه فِي لِسَانه فَأنْكر

ص: 116

الْعَرَبِيّ وَقَالَ لَا نشتري إِلَّا عنبا فتخاصموا وتشاتموا لأجل عدم فهم كل مَقْصُود الآخر لسَبَب اخْتِلَاف الإسم فَقَط

وكما كَانَ يبين هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة نزاع لَفْظِي وَكَانَ مقصودهم فِي الْحَقِيقَة وَاحِد فَكَذَا حَال سَهْو الْكَاتِب والتحريف لِأَن الشَّيْء الَّذِي نُسَمِّيه تحريفا تسمونه سَهْو الْكَاتِب

ثمَّ قَالَ الْفَاضِل التَّحْرِير بالصوت الرفيع مُخَاطبا للنَّاس أَن النزاع الَّذِي بَيْننَا وَبَين القسيس كَانَ نزاعا لفظيا فَقَط لِأَن التحريف الَّذِي كُنَّا ندعيه قبله القسيس لكنه سَمَّاهُ سَهْو الْكَاتِب

قَالَ القسيس لم يلْزم نُقْصَان فِي الْمَتْن من مثل هَذَا السَّهْو

فَسَأَلَ قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد أَسد الله متحيرا الْمَتْن مَاذَا

قَالَ القسيس فندر ساخطا من هَذَا السُّؤَال بيّنت مرَارًا وَإِلَى كم مرّة أبين ثمَّ قَالَ إِنَّه عبارَة عَن ألوهية الْمَسِيح والتثليث وَكَونه كَفَّارَة وشافعا وَعَن تعليماته

ص: 117

قَالَ الْفَاضِل المناظر ادّعى جامعو تَفْسِير هنري واسكات أَيْضا مثل ادعائكم أَيْضا بِأَن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ لم يَقع فِيهِ تفَاوت مَا من هَذِه الأغلاط لَكنا لَا نفهمه لِأَنَّهُ إِذا ثَبت التحريف فَأَي دَلِيل على أَنه لم يَقع فِيهِ تفَاوت مَا من هَذِه الأغلاط لِأَنَّهُ إِذا ثَبت التحريف بِجَمِيعِ أَنْوَاعه قصدا وسهوا وإصلاحا وهميا من المبدعين وَمن أهل الدّيانَة كَمَا ستعرف بعد اختتمام المباحثة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَأَي دَلِيل على أَنه لم يَقع فِي تسع أَو عشر آيَات فِيهَا ذكر التَّثْلِيث لِأَن المحرفين الَّذين حرفوا الْمَوَاضِع الْغَيْر الْمَقْصُودَة قصدا وسهوا وإصلاحا كَيفَ يُرْجَى مِنْهُم عدم التحريف فِي الْمَوَاضِع الْمَقْصُودَة مَعَ أَنَّهَا أهم من التحريف من الأولى

قَالَ القسيس أَن تَحْرِيف الْمَتْن يثبت إِذا وجدْتُم نُسْخَة عتيقة لَا يكون فِيهَا ذكر ألوهية الْمَسِيح عليه السلام وَيُوجد فِي هَذِه النُّسْخَة المتداولة الْآن وَلَا يكون فِيهَا ذكر كَفَّارَة الْمَسِيح وَيُوجد فِي هَذِه

قَالَ الْفَاضِل التَّحْرِير كَانَ على ذمتنا هَذَا الْقدر فَقَط أَن نثبت كَون هَذِه النُّسْخَة مشكوكة فَثَبت بِحَمْد الله وَصَارَ الْكتاب كُله بِهَذَا الْإِثْبَات مشكوكا لكنكم لما دعيتم سَلامَة بعض الْمَوَاضِع عَن التحريف مَعَ اعنراف وُقُوعه فِي بعض آخر فاثبات تِلْكَ السَّلامَة على ذمتكم لَا على ذمتنا وَبَقِي أَمر آخر قَابل لِأَن يسْأَل عَنهُ وَهُوَ هَذَا أتسلمون أَن سَهوا من هَذِه السهوات الَّتِي هِيَ مسلمة عنْدكُمْ وَهِي تحريفات بِعَينهَا عندنَا يُوجد فِي جَمِيع النّسخ أم لَا

قَالَ القسيس نعم مثل هَذَا السَّهْو يُوجد فِي جَمِيع النّسخ

فَاعْترضَ عَلَيْهِ القسيس فرنج

فَقَالَ القسيس فندر غَلطت وَرَأى القسيس فرنج أحسن

قَالَ قَاضِي الْقُضَاة لَا فَائِدَة فِي الرُّجُوع لِأَن قَوْلكُم الأول صَار مُعْتَبرا

قَالَ القسيس لَا غَلطت أَنا وَلَا أَقُول جزما لَعَلَّ هَذَا السَّهْو لَا يكون فِي الْمَتْن العبرى وَيكون فِي اليوناني أَو بِالْعَكْسِ

ص: 118

قَالَ الْفَاضِل المناظر أَن أظهرنَا بعض المقامات الَّتِي أقرّ فِيهَا مفسروكم أَنَّهُمَا كَانَت فِي سالف الزَّمَان كَذَا والآن لَا تُوجد فِي الْمَتْن العبرى الَّذِي هُوَ مُعْتَبر عنْدكُمْ فَمَاذَا تَقولُونَ

