الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالثَّانِي أَن بعض الْمُحَقِّقين اكتفوا على إصْلَاح الْغَلَط بِحَسب الْقَاعِدَة فَقَط بل بدلُوا الْعبارَة الغبارة الفصيحة بالفصيحة أَو اسقطوا الفضول أوالألفاظ المترادفة الَّتِي لم يظْهر لَهُم فرق فِيهَا
وَالثَّالِث وَهُوَ أَكثر الْوُجُوه وقوعا أَنهم سووا الفقرات المتقابلة وَهَذَا التَّصَرُّف وَقع فِي الْإِنْجِيل خُصُوصا وَلأَجل ذَلِك كثر الْإِلْحَاق فِي رسائل بولس لتَكون الْعبارَات الَّتِي نقلهَا عَن الْعَهْد الْعَتِيق مطبقة للتَّرْجَمَة اليونانية
وَالرَّابِع أَن بعض الْمُحَقِّقين جعل الْعَهْد الْجَدِيد مطابقا للتَّرْجَمَة اللاتينية
وَالسَّبَب الرَّابِع
التحريف القصدي الَّذِي صدر عَن أحد لأجل مطلبه سَوَاء كَانَ المحرف من أهل الدّيانَة أَو من المبتدعين وَمَا الزم أحد فِي المبتدعين القدماء أَزِيد من مارسيون وَمَا اسْتحق الْمَلَامَة أحد أَزِيد مِنْهُ لسَبَب هَذِه الْحَرَكَة وَهَذَا الْأَمر أَيْضا مُحَقّق أَن بعض التحريفات القصدية صدرت عَن الَّذين كَانُوا من أهل الدّيانَة وَالدّين وَكَانَت هَذِه التحريفات ترجح بعدهمْ لتؤيد بهَا مَسْأَلَة مَقْبُولَة أَو يدْفع بهَا الإعتراض الْوَارِد عَلَيْهَا انْتهى كَلَامه مُلَخصا
وَأورد هورن امثلة كَثِيرَة فِي بَيَان أَقسَام كل سَبَب من الْأَسْبَاب الْأَرْبَعَة وَلما كَانَ فِي ذكرهَا طول تركتهَا لكني أذكر الْأَمْثِلَة الَّتِي نقلهَا لتحريف أهل الدّين والديانة من كتاب فاف قَالَ
مثلا ترك قصد الْآيَة الْعدَد الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ من الْبَاب الثَّانِي وَالْعِشْرين من إنجيل لوقا لِأَن بعض أهل الدّين ظنُّوا أَن تَقْوِيَة الْملك للرب مُنَافِيَة لألوهيته
وَترك قصدا فِي الْبَاب الأول من إنجيل مَتى هَذِه الْأَلْفَاظ قبل أَن يجتمعا فِي الْآيَة الثَّامِنَة عشر وَهَذِه الْأَلْفَاظ وَابْنهَا الْبكر فِي الْآيَة الْخَامِسَة وَالْعِشْرين لِئَلَّا يَقع الشَّك فِي الْبكارَة الدائمة لِمَرْيَم عليها السلام
وَبدل لفظ اثنى عشر بِأحد عشر فِي الْآيَة الْخَامِسَة من الْبَاب الْخَامِس عشر من الرسَالَة الأولى إِلَى أهل تورنيثوس لِئَلَّا يَقع إِلْزَام الْكَذِب على بولس لِأَن يهوذا الأسخريوطي كَانَ قد مَاتَ قبل
وَترك بعض الْأَلْفَاظ فِي الْآيَة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثِينَ من الْبَاب الثَّالِث عشر من إنجيل مرقس
ورد هَذِه الْأَلْفَاظ بعض المرشدين لأَنهم تخيلوا أَنَّهَا مؤيدة لفرقة ايرين وَزيد بعض الْأَلْفَاظ فِي الْآيَة الْخَامِسَة وَالثَّلَاثِينَ من الْبَاب الأول من إنجيل لوقا فِي التَّرْجَمَة السريانية والفارسية والعربية واتهيويك وَغَيرهَا من التراجم
وَفِي كثير من نقُول المرشدين فِي مُقَابلَة فرقة يوتى كينس لِأَنَّهَا كَانَت مُنكرَة أَن عِيسَى عليه السلام فِيهِ صفتان انْتهى كَلَامه
فَبين هورن جَمِيع الصُّور المحتملة فِي التحريف وَأقر بِأَنَّهَا وَقعت فِي كتبهمْ المقدسة فَمَا بقيت دقيقة من دقائق التحريف وَلما ثَبت أَن الْكَذِب وَالْخداع كَانَ بِمَنْزِلَة المستحبات الدِّينِيَّة بَين الأسلاف من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأَن حضرات أسلاف النَّصَارَى اخترعوا أناجيل كَاذِبَة أَزِيد من سبعين وَأَن جَمِيع أَنْوَاع التحريف وَقع فِي الْكتب الْمسلمَة عِنْدهم أَيْضا فَلَا شكاية لنا من القسيس الْمَزْبُور فِي تحريفه تَقْرِير المباحثة لِأَنَّهُ اقْتدى بِسنة الأسلاف وتحريفه لَيْسَ بأشنع من تَحْرِيف الْكتب المقدسة وَمن اختراع الأناجيل الزَّائِدَة على السّبْعين
فأكف لِسَان الْقَلَم عَن إِظْهَار أَمْثَال هَذَا الْأَمر وَأَقُول متضرعا وداعيا
{رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب}
وَصلى الله على خير خلقه مُحَمَّد وَآله وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين
فرغ مِنْهُ لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ من جُمَادَى الثَّانِيَة 1403 هـ الْمُوَافق 11 من إبريل 1983 م بِالْمَدِينَةِ المنورة