قَالَ القسيس لَا يلْزم مِنْهَا نقص فِي الْمَتْن

قَالَ الْحَكِيم لَا شكّ أَنه يَقع الْخلَل فِي الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ إِذا كَانَت اختلافات الْعبارَات كَثِيرَة مثلا وَلَو فَرضنَا أَن الْعبارَات الْمُخْتَلفَة تُوجد فِي عدَّة نسخ كلستان وَلَا يثبت تَرْجِيح بعض تِلْكَ الْعبارَات على بعض فَلَا نقدر فِي هَذِه الصُّورَة أَن نقُول جزما أَن عبارَة السَّعْدِيّ هَذِه فَكيف إِذا اخْتلفت مئات من النّسخ وَلَا يكون لأحداهما تَرْجِيح على الْأُخْرَى

فَلَا شكّ فِي إِمْكَان وُقُوع التَّغْيِير فِي الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ وَالْإِنْجِيل عندنَا عبارَة عَن قَول الْمَسِيح عَليّ السَّلَام وَهُوَ صَار مشتبها

قَالَ القسيس أجيبوني بالإختصار أتسلمون الْمَتْن أم لَا فَإِن سلمتم تكون المباحثة فِي الْأُسْبُوع الْآتِي لأَنا لَا نستدل فِي المباحثة الْبَاقِيَة إِلَّا بالأدلة النقلية من هذاالكتاب ونعلم أَن الْعقل مَحْكُوم الْكتاب لَا أَن الْكتاب مَحْكُوم الْعقل

قَالَ الْفَاضِل لما ثَبت الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فِي هَذِه الْكتب على إعترافكم أَيْضا وَثَبت التحريف فِيهَا صَارَت مشتبهة عندنَا بِهَذَا السَّبَب وَلَا نعتقد الْبَتَّةَ أَن الْغَلَط لم يَقع فِي الْمَتْن فَلَا يَصح لكم أَن توردوا دَلِيلا من هَذِه الْكتب علينا فِي المباحثة الْآتِيَة فِي مَسْأَلَتي التَّثْلِيث والنبوة لِأَنَّهُ لَا يكون حجَّة علينا

قَالَ القسيس فرنج أَنكُمْ خَرجْتُمْ هَذِه التحريفات والأغلاط من تفاسيرنا فَهَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرُونَ معتبرون عنْدكُمْ وهم كَمَا كتبُوا هَذِه المقامات كتبُوا أَيْضا أَنه لَا يُوجد الْفساد فِي غير هَذِه الْمَوَاضِع

وَقَالَ القسيس فندر أَيْضا سَله

قَالَ الْفَاضِل التَّحْرِير نقلنا أَقْوَال هَؤُلَاءِ الْعلمَاء إلزاما من حَيْثُ أَنهم معتبرون عندنَا وَإِن جَمِيع أَقْوَالهم قَابِلَة للإعتبار والإلتفات

ص: 119

والتفت إِلَى القسيس فندر وَقَالَ بل نقلتم شَيْئا عَن الْبَيْضَاوِيّ والكشاف

قَالَ القسيس نعم

قَالَ الْفَاضِل التَّحْرِير أَن هذَيْن الْمُفَسّرين كَمَا كتبا الْأُمُور الَّتِي نقلتموها زاعمين أَنَّهَا مفيدة لمقصودكم

هَكَذَا كتبا هما وَسَائِر الْمُفَسّرين كَافَّة أَن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَسُول الله ومنكره كَافِر وَالْقُرْآن كَلَام الله بِلَا شكّ فَهَل تسلمون أَقْوَالهم هَذِه أَيْضا

قَالَ القسيس لَا

قَالَ الْفَاضِل فَكَذَا لَا نسلم القَوْل الآخر لعلمائكم

ثمَّ قَالَ القسيس أجيبوني بالإختصار تسلمون الْمَتْن أم لَا

قَالَ الْحَكِيم أَن هَذَا السُّؤَال مُحْتَاج إِلَى التَّفْصِيل فمهما لم نفرغ عَن إِظْهَار قَول لَا نجيب

قَالَ القسيس أجيبوني بالإختصار بِلَا أَو نعم

قَالَ الْفَاضِل التَّحْرِير لَا نسلم الْمَتْن لِأَن الْمَتْن الَّذِي هُوَ عبارَة عَن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ عنْدكُمْ صَار مشتبها بِسَبَب التحريف عندنَا وَقد اعترفتم فِي الجلسة الأولى فِي سَبْعَة أَو ثَمَانِيَة مَوَاضِع وَفِي الجلستين بِأَرْبَعِينَ ألف اخْتِلَاف الْعبارَة هِيَ عندنَا على التحريف وَكَانَ منصبنا فِي هَذَا الْبَاب هَذَا الْقدر فَقَط أَن تثبت كَون هَذَا الْكتاب مشكوكا ومحرفا وَظهر بِفضل الله وَإِثْبَات عدم التحريف فِي الْمَتْن أَي الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ على ذمتكم وَنحن حاضرون إِلَى شَهْرَيْن للمباحثة بِلَا عذر إِلَّا أَن هَذَا الْكتاب لَا يكون حجَّة علينا وَالدَّلِيل الْمَنْقُول عَنهُ لَا يكون كَافِيا لإلزامنا نعم إِن كَانَ عنْدكُمْ دَلِيل آخر فِي مسالتي التَّثْلِيث والنبوة فأوردوه

ص: 120